الجنائن المعلقة في بابل أم في نينوى؟
تغلف الأساطير كل عجائب الدنيا السبع في العالم القديم، ولكن الأكثر غموضا هي جنائن بابل المعلقة. لم يكتشف علماء الآثار أبدا أي دليل على وجود الحدائق، وشكك العلماء بوجودها. ومع ذلك ، ، تقول باحثة في جامعة أكسفورد الآن أنها تعرف لماذا لم يتم إثبات وجود حدائق بابل المعلقة. التفسير برأيها لأنها لم تكن في بابل على الإطلاق.
ترسم النصوص اليونانية والرومانية صورا حية عن جنائن بابل المعلقة . فوسط المناطق الحارة والقاحلة في بابل القديمة، تتدلي النباتات المورقة مثل الشلالات إلى أسفل المدرجات من حديقة تعلو 75 قدما . النباتات الغريبة والأعشاب والزهور تبهر العيون، والروائح تفوح على امتداد الواحة النباتية الشاهقة التي تتوزع فيها التماثيل والأعمدة الحجرية العالية.
قيل أن الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني هو من شيد الجنائن المعلقة الفاخرة في القرن السادس قبل الميلاد كهدية لزوجته آميتيس ، التي كانت تحن إلى الجبال والنباتات الجميلة في وطنها الأصلي ميديا (وهو الجزء الشمالي الغربي من ايران حاليا). وقد تطلب جعل الصحراء تزهر، معجزة في هندسة الري. يظن العلماء أنه تم استخدام نظام المضخات والسواقي والصهاريج لجمع وتوصيل المياه من نهر الفرات القريب إلى أعلى الحدائق.
كانت الروايات اليونانية والرومانية عن الجنائن المعلقة متعددة إلا أنها كانت منقولة عن روايات أخرى كتبت قرونا بعد تدمير الأعجوبة المزعوم. لم يعثر على دليل عن وجود الروايات الأولية، وعلى مدى قرون، بحث علماء الآثار عبثا عن ما تبقى من الحدائق. بل إن مجموعة من علماء الآثار الألمان قضوا عقدين من الزمن في مطلع القرن 20 في محاولة لكشف دلائل على وجود هذه الجنائن. وقد أدى عدم وجود أي آثار بالمتشككين إلى التساؤل عما إذا كانت أعجوبة الصحراء المزعومة مجرد "سراب تاريخي."
إلا أن الدكتورة ستيفاني دالي ، وهي باحثة فخرية وجزء من معهد الدراسات الشرقية في جامعة اوكسفورد بانجلترا، تعتقد أنها وجدت أدلة على وجود الأعجوبة الأسطورية في العالم القديم. فقد أمضت الجزء الأكبر من عقدين في البحث في الجنائن المعلقة ودراسة النصوص المسمارية القديمة، وتوصلت إلى الاعتقاد أنها شيدت على بعد 300 ميل إلى الشمال من بابل في نينوى، عاصمة الإمبراطورية الآشورية المنافسة. وقالت انها تؤكد أن الآشوري سنحاريب، وليس نبوخذ نصر الثاني، هو الذي بني الأعجوبة في أوائل القرن السابع قبل الميلاد، أي قبل قرن مما كان يعتقد العلماء.
وقد وجدت دالي الأدلة في ترجمة جديدة لنصوص قديمة يصف فيها الملك سنحاريب "قصرا لا مثيل له" و "أعجوبة لجميع الشعوب". وذكر أيضا مسمارا برونزيا مشابها للولب أرخميدس الذي ظهر بعد أربعة قرون والتي كان يمكن استخدامه في ري الحدائق.
وقد كشفت الحفريات الأخيرة حول نينوى قرب مدينة الموصل العراقية في العصر الحديث، أدلة على وجود نظام قناطر كانت تجر المياه من الجبال عليها نقش: سنحاريب ملك العالم .... كما صورت النقوش السفلى من القصر الملكي في نينوى حديقة خضراء تسقيها قناة. وعلى عكس المناطق المسطحة المحيطة ببابل، فإن تضاريس العاصمة الآشورية الأكثر وعورة جعلت من التحديات اللوجستية لجر الماء إلى الحدائق أسهل في التغلب عليها بكثير بالنسبة لحضارة قديمة.
وتوضح دالي أن سبب الخلط في موقع الجنائن يمكن أن يعزى إلى سقوط بابل في يد الآشوري عام 689 قبل الميلاد ، عنما أصبحت نينوى تعرف باسم "بابل الجديدة"، بل أن سنحاريب سمى بوابات المدينة بعد تلك باسم مداخل بابل.
هذه التأكيدات ربما نفت الأفكار التي اعتبرت الجنائن مجرد "سراب التاريخي"، ولكنها ربما تثبت أيضا أن جنائن بابل المعلقة ينبغي أن تكون حقا جنائن نينوى المعلقة.
|