قراءة في كتاب علاج النصوص المخالفة للعقل
قراءة في كتاب علاج النصوص المخالفة للعقل
الكتاب من تأليف محمد تقي الفقيه وهو يدور حول مخالفة بعض النصوص للعقل والحقيقة ان تلك النصوص على نوعين :
الأول النصوص التى فهمت خطأ نتيجة معانى كتب اللغة فمن المعروف أن اللفظ يكون له معانى متعددة ولكن القوم يقصرون معنى كلمات كاليد والوجه والصدر والقلب على الأعضاء الجسدية ومن هنا فهمت الآيات المتعلقة بيد الله ووجهه وغير ذلك فهما مخالفا للعقل
الثانى النصوص التى تخالف العقل بالفعل
وقد قسم الفقيه أنواع النصوص لثلاثة أنواع فقال :
"النوع الأول
وهو على ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: الآيات والأحاديث الظاهرة في تجسيم الصانع وتحديده.
الصنف الثاني: الآيات والأحاديث الظاهرة في كون الإنسان غير مختار في أفعاله.
الصنف الثالث: الآيات والأحاديث الظاهرة في صدور الذنوب والمعاصي من الأنبياء.
ولا ريب عند الشيعة والمعتزلة، وجميع علماء المسلمين المحققين من سائر أهل المذاهب الإسلامية في تنزيه الصانع عن الجسمانية، وفي عدم جبر الإنسان في أفعاله جبرا يخرجه عن نطاق الاختيار، وفي عصمة الأنبياء"
والخطأ هنا هو عصمة الأنبياء (ص) فلا توجد عصمة بمعنى أنهم لا يرتكبون ذنوب لأن الله قال في ذنوب محمد(ص) مثلا:
" إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر الله لك ما تقدكم من ذنبك وما تأخر"
وهناك عصمة من نوع أخر أعطيت لبعض الرسل(ص* دون بعض وهى العصمة من اذى الناس وقد أعطيت لمحمد(ص) وفيها قال تعالى:
" والله يعصمك من الناس"
وتساءل عن العمل بالنصوص المخالفة فقال:
هل يجب العمل بهذه النصوص؟
وبعد هذا: فهل يجب أو يجوز لنا أن نعمل بهذه الظواهر، وأن نعتقد بما نفهمه منها؟
وكيف يصح لنا ذلك مع إنكار العقول السليمة له؟
وما معنى ما اشتهر عند الفقهاء من أن كل ما حكم به الشرع حكم به العقل ولا عكس؟
وما هو المقصود من تلك الآيات والأحاديث؟
الجواب الإجمالي عن ذلك:
هو أن كل ما ورد من هذا النوع، يجب تأويله، وإرجاعه إلى جهة يقبلها العقل، وتساعد عليه قواعد الاستظهار، ولا يجوز الاعتقاد بهذه الظواهر، ولا الاستسلام لها، لأن الشرائع السماوية نفسها لا ترضى بذلك لأمور كثيرة:
منها: النصوص الكثيرة المخالفة لهذه الظواهر، وهي بعد وضوحها وظهورها واعتضادها بحكم العقل، تكون هي المعتمدة.
ومنها: أن الشريعة في أصولها الأولية، تعتمد على العقل، وتستند إليه، فكيف يمكن أن يكون فيها ما يخالفه! فإن العقل هو المدخل الأول، الذي نلج منه لمعرفة الله سبحانه، ولمعرفة وجه الحاجة إلى الأنبياء، ولمعرفة وجوب عصمتهم، ولوجوب تصديقهم والعمل بأوامرهم ونواهيهم، ولولا استقلال العقل بذلك كله، لاستحال علينا الاقتناع والإقناع بهذه الأمور عن طريق السمع، لما في ذلك من الدور الواضح، الذي يدركه كل من أوتي قليلا من العلم والمعرفة والإدراك."
الرجل هنا يقول بالتأويل والحقيقة أن تلك النصوص لا تحتاج للتأويل لأن التعارض أو المخالفة إنما جاءت من اللجوء لكتب اللغة ومعانيها وهى كتب ألفت بعد نزول القرآن بقرون ومع هذا حكمها القوم في تفسير النصوص
فمثلا مع أنهم يعلمون أن العين تطلق على أمور متعددة منها العين الباصرة ومنها العين بمعنى النهر أو فإنهم صدقوا مثلا أن الأعين في الله تعنى العين الباصرة مع وجود نص صريح يمنع أى فهم عضوى يشابه الخالق فيه المخلوق وهو قوله تعالى :
" ليس كمثله شىء"
‘ذا المشكلة ليست في تعارض النصوص مع العقل وإنما المشكلة في التفسير الخاطىء للنصوص
وتحدث عن مكانة العقل فقال :
هذا مضافا إلى النصوص الواردة عن أهل البيت الدالة على أن العقل يسير مع الشريعة والشريعة تسير معه.
ومنها: (أول ما خلق الله العقل ثم قال له: أقبل، فأقبل، ثم قال له: أدبر، فأدبر، فقال سبحانه: وعزتي وجلالي، ما خلقت خلقا أحب إلي منك، بك أثيب وبك أعاقب!) "
والحديث مخالف لكتاب الله فأول ما خلق الله هو الماء كما قال تعالى:
"وجعلنا من الماء كل شىء حى"
وقال :
"ومنها: ما ورد عن الإمام الكاظم وفيه: (إن لله على الناس حجتين: حجة ظاهرة، وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة وأما الباطنة فالعقول) فالحجة من داخل هي العقل، والحجة من خارج هو الرسول، فالعقل رسول داخلي، والرسول عقل خارجي."
وبالقطع الحجة واحدة وهى رسالة الرسل(ص) وهى حجة الله كما قال:
"رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل"
والعقل إنما هو فاهم للشرع مطبق له وليس حجة
وتحدث عن النوع الثانى من ألأمور المتعارضة مع العقل فقال :
"النوع الثاني
الأخبار المروية في كتب الحديث، وكتب الفضائل، وقصص الأنبياء، والمرغبات، والمخوفات،
ولا سيما المروي منها في الكتب التي يؤلفها السذج والبسطاء من المؤمنين المتشبهين بالعلماء، فإن فيها من المبالغات والأمور البعيدة عن الوقوع ما لا يحصى، وقد يوجد شيء من ذلك في الكتب التي صنفها المحققون الأثبات.
نظير ما ورد في وصف سد يأجوج ومأجوج، وأنهم ما زالوا يلحسونه بألسنتهم كل ليلة حتى يصبح بحجم الورق، فإذا أعيوا قالوا: نتمه صباحا، فإذا ناموا وأصبحوا عاد كما كان .
ومنها: أن أحدهم يفترش بإحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى
ومنها: القصص المتعلقة بـ (عوج بن عناق)
ومنها: ما وقع على أيدي الأولياء من الأمور العجيبة الغريبة إلى غير ذلك مما لا يحصيه أمثالنا.
فهل يجب علينا التصديق بذلك أو لا؟
والجواب: لا يجب التصديق، لأن هذه الأخبار كلها أخبار آحاد وهي ظنية السند، وهذا الصنف إذا كان مخالفا لحكم العقل، لا يجوز الاعتماد عليه، ولا الركون إليه، وإن كان رواته من الثقات، فضلا عما إذا كانوا من المجاهيل والضعفاء، فكيف إذا كان رواته كلهم من المجاهيل أو كان من المراسيل، وذلك لأن الدليل الدال على حجية خبر الواحد الموثوق به، مختص بخبر الواحد المتعلق بالأحكام الشرعية، كما هو المعروف في كتب الأصول، وأما أخبار الآحاد المتعلقة بأصول الدين وشؤونها وأخبار الآحاد المتعلقة بالموضوعات فهي باقية على أصالة عدم الحجية، وتبقى داخلة في عموم الآيات الكريمة، الناهية عن العمل بالظن، كقوله تعالى {ولا تقف ما ليس لك به علم} وكقوله تعالى {إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس} وكقوله تعالى {وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا}
ولا ريب أن خبر الواحد ليس علما، فيدخل في المنهي عنه بقوله تعالى {ولا تقف ما ليس لك به علم}، ولا ريب أنه ظن، فيدخل في اتباع الظن المذموم في قوله تعالى {إن يتبعون إلا الظن}، وأوضح من ذلك كله أنه سبحانه جعل الظن مقابلا للحق في قوله {وإن الظن لا يغني من الحق شيئا}، ولا ريب أن ما يقابل الحق هو الباطل.
|