| 
				  
 
			
			أختنا الفاضلة إيناس 
 سأسرد قصة واقعية، لم أعش أحداثها بل سمعتها ممن عايشوها ..
 
 كان هناك أخوان (اثنان) لا أحد يعرف لهما أصلا أو فصلا، كانا يعملان في قرية كراعيين، أحدهما لأغنام وماعز القرية، والآخر يرعى الأبقار، وهي صيغة معروفة قبل عقود، إذ كان من يملك رأسا أو اثنين من الماشية، يجعلهما مع غيره من مواشي البلدة ليرعاها راع لمواشي الجميع.
 
 ذات يوم، حدث أن قضمت أسنان بقرة بعض أوراق الأشجار، فبرز من بين الأشجار رجل وبيده عصا (ثخينة) فضرب راعي الأبقار على رأسه فمات على الفور.
 
 دفنه أخوه وبعض الرحماء من القرية، وجلس أخوه يبكيه في كوخه وحيدا دون أن يأتي أهل القاتل ليطيبوا خاطره أو حتى يواسوه، امتنع لبضعة أيام عن الرعي بأغنام وماعز القرية، واختفى من القرية.
 
 كان يتسلل في الليالي المظلمة، بين بيوت القرية، ويتسمع لأحاديث سمر أهلها، وعندما يأتي الحديث لما حصل مع أخيه، قال أحد العقلاء: لم يكن من الإنصاف أن نترك الأمر يمر هكذا، فكان لا بد من مصالحة أخيه وإعطاؤه (الدية) التي فرضها الشرع، صحيح أن القاتل لم يقصد قتله لدرجة الموت، لكن الواجب أن نصالحه ونعطيه ما يرضيه.. قهقه كبير عشيرة القاتل وقال: أف، ومن يكون راعي الماعز هذا حتى نصالحه؟ (دعه يقتل عشرين شخصا بدل أخيه) .. قهقه السفهاء، وأخ القتيل يتلظى حرقة وغضبا..
 
 نزل الى الوادي المحاذي للقرية، وأقام بأحد الكهوف، وأخذ يتسلل للقرية كل أسبوع ويقتل أحد أبنائها.. حتى أصبحوا اثني عشر قتيلا.
 
 وأهل القرية يتفكرون.. من يقتل أبنائهم؟ ولم يخطر ببالهم ذلك الراعي، حتى قال أحدهم: أيُعقل أن يكون راعي الماعز هو من يفعل ذلك؟
 
 تطوع بعض رجال القرية حتى استدلوا على مكانه: وخاطبوه من أعلى الوادي: يا رجل: (كفى .. ودعنا نتصالح) ..
 فأجابهم صوته من بين ثنايا الوادي: حتى يكتمل العدد للعشرين!
 
 تلك القصة كان يسوقها القاص لتبيان خطورة السخرية.. والتكبر
 
 وقد قال الشاعر:
 لا تحقرن صغيرا في مخاصمة .... إن البعوضة تدمي مقلة الأسدِ
 
 عفوا أختنا على الإطالة
 دمتِ أختاً فاضلة واعية
 
				__________________ابن حوران
 |