قراءة فى بحث الشهاب الثاقب في الرد على من افترى على الصحابي حاطب
قراءة فى بحث الشهاب الثاقب في الرد على من افترى على الصحابي حاطب
أبو محمد المقدسى والبحث هو :
دفاع عن حاطب بن أبى بلتعة فى حكاية لم تحدث طبقا للقرآن وهى أن حاطب راسل قريشا قبل فتح مكة بأن الرسول (ص) والذين آمنوا معه قادمون لفتحها وقد استهل البحث فقال :
"اعلم رحمك الله تعالى أنه قد تناهى إلينا احتجاج بعض المجادلين عن عساكر القوانين بشبهة قديمة يتوارثها المرجئة عن بعضهم البعض ليسوغوا باطل عساكر الشرك، وليرقعوا لهم وليدفعوا تكفيرهم ووصفهم بالشرك .. وهي قصة الصحابي البدري الجليل حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه لما أرسل إلى قريش عام الفتح يخبرهم بنية رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إليهم ..
قالوا: فمن تجسس على المسلمين لصالح المشركين أو أظهر للمشركين المودة وظاهرهم على الموحدين فليس بكافر، لأن حاطب بزعمهم قد فعل ذلك ومع هذا لم يكفره النبي صلى الله عليه وسلم، وبالتالي فموالاة الكفار ليست بكفر إلا أن يعتقد المرء استحلالها، ولولا ذلك لما كانت ذنبا يغفره عمل صالح كشهود بدر، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل أنه قال لأهل بدر {اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم}"
بدلا من أن يناقش المقدسى الرواية ليعرف هل هى صحيحة أم باطلة أى وقعت أم لم تقع كما هو الحال مع الذين يؤمنون بالأحاديث دون النظر فى تناقضاتها مع كتاب الله ومع بعضها البعض
بدلا من مناقشة الحديث ناقش القوم من العلمانيين وغيرهم فقال مسودا عشرات الصفحات :
" شبهة:
جعل البعض قوله تعالى (فإنه منهم) ظني الدلالة فجعله كقوله صلى الله عليه وسلم (من غش فليس منا) .. والحق أن هذا غير هذا لأن قوله (ليس منا) تحتمل أكثر من معنى فإن المتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من خواص المؤمنين وأكملهم إيمانا واتقاهم دينا وأزكاهم عملا فهو قد حقق الإيمان الكامل صلوات الله وسلامه عليه وسائر المؤمنين يتفاوت إيمانهم فمنهم من قد أتى بأصل الإيمان ومنهم من أضاف إليه الإيمان الواجب ومنهم من قد جاء بكمال الإيمان، فإذا قال صلى الله عليه وسلم: (ليس منا) فيحتمل انه ليس من المؤمنين مطلقا أي: قد نقض أصل الإيمان، ويحتمل أنه ليس ممن أتوا بالإيمان الواجب، ولا ينفى الإيمان إلا لأحد هذين السببين .. ولما كان الحكم لله وحده والتسمية له وحده رددنا هذا الظني المتشابه إلى المحكم من كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لنعرف مراد الحق من ذلك .. فوجدنا أن الغش ذنب دون الشرك الذي قال الله تعالى فيه {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} ونظرنا في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم فوجدناه لم يكفر الغاش في البر ولا أحل دمه و ماله، فوقفنا عند حدود ما شرع الله لنا وفسرنا (فليس منا) بأن عمله ليس من طريقتنا ولا سنتنا، وهو ليس منا أي ليس من المؤمنين الذين أتوا بكمال الإيمان الواجب، بل هو من عصاة المؤمنين وناقصي الإيمان، فحملنا النفي على درجة من درجات الإيمان؛ هي درجة الإيمان الواجب أو جزءا منها دون أن ينتقض ذلك من أصل الإيمان، ثم رجعنا إلى قوله تعالى {بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم} فوجدنا أن قوله تعالى {إنه منهم} لا يمكن أن يحمل على غير الكفر؛ لأن المشركين والكفار كلهم خارج دائرة الإسلام وجميعهم ليسوا من ملة الإسلام، وإن تفاوتت درجات عداوتهم للدين، ونظرنا في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فوجدناه قد أهدر دم من خرجوا في صف الكفار في بدر، وكثروا سوادهم أو ظاهروهم ـ ولو في الظاهر ـ على الموحدين، وأنه عامل من أسر منهم معاملة الكفار - مع أنهم زعموا الإسلام - كعمه العباس فقال له (إنما لنا ظاهرك) وقال: (افد نفسك وعقيل) فعرفنا ان قوله تعالى {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} على ظاهره وحقيقته، إذ لم نجد له صارفا يصرفه عن ذلك إلى معنى آخر أخص كالنص الأول؛ ولذلك ذكر غير واحد من أهل العلم ومنهم الإمام ابن حزم؛ الإجماع على إمضاء هذه الآية على ظاهرها .. .وعليه فلا يصح بحال قياس هذا على هذا أو إلحاق هذا بذلك ..
2 - ويقول تعالى: {سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان * ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب} الانفال
ففي هذه الآيات ذكر الله تعالى وصفا ظاهرا ومنضبطا جعله سبحانه علة وسببا لإباحة ضرب أعناق أهله الذين يتصفون به، وبين أنهم من الذين كفروا وعاقبهم بأن قذف في قلوبهم الرعب وأباح دماءهم .. {ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله}.
والمشاقة: أن يكون المرء المشاق في الشق المناوئ لشق الله ورسوله ..
وكذلك المحادة ان يكون المحادد في الحد المقابل والمواجه لحد الله ورسوله ولذلك قال تعالى: {ألم يعلموا انه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم} التوبة.
والوعيد بالخلود في نار جهنم لا يذكر غالبا إلا في حق الكفار ..
ومثل ذلك المعاداة وهي أن يكون المرء في العدوة المضادة لعدوة عدوه.
ففي هذا كله دلالة واضحة وصريحة على أن من انحاز إلى صف الكفار أو حد المشركين أو شق المشاقين لله، وعدوة المعادين لدينه، فصار من انصارهم؛ أنه يكون من جملة الذين كفروا وممن أباح الله للمؤمنين ضرب أعناقهم، وتوعدهم بالخزي العظيم وهو الخلود في نار جهنم إن ماتوا على ذلك.
3 - يقول تعالى: {ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون}
فهذا نص محكم قطعي الدلاله على أن تولي الكفار، ونصرتهم موجب لسخط الله والخلود في العذاب، - والخلود في العذاب لا يكون إلا للكفار- و لم يقيد الله ذلك بالاستحلال ولا بالاعتقاد، بل استدل سبحانه بما أظهروه من تولى الكفار على إنتفاء الإيمان من قلوبهم فقال: {ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ... } فتوليهم للكفار، هو كفرهم وهو دليل على انتفاء الإيمان من قلوبهم {فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم} فعكسوا وجعلوا انتفاء الإيمان من القلب (بالاستحلال أو الجحود القلبي) شرطا وقيدا لتكفير أولياء الطاغوت، ومعلوم أن ذلك شرط غير محسوس ولا ملموس حتى يصار إليه في أحكام الدنيا التي ينحصر فيها التكفير في الأعمال أو الأقوال الظاهرة والمنضبطة، أما أعمال القلوب واعتقاداتها فلا سبيل إلى ضبطها ومعرفتها إلا أن تترجم بقول أو عمل؛ فالتعويل إذن أولا وآخرا في أحكام الدنيا على ما يظهر من الأعمال والأقوال لا على ما يبطن من النوايا والاعتقادات التي لا يعلمها إلا الله؛ والتي لم يؤمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتنقيب عنها والسعي وراءها، فقال: (إني لم أومر أن أشق على قلوب الناس) ... هذا مع أنه مؤيد بالوحي؛ فكيف بغيره!؟
4 - ويقول تعالى: {ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون * لإن أخرجوا لا يخرجون معهم ولإن قوتلوا لا ينصرونهم ولإن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون}
فتأمل كيف عقد الله تعالى عقد الاخوة بين هؤلاء المظهرين للإسلام وبين الكفار فجعلهم إخوانهم (أي: كفرهم) بمجرد أن صدرت منهم وعودا بالنصرة للكفار إن حصل القتال بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم .. وقد أخبرنا الله سبحانه عما في قلوبهم فشهد عليهم أنهم كاذبون بهذه الوعود غير صادقين ولا معتقدين!! لهذه النصرة، بل هو مجرد كلام كاذب ألقوه بأفواههم، ومع ذلك كفرهم الله تعالى به؛ بأن سماهم إخوان الذين كفروا ..
فكيف بمن كان من جواسيسهم أو عساكرهم وأفنى عمره وأسهر ليله في نصرتهم فعلا، بل زاد على ذلك حماية قوانينهم وحراسة شركياتهم وأقسم على احترم دساتيرهم والولاء لها ولأربابها؟؟ لا شك أنه يدخل في دلالة هذه الأية دخولا أوليا ..
5 - ويقول تعالى: {إن الذين ارتدوا على أدب
|