المنجوز فى فن القراقوز
الأراجوز أو القراقوز نوع من أنواع الفن التى توصل رسالة لجمهور المشاهدين أو السامعين
وكعادة التاريخ الحالى نجد اختلافا فى أصل هذه الوسيلة الفنية فالبعض ينسبها إلى قدامى مصر الذين يسمون خطأ بالفراعنة ويقولون أن أصل الكلمة هو :
أرجوز من المصرية القديمة وهو ما أشار إليه شارل ماتييه فى كتابه تاريخ الماريونيت
وهو مجرد قول بلا دليل عليه
ويقال أن أصل الكلمة هو قراقوش وهو :
وزير صلاح الدين الذى بنى القلعة وهى شخصية أصبحت مصدر للسخرية مع أن الرجل كان من الناس الذين يعملون فى صمت ودون كلل كما تقول كتب التاريخ فهو من أنشأ قلعة الجبل وليس صلاح الدين الأيوبى ويبدو أن الغرض من تنقيص الرجل هو اهدار منجزاته وجعله واحد من المجانين حيث نسبوا له تحريم الملوخية وأشياء مضحكة
ويقال أن أصل الكلمة هو الكلمة التركية قراقوز وهى مكونة من مقطعين معناهما :
العين السوداء إشارة إلى أن مهمة هذا الفن هو إظهار السواد فى الحياة وهو الفساد بالنقد والسخرية
فهو على حد قول بعضهم نظرة سوداوية للحياة
وبعض الأتراك يقول :
أن كراكوز هو اسم شخص من أشخاص فن الظل التركى والذى بدأ كما يقول فى مدينة بورصة فى تركيا على يد العثمانيين
ويرجع البعض هذا الفن إلى الغجر وبعضهم يقول أن أصله هو دول جنوب شرقي آسيا مثل الصين وإندونيسيا ثم نقله المغول من الصين وتعلمه منهم الأتراك فيما بعد
والبعض قال أن أصل هذا الفن من الهند وبعض أخر قال :
إنه صناعة الفاطميين فى مصر
حكم الفن :
أفتى الكثيرون بحرمة هذا الفن نهائيا بسبب ما سموه التماثيل المجسمة التى تستعمل فى العروض
والحقيقة أنها ليست تماثيل لأنها مجرد وجوه مرسومة
الغريب أن من حرموا هذا الفن بناء على القول السابق تناسوا متعمدين أحاديث تتحدث عن اللعب بالبنات وهى :
دمى تلعب بها الصغيرات مثل :
" قالت عائشة : كُنْتُ ألْعَبُ بالبَنَاتِ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانَ لي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، فَكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ منه، فيُسَرِّبُهُنَّ إلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي" رواه البخارى
وقالت :
" وَكَانَتْ تَأْتِينِي صَوَاحِبِي فَكُنَّ يَنْقَمِعْنَ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَتْ: فَكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُسَرِّبُهُنَّ إلَيَّ. وَقالَ في حَديثِ جَرِيرٍ: كُنْتُ أَلْعَبُ بالبَنَاتِ في بَيْتِهِ، وَهُنَّ اللُّعَبُ." رواه مسلم
وأيضا :
" قَدِمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن غَزْوَةِ تَبُوكَ - أو خيبر - وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ ، فَهَبَّت رِيحٌ فَكَشَفَت نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَن بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ لُعَب ، فَقَالَ ( مَا هَذا يَا عَائِشَةُ ؟ ) قَالَت : بَنَاتِي ، وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَه جَنَاحَانِ مِن رِقَاعٍ ، فَقَال ( مَا هَذَا الذِي أَرَى وَسطَهن ؟ ) قَالت : فَرَسٌ قَالَ ( وَمَا هَذا الذي عَليه ؟ ) قَالَت : جَنَاحَانِ ، قَالَ ( فَرَسٌ لَه جَناحانِ ؟ ) قَالَت : أَمَا سَمِعتَ أَنَّ لِسُلَيمَانَ خَيْلًا لَهَا أَجْنِحَةٌ ؟ قَالَت : فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيتُ نَوَاجِذَه ."رواه أبو داود
والبنات تعنى اللعب الصغيرة التى على أشكال متعددة
هذه الأحاديث تعارض فقهاء التحريم ولا يوجد مانع من عمل تماثيل صغيرة لغرض نبيل فقد كان المسيح (ص) يصنع من الطين كأشكال الطير ثم ينفح فيها فتكون طيورا بإذن الله والغرض هو اظهار قدرة الله على احياء الجمادات وفى هذا قال تعالى :
"وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ"
وفن الأراجوز إذا كان الهدف منه هو إنكار المنكر وتعليم الأحكام وغيرها مما يفيد البشر فهو أمر مباح
والتماثيل المحرمة هى ما كانت من باب الطواف بها والذبح عندها وادعاء قدرتها على أمور لا تقدر على شىء منها وما كانت من باب الإسراف وعدم وجود هدف صحيح كتماثيل الميادين ومقدمات الجسور والتى يدعى البعض أن الغرض منها تعظيم فلان أو تخليد ذكراه وهو ما يتعارض مع حرمة تزكية المسلمين لأنفسهم وبعضهم البعض كما قال تعالى :
" فلا تزكوا أنفسكم "
ويتعارض مع أن كل الناس مخلدين فى الجنة والنار وهو واحد من ألأمور التى ضحك هوى الأبوين عليهما لها فى قوله :
" أو تكون من الخالدين "
غرض الفن :
الحقيقة :
أن هذا الفن هو :
أحد وسائل المقاومة للظلمة وفى الإسلام واحد من وسائل إنكار المنكر وتعريف المعروف للناس
ومن ثم هو يظهر فى عصور الظلم عندما يتم قمع الناس ومن ثم يستعملونه لنقد الحاكم فى صورة ظالم أو ظالمة من الأخرين
ماهية الأراجوز:
يعرف الأراجوز بأنه دمية قفاز رأسها مصنوع من شىء خفيف كالخشب ومرسوم عليه تعبيرات نفسية قاسية وهذا الرأس يتم إلباسه طرطور أحمر وبقية الدمية عبارة عن جلباب أحمر طويل ويداه قطعتان من الخشب
عرض الفن :
يقوم العارض أو الفنان بتقديم عرضه معتمدا على رسوم لها بعدين فقط وهذه الرسوم مصنوعة من جلد شفاف وتحرك بالعصى من خلف شاشة بيضاء يسمونها بالمرآة أو ستارة الخيال وتركز عليها الإضاءة وما يحيط به كله مظلم
ومع أن العرض يكون بصريا إلا أن الأصل فيه هو :
الكلام اللفظى وهى كلام نقدى يبدو أن ظاهره الاضحاك ولكنه باطنه توصيل رسالة باطنة وهى :
نقد الظلم والظالمين
والعارض يمزج عرضه اللفظى بالموسيقى والرقص الحركى للعرائس أحيانا وهو يستخدم بعض الآلات الموسيقية كالدف ذى الأجراس والمزمار والغرض من كل هذا الدمج هو شد المشاهد والسامع للرسالة التى يلقيها العارض
الأراجوز مهمة يقوم بها شخص واحد أو شخصين أو أكثر على حسب قدرة العارض فالمتمكن يعمل وحده بدون مساعدة غيره وهو يقوم بعمل كل الأدوار فى النص سواء رجالية أو نسائية أو أطفال كما يقوم بتقليد لهجات أهل البلد عند الكلام
قطعا فنان الأراجوز هو :
فنان متكامل كما يقال لأنه يقوم بكل الأدوار :
ممثل ومخرج ورسام ومحرك وموسيقى ومؤلف ........
ومما شاهدناه فى عصرنا نقول :
أن هذا الفن يحتاج إلى نصوص مكتوبة لنقد كل الأعمال السوء فمن يعملون بهذا الفن حاليا هم فرق تعرض إما فى الموالد وإما فى المدارس وإما فى دور من دور اليتامى والمسنين وما شابه وموضوعاتهم غالبا ما تقتصر على الاضحاك أو تتناول نقد شىء فى التعليم أو فى الحياة