السنة التي غاب فيها الصيف
في صيف عام 1816، عاني نصف الكرة الشمالي من اضطرابات جوية كانت ذات أبعاد هائلة. بعد الربيع المبكر العادي نسبيا، انخفضت درجات الحرارة في شرق الولايات المتحدة إلى ما دون درجة التجمد، وشهدت المناطق من نيو انجلاند إلى ولاية فرجينيا تساقط الثلوج الغزيرة والصقيع مما أسفر عن القضاء على المحاصيل خلال يونيو ويوليو وأغسطس. كذلك وجدت أوروبا نفسها في قبضة البرد في غير أوانه. لم تذب ثلوج الشتاء ، وبين أبريل وسبتمبر، غرقت بعض أجزاء من القارة من جراء ما لا يقل عن 130 يوما من المطر. ألهمت الكآبة المتواصلة المؤلفة ماري شيلي على كتابة روايتها الشهيرة "فرانكشتاين"، لكنها في الوقت عينه ضربت المزارعين. قضي على المحاصيل في جميع أنحاء أوروبا والصين، مما أدى إلى مجاعات مميتة وتفشي التيفوئيد وأمراض أخرى. في الهند، أدت هذه الاضطرابات إلى ظهور سلالة جديدة قاتلة من الكوليرا التي قضت في نهاية المطاف على الملايين. كانت المعاناة في الولايات المتحدة أقل وضوحا، ولكن الكثير عانوا من أزمة ارتفاع أسعار الحبوب. بل إن بعض الأميركيين الأكثر فقرا اضطروا لأكل القنافذ واللفت البري.
ما الذي سبب تلك "السنة من دون الصيف" الكارثية . اعتقد كثير من الناس آنذاك أن ما حدث هو شكل من أشكال العقاب الإلهي، ولكن معظم العلماء الآن يضعون معظم اللوم على بركان إندونيسي يدعى جبل تامبورا. في أوائل عام 1815، ضج تامبورا بالحياة مطلقا إحدى الثورات البركانية الأكثر تدميرا على الاطلاق. وإلى جانب موت الآلاف من السكان المحليين، قذف الانفجار ثاني أكسيد الكبريت في الطبقة العليا من الغلاف الجوي. جنحت سحابة الرماد في جميع أنحاء العالم في الأشهر التي تلت ذلك، فحجبت الشمس وخلقت الشتاء البركاني. وعندما انضمت إلى الآثار المتبقية من العصر الجليدي الصغير-فترة التجمد العالمي الذي امتد من القرن 14 إلى ال19 ، ضعفت أشعة الشمس بما يكفي لخفض معدل درجة الحرارة على كوكب الأرض والدفع بأنماط الطقس إلى حالة من الفوضى.
|