العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: خرافة وهم سبق الرؤية .. ديجا فو (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال هستيريا (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال فن التحقيق الجنائي في الجرائم الإلكترونية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مونوتشوا رعب في سماء لوكناو الهندية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: A visitor from the sky (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة فى مقال مستقبل قريب (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال ماذا يوجد عند حافة الكون؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: أهل الكتاب فى عهد النبى (ص)فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: المنافقون فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: النهار فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 11-12-2008, 02:54 AM   #1
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

د- المزج بين القديم والحديث:

من خلال معاينتنا لطريقة استعمال الألفاظ عند السياب تبين لنا هذا المزج:

أ. في الجملة الواحدة ...فبينما تكون لفظة فصحى فإننا نراها تعايش لفظة عامية كقوله:

"حيـًا زخّ" (637) تعني أن المطر نزل بغزارة، "فعنا القلب وانقهر" (638)، "ألفيتني احسب ما ظل في جيبي من النقد" (639)، "بردانة أنا والسماء تنوء بالسحب" (640)، "كالغابة تربض بردانة" (641)، "لا أرد من الزبائن أجمعين إلا العفاة المفلسين" (642).

وقد تكون الكلمة الأولى فصحى ، والثانية جديدة على المعاجم- غير واردة في المعاجم، كقوله: "ونايي أجتبي الأنغام" (643)، "يوصد الماخور" (644).

"زورق العرس المحلى

بعيون آرام ودفلى

ودرابك ارتعدت حناجرها" (645).

إذن فشاعرنا يمزج في القصيدة الواحدة، بل في الجملة الواحدة الكثير من الفصحى- أي القديم- بالتعابير الحديثة سواء بصيغتها أو بدلالتها، وسأسوق مثلاً آخر على هذه الظاهرة:

"فتسأل عن بابا أما طابا" (646).

وصيغة الاستفهام "أما" هي من فصيح الكلام في القرآن وفي الشعر، وكذلك استعمال ألف الإطلاق بعد "طاب"، لكن "بابا" و "طاب" كلمتان تردان على لسان الأطفال، ولهما دلالة جديدة.

وفي القصيدة الواحدة نلاحظ تعبير عامية في مجموعها "مدى ما ترى العين" (647)، "العيد من قال انتهى عيدنا" (648)، "بالعيون سلم علي إذا مررت" (649)، "الأقة- صاح القصاب من هذه اللحم بفلسين" (650)، "يا حاملات الجرار رحن واسألنها" (651)، وغيرها كثير.

- وهناك تعابير فصيحة يبدو وكأنها مترجمة عن العامية كقوله: "ماذا علينا أن عبد اللطيف يدري" (652)، فاستعمال "ماذا علينا" كأنه من العامية (إيش علينا)، وفي قوله: "وكل ضاحك فمن فؤاده" (653)، فكأنه يريد أن يقول -من كل قلبه-، وقوله "منذ صار" (654)ترجمة لقولنا من يوم ما صار.

- ومن استعمالاته التي تقع بتأثير لغة الحديث أو الفصحى المعاصرة:

* حتى- فهو يقول: "والظلام حتى الظلام هناك أجمل" (655)، "حتى كأن الأرض من ذهب" (656).

* إلا- ففي تكرارها تأثير من العامية: "ما فيه إلا النخيل وإلا العصافير" (657).

وعندما يقول الشاعر: "الجناح الحديد" (658)، "عجله الذهب" (659)، فهو يعني الحديدي والذهبي ومثل هين الاستعمالين يبرز في اللهجة المصرية الدارجة على وجه التخصيص.

ب. وقد يستعمل لغة شعبية في جملة القول (660)كقوله: "ترددها المقاهي (ذلك الدلال جاء يريد أتعابه)" (661)، فكلمة "ذلك" هي التي أكدت صيغة الفصحى.

- "والضيفة تضحك وهي تقول:

خطيب سعاد جافاها وانطوت الخطبة

الكلب تنكر للكلبة" (662).

"وتوسلته فدى لعينك خلني بيدي أراها" (663).

ج. وقد يكون في هذا المزج إدخال الأغنية الشعبية:

"وصدى يوشوش يا سليمة نامت عيون الناس آه من لقلبي كي ينـيمه" (664)،

وقد يكون التضمين واضحًا من الغناء الشعبي العراقي:

"يا مطرًا يا جلبي عبّر بنات الجلبي"
يا مطرًا يا شاشا، عبر بنات الباشا، يا مطرًا من ذهب (665).

وهذه الأغنية من أغاني أهالي البصرة كما يقول مطاع صفدي، ويقول الشاعر ضمن قصيدة عمودية:

"خورس شيخ اسم الله ترللا قد شاب ترل ترل ترار وما هلا، ترللا العيد ترللا، ترللا عرس حمادي، زغردن ترل ترللا، الثوب من الريز والنقش صناعة بغداد ترللا" (666).

ويشرح الشاعر في حاشية الصفحة- الخورس: أغنيتين شعبيتين عراقيتين واسم الله: نبات كالحلفاء تؤكل أزهاره وهي في براعمها وتتفتح عن سنابل تشبه الرؤوس التي شابت.

ويبدو لنا أن استعمال الأغنية الشعبية في الشعر الحديث ظاهرة جديدة من أعظم ميزاتها المحلية والصدق.



"الخاتمة"

تناولنا في هذا البحث دراسة بناء الجملة وطبيعة اللفظة كوحدة فيها، وقد لمسنا الأصداء القديمة في مبنى الجملة، والظواهر الأخرى البارزة سواء في الجملة أو في طبيعة اللفظة والأصوات الجديدة أو الخروج عن المألوف اللغوي في الجملة واللفظة.

وتناولنا في نهاية كل فصل، وغالبًا في نهاية كل باب ملخصًا مجملاً أو استخلاصًا وصلنا إليه من خلال البحث، وقد تبين لنا في هذه الدراسة أن هناك ظواهر بارزة أهمها:

1- تبرز عنده الأصداء القرآنية في الأسلوب والألفاظ والمضمون.

2- أصداء الشعر القديم: في الأسلوب والتراكيب اللغوية والتضمينات المباشرة وغير المباشرة.

3- الجمل الإنشائية: كالاستفهام والنداء والتمني والتأوه، وتكثر أدواتها بشكل مفاجئ ومعبر عن ألم لدى الشاعر .

4- جملة التشبيه حتى تكاد لا تخلو قصيدة منها.

5- الجمل الاعتراضية، وكأنها جزء هام من طبيعة شعره.

6- جملة القول.

7- ظاهرة التكرار في الحرف والكلمة والجملة.

8- النعوت ويستعملها أحيانًا استعمالات جديدة.

9- حذف حرف العطف، وكذلك استعمال واو العطف قبل المعطوف الأخير.

10- عدم الوضوح في بعض الجمل بسبب تأخير الفاعل أو عدم تبيّنة أو غموض اللفظ والاكتفاء.

11- استعمال نون النسوة لجمع غير العاقل، واستعمال "ما" الزائدة بعد كلمات لم تعهدها، واستعمال ضمير الشأن، وضمير الفصل، والفعل المضعف، والكلمة المشددة.

12- الألفاظ عنده منها ما هو معجمي ، ومنها ما هو جديد على المعاجم شأنه شأن الشعراء الجدد.

وهذا يجعلنا نخلص إلى القول أن الشاعر يمزج بين القديم والحديث، فهو إلى جانب استفادته من القرآن يستفيد من الأغنية الشعبية ويضمنها، وإلى جانب الكلمة الصعبة القاموسية يستعمل الكلمة العامية.

وهذه النقاط البارزة وغيرها مما ألمحنا إليه في ثنايا الدراسة تشكل معًا أسلوب السياب الشاعر الحديث، الذي امتص البنى القديمة في اللغة وجعلها تتعايش والكلمات البسيطة المباشرة.

أود أن أشير إلى أننا لاحظنا- برغم أننا لم نفترض أولاً- علاقة أسلوبه بواقع حياته، فكثيرًا ما كانت أمثلة التكرار والاستفهام والنداء والتشديد على اللفظ وحتى الأصداء القرآنية شعرًا مشبعًا بالألم، ونحن نترك موضوع علاقة مرضه بأسلوبه لباحث آخر يجمع بين علم النفس واللغة والأدب وهو يستطيع البت نهائيًا في افتراضي الذي أدوّنه أدناه:

(كما كان في حياة السياب صراع العافية والمرض، وصراع بين المواقف الحزبية المختلفة، فإننا نلمس هذا الصراع متجليًا أيضًا في النسيج الشعري عنده).
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-12-2008, 02:56 AM   #2
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

ملحق: "دراسة تطبيقية"
أولاً أود أن أؤكد أن قصيدة "يقولون تحيا" وقع اختيارها عرضًا واتفاقًا، وذلك لغرض فحص النتائج التي توصلنا إليها، وليس من الضرورة أن تحوي القصيدة كل الظواهر التي أشرنا إليها، بل يكفي بروز بعض هذه الظواهر حتى يضفي هوية خاصة على شعر الشاعر.



" يقولون تحيا" (ص644)

لأحببت لو أن في القلب بقيا

- وقد لفه الليل- للمشرق،

يقولون "ما زلت تحيا".... أيحيا

كسيح إذا قام أعيا

5 به الداء فانهار، لم تخفق

علي الدرب منه الخطا؟ يا أساه

ويا بؤس عينيه مما يراه



* * * * * *

يقولون : "تحيا" فيبكي الفؤاد

فلو لم يكن خافقًا لاستراح،

10 كطير رميّ يجر الجناح

وقد مد، عبر الربى والوهاد،

بعينيه: في دوحة خلف تلك الظلال

سجا عشه، فيه زغب جياع

15 إذا حجب الغيم ضوء الهلال

يقولون: "هذا جناح أبينا وقد عاد بعد الصراع

بزهرة،

بقطرة

من الطل "... حتى يطل الصباح

20 كطير رميّ يجر الجناح،

أقضّي نهاري بغير الأحاديث، غير المنى

وإن عسعس الليل نادى صدى في الرياح:

"أبي... يا أبي" طاف بي وانثنى

"أبي... يا أبي"

25 ويجهش في قاع قلبي نواح

"أبي... يا أبي"

"أبي... يا أبي" في صفير القطار

"أبي... يا أبي" في صياح الصغار

(خفاف الخطا يعبرون الدروب

30 بلا غاية يقطفون الثمار

ولا يطعمون ابنة جائعة

ولي منزل في سهول الجنوب

إذا كنت أسعى، من السابعة

إلى أوبة الطير عند الغروب

35 فكي أطعم الجائعين

وراء نوافذه شاخصين

إلى الدرب: "أين الأب المطعم؟")

"أبي... يا أبي" والدجى مظلم

40 وجيكور خلف الدجى والدروب وخلف البحار.



إذا درسنا الظواهر اللغوية في هذه القصيدة على طريقة بحثنا فإننا نجد:

1- الأصداء القرآنية في قوله: "وإن عسعس الليل"- سطر 21، وهو مأخوذ من قوله تعالى "والليل إذا عسعس" (667)، وهو تطابق في المضمون القرآني، بالإضافة إلى أن قوله:

"يقطفون الثمار"- سطر 29، يوحي لنا بوصف الجنة في القرآن، وقد أورده في سياق الألم (668).

2- أصداء الشعر القديم: ونجد ذلك في قوله: "وقد لفه الليل"- سطر 2، وهذا التركيب مأخوذ من خطبة الحجاج: "قد لفّها الليل بعصلبيّ" (669).

كما نجد في قول السياب: "كطير رميّ يجر الجناح" – سطر 10، إشارة لصورة الطير المقتول عند المتنبي في القصيدة التي مطلعها:

"وطائرةٍ تتبعُّـها المنايا

على آثارها زجِلُ الجناحِ" (670).

بالإضافة إلى إن استعمال "زغب جياع"- سطر 13- لأبناء الشاعر يوحي باستعمال الحطيئة "زغب" لأبنائه في معرض استعطافه لعمر (671).

3- تبرز في القصيدة الجمل الإنشائية:

* الاستفهام (672):

"أيحيا كسيح إذا قام أعيا"؟ -سطر 3.

"أين الأب والمطعم؟" -سطر 36.

* النداء (673): "أبي يا أبي"- وردت ست مرات في ثنايا القصيدة.

* التفجع (674): "يا أساه ويا بؤس عينيه مما يراه" -سطر6.

* التمني (675): "لو أن في القلب بقـيا" -سطر 1.

وهي جميعًا ترينا مدى ضيق الشاعر وتكبده الألم.

4- وفي القصيدة تشبيهات (676) من وحي ألمه كقوله: "كطير رميّ" -سطر 10، 19.

5- ونجد الجمل المعترضة ومنها: "وقد لفه الليل" -سطر 2، بالإضافة إلى أننا نستطيع أن نضع إشارات الجملة الاعتراضية في أكثر من مكان ، وخاصة في نهاية القصيدة (677).

6- وجمل القول (678)في القصيدة هي:

"يقولون... ما زلت تحيا" -سطر 3.

"يقولون - تحيا" سطر 7.

"يقولون... هذا جناح أبينا" -سطر 15 وغيرهما.
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-12-2008, 02:59 AM   #3
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

ظاهرة التكرار (679): وهي واضحة ، فهناك كلمات تتكرر أكثر من مرة في ثنايا القصيدة (دجى، غير، طير)، بالإضافة إلى تكرار الجمل: "كطير رمي يجر الجناح" -سطر 10، 19.

" أبي يا أبي" -سطر 22، 23، 25، 26، 27، 37- وقد تتناقص الجملة المكررة (680): "يقولون ما زلت تحيا" -سطر 8.

8- والنعوت (681) تبرز هنا- كشأنها في قصائد الشاعر-: "طير رمي" -سطر 10، "زغب جياع" -سطر 13، "ابنة جائعة" -سطر 30، "الأب المطعم" -سطر 36.

9- ونجد هنا أيضًا حذف حرف العطف (682): "عاد بعد الصراع بزهرة بقطرة" -سطر 15، وقوله: "بغير الأحاديث غير المنى" -سطر 20.

10- وفي القصيدة تأخير للفاعل (683): "لم تخفق على الدرب منه الخطا" -سطر 5.

وفيها استطراد (684) إذ يتحدث عن نفسه ، ثم يشبه حالته كحالة طائر ، ويستطرد في وصف الطائر ناسيًا نفسه:

"فلو لم يكن خافقًا لاستراح
كطير رمي يجر الجناح

وقد مد عبر الربى والوهاد

بعينيه في دوحة خلف تلك الظلال

سجا عشه فيه زغب جياع" -سطر 9-13، ولعل هذا الاستطراد من شأنه أن يؤدي إلى عدم الوضوح بالجملة.

11- ولاحظناأيضًا ظاهرة التضمين (685):

"يقولون ما زلت تحيا... ايحيا
كمسيح إذا قام أعيا

به الداء فانهار لم تخفق

على الدرب منه الخطا" -سطر 3 حتى 6.

12- وفي استعمال حروف الجر نجد (686):

"أعيا به الداء" -سطر 4، والمعاجم تذكر (اعياه).

"لم تخفق على الدرب منه الخطا" -سطر 5 وهو يقصد "خطاه"، ويتكرر حرف الجر كما أشرنا (687) من غير استعمال واو العطف:

"عاد بعد الصراع بزهرة بقطرة" -سطر 15 وفي القصيدة أيضًا استعمالات خارجة عن مألوف اللغة في قوله: لأحببت" -سطر 1 أي أن الفعل يقع بعد لام الابتداء (688)، وهذه ظاهرة جديدة، أو في قوله:

"إذا كنت أسعى فكي أطعم الجائعين" -سطر 34 فاستعمال "فكي" استعمال غريب على شروط اقتران الفاء في جواب الشرط، بالإضافة إلى دخول الفاء على "كي" (689).

وفي إطار اللفظة نجد:

أ. يستعمل الكلمة المشدد: "أقضّي" -سطر 20-، وكان بإمكانه أن يقول (وأقْضي) لولا هذه الولع بالتشديد (690)، وكذلك قوله: "حجّب" -سطر 14-.

ب. وفي الفعل المضعف (691) لاحظنا الكلمة القرآنية عسعس" -سطر 21-.

ج. ومن الألفاظ المعجمية (692) لاحظنا الكثير منها: أوبـة، رميّ، طَلّ، خافِق وغيرها.

د. وفي التجديد في الدلالة نجد "يجهش" -سطر 24- فهو يعني بها: يستغرق في البكاء ، بينما معناها اللغوي في "لسان العرب" يتهيأ للبكاء، كما أن كلمة "القطار" -سطر 26- لها دلالة (693) في لغة اليوم تختلف عما هي عليه في المعاجم القديمة.

هـ. وفي المزج بين القديم والحديث يقول الشاعر:

"ويجهش في قاع قلبي نواح" -سطر 24-، فاستعمال "قاع قلبي" استعمال وارد في اللغة الدارجة، وكذلك في قوله:

"أبي يا أبي في صفير القطار
أبي يا أبي في صياح الصغار

خفاف الخطا يعبرون الدروب" -سطر 26 حتى 29- نلاحظ هذا المزج بين مستويات مختلفة في اللغة.



--------------------------------------------------------------------------------

(573) ص317.

(574) ص341.

(575) ص681 وكذلك ص379، 687.

(576) ص280.

(577) ص280.

(578) ص360، ونماذج أخرى ص331، ص461، 547، 681، والبواكير ص101.

(579) وهذا لا يعني أنها لم تبرز عند سواه ففي ديوان "قاب قوسين" لمحمود حسن إسماعيل الكثير منها: جمجم، زمزم، همهم، هسهس.

(580) ص277، ونماذج أخرى ص491، 563.

(581) انظر كتاب Wright ج1، ص47.

(582) على الترتيب ص8، 91، 119، 156، 245، 381، 491، 513.

(583) ص515.

(584) ص255.

(585) ص708، 566.

(586) ص648.

(587) ص244.

(588) ص678.

(589) ص412.

(590) ص128.

(591) ص307.

(592) ص91 وتكررت نفس الجملة ص581.

(593) مثلاً ص581، 582، 553، 554.

(594) ص156.

(595) على الترتيب: ص158، 197، 206، 412، 520، 551، 556، 582، 641.

(596) سورة الناس:5.

(597) ص216.

(598) ص582.

(599) ص631.

(600) ص538.

(601) على الترتيب ص132، 143، 538، 708.

(602) ص238.

(603) ص34.

(604) ص220.

(605) ص266، 582.

(606) ص565 ونماذج أخرى ص419، 475، 491، 530، 674.

(607) على الترتيب: ص119، 132، 242، 723.

(608) ص244، 475، 565.

(609) ص443.

(610) على الترتيب: ص213، 341، 625، 625، 658.

(611) على الترتيب: ص493، 383، البواكير: 37، ص323، انظر: ملاحظة 23 وما بعدها . على الترتيب: ص351، 233، 552، 132، 352، 325، 649، 491، 491، البواكير 80 ، ن.م ، ص 34.

(612) الترتيب: ص351، 233، 552، 132، 352، 325، 649، 491، 491، البواكير ، 34. ، 80 .

(613) على الترتيب: ص597، 182، 547.

(614) على الترتيب: ص612، 537، 365، البواكير: 61، ص631، 576.

(615) ص366، 406.

(616) البواكير: 17.

(617) ص654.

(618) ص143.

(619) البواكير: 23.

(620) ص184.

(621) ص649.

(622) ص703.

(623) على الترتيب: ص 143، 270، 346.

(624) ص623.

(625) ص346.

(626) ص14.

(627) ص344.

(628) ص641، ونماذج أخرى ص77، 543، 545.

(629) على الترتيب: ص136، 138، 703.

(630) على الترتيب: ص21، 37، 52، 91، 97.

(631) السامرائي إبراهيم، فقه اللغة المقارن، ص294 وانظر كذلك: ن،م ص163.

(632) انظر: لويس عوض، الثورة والأدب، ص67، وكذلك مقال مطاع صفدي، مجلة الآداب شباط 1965.

(633) ص599، 601 ورد استعمالها مرتين.

(634) ص327.

(635) البواكير: 34.

(636) حضى تعني في "اللسان" حرك الجمر بعد ما يهمد، ويبدو لي أن الكلمة يجب أن تكون (يحظين) في قول الشاعر: "دون أن يحضين حتى بالحباب" (ص102)، وربما كان الخطأ مطبعيًا مع احتمال الالتباس بين الضاد والظاء أمر وارد بسبب اللهجة العراقية.

(637) البواكير : ص14.

(638) البواكير: 30.

(639) ص288.

(640) ص327.

(641) ص329.

(642) ص537.

(643) البواكير: 37.

(644) ص421.

(645) ص308.

(646) ص709.

(647) ص462.

(648) ص452.

(649) ص308.

(650) ص438.

(651) ص636.

(652) ص427.

(653) ص146.

(654) ص143.

(655) ص320.

(656) ص549.

(657) ص14.

(658) ص238.

(659) ص502.

(660) ص133 انظر: ملاحظة 367 وما بعدها .

(661) ص133.

(662) ص330.

(663) ص518.

(664) أورد هذا المثل إحسان عباس على انه ترجمة لاغنية شعبية انظر كتابه، بدر شاكر السياب: ص202.

(665) ص599، انظر: صفدي مطاع، السياب الإنسان والشاعر، مجلة الآداب، شباط 1965.

(666) ص406، ويورد البصري عبد الجبار في كتابه: بدر شاكر السياب، ص47 الأغاني التي أوردها السياب في نسيج شعره.

(667) سورة التكوير: 17.

(668) انظر: ملاحظة 272 وما حولها .

(669) كما أورده كتاب أحمد صفوت : جمهرة خطب العرب ج 2 ، ص 289 .

(670) ديوان المتنبي/ ج1/ ص382.

(671) أشرنا إلى تأثير الشعر القديم ، انظر ملاحظة 233 وما بعدها ، وقد وردت "زغب".

(672) أشرت إلى الجملة الاستفهامية ملاحظة 279 وما بعدها .

(673) انظر ملاحظة 317 وما بعدها .

(674) انظر ملاحظة 376 وما بعدها ة.

(675. ) انظر ملاحظة300 وما بعدها

(676) ) انظر ملاحظة 444 وما بعدها .

(677. ) انظر ملاحظة 355 وما بعدها .

(678) ) انظر ملاحظة 367 وما بعدها..

(679) . ) انظر ملاحظة 399 وما بعدها.

(680) ) انظر ملاحظة 459 وما بعدها .

(681) ) انظر ملاحظة 504 وما بعدها .

(682) انظر ملاحظة 518 وما بعدها .

(683) انظر ملاحظة 392 وما بعدها .

(684) انظر ملاحظة 465 وما بعدها .

(685) ) انظر ملاحظة 459 وما بعدها .

(686) انظر ملاحظة 541 وما بعدها .

(687) انظر ملاحظة 545 وما بعدها .

(688) انظر ملاحظة 560 وما بعدها .

(689) لم نشر إليها سابقًا لأنها ظاهرة فريدة.

(690) انظر ملاحظة 573 وما بعدها .

(691) انظر ملاحظة 579 وما بعدها .

(692) انظر ملاحظة 611 وما بعدها .

(693) انظر ملاحظة 624 وما بعدها .
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-12-2008, 03:04 AM   #4
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

ظواهر بارزة في مبنى الجملة:-

1- أصداء قديمة.

2 - بين القديم والجديد.

ظواهر أخرى بارزة في مبنى الجملة.

3- أصوات جديدة.



أصداء قديمة


أ‌- مدخل إلى الأصداء القرآنية في شعر السياب:


القرآن بأسلوبه ولغته له تأثير على كل شاعر وناثر، بيد أن السياب يبرز ويتميز بكثرة اقتباساته من الألفاظ القرآنية، بل إننا نرى في كل قصيدة " تحويماتــه " في الأجواء القرآنية: في ارتباطه بالعبارة أو المضمون أو الأسلوب، فهو يطعّم شعره بالروح التراثية مستغلاً ثقافته العربية؛ وفي بروز هذه الظاهرة دعوى للقارئ أن يستقبل الشعر الحديث ويأنس به، إذ أن مثل هذا الشعر المتصل بالشعر القديم والقرآن يستهوي إليه القارئ التقليدي، بالإضافة إلى أن القارئ الحديث يجد بهذه الاقتباسات والانتفاعات ثقافة واطلاعًا.

ففي لغة السياب كثيرًا ما نقع على تركيب أو جملة مأخوذة من القرآن أصلاً، يسوقها في شعره كما هي بمعناها الأول أو في سياق جديد. وليس سبيلنا أن نذكر في كل استعمال كيف كان في القرآن وكيف غدا عند السياب إلا إذا وجدنا ضرورة تحتم ذلك. ومن أساليب القرآن المتنوعة وجدنا بعض الاستعمالات في شعر السياب جمعناها لنشير بأنه استعملها من غير بتّ أنها من القرآن حصرًا وقصرًا.

ونحن هنا لا نتحدث عن مواضيع القرآن في تناولنا المضمون، بل نقف عند الآية ذاتها، وكيف كانت عند السياب، ودليلنا إلى ذلك وجود كلمة أو أكثر توحي لنا بالأصداء القرآنية، فإذا قال الشاعر:"حبل من الليف" (6) فإننا نستذكر قوله تعالى " حَبْلٌ مِنْ مَسَد" (7). فالمسد هو الليف ولسنا نرى وجوب المقارنة، وان قال الشاعر:- " علينا عقاب برئوا منه واقع" (8) فإننا نتذكر "سَألَ سائِلُ بِعَذابٍ واقِع" (9) فالعذاب في القرآن هو العقاب عند السياب. وما من شك في أن الشاعر بكثرة استفادته من القرآن قد حافظ على جزالة اللغة ، واقترب من المألوف اللغوي ، ومهد لاستقبال التراكيب الغربية مما سنعمد إليه .



تأثير القرآن على السياب


1- في الأسلوب.

2- في التعابير.

3- في المضمون.

4- الأجواء القرآنية.

5- ألفاظ قرآنية بارزة.

1- في الأسلوب:

في القرآن أساليب مختلفة من تكرار ونداء واستفهام وتمنٍّ وإيجاز وحذف وغيرها، وإليك بعضًا من هذه الأساليب التي استعملها السياب:

أ- التكرار: ظاهرة تلازم شعر السياب، ولها أصول في القرآن، وعلى سبيل المثال ما ورد في سورة الرحمن، ونحن هنا لا نجزم أنه استفاد التكرار من القرآن مباشرة، بل نؤكد أن أسلوب التكرار وارد كثيرًا في القرآن، وربما كان له تأثيره على الشاعر.

(أنظر موضوع التكرار – ملاحظة 397 وما بعدها ).

ب- التمني: ففي قول السياب " يا ليتني ما زلت في لعبي" (10) يذكرنا بتمنيات مشابهة مبدؤه ب "يا ليتني" وردت في القرآن (11) وحتى المعنى يتطابق أحيانًا ...فالسياب يقول:

" يا ليتني لم أكن رأيتك من قبل ولم ألق منك عطف حنون

آه لو لم تعوديني على العطف وأه لو لم أكن أو تكوني" (12).

فهو مستمد من قوله تعالى: "يا لَيْتني مِتُّ قَبْلَ هذا وكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًا" (13).

ج- أما الاستفهام والتكرار في أداته فاقرأ قوله تعالى: " قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السماءِ والأرضِ أمْ مَنْ يَمْلُكُ السَّمْعَ والأبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ويُخرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَنْ يُدّبِرُ الأمرَ..." (14).

وهذه الطريقة تتكرر عند السياب ، ولنذكر مثلاً:

" فمن يسمع الروح من يبسط الظل

في لافح من هجير النُّضار

ومن يهتدي في بحار الجليد إليها،

فلا يستبيح السكينة" (15).

د- ومن أساليب القرآن القسم ، فكثيرًا ما نرى - وخاصة في مطالع السور قسمًا مبتدئًا بالواو: " والتين والزيتون" ، "والفجر" ، "والليل" ...الخ.

والسياب في ديوانه "البواكير" استعمل هذا الأسلوب على غرار ما ذُكر في القرآن ، وذلك إذ يقول:

"والعصر مخضوب البنان

وأزاهر الحقل الحسان

والصبح يملأ بالندى عطرًا سلال الأقحوان

والبدر وهو مظلة لليل يمتلك افتتاني

إن الفؤاد لفي ضلال..." (16).

وهو تتبع لأسلوب القرآن - وخاصة في سورة العصر ، إذ تبدأ بنفس الكلمة "والعَصْرِ" ، ثم ما يلبث أن يقول: "إِنَّ الإِنسانَ لفي خُسْر" (17).

وجملة السياب " إن الفؤاد لفي ضلال" جوابًا للقسم جاءت على نـمط الآية وطريقة ترتيب كلماتها.

ه- واستعمال المفعول المطلق عند السياب كثير نذكر بعضها:

" وهي تسفه سفّـا" (18).

" يزحف تحتنا زحفا" (19).

وما أكثر هذه الصيغة في القرآن: "أنَّا صَبَبْنا الماءُ صَبًّا، ثُمَّ شَقَقْنا الأرْضَ شَقّا" (20).

وحتى أن بعض الكلمات يكررها السياب كما هي:

" قد فتحت فتحًا مبينًا مضاربه" (21).

وقد ورد في القرآن: " إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبيناَ" (22).

و- الأسلوب القصصي- ونورد مثلاً مشابهًا للقرآن نصًا وروحًا من السياب:

" اروي لنا نبأ الطريد فأنت راوية الزمان

أغوته حواء فسد يديه نحو الأفعوان

ذاقا فكانا ظالمين فكيف يُجْزى الظالمان؟

وبدا الموارى منهما فإذا هنالك سوءتان

وعليهما طفقا من الورق المهدل يخصفان" (23).

وهذا السرد الشعري استقى أغلب ألفاظه من القرآن:

" فلمّا ذاقا الشَجرةَ بَدَت لهما سوءاتُهُما وطَفِقا يَخْصِفان عليهما مِن وَرَقِ الجَنّة، ونادَاهما رَبُّهما أَلَمْ أَنْهَكُما عَن تِلْكُما الشجرةِ وأقُلْ لَكُما إنَّ الشيطانَ لكُما عَدَوٌّ مُبين، قالا ربَّنا ظَلَمْنا أَنُفُسَنا...." (24).

ز- استعمال "مِنْ" الزائدة ، وتكون مسبوقة بنفي أو استفهام ، كقوله تعالى: "ما أُريد مِنْكم مِنْ رِزْق" (25) والسياب يستعمل هذا الأسلوب في قوله: " ما لها من مَرْسى" (26) وسنرى في تناولنا لجملة العطف وضمير الشأن أثر القرآن كذلك.
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-12-2008, 03:09 AM   #5
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

2- استعمال تعابير وتراكيب قرآنية:



فالمثل الذي سقناه، "فتحت فتحًا مبينًا مضاربه" مأخوذ كلماته كما قلنا من القرآن ، وما أكثر ما يضمن الشاعر تراكيب كما هي:

"والجوع لعنة آدم الأولى وارث الهالكين

ساواه والحيوان ثم رماه أسفل سافلين" (27)

ومن المؤكد أن الشاعر نظر إلى الآية "ثم رددناه أسفل سافلين" (28) ، وما فعل إلا أن استبدل كلمة بكلمة لملائمة الوزن الشعري.

وفي القرآن: "فهي خاويةٌ على عُروشها وبِئْرٌ مُعَطَلةٌ وقَصْرٌ مَشيد" (29).

و ها هو السياب يكرر حروف العطف على نسق القرآن ، ويستعمل تركيبًا ورد في الآية السابقة :

"خاتم وسوار وقصر مشيد

من عظام العبيد" (30).

وفي قول السياب:

"وكأن- يا بشرى- كأن هناك في أقصى الجنوب" (31) تذكرة بدعوة البشارة:"قال- يا بشرى-

هذا غلام" (32).

والاستعمالان اعتراضيان.

ويقول السياب: "ويصدى كل فج" (33 ، )فسرعان ما يتبادر إلى أذهاننا تركيب "كل فج..." (34).

وفي قول الشاعر: "قضي الأمر بالسفر" (35) استخدام لـ "قضي الأمر" الواردة في القرآن (36).

ومن التعابير القرآنية "ملح أجاج" و "عذب فرات" يقول تعالى: "هذا عَذْبٌ فُراتٌ وهذا ملحٌ أُجاج" (37).

فالسياب يقول مستعملا التركيبين:

"فما دهاه اليوم حتى غدا-
ملحًا أجاجًا بعد عذب فرات" (38).

كما يستعمل كلمة ( أجاج ) بمعنى المالح: "شربت أجاج الماء" (39).

والنفخ في الصور وارد في القرآن: "يومَ يُنْفَخُ في الصور فتأتون أفواجا" (40) ، فيقول السياب وهو يتمنى أن يكون له صوت قوي: "كنفخ الصور يسمع وقعة الموتى" (41).

وفي تعليق السياب: "وحق العقاب" (42) تطابق مع قوله تعالى: "إن كُلٌّ إلا كَذَّبَ الرُّسُلَ فحَقَّ عِقاب" (43) .

وقول السياب في سياق ديني: "لقد أغضب الآثمون الإله وحق العقاب".

واستعمال "المن" و "السلوى" في الشعر عنده مأخوذ من القرآن "وأنزَلْنا عليهِم المَنَّ والسَّلْوى" (44) فالمن والسلوى المنزلان على بني إسرائيل يجعلهما الشاعر للاجئين ولكنهما من نوع جديد: من شعير، يقول السياب:

"يا مكتبا للغوث هب للتائهين
منًّـا وسلوى من شعير" (45).

تبين لنا مما سلف أن الشاعر يتناول التركيب القرآني ويدخله في نسيج شعره، ولم نلحظ فيما تتبعنا أنه اقتبس آية بكاملها ، كما عهدنا ذلك في بعض "الاقتباسات" البلاغية القديمة.



3- في المضمون:



الشاعر يتأثر بمضامين القرآن، فهو يتحدث عن الجنة والثمر.. وكأنه يستذكر قوله تعالى: "ولهم فيها مِنْ كُلِّ الثَّمَرات" (46) ، فيقول السياب:

"من نخل جيكور أجني دانـي الثمر" (47).

"لن أرى جنة الهوى- لا ولن اقطف الثمر" (48).

وهذا يذكرنا بقوله تعالى وصفًا لجنته - "قُطوفُها دانِيَة" (49 ؛ بل هناك آيات أعاد السياب صياغتها شعرًا:

"وبدا الموارى منهما فإذا هناك سوءتان

وعليهما طفقا من الورق المهدل يخصفان" (50).

وهذان البيتان مستمدان من قوله تعالى:

"فلما ذاقا الشَّجَرةَ بَدَتْ لهما سَوْءاتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عليهِما مِنْ وَرَقِ الجَنّة" (51).

وعندما يقول السياب عن المسيح:

"فسار يبعث الحياة في الضريح

ويبرئ الأبرص أو يجدد البصر" (52).

كما يقول في مكان آخر : "سيبرئ الأعمى- ويبعث من قرار القبر ميتا" (53).

فالسياب يتأثر مباشرة من مضمون الآية التي تتحدث عن المسيح: "وأُبْرئُ الأكُمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيي المَوْتى" (54).

ويقول الشاعر:

" وفتحت السماء لغيثها المدرار بابـًا بعد باب" (55)،.

فهو قد استذكر قوله تعالى: "وفُتِحَتِ السَّماءُ فكانَتْ أبْوابا" (56).

وكلمة "السماء" ارتبطت بكلمة "مدرار" في ثلاثة مواضع في القرآن (57)، فلا عجب إذا رأينا لصوقهما عند الشاعر.

وفي سورة مريم يقول تعالى: "وهُزّي إليْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عليكِ رُطَبًا جَنِيّا" (58).

والسياب يقول:

"إنه الرطب

تساقط في يد العذراء وهي تهز في لهفة

بجذع النخلة..." (59).

فالشاعر تخيل ما حدث بعد أمر الله إلى مريم، وهو يتحدث عن النخل في العراق ...ثم عن المطر والخير اللذين يعقبانه، فالرطب عطاء لمريم ساعة الضيق، وهو ما يتشوق إليه الشاعر حتى يتخلص مما يعانيه.

يقول د. عز الدين إسماعيل في مقالـة له: "فالشاعر الذي هدّه السفر وأيأسه المرض لا بد أن ينتظر معجزة تفتح أمامه باب الحياة من جديد، وتذهب بالمخاوف في نفسه وتشيع فيها الأمن، ولنتدبر كيف تسرب هذا المعنى إلى نفس الشاعر من بقية الآية، لقد اتخذت الآية الكريمة في نفس الشاعر مسارًا نفسيًا خاصة وتحددت أمامه ببعد شعوري يرتبط بأزمته الراهنة" (60).

وفي حين يقسم القرآن "والليل إِذا عسْعَس" (61) يستعمل شاعرنا نفس الكلمات بصيغة الشرط: "وإن عسعس الليل" (62)، "حين يعسعس الوسن" (63)، والآية القرآنية المذكورة متلوّة بآية أخرى "والصُّبْحِ إِذا تَنَفَّس" لكن الشاعر آثر أن تتغير كلمة "الصبح" فيأتي بمرادفة لها ، وذلك إذ يقول: "تنفس الغد في اليتيم" (64).

ومن تأثير القرآن مضمونًا ما قاله السياب:

"سيعلمون من الذي هو في ضلال" (65).

والآية تنص: "فَسَتَعْلمونَ مَنْ هو في ضَلالٍ مُبيِن"(66) وهو تطابق إلا ما ألزمته الضرورة الشعرية واللغوية.

وقول السياب: "أنا مع الصبح على موعد" (67)، صياغة أخرى لقوله تعالى: "إِنْ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْح" (68).

فالموعد في الحالين هو في الصباح، أما ما يتبع ذلك فهناك تباين، إذ معنى "الصبح" في القرآن وارد على وجه التعميم بترقب العذاب والتهديد للكفار، بينما "الصبح" عند الشاعر هو رمز تفاؤل وخير.



4- الأجواء القرآنية والإيحاء:



لعل أبرز ما يوحي لنا بهذه الأجواء بعض الكلمات التي تشير إلى الصورة القرآنية، فعندما يقول الشاعر:

"فرأى القبور يهب موتاهن فوجًا بعد فوج" (69). فان كلمة "فوج" تستدعي تذكّرنا للموقف يوم القيامة: "يَوْمَ يُنْفَخُ في الصّورِ فَتَأتون أفْواجا" (70).

وفي قول السياب: "يتنفس في كهف هار" (71) يخطر في بالنا قوله تعالى: "جُرُفٍ هارٍ" (72) ، والشاعر استعمل "هار" بعد الاسم الموصوف ، لأنه يريد أن يبين عمق المكان ونتانة التنفس فيه، بالإضافة إلى أن في المخرج الصوتي للفظتين "كهف" و "جرف" تشابهًا.

ويقول الشاعر:

"قبس من نور قلبي مشرق في ناظريك" (73).

هذا القبس يذكرنا بقوله تعالى: "أنظُرونا نَقْتَبِسْ من نورِكُم" (74).

فبينما يتحدث القرآن على لسان المنافقين وهم يخاطبون المؤمنين ، فإن الشاعر يورد هذا في معرض الغزل فقبس النور من قلبه يشرق في عينيها.

ويقول الشاعر:

"بجرتها من دافق الماء سلسل" (75).
ودافق الماء إضافة لفظية وقلب لقوله تعالى:

"مِنْ ماءٍ دافِق" (76).

فالشاعر تحدث عن الماء المتدفق ، بينما كان الماء في القرآن مجازًا.

ويقول الشاعر:

"ألا وقرت آذان من يسمعونه" (77).

ووقر الآذان تعبير قرآني: "وفي آذانهم وَقْرًا" (78).

فالشاعر صاغ جملته بأسلوب إنشائي دعائي يعبر فيها عن انفعاله ، بينما هي في القرآن جملة خبرية.

وتفجير العيون وارد في القرآن بصيغة خبرية:

"وفَجَّرْنا فيها مِنَ العُيون" (79).

" وفَجَّرْنا الأَرْضَ عُيونـًا فالتَقَى الماءُ" (80) ؛فالشاعر يصوغ بعض كلماتها بأسلوب إنشائي استفهامي: (81)

"فمن يفجر الماء منها عيونا لتُبنى قرانا عليها".

ويقول السياب بأسلوب التمني الذي يعبر عن تشفّيه : :

"لو تستطيع الكلام

لصبت على الظالمين

حميمًا من اللعنات" (82).

فنلحظ أن بعض كلماتها توحي لنا بالآية: "قُطّعَتْ لَهُم ثِيابٌ من نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقَ رؤوسِهم الحَميم" (83) ؛

وهذه الصورة أيضا نجدها عند الشاعر في قوله:

"ستنصب نار" (84)، كما أن قول الشاعر:

"ولا تلظّى بناره" (85) يذكرنا بقوله تعالى:

"فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظى" (86).

وتعبير "العيون الحور" عند الشاعر مأخوذ من قوله تعالى : "حُورٌ عين" (87).

فالعيون "الحور" و "الشراب" من كلمات القرآن المترددة في وصف الجنة والشاعر يقول:

"العيون الحور لو أصبحن ظلاً في شراييني" (88) ، "من الأعين الحور ينبوعها" (89).

وعندما يقول الشاعر "فينفطر قلب السماء" (90) لا شك انه يستوحي جو الآية "إِذا السَّماءُ انْفَطَرَتْ" (91)، وكلمة "انفطر" في كل استعمال لها في القرآن ملازم لكلمة "السماء"، لكن الشاعر يمزج بين التعبير القرآني وبين التعبير الدارج "انفطر عليه"، ويقول الشاعر:

"لم تترك الرياح من ثمود

في الواد من أثر" (92).

إشارة إلى قوله تعالى: "وَثَمود الذين جابُوا الصَّخْرَ بالواد" (93) ويذهب تفسير الجلالين إلى أن كلمة "الواد" تعني وادي القرى، وفي "معاجم اللغة" الوادي- منفرج بين جبال إن آكام يكون منفذًا للسيل؛ فالشاعر -كما رأينا - يستعمل كلمة "الواد" بحذف الياء وليس له أي مبرر، ففي القرآن حذفت الياء لأنها في نهاية آية ، وحفاظًا على الفاصلة القرآنية، بينما هي عند الشاعر حافظت على رسمها القرآني كما هو.

ولنلاحظ كيف يستعمل الشاعر الكلمات القرآنية من أكثر من آية، فالسياب يقول:

"كورت النجوم إلى نداء: قابيل أين أخوك" (94) يجمع الكلمات من أكثر من آية: "إذا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وإذا النُّجوم انْكَدَرَتْ" (95) ، ثم لم يلبث في معرض حديثه عن اللاجئين أن يخاطب قابيل الوارد ذكره في القرآن (المائدة 31)، كما نلحظ أن كلمة "نداء" وردت في القرآن بمثل الجو الذي وصفه السياب في قصيدته "قافلة الضياع"- يقول تعالى: "وَمَثَلُ الذينَ كفروا كَمَثَلِ الذي يَنْعَقُ بما لا يَسْمَعُ إلا دُعاءً ونِداء" (96).

وفي قافلة الضياع يقول الشاعر:

"جمعت السماء آمادها لتصيح
كورت النجوم إلى نداء، قابيل أين أخوك؟" (97).

ويقول السياب: "... ابَّنه في موته والمضغة الصلصال" (98) "والمضغة" و "الصلصال" تتعلقان بخلق الإنسان: "إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ" (99)، "خُلِقَ الإِنسَّانُ مِنْ صَلْصَّالٍ كَالفَخّار" (100).

ويبدو أن الأصداء القرآنية تبقى في نفَس القصيدة، فكلمة "الفخار" التي في الآية الأخيرة يستعملها السياب في مكان آخر من القصيدة التي استشهدنا منها (101).

ويقول الشاعر:

"وانجلى الفجر حاملاً بين كفيه سعيرا

عذابه يصليني" (102).

وفي القرآن : "وَيَصْلَى سَعيرا" (103)، وكلمة "يَصْلَى" تتردد عند الشاعر، وعلى سبيل المثال: "اصلوها نارا" (104)، وهي مطابقة لقوله تعالى : "واصْلَوْها..." (105) والكلمات بتجميعها تدعنا نتذكر آيات مشابهة، ففي قول السياب:

"أنها عادت هشيما يوم أن أمسيت ريحا" (106).

(116).
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-12-2008, 12:03 PM   #6
محمود راجي
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2008
الإقامة: أكناف بيت المقدس
المشاركات: 542
إفتراضي

نهاية

-1-

أضيئي لغيري فكل الدروب

سواء على المقلة الشاردة

سأمضي إلى مجهل لا أؤوب

فإن عادت الجثة البارده

فألقي على الأعين الخاويات

طيب السماء

لعل الرؤى الخابيات

إذا مس أطرافهن الضياء

يخبرن عن ذلك المجهل:

عن الريح و الغاب و الجدول

أضيئي لها يا نجوم !

**

-2-

سأهواك حتى نداء بعيد

تلاشت على قهقهات الزمان

بقاياه في ظلمة في مكان

و ظل الصدى في خيالي يعيد

سأهواك حتى سأهوى نواح

كما أعولت في الظلام الرياح

سأهواك حتى سـ.... يا للصدى

أصيخي إلى الساعة النائية

سأهواك حتى بقايا رنين

تحدين دقاتها العاتية

تحدين حتى الغدا

سأهواك ما أكذب العاشقين !

سأهوا نعم تصدقين

**

-3-

ظلام و تحت الظلام المخيف

ذراعان تستقبلان الفضاء

أبعد اصفرار الخريف

تريدين ألا يجيء الشتاء؟

لقاء و أين الهوى يا لقاء؟!

عويل من القرية النائية

وشيح ينادى فتاة الغريق

بهذا الطريق و ذلك الطريق

و يمشي إلى الضفة الخالية

يسائل عنه المياه

و يصرخ بالنهر يدعو فتاه

و مصباحه الشاحب

يغني سدى زيته الناضب

محال يراه

و يحنو على الصفحة القاتمة

يحدق في لهفة عارمه

فما صادفت مقلتاه

سوى وجهه المكفهر الحزين

ترجرجه رعشة في المياه

تغمغم لا لن تراه

**

-4-

أحقا نسيت اللقاء الأخير

أحقا نسيت اللقاء ... ؟

أكان الهوى حلم صيف قصير

خبا في جليد الشتاء

خبا في جليد

و ظل الصدى في خيالي يعيد

خبا في جليد خبا في جليد

و يا رب حلم يهيل الزمان

عليه الرؤى و السنين الثقال

فتمضي و يبقى شحوب الهلال

يلون بالأرجوان

شحوب النجوم وصمت القمر

ويومض في كل حلم جديد

شحوب الهلال و ظل الشجر

وطيف الشراع البعيد ؟
__________________
**********
كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعا ::: يلقى بصخر فيلقى اطيب الثمر


محمود راجي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-12-2008, 10:02 PM   #7
محمود راجي
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2008
الإقامة: أكناف بيت المقدس
المشاركات: 542
إفتراضي

إمام باب الله


منطرحا أمام بابك الكبير

أصرخ في الظلام أستجير

يا راعي النمال في الرمال

و سامع الحصاة في قرارة الغدير

أصيح كالرعود في مغاور الجبال

كآهة الهجير

أتسمع النداء ؟ يا بوركت تسمع

و هل تجيب إن سمعت ؟

صائد الرجال

و ساحق النساء أنت يا مفجّع

يا مهلك العباد بالرجوم و الزلازل

يا موحش المنازل

منطرحا أمام بابك الكبير

أحس بانكسارة الظنون في الضمير

أثور ؟ أغضب

وهل يثور في حماك مذنب

**

لا أبتغي من الحياة غير ما لديّ

الهري بالغلال بزحم الظلام في مداه

وحقلي الحصيد نام في ضحاه

نفضت من ترابه يدي

ليأت في الغداة

سواي زارعون أو سواي حاصدون

لتنثر القبور و السنابل السنون

اريد أن أعيش في سلام

كشمعة تذوب في الظلام

بدمعة أموت و ابتسام

تعبت من توقد الهجير

أصارع العباب فيه و الضمير

و من ليالي مع النخيل و السراج و الظنون

أتابع القوافي

في ظلمة البحار و الفيافي

و في متاهة الشكوك و الجنون

تعبت من صراعي الكبير

أشقّ قلبي أطعم الفقير

أضيء كوخة بشمعة العيون

أكسوه بالبيارق القديمة

تنث من رائحة الهزيمة

تعبت ربيعي الأخير

أراه في اللقاح و الأقاح و الورود

أراه في كل ربيع يعبر الحدود

تعبت من تصنع الحياة

أعيش بالأمس و أدعو أمسي الغدا

كأنني ممثل من عالم الردى

تصطاده الأقدار من دجاه

و توقد الشموع في مسرحه الكبير

يضحك للفجر و ملء قلبه الهجير

تعبت كالطفل إذا أتعبه بكاه

**

أود لو أنام في حماك

دثاري الآثام و الخطايا

و مهدي اختلاجه البغايا

تأنف أن تمسّني يداك

أود لو أراك من يراك ؟

أسعى إلى سدّتك الكبيرة

في موكب الخطاة و المعذبين

صارخة أصواتنا الكسيرة

خناجرا تمزّق الهواء بالأنين

وجوهنا اليباب

كأنها ما يرسم الأطفال في التراب

لم تعرف الجمال و الوسامة

تقضت الطفوله انطفا سنا الشباب

وذاب كالغمامة

ونحن نحمل الوجوه ذاتها

لا تلفت العيون إذ تلوح للعيون

و لا تشفّ عن نفوسنا و ليس تعكس التفاتها

إليك يا مفجّر الجمال تائهون

نحن نهيم في حدائق الوجوه آه

من عالم يرى زنابق الماء على المياه

و لا يرى المحار في القرار

و اللؤلؤ الفريد في المحار

منطرحا أصيح أنهش الحجار

أريد أن أموت يا إله
محمود راجي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 03-01-2009, 04:22 PM   #8
محمد الحبشي
قـوس المـطر
 
الصورة الرمزية لـ محمد الحبشي
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
الإقامة: بعيدا عن هنا
المشاركات: 3,527
إفتراضي

لهذه الصفحة .. طعم خاص .. مختلف .. متميز

سأقيم فى ظلال الحرف هنا طويلا

ودق ..

لذوقك الراقى



__________________

محمد الحبشي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-12-2008, 03:15 AM   #9
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

فإن لفظتي "الهشيم " و" الرياح " تذكراننا بقوله تعالى : " فأصْبَحَ هَشيمًا تَذْرُوه الرِيّاح" (107)؛ فالشاعر يخاطب الصقر الإلهي أن يترفق لأن روحه تتمزق، والله يريد أن يضرب مثلاً على ضعف الإنسان: أن نبات الأرض أصبح قشًا تذروه الرياح ، وهكذا حال الكافر.

وفي قول السيياب:

" يا للقبور كأن عاليها غدا سفلا

وغار إلى الظلام" (108).

نستوحي قوله تعالى: "فَجَعَلْنا عالِيها سافِلَها" (109)، ومن الملاحظ أن جملة السياب تشبيه يعبر فيه عن رهبة الموقف ، بينما آية القرآن تقرير ووصف حال .

وفي قول السياب:

" مصابيح لم يسرج الزيت فيها وتمسسه النار" (110).

استفادة من القرآن : "يَكادُ زَيْتُها يُضيء ولَوْ لَمْ تَمْسَسَهُ نار" (111).

والشاعر يقول:

"لو أودع الله إياها أمانته

لنالهن على استيداعها ندم" (112).

وهذا مضمون قرآني من الآية: "إِنَّا عَرَضْنا الأمانةَ على السمواتِ والأرْضَ والجِبالَ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها" (113).

فالشاعر استعمل أداة الامتناع - بمعنى أن الندم سيحصل لو تم ذلك، بينما الآية تتحدث عن رفض الجبال أن تحمل الوديعة.

وترتبط كلمة "التنور" بالفيضان في قوله تعالى:

"حتّى إذا جاءَ أمْرُنا وفَار التّنّور قُلْنا احْمِل فيها مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْن" (114).

وإذا بها عند السياب مرتبطة كذلك:

" في قلبه تنور- النار فيه تطعم الجياع
والماء من جحيمه يفور

طوفانه يطهر الأرض من الشرور" (115).

وكلمة "التنور" لها أكثر من تفسير، لكن الغالب فيها أنه الموقد،وهذا لا يمنع الشاعر من ترديد كلمة "تنور" بالمعنى القروي "موقد" من غير أن يتقيد بالجو القرآني كقوله:
5- ألفاظ قرآنية بارزة:



ليس سبيلنا هنا أن نقف عند كل لفظة قرآنية، وإنما نقف عند بعضها، فكلمات مثل: آد، يدثر، اجتبى، وغيرها كثير نميزها على أنها وردت في القرآن ...وتذكرنا بآيات قرآنية.

وشاعرنا مولع باللفظة القرآنية كلفظة: "أزف" (117)، يقول الشاعر:

"لقد أزف الوعد" (118)

وكأنما أزف النشور" (119)

وهو يؤثرها على (حان) و (آن) و (جاء) وإضرابها لان "أزف" تخلق عنده الإحساس بالجزالة اللغوية، وكلمة "الوصيد" (120) تعني العتبة أو فناء الدار، فيقول الشاعر:

"رمت الرداء ونشرته على الوصيد" (121).

واستعمال حرف الجر "على" يقربنا من معنى آخر من معاني الوصيد وهو "نبات متقارب الأصول" (122) وليس هذا

المعنى بدعًا ، فمن العرب من ينشر ملابسه على النبات، غير أن متابعة دقيقة تؤكد لنا أنه عنى معنى

"الساحة" (123):

" عباس عاد من الترصد بالرجال على الوصيد"

"وما زال جمعنا في الوصيد" (124).

ويؤثر الشاعر كلمة "الرعاء" اعتبارًا للقافية وللاستعمال القرآني (125)، إذ أن الشاعر يقول:

"ومن كوة في خيام الرعاء" (126).

وفي قول الشاعر:

" ولا اختص في الصرصر اللاجئون" (127).

تسترعي انتباهنا كلمة "صرصر" الواردة في القرآن (128)، وترتبط كلمة "السموم" في شعر السياب بالريح:

"ريحها السموم (129)، رياح سموم" (130).

وتعني "السموم" الريح الحارة، فيقول تعالى: "عَذاب السّموم" (131)، "نار السَّموم" (132).

كما أن الشاعر في استعماله: " بأفنانك الناطفات المياه" (133) يعرف أصلاً أن (أغصان) تؤدي نفس المعنى، لكنه يفضل كلمة "أفنان" القرآنية (134)، وكذلك الأمر في استعمال الشاعر كلمة "الحرور" التي يؤثرها على الحر.

وكم تتردد كلمات من وحي القرآن في شعر الشاعر، ونسوق بعضًا مما ورد في معنى العذاب مثلا : لظى، سعير، سقر، رجوم، وغيرها (135)....





"استخلاص"



من خلال ما تقدم نستخلص ما يلي:

1- أن أثر القرآن بارز في كل المجموعات الشعرية على السواء، وتوفرها كثيرًا في ديوان "أنشودة المطر" يعود إلى حجم الديوان أولاً .

إذا تفحصنا التراكيب التي استفاد منها الشاعر واستعملها كما هي أو طورها فإننا نجد:

أ- أن بعض التركيب وارد في لغة الأدب الحديث ، كمثل قوله "قبس من نور"، "العيون الحور" الأمر الذي يجعلنا لا نبت في الحكم أنه أفادها مباشرة من القرآن، وهذا ينطبق أيضًا على استعمال المفعول المطلق، حيث أن هذا الأسلوب ليبس واردًا قصرًا على القرآن ، ولكن لا منأى من وضعها ضمن إطار الاستفادة من القرآن لأنه الأشيع والمتداول .

ب- أن الشاعر في تأثره بالقرآن أسلوبًا ومضمونًا وتراكيب لم يقتبس على الطريقة البلاغية القديمة في الاقتباس – وذلك ، كأن ينقل الآية أو جزءًا منها كقول ابن الرومي:

" لقد أنزلت حاجاتي بواد غير ذي زرع" (136).

بل هو يستفيد من القرآن وأساليبه ، ويطور هذه الاستفادة بعد هضمها باتجاه الآية ، أو بمعنى مخالف مغاير للأصل.

ج- أن اغلب الاستعمالات التي اشرنا إليها في شعر السياب ترد بمعنى العذاب كقوله:

"وحق العذاب" (137) ، "ستنصب نار" (138).



مدخل إلى استفادة السياب من شعر السابقين :


لا شك أن كل شاعر في مطلع كتابته يترسم خُـطا سابقيه، والسياب- الذي أشار إليه النقاد بأنه تأثر بأبي تمام والمتنبي وغيرهما- (139) أكثر من استعمال القاموس الشعري القديم، وأعلى صوت الموروث الشعري وأدخله في عشرات الأبنية، فكان من أكثر الشعراء المحدثين اقترابًا من روح الشعر القديم، وكان من أبرز من حوّم حوله رصانته وجزالته (140) ، وهو بهذا أحيا الكثير من الكلمات القديمة، إذ أن استعماله – مثلاً - صدر بيت قديم:

"ناحت مطوقة بباب الطاق" (ص717)- على سبيل المثال- فإنه يحيي كلمة "مطوقة"، بالإضافة إلى أنه يعمق المعنى، ونحن نحس ألم الشاعر -العراقي- من خلال هذا التضمين ، ومن خلال تذكرنا البيت القديم:

"ناحت مطوقة بباب الطاق

فجرت سوابق دمعي المهراق"

والشاعر الحديث عندما يضمن شعره فإنه:

- يثري التجربة ويعمق المعنى.

- يحيي بعض الكلمات القديمة.

- يؤكد أهمية التراث اللغوي، وهذا من شأنه – بالتالي - أن يحفز القارئ على تقبل التراكيب الجديدة (141).

ويلاحظ الدارس أن الشاعر ساق الكثير من هذه الآيات في سياق تشاؤمه وألمه.

وقد حاولنا تصنيف نوعية هذا التأثر، وسجلنا الظاهرة الفريدة كدلالة على الاستفادة، ففي الأسلوب لا نستطيع الحصر مهما أوتينا، وفي التراكيب سجلنا ما تكرر عند الشاعر من غير أن نبحث كيفية وقوع التركيب هنا وهناك إلا ما يقتضي ذلك، فمن التركيب ما بقي على حالة الأول، ومنه ما تغيرت دلالته .

وقد استعمل السياب التضمين ، وأخذ يرصع به شعره ، وتناول بعض العبارات الشعرية وطورها توسعًا في المعنى أو اعتراضًا له، وفي الحالتين فإن التأثر واقع، فيه تذكير وإثارة، وفيه قدرة الشاعر على نقل التراث بصورة جديدة.

السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-12-2008, 03:18 AM   #10
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

تأثير الشعر القديم على السياب :


1- في بناء الجملة.

2- في تراكيب رددها الشاعر وهي لشعراء سابقين.

3- في تضمين أبيات من الشعر القديم في سياق جديد.

4- في تطوير تعابير الشعر القديم بشكل مغاير للأصل.



1- التأثر بصياغة الجملة الشعرية القديمة:

لا نستطيع أن نزعم أن باستطاعتنا حصر كل الأساليب التي تأثر بها الشاعر، فربما يكون بعض هذه الأساليب من القرآن أو الحديث، ولكن سبيلنا أن نقف عند بعض الأساليب البارزة في الشعر:

أ- أسلوب التفريع[1] أو ما أصطلح عليه أسلوب : "ما...بـ ": وهو الابتداء بما التي تعني ليس، والتي يتأخر خبرها وهو مسبوق بالباء- حرف الجر الزائد-، فالأعشى مثلاً يقول:

"ما روضة من رياض الحزن معشبة خضراء جاد عليها مسبل هطل

يومًا بأطيب منها نشر رائحة ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل" (142).

وها هو السياب يستعمل هذا الأسلوب المتوافر في الشعر القديم فيقول:

"فما مذهب من شعور الحسان

تراخى على كتف واستراح

بمشبه منديلها فتنة

وسحرًا إذا جاذبته الرياح" (143).



ب- أسلوب الاستفهام في اصطلاح البلاغين "تجاهل العارف": والمقصود منه تهويل الموقف، ومن ذلك ما تقول الخنساء : "قذى بعينك أم بالعين عوّار" (144) .

ويقول السياب: "أنار البرق في عينيه أم شعار المعبد" (145).

ج- استعمال "ما الزائدة" بعد إذا: يقول النابغة: " إذا ما غزوا بالجيش حلق فوقهم" (146).

والسياب يكثر من مثلها كقوله:

" إذا ما راح يطوي إليهم نحو الشاطئ الخصب
إذا ما اهتزت الزهرة ألقت بالندى العذب" (147).

د- استعمال المدح بما يشبه الذم: يقول السياب:-

"فتى ما جنى ذنبًا سوى أنه انتضى حسامًا بوجه الظلم ما لان جانبه" (148).
وصيغة هذا القول تذكرنا ببيت النابغة:

"ولا عيب فيهم غير أن سيوفيهم بهن فلول من قراع الكتائب" (149) .

ه- استعمال أنماط صياغة قديمة:

ففي قول المتنبي: "لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي" (150)، نجد أن قول السياب:

"لغيرك لم يخفق فؤادي ولا هفا" (151) ، مشابه له ، إذ أن البيتين يبدأان بحرف جر ، فاسم مضاف إلى الضمير، فحرف نفي ، ففعل ، فحرف عطف ، فحرف نفي ، ففعل.

ونظرة إلى مطولة "بور سعيد" (152) في قصائدها العمودية الثلاث، فإننا نستوحي الأجواء الشعرية لجرير وأبى تمام والمتنبي في كل قصيدة على التوالي، ولنضرب مثلاً:

يقول السياب: "إيماضة البرق إلا أنها حقب" (153).

ويقول المتنبي: "هذا عتابك إلا أنه مقة" (154)، وغيره كثير.

ولو أنعمنا النظر في أبيات السياب التي دللنا على تأثرها لألفينا أكثرها من مجموعة "البواكير" ، غير أن هذا لا يعني أن السياب لم تتأثر صياغته في سائر الدواوين، ففي "أنشودة المطر" مثلاً يقول:

"عصافير أم صبية تمرح

أم الماء من صخرة تنضح" (155) .وفي تكرار "أم" نتذكر قول الخنساء:

"قذى بعينيك أم بالعين عوار

أم ذرفت إذ خلت من أهلها الدار" (156) .

2- تراكيب من الشعر القديم رددها السياب:

وإفادة السياب من الشعراء السابقين تبرز كذلك في تضمين بعض التراكيب كما هي، فالدعاء بالسقي مثلاً كان يلائم طبيعة الصحراء، وقد أكثر منه الشعراء ، فهذا قيس بن ذريح يقول:

"سقى دار لبنى حيث حلت وخيمت من الأرض منهل الغمام رعود" (157) .

ويقول ابن زيدون مستعملاً نفس الدعاء- برغم اختلاف البيئة عليه:-
"ليسق عهدكم عهد السرور" (158) .

وكما كان الشاعر القديم يدعو بالسقي على الأطلال ، فها هو شاعرنا يستوحي السقي على منزل الأقنان:

"ألا يا منزل الأقنان سقتك الحيا سحب" (159) .

ودعاء السقي في الشعر القديم يأتي كذلك بصورة سلبية كقول المتنبي مستعملاً لا الدعائية:

"فلا سقاها من الوسمي باكره" (160) .

وهذا التركيب نجده- قريبًا من الأصل- عند السياب في قوله: "فلا سقيا" (161) .

فالتراكيب القديمة التي استخدمها السياب كثيرة ، وها نحن نذكر ما استطعنا حصره ابتداء من الشعر الجاهلي:

فـ " رعي النجوم " تعبير وارد في شعر النابغة: "وليس الذي يرعى النجوم بآئب" (162) ومعنى رعي النجوم مراقبتها ، وها هو السياب يقول كذلك : "وأرعى نجوم الظلام العميق" (163) .

ويقول الشاعر القديم:

"نذر علي لئن راحوا وإن رجعوا
لأزرعن طريق الطف ريحانا" (164) .

فيأتي السياب ويقول:

"نذر علي لئن تشب
لأزرعن من الورود" (165)

كما أن ترديد السياب لـ (حُييت من...) في قصيدة "بور سعيد" (166) تذكرنا بعنترة في ابتدائه:
"حييت من طلل تقادم عهده" (167) .

وطول الثواء تعبير عند الأقدمين، وفيه يقول عنترة:

"طال الثواء على رسوم المنزل" (168) .

ويقول الحارث بن حلزة:

"رب ثاو يمل منه الثواء" (169)، فيأتي السياب ويمزج بين المعنيين:

"حتى ضجرت واسأمه طول الثواء وآده التعب" (170).

ومن الطبيعي أن السياب كان يستطيع استعمال "المقام" بدلاً من "الثواء" مع محافظته على الوزن - لكن الشعر الجاهلي بقي تأثيره طاغيًا.

"والبنان الرخص" وارد في الشعر القديم، يقول النابغة:

"بمخضّب رخص كأن بنانه عنم يكاد من اللطافة يعقد" (171) .

ويقول عمر بن أبي ربيعة:

"ومخضب رخص البنان كأنه عنم" (172).

وإذا ترددت كلمة "عنم" عند الشاعرين فإن السياب أغفلها لتوغلها في البعد عن الطبيعة الحضرية، فهو يقول "جاءتك ظمأى بالبنان الرخص تغترف المياه" (173).

ومن قول السياب:

"ماء اسق يا ماء والغيث الرهيب كلى

مفرية سحت الآجال والكربا" (174).

نرى أن "الكلى المفرية" تعبير وارد عند ذي الرُّمة:

"ما بال عينيك منها الماء ينسكب كأنه من كلى مفرية سرب" (175).

ومن الشعر العباسي استعار السياب الكثير من مثل هذه التركيبات كما هي:

يقول أبو تمام في بائيته المشهورة:

"كأس الكرى ورضاب الخرد العرب" (176).

ويقول السياب: "والنار أعراض كل الخرد العرب" (177).

يقول أبو تمام: "قاني الذوائب من آني دم سرب" (178).

ويقول السياب: "حتى جبى قدر ماء من دم سرب" (179).

ويقول أبو تمام: "للنار يومًا ذليل الصخر والخشب" (180).

ويقول السياب: "ما ذل غير الصفا للنار والخشب" (181).

والبحتري يقول: "أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكًا" (182)، فيستعمل السياب نفس التعبير "والربيع الطلق" (183)، وكذلك فإن البحتري يقول: "يفتقها برد الندى.." (184) فيستعمل السياب: "كما تنفض الريح برد الندى" (185).

ويقول ابن الرومي:


" يا قصة عنتر إذ تروى حول التنور فأحياها"
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .