ومن الأحداث النادرة في زمن النبوة على المستوى الفردي ما رواه الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " كان رجل نصراني من بني النجار فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم فعاد نصرانيا ارتد عن الدين ورجع إلى النصرانية لأن الإيمان لم يتمكن من قلبه فانطلق هاربا حتى لحق بأهل الكتاب فكان يقول : لا يدري محمد إلا ما كتبت له هذا كل الي محمد أنا كتبته أصلا . يقول من كتابتي . قال فرفعوه وعظموه قالوا : هذا كان يكتب لمحمد فأعجبوا به . فما لبث أن قضم الله عنقه فأماته , فحفروا له . النصارى الذين هرب إليهم فحفروا له فواروه فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها .
وهالوا عليه التراب . ثاني يوم في الصباح أصبحوا وجدوا الجثة فوق الأرض فوق سطح الأرض خرجت . فقالوا : هذا فعل محمد وأصحابه نبشوا عن صاحبنا فألقوه .
فحفروا في الأرض ما استطاعوا يعني عمقوا عميقاً شديداً فواروه . فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها . فعلموا أنه ليس من الناس فتركوه منبوذاً . في البخاري ومسلم .
وكذلك طبعا هذا من دفاع الله عز وجل عن رسوله صلى الله عليه وسلم ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ما عهد أن أناسا يدفنون فيلقون خارج الأرض إلا أناس اعتدوا على حق الرسول صلى الله عليه وسلم فعند ذلك يعاقبهم الله عقابا شديداً . وألف شيخ الإسلام في ذلك كتابا مهماً جداً جمع فأوعى وهو كتاب الصارم المسلول على شاتم الرسول .
وقال فيه : بل إنا كنا [ينقل عن بعض الغزاة المسلمين ].سواءاً في الشرق أو في الغرب في بلاد الأندلس يقول : كنا إذا حاصرنا الحصون فاستعصت علينا حتى نكاد نيئس , فإذا وقع القوم في سب رسول الله صلى الله عليه وسلم استبشرنا خيرا فلا يلبث الله أن يفتحه ..! فكيف بمن يستهزؤن بسنته ويسخرون من شريعة الله سبحانه وتعالى .
لأن الله يدافع عن رسوله صلى الله عليه وسلم دفاعاً لا يدامغه أحد .
من القصص أيضاً التي نقلت , قصة ردة عبيد الله بن جحش زوج رملة أم حبيبة [رملة ] بنت أبي سفيان . يقول الذهبي رحمه الله في السير : ومن محاسن النجاشي أن أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان بن حرب الأموية أم المؤمنين أسلمت مع زوجها عبيد الله بن جحش الأسدي قديما فهاجر بها زوجها إلى أرض الحبشة فولدت له حبيبة ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم ثم أن أدركه الشفاء فأعجبه دين النصرانية فتنصر , فلم يلبث أن مات بالحبشة فلما فرغت الحجة بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي فخطبها فزوجه إياها ودفع المهر نيابة عن الرسول صلى الله عليه وسلم .
ومن وسائل التثبيت ذكر قصص الثبات والتي نتأسى بها ونقتدي بأعلامها .
ومن القصص قصة أصحاب الأخدود يوم أن أمر ذلك الطاغية بعد إذلال الله له وغلبه الغلام بعقيدته وإيمانه عليه بالأخدود بأفواه السكك فخدت , وأضرم فيها النيران وقال من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها , أو قيل له اقتحم ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام : يا أمه اصبري فإنك على الحق "..رواه مسلم .
وقبل ذلك ثبات الغلام على دينه وكذا الراهب وجليس الملك فقد دعي الأخيرين فشق كل منهما بالمنشار في مفرق رأسه حتى وقع شقاه ولما يرجع أحد منهما عن دينه . إنه ثبات الإيمان وصدق اليقين وعظيم التوكل على الله . (وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) .
أما آسية بنت مزاحم امرأة فرعون فلكل مؤمن من ثباتها أسوة وقدوة وعظة وعبرة لقد آثرت الإيمان على تضحياته الجسام على دنيا فرعون وثرائه وقصوره وأمواله . (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ...........الآيات )
روى بعض المفسرين أن فرعون لما علم بإسلام زوجته وكفرها أوتد لها أوتادا أو شد يديها ورجليها وقيل سمّر يديها ورجليها في الشمس ووضع على ظهرها الرحى وهي لا تقول إلا . (رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ ).
الله أكبر ما أعظم الإيمان عندما تخالط بشاشته القلوب إنه الشرف الذي سما بها ليشهد لها النبي : "أنها من سيدات نساء الجنة "
ولئن كانت تلك آسية فإن التي كانت في عهد النبوة سمية أم عمار بن ياسر أول شهيدة في الإسلام يوم أن ثبتها الله على دينه فبقر بطنها فرعون هذه الأمة لا تساوم على دينها وطاعة ربها فقضت نحبها .
وختاماً:
كان من دعائه صلى الله عليه وسلم ورجائه :" اللهم زدني علما ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني , وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ". ويقول أنس بن مالك رضي الله عنه كان كثيرا ما يقول عليه الصلاة والسلام :" يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك "
الكاتب : الشيخ عبد الله الغامدي
|