وتأتي آية مهمة تحسم هذا الموضوع تقول : "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِيْ الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيْعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِيْن" يونس(99)، فاحترام إرادة الإنسان حتى في الإيمان والكفر "لا إِكْرَاهَ فِيْ الدِّيْنِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيّ" البقرة(256)، لا يوجد إكراه حتى في الأشياء شديدة الأهمية، إذن فمن باب أولى أن الأشياء الأقل أهمية لا يوجد فيها إكراه. ولكي يؤكد لنا ربنا هذه الحقيقة ضرب أمثلة لاستحالة إكراه البشر على شيء وكانت الأمثلة تمثل غالبية العلاقات بين البشر, فهذا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لم يستطع هداية عمه أبو طالب رغم كل ما بذله معه من جهد, ولذلك قال له الله تعالى "إِنَّكَ لا تَهْدِيْ مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِيْ مَنْ يَشَاء" القصص(56), وسيدنا إبراهيم لم يقدر على هداية أبيه, وسيدنا لوط لم يقدر على هداية زوجته, وسيدنا نوح لم يقدر على هداية ابنه....... وهكذا تتعدد النماذج في علاقات مختلفة لتثبت في النهاية أن هداية الفعل لا يملكها إلا الله سبحانه وتعالى, لذلك حين يفعل الأب ما عليه أو تفعل الأم ما عليها فلا يبقى إلا أن يدعوا لابنهما بالهداية والتوفيق, ولا يحاولان قهره أو إلغاء إرادته.
وهذه النقطة تسبب صراعًا شديدًا ما بين الآباء والأمهات من ناحية والأبناء من ناحية أخرى، وتداعياتها السلوكية كثيرة جدًا، إما سلبية واستسلام وشخصية اعتمادية وإما عناد وتمرد ومكايدة وصراع ومشاكل ليس لها أول من آخر.
يتبع ,,,