أضحية عمي الأسطة
أضحية عمي الأسطة
كان كل ما أحس بغبن من قسمة معينة، يصرخ في وجه الجالسين: لا تجعلوا المسألة كضحية عمي (الأسطة). فإذا رشحت أسرة ابنا من أبنائها لرئاسة البلدية أو عضوية البرلمان، وكان لتلك الأسرة سابق عهد في مثل تلك المناصب، فيسألهم: ألا يوجد بتلك البلدة أناس غيركم، البلدية لكم وغرفة التجارة لكم، وتطلبون مؤازرتنا لكم في الأصوات لينجح أبنائكم، أتركوا لغيركم دورا، ولا تجعلوا المسألة كضحية عمي (الأسطة).
سأله بعضهم ذات يوم عن قصة ضحية عمه (الأسطة)، فعدل جلسته وطلب من الحاضرين أن يصغوا لما سيقول، فقال: أنتم تعرفون أن من يذبح أضحية في عيد الأضحى أن يقسم لحم الأضحية الى ثلاثة أقسام: (الأقربون والأغربون وأهل الدار)، ويعملون القُرْعَة على اللحم لتوزيعه، فهز الحاضرون رؤوسهم بالموافقة على تأكيد هذا التأسيس للحديث.
فأضاف: عندما قسم عمي (الأسطة) اللحم الى ثلاثة أقسام طلب من ابن أخيه أن يدير ظهره ليسأله وهو يشير بأصبعه متنقلا بين أكوام اللحم الثلاث، (هذه.. هذه.. هذه لِمن؟) فأجاب ابن أخيه: هذه للأغربين (الغرباء). فنهره قائلا: أنت مالك وما للغرباء، أدر ظهرك مرة أخرى، فأدار ظهره فتنقل مرة أخرى بين الأكوام يسأله لمن يستقر عليه أصبعه، هذا لمن؟ فيجيب ابن أخيه: هذا لأهل الدار، فغضب عمه مرة أخرى، وقال له: ما لك وما لأهل الدار، ففهم ابن أخيه ما أراد عمه، فعندما سأله هذا لمن؟ أجاب: للأقارب، ثم أدار ابن أخيه ظهره، فقال له عمه: أراك قد أدرت ظهرك مرة أخرى، انتهت القسمة، ما تبقى من اللحم كله لي.
سمع بعض الناس عن تلك الأضحية في وقتها، فقالوا للأسطة اذهب للمفتي واسأله، نظن أن أضحيتك لا تجوز على الكيفية التي قسمت بها اللحم، فذهب للمفتي فأكد له ما قاله الناس، فحاول أن يعيد الأضحية في السنة التالية لكن سيارة دهسته في الطريق، فأوصى أبناؤه أن يسقطوا حقهم عن السائق ويكملوا مراسم الأضحية.
من يتمعن في قصة أضحية الأسطة، سيراها في ماثلة في كل بقاع وطننا الكبير، والأسطة فيها سيكون الزعيم الأوحد أو الحزب الحاكم أو الأسرة الحاكمة، ويكون تقسيمها للحم الأضحية لا يقل سوءا عن طريقة الأسطة، فلا يتركون منصبا حكوميا أو أولمبيا أو ثقافيا إلا ووزعوه فيما بين (أهل الدار).
__________________
ابن حوران
|