عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 30-12-2008, 01:29 PM   #9
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

المرأة العربية والقيادة

القيادة: هي القدرة على معاملة الطبيعة البشرية أو التأثير في السلوك البشري لتوجيه جماعة من الناس نحو هدف مشترك بطريقة تضمن بها طاعتهم وثقتهم واحترامهم وتعاونهم*1
والقيادة في تعريف آخر: هي مجموعة المواصفات الشخصية الحائزة على تقدير واحترام الآخرين والتي تجعل من الفرد إنسانا قادرا على توجيه الأنماط السلوكية الأساسية عند جماعة كبيرة من البشر، ذلك أن القيادة تتمتع بإمكانية التوجيه لامتلاكها لسلطة اتخاذ القرار*2

ويفهم من هذين التعريفين أن القيادة السياسية هي المعنية فيهما، فيذهب البعض الى إزالة هذا اللبس، فلا يحصر القيادة بالسياسة بل شمل معها القيادات الفنية والعلمية والاجتماعية *3

حسنا، هل هناك ما يمنع أن تكون المرأة شاملة لمواصفات القيادة التي وردت في التعريفات الثلاثة؟

ما الفائدة من أن تشترك المرأة في شؤون الدولة؟

إذا كانت الحروب والأزمات التي تمر بها البلاد (أي بلاد)، تترك مجالا لأن تحل النساء محل الرجال في كثير من المواقع الإدارية والصناعية وإسعاف الجرحى، فإن الحاجة للنساء في أن تتبوأ مراكز قيادية في مفاصل الدولة في غير ظروف الأزمات، هو توجه لا يحتمل باب الضرورة واللزوم. هذا رأي من يعترضون على المبالغة في إشراك المرأة في الشأن العام.

في حكومة (جوبييه ـ بعهد جاك شيراك/فرنسا) عُينت 14 وزيرة، في سابقة لم تلجأ لها أي دولة متقدمة في العالم، وكلهن من خريجات (البوليتكنيك: المدرسة العليا للإدارة) وهي أكبر معهد علمي لإعداد قادة الوظائف العامة في فرنسا، وكانت الغاية هي مكافحة الفساد المستشري آنذاك، وقد أبرز تقرير المدرسة الفرنسية للإدارة أربعة عوامل رئيسية كانت وراء ذلك القرار كلها تصب في صالح المرأة:

1ـ إن المرأة أقل ميلا من الرجل الى الاستبداد الإداري.
2ـ المرأة أقل من الرجل الى الفساد الحكومي كالرشوة والمحسوبية الخ.
3ـ المرأة أكثر قبولا لمبدأ تداول السلطة الذي يحول دون التشبث بالمناصب وعرقلة التغيير.
4ـ المرأة أكثر ميلا للعمل بروح الفريق والاستعانة بالاستشاريين والعمل في هيكل تنظيمي تغلب عليه العلاقات الأفقية والمشاركة الاجتماعية في اتخاذ القرارات*4

هل تسعى المرأة العربية لتتبوأ مركز القيادة؟

المرأة وإن كان الزعم أنها جزء لا يتجزأ من المجتمع، فإن علاقاتها وارتباطاتها الأنثوية الاجتماعية تتشكل منذ عهد الطفولة المبكرة، فجماعات الأطفال تنقسم الى أطفال ذكور وطفلات إناث، وترتسم معالم المنافسة الأولى على قيادة المجموعة منذ وقت مبكر، فللأطفال الذكور هناك من ينبري لقيادتهم وكذلك الحال عند الإناث.

تكتفي بعض النساء من الارتكاز على المجد الذي يحققه موقع زوجها، فتصبح تلقائيا (سيدة البلاد الأولى) إن كان زوجها هو الملك أو الرئيس، أو تكتسب أهميتها بالحي أو البلدة أو العشيرة، إذا كان زوجها هو من يتصدر ترتيب تلك الأماكن.

ولأن مجتمعات النساء هي مجتمعات أكثر تواصلا من مجتمعات الرجال، من خلال الزيارات المتكررة في نساء الحي، واختراع المناسبات الاجتماعية التي تتيح للنساء أن يلتقين ويتحدثن (مناسبات الفرح والولادة والموت الخ)، فإن هموم المجتمع (مجتمع الرجال) سيكون لها نصيب ضخم في تلك الأحاديث، ومن خلال مواضيع التفاخر والتي ستتحدد فيها أي واحدة من تلك النساء الحاضرات أكثر أهمية وأجدر أن تكون قائدة لهذا (المجتمع المحاذي لمجتمع الرجال)، فإن بعض الأحاديث تكون تسريبا لأسرار مجتمع الرجال، وستقطع بعض النساء عهدا على نفسها لتحديد مصير رجل ما بتعيينه أو فصله أو حل مشكلته. وهذا أول خط أساس للاقتراب من الاشتراك بالحياة العامة للمرأة.

دور المرأة في تغيير وقائع خاصة بالدولة (تاريخيا)

لا نستطيع فصل مجتمع الرجال، عن مجتمع النساء حتى لو ذاع صيت أحد الرجال واشتهر فإن علاقته مع زوجته أو زوجاته ومدى تأثره من تلك العلاقة، سيؤدي الى اتخاذ قرار قد يرسم مصير الدولة.

هند بنت عتبة: هي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس القرشية الهاشمية، وهي إحدى أربع نساء أهدر رسول الله صلوات الله عليه دماءهن، وقد عفا عنها بعد أن جاءت مسلمة تائبة بعد فتح مكة. وهي زوجة أبي سفيان (زوجها الثاني إذ تزوجت قبله حفص بن المغيرة).

وهند تلك هي التي رتبت للتمثيل بجثة (حمزة بن عبد المطلب)، وذلك انتقاما لأبيها الذي قُتل في معركة بدر، وكادت أن تقنع أهل مكة بقتل أبي سفيان (زوجها)، عندما أمرهم بالاستسلام، فأخذت برأسه وقالت: (بئس طليعة القوم أنت، والله ما خُدشت خدشا، يا أهل مكة عليكم الحميت الدسم فاقتلوه، قُبِحَ من طليعة قوم) فقال أبو سفيان: (ويلكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم، فإنه قد جاءكم ما لا قبل لكم به)*5

زبيدة بنت جعفر بن المنصور: وهي زوجة هرون الرشيد وأم الأمين والتي كانت وراء تعيين الأمين وليا للعهد، والتي حرضت ابنها عندما استلم الخلافة على نقل ولاية العهد من المأمون (حيث كانت وصية الرشيد) الى ابن الأمين، مما أثار الفتنة التي تم فيها قتل الأمين، وبداية دخول العنصر الفارسي (أخوال المأمون) لشؤون الدولة.

والتاريخ القديم مليء بالنساء اللواتي كان لهن دور إما في إدارة الدولة مباشرة، أو من وراء الكواليس، فمن نفرتيتي الى بلقيس الى كليوباترا الى زنوبيا الى شجرة الدر الخ.

ولا تزال دوائر الاستخبارات في العالم توظف النساء في سبر أغوار أعداء الدولة وخصومها.

يتبع في هذا الباب

هوامش:
*1ـ معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية/د احمد زكي بدوي ص 242
*2ـ معجم العلوم الاجتماعية/ د فريدريك معتوق ص 212
*3ـ العرب والقيادة/ خليل احمد خليل ص 12ـ13
*4ـ المرأة والاصلاح الإداري/د عبد العزيز الشربيني ص10// كما وردت في: ورقة المرأة القيادية والتنمية المتواصلة: بحث سوسيولوجي إحصائي مقارن للدكتورة: فاطمة بدوي/مجلة دراسات عربية الصادرة عن دار الطليعة بيروت/عدد9/10: 1997/ صفحة 48.
*5ـ موسوعة شهيرات النساء/سليم الرمال/ بيروت: دار اليوسف 2005/ صفحة 111
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل