قراءة فى بحث مفهوم الحرية
قراءة فى بحث مفهوم الحرية
الباحث محمد مشرح وهو يدور حول معنى الحرية واستعمالاتها وقد استهل البحث بالقول أن مفهوم الحرية مختلف المعنى بين من يتحدثون عنه ويعتنقون الحرية باسم الليبرالية فقال :
"أيساء إلى نبي الحرية باسم الحرية ؟!
يحلو لفظ الحرية عند الناس ، لكن مفهوم مصطلحها مُشْكل عندهم عدا المحققين منهم ، وتأتي الممارسة تابعة ؛ فإذا خلت من الشروط والضوابط التي تحكمها خفيت حدودها ، وأظلم طريقها ، وتعدى ضررها . وبدعوي ممارسة الحرية ترتكب حماقات ، وتمارس جرائم ، ويختل الأمن ...
وليس خفاء معناها ناتجا عن صعوبة فيه ؛ ولكن لعدم الحرص على البحث عنه . وهي عادة مستحكِمة عند الكثير - بدون مبالغة- بتعمق معنى المصطلحات المطلوبة للتنفيذ وكأن الأمر لا يعنيهم من قريب أو بعيد ."
وتحدث عن أن كل من يتحدثون عن الحرية لا يعرفون ماهيتها وإنما هو كلام عام يقال فقال:
"ومعيار الضوابط والشروط: النقل الصحيح ، والعقل السليم ، حيث لا تعارض بينهما . بشرط العلم وتحري الصواب ؛ مع سياج من التقوى والإخلاص ، وتنفيذٍ أمين يتمتع بثقة المنهج المنبثق عنه تلك الشروط والضوابط ، ومن استنبطها ؛ وبعض هذه المواصفات يخلو منها ذهن الكافر بالله أو بالمنهج الرباني وما انبثق منها، وهذه الفجوة أنتجت أخطاء فادحة نالت مما نالت العظماء بحجة الحرية والتعبير عن الرأي ، ويشارك في هذا مؤسسات وحكومات ... تتضمن عقلاء ومستشارين ... ويهمهم مصالح وعلاقات تمسهم ... ما يستدعي ضرورة تلازم العقل والنقل في تحديد ضوابط وشروط الحرية الصحيحة . إن النيل ممن جاء بالحرية باسم الحرية مقلق ، ودليل على إفلاس خطير في التفريق بين النافع والضار في عصر توفرت فيه وسائل التحقق منهما . فأي شيء تنتظر البشرية ممن هذا شأنه ."
وتحدث عن أن منهج الإسلام هو المنقذ من هذا الاختلاف فقال:
" إن المنهج الإسلامي هو المنقذ من هذا التردي ، ومطلوب من الأمة الإسلامية حكاما ومحكومين تعاملا سليما معه بدعم معنوي وحسي لأولى الأمر من العلماء الربانيين المحققين ليضعوا النقاط على الحروف في هذا وغيره من قضايا تمس جوانب الحياة لإنقاذ البشرية من واقعها الملبد بالغيوم ، والذي يهددها في مقاصدها وضروراتها الخمس ، وما انبثق عنها ؛ فأي شيء ننتظر ممن يحملون فكرا منحرفا مع إنتاجٍ لسلاح تدميرٍ شامل ، وتهافت على أكل حق الآخر ، والنيل من عرضه ودمه وأمنه وأرضه ؛ مع دعاوى عريضة وفضفاضة تصم الآذان بمراعاة حق الآخر ... والممارسة العملية ترد ذلك وتكذبه قولا وحالا وواقعا "
وهرف الباحث الحرية فقال :
"الحرية :خروج عن رق الكائنات الشهوات والشبهات والإنسان ، وقطع العلائق التي توصل إلى ذلك ، والتعلق بما يحبه الله تعالى وما والاه ؛ وذلك عين النفع للحياة والأحياء ؛ بممارسة ما يسعد النفس والغير ، والتزود من العمل المقرب إلى الله تعالى ؛ المفضي إلى الجنة في الآخرة . تلك هي الحرية السليمة في النفس السوية محاطة بشروط وضوابط منها :
1- خلوها من ضررٍ على حقوق النفس والغير دما وعرضا ودينا وعقلا ومالا .
2- خلوها مما يتعارض مع منهج الله مما جاء به الأنبياء والمرسلون كتابا وسنة.
3- خلوها من الأنانية وحب الذات المفضيين إلى التفريط بحق الغير لصالحها .
4- العلم الذي يورث الخشية ومعرفة الحقوق ، والوصول إليها بالتحري والخطوات العلمية السليمة ...
5- التقوى لرعاية الحقوق بشعور مراقبة الله التي لا تغيب، ولا يحجبها شيء .
6-والورع الذي يمنع السطو على الحقوق بدافع الشهوة أو الشبهة .
7- النظرة الصائبة إلى الأشياء ووزنها بميزان دقيق .
8- الموازنة بين القيم ؛ قيمة الدنيا والآخرة كما هما في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ؛ فذلك يوضح حقارة الدنيا فتزهد النفس عنها ،وتستشرف للآخرة فتحرص عليها فلا تقع في ظلم الآخرين بأي نوع من الظلم .
هذه بعض الضوابط والشروط الخاصة بمفهوم الحرية الحقيقية التي ينتفع صاحبها وينفع غيره بها ، أو على الأقل تنأى عما يحدث ضررا على النفس أو الغير ."
وهذا التعريف لا علاقة له بالحرية فى القرآن فلا هو تحدث عن مسألة الحر والعبد ولا هو تحدث عن أن الحرية بمعنى اختيار المسلم لغير حكم الله ملغاة تماما بقوله تعالى :
"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم"
إذا المسلم حسب الإسلام عبد وليس حر لأنه خاضع لقضاء وهو حكم الله فى القرآن
وأما الإنسان قبل إسلامه فهو حر الاختيار بين الإسلام والكفر كما قال تعالى :
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
ويقيت مسألة معنى الحر والعبد فى القرآن فالحر كلمة تعنى :
المتصرف فى المال
وأما العبد وهو الرقيق فهو :
الذى لا يتصرف فى المال فما يحصل عليه من ماله يعطيه لمالكه وهو من يعطيه
والحق أن الله أعطى الحر حق التصرف فى مال العبد لكى يقتسمه معه بالعدل وهو السوية فغن لم يعطبه النصف وهو العدل فهو المالك جاحد أى كافر وفى هذا قال تعالى :
"والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون"
وحدثنا مشرح عن ضوابط الحرية المزعومة التى اخترعها فقال :
"وهذه الضوابط وغيرها مجملة ومفصلة متضافرة في النصوص الإسلامية
منها ما جاء في سور العصر والهمزة والفيل ؛ وبيانها كالآتي :
* سورة العصر؛ قال تعالى { وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) "
يتبين منها إن الناجي من الخسران في جنس الإنسان عموما -حسب تحديد السورة - هو من يتحرى الحق من مضانه ويحوله إلى ممارسة صحيحة ويوصله إلى غيره . ويحيط ذلك بسياج من الصبر على ركيزتين :
1- البحث والتحري والدقة في تقرير الحق كون البحث مضنيا .
2- أذى الناس عند إيصال التوصية إليهم كون بعضهم يركبه أوصاف سيئة مثل الاستكبار والغرور والجهل .
مع الاتصاف بصفتي الإيمان والعمل الصالح ؛ وغير المسلم يفتقد هذين الشرطين ؛ لقد أقسم الله تعالى على ذلك ؛ ولم يبق لمؤمن مجال للشك في هذا ؛ إنه المسئول عن تحري الحق والعمل به وإيصاله للآخرين .
* سورة الهمزة قال تعالى {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) في عمد ممدة (9) " أي : الذي يهمز الناس بفعله ، ويلمزهم بقوله . فالهماز : الذي يعيب الناس ، ويطعن عليهم بالإشارة والفعل ، واللماز : الذي يعيبهم بقوله . ومن صفة هذا الغماز ، أنه لا هم له سوى جمع المال وتعديده ، والغبطة به ، وليس له رغبة في إنفاقه ، في طرق الخيرات ، وصلة الأرحام ، ونحو ذلك "
وامتلاك المال أو الجاه أو السلطان بدون تقوى وورع وإيمان باليوم الآخر يدفع إلى الإساءة إلى الآخرين تحت وطأة الكبر والغرور والعجب فيقعون في الهمز واللمز للآخرين ومن اللمز ما هو فعل كالصور الساخرة .
وليس مبتغى أصحاب الصحيفة سوى حفنة من المال يكسبونها من الخبر المثير ، أو شهرة يلهثون وراءها ...
* سورة الفيل قال تعالى :{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)}
جفا أصحاب الفيل الحقيقة واستهانوا بالمقدسات ونسوا قدرة الله ؛ ظنوا أن بقدرتهم محاربة الحق ، ورحلوا مسافات لهدم الكعبة . فحاربتهم الطيور بأمر الله ؛ فقال عبد المطلب في ذلك :
أنت منعت الحبش والأفيالا وقد رعوا بمكة الأجبالا
وقد خشينا منهم القتالا وكل أمر لهم معضالا
شكرا وحمدا لك ذا الجلالا
|