قراءة فى كتاب الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف
قراءة فى كتاب الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف
الكتاب تأليف جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي وقد ذكر سبب تأليف الكتاب عن عمر الأمة المسلمة وهو سؤال عن حديث موضوع فقال :
"فقد كثر السؤال عن الحديث المشتهر على ألسنة الناس، أن النبي (ص)لا يمكث في قبره ألف سنة، وأنا أجيب بأنه باطل، لا أصل له.
جاءني رجل في شهر ربيع الأول في هذه السنة، وهي سنة ثمان وتسعمائة ، ومعه ورقة بخطه، ذكر أنه نقلها من فتيا، أفتى بها بعض أكابر العلماء، ممن أدركته بالسن، فيها أنه اعتمد مقتضى هذا الحديث، وأنه يقع في المائة العاشرة خروج الدجال ، ونزول عيسى، وسائر الأشراط، وينفخ في الصور النفخة الأولى، وتمضي الأربعون سنة التي تكون بين النفختين، وينفخ نفخة البعث قبل تمام الألف، فاستبعدت صدور هذا الكلام، من مثل هذا العالم المشار إليه، وكرهت أن أصرح برده؛ تأدبا معه، فقلت هذا شيء لا أعرفه، فحاولني السائل؛ تحريرا لمقال في ذلك، فلم أبلغه مقصوده، وقلت : جولوا في الناس جولة، فإن ثم من ينفخ أشداقه، ويدعى مناظرتي، وينكر على دعواي الاجتهاد، والتفرد بالعلم على رأس هذه المائة، ويزعم أنه يعارضني، ويستجيش علي بمن لو اجتمعت وهم في صعيد واحد، ونفخت عليهم نفخة، صاروا هباء منثورا، فدار السائل المذكور على ةالناس، وأتى كل ذاكر وناس، وقصد أهل النجدة والباس ، فلم يجد من يزيل عنه الإلباس، ومضى على ذلك بقية العام."
ومدح السيوطى نفسه بأنه لا يوجد أحد يجيب على هذا السؤال غيره فقال:
"والسؤال بكر لم يفض أحد ختامها، بل ولا جسر جاسر أن يحسر لثامها، وكلما أراد أحد أن يدنو منها استعصت أن يحسر ، وامتنعت، وكل من حدثته نفسه أن يمد يده إليها قطعت، وكل من طرق سمعه هذا السؤال لم يجد له بابا يطرقه غير بابى، وسلم الناس أنه لا كاشف له بعد لساني، سوى واحد وهو كتابي، فقصدني القاصدون في كشفه، وسألني الواردون أن أحبر فيه مؤلفا يزدان بوصفه ، فأجبتهم إلى ما سألوا، وشرعت لهم منهلا، فإن شاءوا علوا، وإن شاءوا أنهلوا، وسميتها الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف"
وكان الجواب منه :
فأقول:
أولا الذي دلت عليه الآثار، أن مدة هذه الأمة تزيد على ألف سنة، ولا تبلغ الزيادة عليها خمسمائة سنة، وذلك لأنه ورد من طرق أن مدة الدنيا سبعة آلاف سنة، وأن النبي (ص)بعث في أواخر الألف السادسة، وورد أن الدجال يخرج على رأس مائة، وينزل عيسى عليه السلام، فيقتله، ثم يمكث في الأرض أربعين سنة، وأن الناس يمكثون في الأرض بعد طلوع الشمس من المغرب مائة وعشرين سنة، وأن بين النفختين أربعين سنة، فهذه مائتا سنة لا بد منها، والباقي الآن من الألف مائة سنة وسنتان، والى الآن لم تطلع الشمس من مغربها، ولا خرج الدجال، الذي خروجه قبل طلوع الشمس من مغربها ، بعد نزول عيسى بسنتين ، ولا ظهر المهدي، الذي ظهوره قبل الدجال بسبع سنين، ولا وقعت الاشراط التي قبل ظهور المهدي، ولا بقي يمكن خروج الدجال عن قرب ؛ لأنه إنما يخرج على رأس مائة سنة ، وقبله مقدمات، تكون في سنين كثيرة، فأقل ما يكون أن يجوز خروجه على رأس الألف، لم يتأخر مائة ب بعدها ، فكيف يتوهم أحد أن الساعة تقوم قبل تمام الألف ، هذا شيء غير ممكن، بل اتفق خروج الدجال على رأس ألف، وهو الذي يراه بعض العلماء احتمالا، مكثت الدنيا بعده أكثر من مائتي سنة، المائتين المشار إليها، والباقي ما بين خروج الدجال وطلوع الشمس من مغربها، ولا ندري كم هو، وإن تأخر الدجال عن رأس ألف إلى مائة أخرج، كانت المدة أكثر، ولا يمكن أن تكون ألفا وخمسمائة سنة أصلا."
قطعا الجواب خاطىء لأن مدة الدنيا غير محددة بسبعة آلاف سنة لأنها لو حددت لعلم موعد يوم القيامة وهو خفى كما قال تعالى :
"يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ"
كما أن عدد الرسل فى القرآن حوالى 27 رسول منهم من عمر أكثر من الف كنوح فقد لبث فى قومه "ألف سنة إلا خمسين عام"
وآدم (ص) فى المشهور عمر ألف سنة وبقية الرسل فى الروايات أعمارهم تتراوح بين الستون والمئات وهذا معناه أنهم انهم يتخطون رقم السبعة بكثير
كما أن الله بين أن بين عاد وثمود قرون كثيرة فقال :
"عَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا"
وقال أيضا :
" ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ"
وهذا معناه أن هناك رسل بآلاف مؤلفة اى يوجد مليارات من السنوات
وتحدث عن الروايات التى اعتمد عليها رأيه فقال :
"ذكر ما ورد :
وها أنا أذكر الأحاديث والآثار التي اعتمدت عليها في ذلك، في أن هذه الدنيا سبعة آلاف سنة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم، بعث في أواخر الألف السادسة.
قال الحكيم الترمذي في نوادر الأصول: حدثنا صالح بن محمد ، حدثنا يعلى بن هلال، عن ليث عن مجاهد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الشفاعة يوم القيامة لمن عمل الكبائر من أمتي، ثم ماتوا عليها، فهم في الباب الأول من جهنم، لا تسود وجوههم، ولا تزرق عيونهم، ولا يغلون بالأغلال ، ولا يقرنون مع الشياطين، ولا يضربون بالمقامع، ولا يطرحون في الأدراك، منهم من يمكث فيها ساعة ثم يخرج، ومنهم من يمكث فيها يوما ثم يخرج ، ومنهم من يمكث فيها شهرا ثم يخرج، ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج، وأطولهم فيها مكثا من يمكث فيها مثل الدنيا ، منذ يوم خلقت إلى يوم أفنيت، وذلك سبعة آلاف سنة وذكر بقية الحديث ."
الحديث يخالف القرآن وهو دخول المسلمين النار وخروجهم منها وهو ما يناقض قوله تعالى بسورة البقرة "وما هم بخارجين من النار "وقوله بسورة السجدة "وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذى كنتم تكذبون "فهنا لا أحد يخرج من النار بعد دخوله لها كما أن المسلمين لا يدخلون النار لأنهم لا يصيبهم أى فزع يوم القيامة مصداق لقوله تعالى بسورة النمل "وهم من فزع يومئذ آمنون "وقوله تعالى بسورة الحج "لا يحزنهم الفزع الأكبر ".
وقال :
حدثنا ابن عساكر، حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد البغدادي، حدثنا أبو سهيل أحمد بن أحمد بن عمير الصيرفي، حدثنا أبو عمر / عبد الله بن أ محمد بن أحمد بن عبد الوهاب، أخبرنا أبو جعفر محمد بن شاذان بن سعدوية ، حدثنا أبو علي الحسين بن داود البلخي، حدثنا شقيق سفيان بن إبراهيم الزاهد، حدثنا أبو الهاشم الأسلمي ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قضى حاجة المسلم في الله تعالى ، كتب الله تعالى له عمر الدنيا، سبعة آلاف سنة صيام نهاره، وقيام ليله ."
الخطأ أن يعمر قاضى الحاجات سبعة آلاف سنة وهو ما يخالف تفاوت الآجال كما قال تعالى :
" اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى"
ولا يوجد نص فى كون الدنيا سبعة آلاف لأن الله خلقها فى ستنة أيام كما قال :
"إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ"
واليوم بالأف سنة كما قال :
" وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون "
ولو أضفنا عمر نوح(ص) لانتهت السبعة آلاف سنة فأين بقية الرسل(ص)؟
وقال :
وقال ابن عدي: أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله النبطي ، حدثنا أحمد ابن محمد، حدثنا حمزة بن داود، حدثنا عمر بن يحيى عن العلاء بن زيد، عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمر الدنيا سبعة أيام من أيام الآخرة، قال الله تعالى [وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون] .
وقال ابن أبي حاتم في التفسير، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال: الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة، فقد مضى منها ستة آلاف
وقال ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الدنيا : حدثنا علي بن سعيد حدثنا ضمرة عن هشام قال، قال: سعيد بن جبير رضي الله عنه: إنما الدنيا جمعة من جمع الآخرة. سبعة آلاف سنة.
الأحاديث الثلاثة تقول أن عدد سنوات الدنيا مجمعة من أيام الآخرة وهو خطأ لأن الأخرة هى يوم واحد طوله خمسين ألف سنة كما قال تعالى :
"سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ "
وعلى حسب هذا يكون عمر الدنيا 350 ألف سنة وهو ما يناقض كل الأحاديث التى تقول أنها سبعة آلاف سنة التى ذكرها وهى :
مشجعة بن ربعي الجهني، عن الضحاك ابن زمل الجهني ، قال رأيت رؤيا فقصصتها على رسول الله (ص)فذكر الحديث ، وفيه: إذا أنا بك يا رسول الله على منبر، فيه سبع درجات، وأنت في أعلاها درجة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما المنبر الذي رأيت فيه سبع درجات، وأنا في أعلاها درجة، فالدنيا سبعة آلاف سنة، وأنا في آخرها ألفا.أخرجه البيهقي في الدلائل، وأورده السهيلي في الروض الأنف ، وقال: هذا الحديث وإن كان ضعيف الإسناد، فقد روى موقوفا على ابن عباس رضي الله عنه
وقال الطبراني في الكبير: حدثنا أحمد بن النضر العسكري، وجعفر بن محمد الفريابي، قالا: حدثنا الوليد بن عبد الملك بن مسرح الحراني، حدثنا سليمان بن عطاء القرشي الحراني، عن مسلمة بن عبد الله الجهني، عن عمه أبي.
|