قراءة فى مقال السيباستيانيزم .. أسطورة الملك العائد مع الضباب
قراءة فى مقال السيباستيانيزم .. أسطورة الملك العائد مع الضباب
صاحب المقال مغربي اندلسي والمقال يدور حول عقيدة تشابه أكذوبة المهدى المنتظر والمسيح المخلص والبوذا القادم .... نشأت فى البرتغال وهى خاصة برجوع ملك برتغالى يسمى سيباستيان فى المستقبل ليقود قومه للانتصار على الشر العالمى وهم يقصدون بالشر هنا المغاربة أو المسلمون فى المغرب
عرف الرجل العقيدة فقال فى مستهل مقاله :
"السيباستيانيزم هي عبارة عن عقيدة فكرية وإيديولوجية سادت خلال القرن السادس عشر وامتدت حتى القرن العشرين، مفادها أن الملك سيباستيان إمبراطور البرتغال لم يمت بعد وأنه لازال على قيد الحياة وينتظر فقط اللحظة المناسبة للعودة إلى العرش وصد الهيمنة الأجنبية، ومعه ستعود أمجاد البرتغال وسيعلو شأنها بين الأمم .."
قطعا أكذوبة عودة ميت إلى الحياة شائعة فى معظم الأديان القديمة وهى أكذوبة اخترعها المنافقون لتثبت أولياءهم الذين وضعوهم كملوك او رؤساء على العروش والكراسى رغم ظلمهم وقيامهم باضطهاد شعوبهم والشعوب غيرهم
فالغرض من الخرافة ألا يتحرك الناس لتغيير ظلم الحكام انتظارا منهم للوهم الكاذب الذى لن يأتى ابدا فالتغيير يأتى بتغير الكل للأحسن وهو العدل كما قال تعالى :
" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
وكما تتعارض مع أساس التغيير فى القرآن تتناقض أيضا فى عدم عودة الموتى كما قال تعالى :
"كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا"
وقال :
"أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ"
واستعرض الرجل تاريخ سيباستيان المعروف فقال :
"لكن قبل الخوض في تفاصيل هذه العقيدة، دعونا نتعرف أولا على الملك سيباستيان ونعرف ظروف موته أو اختفائه بحسب زعم البعض ..
هو سيباستيان الأول .. ولد في الـ 20 من يناير عام 1554، والده هو الملك جون مانويل، نصب سيباستيان ملكا بالوصاية في الحادي عشر من يونيو عام 1557، حيث تربع على عرش الإمبراطورية البرتغالية التي كان نفوذها ممتدا على سواحل آسيا وإفريقيا والأمريكيتين ..
أراد الملك الشاب تغيير النظرة العامة التي أخذت عن حكم أجداده فقد كان حكمهم يتسم بالضعف لذلك حاول أن يعلي من شأن امبراطوريته وأن يكون اسمه بارزا بين أسماء ملوك أوروبا .. استمر حكمه حتى الثالث من أغسطس عام 1578
محاولة عابثة نحو المجد قصة الملك سيباستيان وفصول موته المثيرة للجدل تبدأ من هنا، حيث أراد الملك الشاب شن حملة صليبية من أجل السيطرة على المغرب حتى لا يعود المسلمون للسيطرة على الأندلس مجددا بمساعدة الدولة العثمانية، فلذلك اتصل بخاله الملك فيليب ملك اسبانيا الذي حذره من التوغل في المغرب لكن طموح سيباستيان وإقدامه جعلاه لا يستمع لنصيحة خاله.
والمغرب آنذاك كان يقبع وحيدا في أقصى الغرب الأفريقي، ممتنعا عن الدخول في طاعة العثمانيين الذين وصل سلطانهم إلى الجزائر، وخاض ضدهم حروبا كثيرة، واتفق آنذاك خلع السلطان "محمد المتوكل على الله" واستيلاء عمه على حكمه لأنه رأى نفسه أولى بالحكم من ابن أخيه الطاغية، فأضمر المتوكل الفتك بعمه عبد الملك فلجأ إلى البرتغاليين يطلب حمايتهم ويدعوهم لدخول المغرب لاسترداد حكمه مقابل تنازله عن الشواطئ المغربية لصالح البرتغال.
قبل الملك البرتغالي هذا العرض ووجد الظرف مناسبا جدا لشن حملة عسكرية خاطفة على هذا البلد المعزول المنهك القوى بمشاكله الداخلية والخارجية، وفي نفس الوقت سيسبق منافسته اسبانيا في اقتسام كعكة المغرب، وهكذا جهز جيشه مدعوما بعشرين ألفا من عسكر الإسبان، وجنود من إيطاليا وفرنسا وألمانيا بالإضافة إلى البرتغال.
أبحرت السفن الصليبية من ميناء لشبونة باتجاه شمال المغرب يوم 24 يونيو1578، ثم رست بطنجة وفيها لقي سبستيان حليفه المتوكل، ثم تابعت السفن سيرها والتقى الجمعان في موقعة وادي المخازن قرب مدينة القصر الكبير شمال المغرب في يوم الأربعاء الموافق للرابع من شهر آب (أغسطس) 1578، انتهت بانتصار المغاربة.
فقدت البرتغال ملكها ومعظم نبلائها وجنرالاتها في تلك المعركة مع الجيش المغربي فقدت الإمبراطورية البرتغالية في هذه المعركة عاهلها وسيادتها وملكها وجيشها والعديد من رجال الدولة، ولم يبق من العائلة المالكة إلا شخصا واحدا، فانقضت عليها اسبانيا وأخضعتها لسيادتها ردحا من الزمن .. كانت كارثة بكل المقاييس وبذلك فشلت أحلام الملك سيباستيان بتحقيق المجد لإمبراطوريته.
وعلى الرغم من الاحتياطات العديدة التي اتخذها الحكام في إخفاء خبر مقتل الملك سيباستيان إلا أنهم لم ينجحوا في ذلك وبدأ الخبر يتفشى كالنار في كومة قش بين مصدق ومشكك، ولم يستطع هؤلاء تأجيل إعلان النبأ، وفي يوم الأحد 24 أغسطس، تم إعلان الخبر الكارثة، ودقت أجراس الكنائس في جميع أنحاء المملكة معلنة في حزن عميق نهاية دون سيباستيان الأليمة."
وقص الرجل علينا ابتداء أكذوبة عودة سيباستيان من خلال الصراع بين أسبانيا والبرتغال الذين ورثوا مملكة سيباستيان فقال :
"البوادر الأولى لظهور السيباستيانيزم
قضى الملك البرتغالي سيباستيان نحبه في أغسطس 1578 في معركة وادي المخازن، ورغم صحة الواقعة إلا أن البرتغاليين لم يستطيعوا تصديق ما حدث، وبدؤوا يقولون أن سيباستيان لم يمت وسيعود للحكم وستستقل البرتغال، وتحول أمل عودته لظاهرة مرضية تدعى "السيباستيانيزم" امتدت عبر مئات السنين.
استمدت السيباستيانية قوتها من الغموض الذي أحاط بموت العاهل البرتغالي فهل مات حقا أم أنه هرب من ساحة المعركة ولازال حيا يرزق؟؟
إن المؤرخين والكتاب اللذين كانوا في خدمة إسبانيا، رغبة منهم في تدعيم مشروعية فيليب الثاني، أكدوا في رواياتهم أطروحة مقتل ملك البرتغال في المعركة، ولكي يسبغوا على ذلك طابعا أكيدا من الصحة، قدموا أوصافا عن طبيعة جروح دون سيباستيان وعددها، وفضل الكتاب البرتغاليين إلتزام الصمت حول هذا الموت، سواء كان ذلك لأسباب تتعلق بالشرف الوطني، أو حفاظا على أمل الشعب في مسألة وراثة العرش. وبناء على ما ورد في النصوص لمؤرخين مغاربة فأن جثة الملك التعس قد وضعت في صندوق مساء يوم المعركة، وغطيت بالجير تجنبا لتعفنها، ثم أرسلت إلى القصر الكبير، وبعد ذلك، قدم سلطان المغرب الجثة هدية إلى فليب الثاني، وقد سلم جثمان دون سيباستيان رسميا وهو في حالة لا يمكن التعرف عليها وذلك يوم 4 ديسمبر 1578، ولما صار فليب الثاني ملكا على البرتغال، دفن الجثة في صومعة بيليم ( belem ) حيث يوجد قبر دون سيباستيان اليوم بين قبر دي كاموس وقبر سكودي غاما؛ الأول عن يمينه والثاني عن شماله، إلا أنه على الرغم من رغبة الإسبان في فرض موت دون سيباتستيان بكيفية لا جدال فيها عن طريق مشهد الجنازة الفخمة، فإن ظروفا مثيرة جاءت لتؤكد غداة هزيمة وادي المخازن انتظار عودة الملك المختفي، من طرف الجماهير البرتغالية التي جعلت موته يحاط بهالة من القدسية."
وأما العقيدة التى شاعت بين البرتغاليين فهى أن الملك سيأتى على حصان أبيض من خلال الضباب وسيقوم بالانتقام من كل الأعداء وفيها قال الرجل :
"ونشأت عندها أسطورة عودة الملك سيباستيان .. وبحسب الاسطورة فأن الملك سباستيان سيعود في يوم ضبابي فوق حصان أبيض، ووصل اعتقاد البعض إلى حد الإيمان بأن سيباستيان قطع البحر وأنه ينتظر على متن سفينة ترسو على نهر تاجه "أطول أنهار شبه جزيرة الأندلس يمر من البرتغال وإسبانيا"، وهو ينتظر فقط الفرصة لإعلان نفسه والخروج لاسترداد العرش.
انتشر هذا الفكر بشكل رهيب ليس في البرتغال وحسب بل حتى في البرازيل والتي كانت أكبر مستعمراتها آنذاك، وحصدت آلاف الأرواح نتيجة لظهور هذا الفكر المستوحى من أسطورة سيباستيان الملك العائد. فمع إعلان الجمهورية سنة 1889 أصبحت البرازيل دولة علمانية، فظهرت حركات مناوئة للنظام الجديد وظهر معها الفكر السيباستياني .. وبحسب المعتقد سيعود سباستيان للدفاع عن الحق الإلهي للملكية في البرازيل المنحدرة مباشرة من الملوك البرتغاليين وسيعيد المذهب الكاثوليكي الذي أزيل من الدولة من قبل الجمهوريين، وأبرز من حمل هذا الفكر لأغراضه السياسية كان هو أنطونيو كونسيلير والذي قاد حركات تمرد واسعة في شمال شرق البرازيل للإطاحة بالنظام الجمهوري في البلاد، وبنفس الإيديولوجية السيباستيانية وقعت حرب كوندو1897 وحرب كونتيستادو1912 - 1916."
وذكر الرجل أن الناس عندما يشعرون بالخطر علي حياتهم ولا يقدرون على عمل شىء يلجئون إلى استعادة الخرافات كعودة سيباستيان ومن ثم ظهرت عودة الكذوبة للبرازيل مع المجاعة وفيها قال :
|