نظرات فى أسطورة أبو السلاسل
نظرات فى أسطورة أبو السلاسل
المعد للبحث كمال غزال وهو يدور عن أسطورة تسمى بأسماء مختلفة فى البلدات وقد اختار منها اسم أبو السلاسل وتحدث عن معتقدات الناس فيه فقال :
"يتحدث التراث الشعبي عن كائن بهيئة رجل طويل القامة وداكن اللون ويحمل سلاسل أو تلفه السلاسل ويطلق عليه اسم "أبو السلاسل"، ووصف بأنه متوحش يستخدم سلاسله للتهجم على ضحاياه وهو يجر وراءه ثقلاً حديدياً، والبعض يقول أن السلسلة حول رجليه فقط وأنه كان سيهجم على البيوت ويدمرها من غيرها، وقيل أنه من عتاة الجن أو انه ممن تلبسهم الجن المردة، و البعض يقول ان جلده يشبه الجلد المحروق وله مخالب طويلة ووجهه بشع وتنبعث منه رائحة كريهة، ويهيم في الشواطئ فيظهر في أي وقت في الليل وفي النهار.
وقد تردد ذكره في أماكن مختلفة من دول الخليج العربي كالإمارات وعمان، وهناك شبه إجماع على إنه يظهر في الأماكن المأهولة بالسكان، كالأحياء السكنية في المدن والقرى، وتعددت أسماء هذا الكائن ومنها العبد المزنجل وعبد لِمْزنيْل (بإهمال الألف وقلب الجيم ياء) و (بو السلاسل) و (بو الصناقل) و (لِمسلسل) و (لمصنقل).
- وقيل أنه يحمل معه على كتفه سلسلة من الحديد طويلة جداً ويمشي في الليل بجانب العريش (مسكن أهل الساحل في دولة الإمارات) ولدى تحركه تحتك السلاسل فتصدر صوتاً يسمعه الأطفال في العريش، فتحذر الأمهات أطفالهم أن يخرجوا من المنزل لئلا يسحبهم أبو السلاسل، ويكون أبو السلاسل بجنب البحر يمشي وخلف بيوت العريش فإذا شاهد أحد الأطفال يخرج من البيت في الليل يرمي سلسلته عليه ويسحبه ويختفي الطفل نهائياً وإذا تمكن من الإفلات يجدونه فاقداً لوعيه أو لا يعرف أحداً من أهله. وصوت السلسلة يشبه صوت تكسر الأمواج على الساحل فيقال للطفل:" ألا تسمع أبو السلاسل؟! "، وهذا لتخويف الأطفال من مغبة الخروج في الليل خشية على سلامتهم."
والظاهر من الكلام السابق هو أن الحكاية هى مجرد اختراع لتخويف ألأطفال من الخروج ليلا من البيوت أو الذهاب لأماكن بعيدة وهى أمر موجود فى كل الشعوب بأسماء مختلفة كالعو والبعو
وتحدث عن مصدر الأسطورة فقال :
"رواية عن منشأ الأسطورة:
تقول إحدى الروايات أن (أبوالسلاسل) له أصل على أرض الواقع وأنه ليس مجرد محض خيال، وأنه كان عبداً لأحد التجار في إمارة الشارقة وأنه تعرض لأشد أنواع التعذيب على يد مالكه الذ كان يقيده بالسلاسل ويربط في نهاية السلسلة (قلولة) وهي قذيفة مدفع كروية من الرصاص لئلا يهرب من مكان أسره، وبعد موت ذلك التاجر هرب المسكين وهو مصاب بالجنون، ولهذا أطلق عليه هذه التسمية أو (العبد المزنجل)."
والظاهر أن هذا الكلام يبدو حقيقيا لأن الناس كثيرا ما يزعمون أن فلان أو فلانة مسكون او ممسوس وأنه يأكل العيال أو يضربهم وبالفعل هذا الفرد الذى يختاره المجتمع كضحية له يدافع عن نفسه أحيانا بقذف للأطفال بالحجارة أو بالجرى خلفهم لأنهم غيظونه وقد يبدو الأصل مخالفا لذلك وهو أن بعض المجرمين يريد ابعاد الناس ومنهم الأطفال عن منطقة ممارسته للجريمة فيحكى هو أو معاون له خاصة للأطفال والنساء حكاية عن شخص بصفات معينة فيشيعون ذلك وقد يصنع هو الصفات التى قالها ويظهرها للبعض حتى يخافوا ويخيفون الأخرين
وتحدث عن حكايات شائعة فى مناطق الخليج والجزيرة فقال :
"قصص وحكايا
1 - هناك حكاية شعبية كان الأجداد يتداولونها في رحلاتهم البحرية وخلدت في ذاكرة الأدب الشعبي العماني وجاء فيها:
في ليلة من ليالي الشتاء اشتدت الريح بقوة قرب البحر وبعد ما صار المد وارتفع وجه الموج فزع الناس في الحارة القديمة وظنوا أن البحر سيدخل إلى مساكنهم، وكان من بين هؤلاء الناس بحار اسمه راشد وهو رجل مقدام يشهد له بالقوة ولا يخاف من شيء.
جلس راشد في نفس الليلة مع جده وأعلمه بأنه عازم للخروج إلى البحر فاندهش الجد وبدأ العرق ينزل على جبهته وقال: " يا بني لا تخرج في هذا الوقت فالريح آتية ومعها الشياطين والجن والموت، وأبو السلاسل يحوم في منتصف الليل على البحر ولا يرحم أحداً، فلا تخرج، أخشى أن يخسفك هذا الشيطان ".
لكن راشد رد بعصبية: " أنا أقوى بحار في الحارة ولا يقدر أحد أن يقف في وجهي، وأبو السلاسل هذا ليس له وجود في الحارة ولا عمره يقف قدامي "، وخرج راشد من المنزل بدون أن يأخذ بنصيحة جده وركب البحر ورفع الشراع وواجه الرياح الشديدة المعاكسة وهو يصرخ بقوة:" أنا راشد نوخذة هالبحر وما أخاف من الريح والموت " (نوخذه تعني ربان السفينة في لهجات الخليج العربي)، ولما ابتعد عن الساحل اشتدت الريح وبدت السماء تنزل مطرها بقوة وارتفع الموج فخاف وعاد مرتعباً إلى الشاطئ وربط المركب بجذع وعند البحر كان الموج يضرب الشاطئ بقوة وأبو السلاسل كان موجود هناك ويحوم بسلاسله الكبيرة وبعيونه التي تروع الناس وبيديه وبأظافره اللي يشوه بها الوجوه وكان ينتظر في آخر الحارة بين الأزقة الضيقة وفي الدروب المظلمة لينقض على أحد المارة ويخنقه بالسلاسل.
وكان راشد يمشي في أحد الازقة المظلمة فسمع صوت السلاسل وهي تتحرك في الأرض فخاف وشرد غير أن أبو السلاسل لحقه وركض راشد بسرعة وسلك درباً آخر، إلا أن أبو السلاسل كان يتحرك بخفة.
أنهك الركض راشد فوقع على الأرض وأبو السلاسل يركض باتجاهه هائجاً وفي عيونه يتطاير شرر الشيطان، فأمسك راشد ورفعه لفوق وضربه على جدار وصرخ راشد: " يالله خلصني من هذا الشيطان، الحقوني يا أهل الحارة "، ولكن لم يسمعه أحد وأخذه أبو السلاسل وربطه في شجرة سدر وضربه بالسلاسل وخسف وجهه وكان راشد يصرخ ويبكي وينزف دماً.
ومع بزوغ الصباح وفيما كان البحارة في طريقهم صوب البحر رأوا راشد وهو معلق بالسلاسل عند شجرة السدر الكبيرة التي تتوسط الحارة وكان يغرق بدمه وعلا صريخ الناس عندما رأوا السلاسل وقالوا: " هذه سلاسل الشيطان أبو السلاسل، هو الذي قتل راشد وخسفه ".
وركض الجد صوب جثة حفيده (راشد) ورآه، فقال وهو يذرف الدموع بحرقة وتحسر: " آه يا بني .. أخبرتك البارحة، نصحتك بأن لا تخرج إلى البحر، الريح أتت بالشياطين والجن معها، لكنك لم تنصت لكلامي، ليتك سمعتني ولم تغتر بنفسك ".
وبعد الحادثة صار البحارة يخافوا من أبو السلاسل ولا يخرجوا إلى البحر إلا بعد تأكدهم من سكون الرياح أو أمواج البحر.
- تقول إحدى السيدات بينما كنت في بيتنا المبني من جريد النخل داخل عريش صغير يقبع في فناء ذلك البيت، في وقت الظهيرة، محاولة تنويم أحد أبنائي، الذي يرفض النوم، جاءتني فكرة إخافته بـ (بو السلاسل)، فقلت له:" ارقد عن ... ياكلك بوالسلاسل "، وما أن أنهيت جملتي حتى سمعت صوتاً يشبه الزئير وقرقعة السلاسل خلف سور البيت المبني من الجريد، وكاد قلبي يخرج من صدري من شدة الخوف والفزع، فأخذت أتضرع إلى الله أن يحميني من هذا القادم المقيت، وتلوت ما أتذكره من آيات قرآنية وأدعية وأكثرت من الاستعاذة من الشياطين، كما أكثرت من البسملة بسم الله الرحمن الرحيم، حتى اختفى، وأقسمت ألا أذكر العبد المزنجل بعد ذلك أبداً.
3 - راوٍي آخر يقول: " بو السلاسل لا ينجو منه إلا من يعرف حيله و رغباته، فهو غير مؤذ إلا للجاهلين، أعني الذين يجهلون أسلوبه، فأحد أقاربي ظهر له بوالسلاسل ذات يوم في أحد الأزقة واعترض طريقه فمد رجله وسط الزقاق لعرقلة سيره، فما كان من قريبي إلا أن قفز من فوق رجله وولى هارباً، وما أن دخل الزقاق الثاني حتى وجد (المصنقل) أمامه مرة أخرى فقفز من فوق رجله مرة أخرى، وهكذا حتى أعياه التعب، لكن في المرة الأخيرة وجده وهو يمد رجله من جديد فلم يقفز من فوقها بل زحف من تحتها فاختفى العبد المزنجل وارتاح من رعبه في ذلك اليوم ". - وتروى حكاية عن بحار خرج بعد منتصف الليل قاصداً مركبه في البحر وهو في طريقه الى هناك سمع صوتاً غريباً
|