نظرات فى دراسة في الروايات التي نسبت الشرك للرسول(ص)
نظرات فى دراسة في الروايات التي نسبت الشرك للرسول(ص)
صاحب الدراسة حسين علي الشرهاني وفى مقدمة الدراسة جعل السيرة النبوية أساس التاريخ فقال :
"تعد دراسة السيرة النبوية أهم الدراسات في حقل التاريخ الإسلامي، بوصفها الأساس الذي قام عليه هذا التاريخ، إذ لا يمكننا أن نفهم الأحداث التي شهدتها الدولة الإسلامية بمختلف مراحلها، من دون الرجوع إلى دراسة هذه الحقبة التاريخية"
قطعا السير وكتب الروايات لا تعتبر مصدرا موثوقا للتاريخ لتناقض الروايات فيما بينها ونسبتها أمورا وذنوبا تقشعر منها الأبدان للنبى(ص) والمؤمنون برسالته والمصدر الوحيد الصحيح هو القرآن
ودراسة الشرهانى تقوم على رد أحاديث من أحاديث السيرة تنسب للنبى الخاتم(ص) الشرك بالله فى مواضع متعددة
وتحدث عن انتشار تلك الأحاديث فى كل أنواع الكتب التراثية وتصديق أهل الحديث والتاريخ لها رغم أنها تجعل النبى(ص) كافرا فقال :
"أوردت المصادر روايات متعددة تنسب الشرك أو الاعتقاد بالأنصاب والأصنام للرسول (ص)، وتابع هذه المصادر التاريخية بعض كتب التراجم والطبقات والحديث والتفسير وغيرها، فانتشرت هذه الروايات على نطاق واسع، وتداولها الرواة حتى بلغت من الشياع بحيث أصبح من الصعب الاعتراض عليها، كونها غدت من المسلمات عند الكثير من الباحثين. فنسب بعضها للرسول (ص) الاعتقاد بالأصنام والأوثان بصورة مباشرة وصريحة، فيما ذكر بعضها الآخر هذا الأمر بصورة غير مباشرة من خلال القول إن الرسول (ص) ينحر الذبائح تقربا للأنصاب، أو انه كان يأكل من الذبائح التي تنحر تقربا لها، ومجمل هذه الروايات ذكرت بان الرسول (ص) ترك الاعتقاد بالأصنام والأوثان وكذلك ترك أكل ما ذبح على النصب بناءا على نصيحة قدمها له زيد بن عمرو بن نفيل "
ميز الشرهانى بين روايات نسبت الشرم مباشرة للنبى(ص) وبين روايات أخرى نسبته له بصورة غير مباشرة وتحدث عن أن الكثير من الفقهاء والمؤرخين صدقوا الروايات وحاولوا تبرير شرك النبى(ص) من خلال تبريرات واهين فقال :
"ويمكن أن نصنف هذه الروايات بالشكل الآتي:
أولا: الروايات المباشرة التي نسبت الشرك للرسول (ص)):
أهم رواية في هذا الباب ما نقل عن محمد بن إسحاق بن يسار كاتب السيرة المعروف، التي أشار فيها إلى أن الرسول (ص) ترك عبادة الأوثان بعد نصيحة قدمها له زيد بن عمرو بن نفيل فحدثت أن رسول الله (ص)قال وهو يحدث عن زيد بن عمرو بن نفيل ان كان لأول من عاب علي الأوثان ونهاني عنها أقبلت من الطائف ومعي زيد بن حارثة حتى مررت بزيد بن عمرو وهو بأعلى مكة وكانت قريش قد شهرته بفراق دينها حتى خرج من بين أظهرهم وكان بأعلى مكة فجلست إليه ومعي سفرة لي فيها لحم يحملها زيد بن حارثة من ذبائحنا على أصنامنا فقربتها له وأنا غلام شاب فقلت: كل من هذا الطعام أي عم قال: فلعلها أي ابن أخي من ذبائحكم هذه التي تذبحون لأوثانكم، فقلت: نعم، فقال: أما انك يا ابن أخي لو سالت بنات عبد المطلب أخبرنك أني لا آكل هذه الذبائح فلا حاجة لي بها ثم عاب علي الأوثان ومن يعبدها ويذبح لها وقال انما هي باطل لا تضر ولا تنفع او كما قال، قال رسول الله (ص)فما تمسحت بوثن منها بعد ذلك على معرفة بها ولا ذبحت لها حتى أكرمني الله عز وجل برسالته (ص)
ونقلت بعض المصادر رواية عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير أن الرسول (ص) والسيدة خديجة كان عندهما صنم يعبدانه: قال حدثني جار لخديجة بنت خويلد انه سمع النبي (ص)وهو يقول لخديجة: أي خديجة والله لا أعبد اللات والعزى والله لا اعبد أبدا، قال: فتقول خديجة خل اللات خل العزى، قال: كانت صنمهم التي يعبدون ثم يضطجعون) ، ونقل ياقوت الحموي رواية دون أن يذكر سندها، جاء فيها أن الرسول (ص) كان يتقرب للعزى ويهدي لها، وانه كان على دين قومه أي الشرك، وقد بلغنا أن النبي (ص)ذكرها يوما فقال: لقد اهتديت للعزى شاة عفراء وأنا على دين قومي) ."
ما نقله الشرهانى من روايات هو روايات قبل البعثة وهى اتهام مباشر للنبى بالأكل من ذبائح الأصنام وعبادة الأصنام وانتقد الشرهانى الروايات فقال :
"وإذا عدنا إلى النصوص التي قدمناها في بداية البحث نجد أنها نسبت للرسول (ص) اعتقاده بعقيدة الشرك، وهي بالتأكيد لا تحتاج إلى عناء كبير من اجل تفنيدها، لكن المؤسف في الأمر أن بعض الباحثين تقبلوها كأنها حقائق ثابتة، وعلقوا عليها بوصفها تدل على التطور الفكري والعقائدي للرسول (ص)، فذكر أحدهم معلقا على رواية ابن إسحاق بقوله: إن هذا النص ضروري حتى نفهم التطور العقائدي لرسول الله (ص))، ثم يستغرب من حذف ابن هشام هذه الرواية وعد احد المستشرقين ما جاء في هذه الرواية بأنه القصة الحقيقية الوحيدة في سيرة النبي (ص) وأيد باحث آخر هذه الرأي وعد تعبد الرسول (ص) في غار حراء نتيجة لاتصاله بزيد بن عمرو بن نفيل ).
وإذا ناقشنا هذه الروايات نجد أن الرواية الأولى مفردة وغريبة لم ترد عند احد من الرواة سوى ابن إسحاق، ولا يعرف سند الرواية الذي أخذها منه، إذ لم يذكر من أين استقاها فهي رواية مقطوعة عنده وليس هناك رواية أخرى تشبهها أو تؤيدها.
ومتن الرواية متناقض لدرجة كبيرة بحيث يصعب قبوله لأسباب عدة، منها أن المدة التي التقى فيها الرسول (ص) بزيد بن عمرو بن نفيل كانت بعد زواجه من السيدة خديجة وتحديدا في المدة القريبة من نزول الوحي عليه، ويؤكد هذا الرأي أن زيد بن حارثة كان معه في هذا اللقاء، والمعروف أن زيد التحق بالرسول (ص) بعد زواجه من السيدة خديجة، إذ تذكر الروايات انه رآه في احد الأسواق، فأخبر السيدة خديجة فطلبت منه أن يشتريه فاشتراه واعتقه وتبناه ، وهذا يعني ان اللقاء الذي تذكره الرواية مع زيد بن عمرو بن نفيل كان بعد ان تجاوز الرسول (ص) الخامسة والعشرين من عمره، وهذا يعني ـ بحسب رواية ابن اسحاق ـ انه بقي يعتقد بعقيدة المشركين حتى بعد زواجه من السيدة خديجة، وهذا الأمر غير مقبول، لان هذه المرحلة من حياة الرسول (ص) هي التي ابتدأ فيها خلواته الروحية في غار حراء، بعد أن ارتاح من اعباء العيش وهموم الحياة، فشعر بقربه من السماء واختيارها له، ويمكن أن نستدل على ذلك من الروايات التي تحدثت عن نزول الوحي على الرسول (ص)
إن ما جاء في الرواية مرفوض عقلا لأنه ليس من المعقول أن تختار السماء شخصا ليهدم عقيدة الشرك الفاسدة، ويكون هذا المختار معتقدا بالأصنام والأوثان ويعبدها حتى المدة القريبة من نزول الوحي عليه، وحتى لو افترضنا جدلا أن محمدا (ص) كان مجرد مصلح كما يعتقد الكثير من المستشرقين، فان الرواية لا تستقيم ولا يمكن قبولها،
ولا نريد أن ندافع عن النبي (ص)، فهو قائم بنفسه ولا يحتاج منا المبالغة في مدحه، ويكفيه أنه صنع شيء من لا شيء، فبعد أن كان العرب أفراد وقبائل متفرقة لا يربطها رابط، وحدهم وجعل منهم أمة سيطرت على العالم "
وأما الروايات غير المباشرة فقد أوردها فقال :
"ثانيا: الروايات غير المباشرة:
1ـ أوردت عدد من المصادر رواية أسندتها إلى أسامة بن زيد عن أبيه زيد بن حارثة انه قال: ... خرج رسول الله (ص)وهو مردفي الى نصب من الأنصاب فذبحنا له ـ للنصب ـ شاة، ثم صنعناها له حتى إذا نضجت جعلناها في سفرتنا، ثم اقبل رسول الله (ص)يسير وهو مردفي في يوم حار من أيام مكة حتى إذا كنا بأعلى الوادي لقيه زيد بن عمرو بن نفيل فحيا أحدهما الآخر بتحية الجاهلية، ...... وأناخ رسول الله (ص)البعير الذي تحته، ثم قدمنا إليه السفرة التي كان فيها الشواء، فقال ما هذا؟ قلنا هذه الشاة ذبحناها لنصب كذا وكذا، فقال ـ زيد بن عمرو ـ إني لا آكل شيئا ذبح لغير الله ثم تفرقنا، ..... ومات زيد قبل المبعث فقال رسول الله (ص)يأتي امة وحده)"
فى الرواية المباشرة لقاه وهو قادم من الطائف وهو ما يناقض أنه لقاه فى مكة فى أسفل بلدح وهو تناقض بين الرواية المباشرة والروايات غير المباشرة
هنا من رفض الأكل فى الرواية عمرو بن زيد بن نفيل وهو ما يناقض أنه والرسول(ص) رفضا الأكل منها فى الرواية التالية:
2
|