العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > خيمة الأسرة والمجتمع

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الطبع في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الصفق فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الولدان المخلدون (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخمار فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الحجاب في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: رقص و قذارة سفيرة (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: الخنق في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الغلمة في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: السجل فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: حكم تارك الصلاة فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)      

 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 11-11-2007, 02:47 PM   #11
الفارس
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2005
الإقامة: مصـر
المشاركات: 6,964
إفتراضي








ومن الممكن أن يتمرد الطفل، أن يرفض عمل أي شيء، ويصبح عدوانيًا، يفعل ضد كل ما يقولونه له، ويصبح عنيفًا جدًا، (عايزيني أذاكر، لأ مش هذاكر، عايزيني أنجح، لأ مش هنجح، عايزيني أبقى أخلاقي كويسة، لأ همشي مع أسوأ ناس واعمل كل اللي انتوا بتكرهوه)، لأن هناك صراع إرادات، إما أن أكسب أنا أو أنتم، وطالما لدي شيء أستطيع عمله، فسأقوم به، وسنرى في النهاية من سيكسب .. وتكون رحلة صراع مؤلمة وضارة للطرفين ويتراكم فيها مشاعر سلبية عند الطفل تجاه الأبوين، وعند الأبوين تجاه الطفل، ويدخل الجميع في أزمة، لا يستطيعون الخروج منها، إلا لو دخل طرف ثالث، يفك هذا الاشتباك، ويبدأ في إخراج هذه المشاعر السلبية التي تراكمت ومشاعر الصراع والعداء التي تكونت نتيجة لإصرار كل طرف على إلغاء إرادة الطرف الآخر .


وهناك أمثلة عظيمة جدًا من سلوك بعض الأنبياء في هذه المسألة لأن بعض الناس يظنون أحيانًا أن واجبهم الديني أن يحموا أولادهم من الخطأ, وهذا صحيح، قال تعالى: " ياأَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا قُوْا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيْكُمْ نَارًَا وَقُوْدُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَة" التحريم(6)، لابد من توعية الابن للشيء الذي يمكن أن يؤدي لهلاكه في الدنيا وفي الآخرة، وهذه وظيفة الأب بسبب خوفه على الابن، ولأنه أغلى شيء بالنسبة له, ووظيفة الأم أيضًا . لكن سنقول أن ما علينا هو هداية التبليغ، لكن هداية الفعل نترك أمرها لله سبحانه وتعالى، وندعو أن يوفق الله الابن لها، لأننا لا نملكها . فأنت أيها المربى تقوم بعمل ما عليك لكن في النهاية ستحترم إرادة الابن أو البنت واختيارهما، حتى لو كان هذا ضد اختيارك أو عكسه، الكثير من الناس لن يحتمل هذه الفكرة وسيدخلون في صراع مع الأبناء، سنعطي مثلاً لاثنين من الأنبياء الكرام
:

الأول: نوح عليه السلام، وابنه، نوح جهز السفينة، ويعرف بمجيء الطوفان، فنادى لابنه، ولم يكن ابنه على نفس الطريق، فقال: "يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَّعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الكَافِرِيْن" هود(42)، وهذه كانت إرادة نوح عليه السلام، ورؤيته، بناءً على خبرته ومعرفته والوحي الذي ينزل عليه، وهو نبي، ويخاف على ابنه، لكن تظهر إرادة الابن ورؤيته واختياره : "سَآوِيْ إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِيْ مِنَ الْمَاء"هود(43) ، فرد الأب : "لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ الله"هود(43)، اليوم مختلف عن كل الأيام السابقة، هذا خطر مختلف تمامًا، ربما كان من الممكن السماح في الاختيار قديمًا، لكن اختيار اليوم مهلك في الدنيا وفي الآخرة، ستموت على الكفر، ومع صعوبة الموقف، نوح يرى ابنه سيموت بعد لحظات على الكفر، يصر الابن على أن يأخذ هذا الموقف الرافض لموقف الأب، وكان متوقعًا أن سيدنا نوح لو كان يفكر مثلنا، لكان بإمكانه أن يرسل له أتباعه ليحضروه إلى السفينة بالقوة، لكن هذا لم يحدث، سيدنا نوح أدى البلاغ، وهو يعرف أن هداية الفعل بيد الله سبحانه وتعالى، ونجا الأب بما رأى وهلك الابن بما رأى وفعل , لكن الله خلق الإنسان بهذه الإرادة ولحكمته أراد لها أن تعمل، وكان هذا مثلاً في العصيان .


سنأخذ مثلاً آخر في الطاعة، ونرى أنه أيضًا في حالة الطاعة لا تلغى الإرادة عند الطفل أو عند الابن .

سيدنا إبراهيم، عندما رأى في المنام أنه يذبح ابنه إسماعيل، وهو يعرف أن رؤيا الأنبياء حق، وأنها واجبة التنفيذ، المتوقع - حسب ما نفهم- أن أمر الله لابد من أن ينفذ، ويذبحه فورًا، لكن سيدنا إبراهيم لم يفعل هذا احترامًا لإرادة ابنه إسماعيل فذهب إليه بمنتهى المودة والرحمة والعطف: "يا بُنَيَّ إِنِّيْ أَرَى فِيْ الْمَنَامِ أَنِّيْ أّذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى"الصافات(102)، نرى كيف قال له سيدنا إبراهيم: "يَا بُنَيَّ"، و"إِنِّيْ أَرَى فِيْ الْمَنَامِ"، لأنه لو كان قال له إن الأمر من الله مباشرة، لما كان من الممكن أن يختار، لكنه أعطى فرصة لإسماعيل ليقول رأيه، مثلاً، هذا منام ويمكن تأجيله أو التفكير فيه، فانظر ماذا ترى؟، مع أن سيدنا إبراهيم يعرف أنه لا رأي هنالك، هذا أمر إلهي، يقول سيدنا إسماعيل عليه السلام: "يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِيْ إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الْصَابِرِيْن" الصافات(102)، هنا اختار وكان له فضل الاختيار يثاب عليه، ولم يذبحه مباشرة بدون اختيار، حتى لا يكون قد ذبح غدرًا، دون إرادة، ولكن ترك له فضل الاختيار.


وهذا درس يعلمنا أن الطفل له إرادة وأننا كآباء وأمهات ليست وظيفتنا أن نلغي هذه الإرادة عند الطفل
، ولكن أن نوجه و نهذب، أن نقول ونبلغ ونوضح ونبين، لكن في النهاية، سنسلم، لأن هذا الطفل له إرادة وأن الله شاء بحكمته أن تكون هذه الإرادة موجودة .


__________________
فارس وحيد جوه الدروع الحديد
رفرف عليه عصفور وقال له نشيد

منين .. منين.. و لفين لفين يا جدع
قال من بعيد و لسه رايح بعيد
عجبي !!
جاهين
الفارس غير متصل  
غير مقروءة 11-11-2007, 02:50 PM   #12
الفارس
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2005
الإقامة: مصـر
المشاركات: 6,964
إفتراضي

وتأتي آية مهمة تحسم هذا الموضوع تقول : "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِيْ الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيْعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِيْن" يونس(99)، فاحترام إرادة الإنسان حتى في الإيمان والكفر "لا إِكْرَاهَ فِيْ الدِّيْنِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيّ" البقرة(256)، لا يوجد إكراه حتى في الأشياء شديدة الأهمية، إذن فمن باب أولى أن الأشياء الأقل أهمية لا يوجد فيها إكراه. ولكي يؤكد لنا ربنا هذه الحقيقة ضرب أمثلة لاستحالة إكراه البشر على شيء وكانت الأمثلة تمثل غالبية العلاقات بين البشر, فهذا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لم يستطع هداية عمه أبو طالب رغم كل ما بذله معه من جهد, ولذلك قال له الله تعالى "إِنَّكَ لا تَهْدِيْ مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِيْ مَنْ يَشَاء" القصص(56), وسيدنا إبراهيم لم يقدر على هداية أبيه, وسيدنا لوط لم يقدر على هداية زوجته, وسيدنا نوح لم يقدر على هداية ابنه....... وهكذا تتعدد النماذج في علاقات مختلفة لتثبت في النهاية أن هداية الفعل لا يملكها إلا الله سبحانه وتعالى, لذلك حين يفعل الأب ما عليه أو تفعل الأم ما عليها فلا يبقى إلا أن يدعوا لابنهما بالهداية والتوفيق, ولا يحاولان قهره أو إلغاء إرادته.

وهذه النقطة تسبب صراعًا شديدًا ما بين الآباء والأمهات من ناحية والأبناء من ناحية أخرى، وتداعياتها السلوكية كثيرة جدًا، إما سلبية واستسلام وشخصية اعتمادية وإما عناد وتمرد ومكايدة وصراع ومشاكل ليس لها أول من آخر.



يتبع ,,,
__________________
فارس وحيد جوه الدروع الحديد
رفرف عليه عصفور وقال له نشيد

منين .. منين.. و لفين لفين يا جدع
قال من بعيد و لسه رايح بعيد
عجبي !!
جاهين
الفارس غير متصل  
غير مقروءة 12-11-2007, 01:16 AM   #13
الفارس
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2005
الإقامة: مصـر
المشاركات: 6,964
إفتراضي

8 - مراعاة مشاعر الطفل :

ففي مجتمعاتنا - كما قال أحد العلماء- عندنا أمية تربوية وعندنا أمية نفسية ، وأمية وجدانية . الأمية التربوية هي أننا محتارون في كيفية تربية الأولاد ، ولدينا أخطاء كثيرة ، كلنا بلا استثناء بما فيهم من يحاضر في التربية ، والذين يقومون بأبحاث كبيرة جدًا في التربية ، عندهم أخطاء في تربية أولادهم ، لأن موضوع التربية هذا لم يأخذ منا اهتمامًا كثيرًا ، أحيانًا نربيهم بطرق محفوظة وأنماط جامدة غير مرنة ، ونصمم عليها ، ولا نغيرها مع الوقت ، رغم أن الطفل كما قلنا يتغير وينمو، واحتياجاته تختلف من وقت لآخر، لكننا توقفنا عند أنماط جامدة وقواعد صلبة وصممنا عليها فهنا ، حتى بالرغم من أن هذه القواعد من الممكن أن تكون صحيحة إلا أن عدم تغييرها وعدم مواكبتها لتطور الطفل ونموه يجعلها غير صحيحة ، وتحتاج إلى تعديل وتغيير من وقت لآخر، فعندنا أمية تربوية بلا شك ، وكلنا نحتار في كيفية تربية الأولاد ، وما نقدمه الآن لن يحل المشكلة ، لكنه سيسهل الأمور كثيرًا على الأب والأم ، ويكون كمصابيح تنير بعض المناطق ، وليست لدينا خبرة كافية لنفوسنا ولنفوس الآخرين ، لهذا نحس بعدم الراحة ، وعلاقاتنا مضطربة ، وهناك الكثير من الصدامات والاحتكاكات بسبب الأمية النفسية ، فنحن لم نعطي لهذا الجانب أهمية ، بأن نفهم أنفسنا ونفهم الآخرين .

أما الأمية الوجدانية فهي أمية المشاعر، بمعنى أننا لا نعطي للمشاعر اهتمامًا كبيرًا ولا نراعي مشاعر بعضنا بشكل كاف ، ولا يهمنا الكلمة التي نقولها إن كانت تؤثر في هذا أو تغضب ذاك ، فكثيرًا ما نقوم بعمل أشياء لا نحس بها ولكنها تسبب آثارًا كبيرة على الناس ، والطفل -على وجه الخصوص- كائن رقيق بريء ناعم ولطيف ، تكون له مشاعر مرهفة جدًا وتحتاج للتعامل بدقة وحساسية لأن هذا الطفل كيان بريء يحتاج أن تكون في غاية الحرص والحذر في التعامل معه ، فإذا انتهكت هذه البراءة بتعامل فظ غليظ خشن لا يقدر أن لهذا الطفل مشاعر وأحاسيس فإنك تؤذيه غاية الإيذاء دون أن تدري ودون أن يستطيع هو التعبير لفظيًا عما حدث له , فالطفل لم يتعود بعد التعبير عن مشاعره بلغتنا المعتادة لذلك حين يتأزم وجدانيًا ربما يظهر عليه ذلك في صورة اضطراب في الشهية أو اضطراب في النوم أو اضطراب في السلوك . والحقيقة أننا لا ندرك هذه المشاعر بدرجة كبيرة وأن مشاعر هذا الطفل مختلفة عن مشاعرنا ولا تظهر بالشكل الذي اعتدناه لأنها لم تأخذ الشكل المميز لكنها موجودة ، ونحن في حاجة لقراءتها بلغتها البسيطة دون تعقيد .



يتبع ،،،

__________________
فارس وحيد جوه الدروع الحديد
رفرف عليه عصفور وقال له نشيد

منين .. منين.. و لفين لفين يا جدع
قال من بعيد و لسه رايح بعيد
عجبي !!
جاهين
الفارس غير متصل  
غير مقروءة 14-11-2007, 01:06 AM   #14
الفارس
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2005
الإقامة: مصـر
المشاركات: 6,964
إفتراضي

9 - رعاية مواهب الطفل واحترام الفروق الفردية بين الأطفال :
كثير من الآباء والأمهات يريدون للأطفال أن يصبحوا قالبًا واحدًا ، يريدونهم بنفس السلوك ،
( الولد ده طيب ومطيع يبقوا كلهم يطلعوا كده ، الولد ده شاطر في المدرسة يبقوا لازم كلهم يكونوا شاطرين في المدرسة ، الولد ده بيعرف يرسم يبقوا لازم كلهم يعرفوا يرسموا ، الولد ده حفظ القرآن في سن صغير يبقوا لازم كلهم يحفظوا القرآن في سن صغير ) . إهدار الفوارق الفردية يسبب مشكلة كبيرة ، أو عدة مشاكل ، أولاً : ينكر فطرة خلقها الله في الإنسان ، وهي أن كل إنسان في هذه الدنيا يؤدي رسالة معينة ويضيف للحياة شيئًا مختلفًا عما يضيفه باقي الناس ، فكيف نريد منهم أن يكونوا كلهم شيئًا واحدًا ، نفس الطريقة ونفس الأسلوب وكما نريد لا كما يريدون ، هنا كل فرد سيفقد القدرة الخاصة التي وهبه الله إياها ، حيث أن كل إنسان وهبه الله قدرة خاصة ليضيف بها إلى هذه الحياة ، فبإنكارنا لهذه الموهبة ، تضيع الموهبة وفي نفس الوقت لن نتمكن من إجبار الطفل على التميز في مجال ليس موهوبًا فيه ، كما يجعل الأولاد يغارون من بعضهم ، لأن كل طفل يريد أن يصبح مثل أخيه ، ولا يستطيع ، يبدأ في كرهه لأنه يشعر بأنه يقوم بعمل شيء يعجب الأب والأم وهو لا يستطيع عمل هذا الشيء الذي يحوز رضا وإعجاب الأبوين ، وينظرون إليه على أنه أقل من أخيه ، فيغار منه ، ويكرهه .
لكن لو أحس كل طفل بأنه محبوب لذاته ولإمكانياته , وأننا لا نقارنه بأخيه ، ولكن نقول له أنه متميز في كذا ، وأخوه متميز في كذا ، وأننا نحترم قدراتهم ومواهبهم وفروقهم الفردية فإن ذلك يؤثر إيجابيًا عليهم جميعًا .



لو عرفنا هذه الحقيقة وعرفنا أن الله سبحانه وتعالى أعطى كل إنسان قدرة وملكة وموهبة ، يقوم بعمل شيء معين بها في هذه الدنيا ، فستختلف أحوالنا بكل تأكيد مع أطفالنا ، سننظر إليهم بعطف ورعاية لكل موهبة عند كل طفل ، بالشكل الذي تظهر به ، وننميها ونهذبها ونكبرها ونوجهها ، لكن لا نطفئها ، فنحن في مجتمع - للأسف الشديد- يقتل كل المواهب ، لأن لدينا تصور أن النجاح نمطي ، وتصور يكاد يكون أحاديًا ، أن الطفل لابد من أن يقوم بعمل أشياء معينة ، ولكن هناك ألوان كثيرة من النجاح والإبداع والعطاء وألون كثيرة من تعمير هذه الحياة ، كل شخص يقوم بعملها بطريقته ، وبالموهبة التي منحه الله إياها ، فلا نشوه هذه الفطرة .

والرسول صلى الله عليه وسلم ، كان حوله نخبة ممتازة من الصحابة ، كل واحد منهم لديه خلفية ثقافية معينة ، منهم العبد ، ومنهم السيد ، ومنهم التاجر، ومنهم الصانع ، ومنهم السياسي والعالم والعسكري ، فلم يفرض الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم أنماطًا معينة وثابتة ولم يضعهم في قوالب محددة وإنما نمى كل شخصية لتعطي أفضل ما عندها ، فمن لديه ملكة الحفظ حفظ الأحاديث ( كأبي هريرة رضي الله عنه) ، ومن لديه ملكة القيادة صار قائداً عسكريًا ( كخالد بن الوليد رضي الله عنه) ، ومن كان لديه ملكة الصوت الندي صار مؤذنًا ( كبلال بن رباح رضي الله عنه) ، ومن لديه ملكة التجارة أصبح تاجرًا عظيمًا ( كعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ) ، وهكذا ، كل شخص وضع في المكان المناسب له ليعطي أفضل ما عنده ، وفي النهاية ، تكون لديه باقة من القدرات والملكات تتكامل وتعطي مجتمع قوي مبدع ومبتكر، وهذا ما نفتقده في مجتمعنا الحالي ، أننا نفتقد ملكات الإبداع والابتكار في كل المجالات ، في العلم والأدب والدين والفن وكل شيء ، لأننا لا نرى هذه المواهب ولا نحترمها
.

وفي الآونة الأخيرة كثر الحديث عن ما يسمى بـ "الذكاءات المتعددة" مثل الذكاء اللفظي اللغوي , والذكاء المنطقي الحسابي والذكاء البصري الفراغي والذكاء الحركي والذكاء الفني والذكاء الاجتماعي والذكاء الوجداني والذكاء الروحي . وللأسف الشديد نحن لا نقيّم في أبنائنا غير عدد قليل من هذه الذكاءات غالبا الذكاء اللفظي اللغوي والذكاء المنطقي الحسابي , وهذا يهدر بقية ملكاتهم التي أودعهم الله إياها ويتركهم في حيرة ويجعلهم يشعرون بالدونية لأن ملكاتهم ليست لها قيمة عند الناس الذين يحبونهم ويرعونهم . وهذه النظرة المختزلة للأبناء لا تتوقف عند حدود البيت وإنما تمتد أيضًا إلى المدرسة ( بل ربما يكون مصدرها الأساسي في المدرسة) حيث يقوم النظام التعليمي على تقدير ملكات محدودة لدى الطالب (غالبًا اللفظية اللغوية والمنطقية الحسابية) ويهمل بقية الملكات والذكاءات , ولهذا نجد الطلاب لا يحبون مدارسهم لأنهم لا يجدون أنفسهم فيها , وقد زاد من هذه المشكلة الانتشار الوبائي للدروس الخصوصية والتي كانت في فترة من الفترات بمثابة التعليم الموازي والآن أصبحت تمثل التعليم البديل , والتعليم في الدروس الخصوصية يقوم على فكرة إعداد كائن امتحاني يحصد أكبر عدد من الدرجات ولا شيء غير ذلك , وهكذا يختزل الطالب كإنسان ويتحول لأداة تجمع الدرجات , فضلاً عن اكتسابه صفات الاعتمادية والانتهازية والاستسهال والمسايرة والنمطية وكلها صفات تخرج لنا جيلاً هزيلاً لا يعتمد عليه .


يتبع ...
__________________
فارس وحيد جوه الدروع الحديد
رفرف عليه عصفور وقال له نشيد

منين .. منين.. و لفين لفين يا جدع
قال من بعيد و لسه رايح بعيد
عجبي !!
جاهين
الفارس غير متصل  
غير مقروءة 14-11-2007, 01:10 AM   #15
الفارس
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2005
الإقامة: مصـر
المشاركات: 6,964
Smile انتهى بحمد الله ....

10 - مراعاة الترتيب والتكامل في وسائل التربية :
قرر علماء التربية أن الوسائل التربوية تتبع حسب الترتيب التالي :
القدوة .
الثواب .
العقاب .
ومع هذا نجد المربين لا يولون القدوة أهمية كبيرة ولا يولون الثواب اهتمامًا أو عناية , وربما تختزل العملية التربوية برمتها في العقاب ويختزل العقاب في الضرب .
وأذكر أنني كنت أزور عددًا من المدارس ووجدت انزعاجًا شديدًا من المدرسين بسبب القانون الذي منع ضرب الطلاب في المدارس , وكان هؤلاء المدرسون يتساءلون : "إذا كنا سلبنا هذه الوسيلة التربوية الأساسية فكيف نتحكم في هؤلاء الطلاب وكيف نستطيع تعليمهم ؟" , وكان يبدو جليًا أن لديهم اعتقاد راسخ أن العملية التربوية تسقط تمامًا في حالة انتفاء عقوبة الضرب , وربما يعود ذلك إلى الثقافة السائدة لدينا منذ سنوات طويلة والتي اختزلت التربية في العقاب واختزلت العقاب في الضرب وأهملت سائر الوسائل التربوية الأكثر أهمية وتأثيرًا مثل القدوة والثواب والوسائل الأخرى من العقاب كالعتاب والتوبيخ والحرمان ........ الخ .
ولكي تسير العملية التربوية بشكل صحيح لابد وأن تتوازن وتتكامل فيها كل الوسائل التربوية مع مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال , فهناك من تكفيه الإشارة وهناك من تكفيه نظرة العتاب وهناك من ينصلح بالقدوة وهناك من يحفزه الثواب وهناك من يحتاج للعقاب . والمربي الناجح هو الذي يعرف متى وأين وكيف يستخدم هذه الوسائل .


انتهى ...
__________________
فارس وحيد جوه الدروع الحديد
رفرف عليه عصفور وقال له نشيد

منين .. منين.. و لفين لفين يا جدع
قال من بعيد و لسه رايح بعيد
عجبي !!
جاهين
الفارس غير متصل  
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .