وإذا ذكرت النهد قال سفيههم
النهد \ الوطن .. القرينة النصية
التيمة التي يلعب عليها الشاعر هيثم العمري تعتمد على إحداث تشابه ولو كان غير كامل بين المشبه والمشبه به ؛ بيد
أن النهد والوطن يشتركان في عملية الرضاعة والنهد حينئذ كناية عن الخير العميم الذي هو موطن الغذاء للطفل وهو للمرأة دليل على النضج والجمال .
الرمز وإن كان رمزًا مقبولاً إلا أن الاتكاء على عنصر واحد من عناصر الإبداع الأدبي ليس كافيًا. وقد يسأل السائل : وهل على كل فرد أن يستخدم عنصرًا كالسيف والحصان والشمس واليبداء للتدليل على عروبته ؟ أو ليس من حق الأديب التجديد في النسق الشعري ؟ فأقول : من حق أي فرد استخدام الرموز التي يراها مناسبة شرط أن تكون بينها وبين المرموز لها علاقة حقيقية لا تحتاج إلى تكلف التفسير والتأويل .
وهنا أجدني بإزاء رمز يثار جدل كبير حوله ونقاط هذا الجدل :
إلى أي مدى يصح استخدام الرمز ؟
ما هور دو القرائن النصية في تحديد غرض الشاعر من قصيدته ؟
ما هي الأفكار المطروحة في القصائد المتتابعة للشاعر حتى يمكن القول بأنها تمثل سلسلة من حلقاتت التنظير لرؤياه ؟
وأسئلة كثيرة يمكن أن تثار أجيب عليها وأقول :
الحداثة الشعرية لا تعني استخدام رموز ٍ غير مفهومة وغير مستساغة ولا تعني تكلف الشاعر فوق طاقته ولا الأديب مثل ذلك في تفسير النص الأدبي ... فالرمز النهد يكون مقبولاً إذا كانت الألفاظ والمعاني الدائرة في فلكه غير محرمة ولا تتصادم مع العقيدة ولا الحلال والحرام كذلك لابد من وجود الصلة المنطقية .
وإذا ذهبنا للنص يا طفلة الفردوس نهدك ِ ... سنجد مفارقة مضحكة يبول عليها المرء من شدة الضحك وهي كيف يكون للطفلة نهد ؟!!!! وما علاقة النهد بالخطبة واللحية وما شاكله ؟ إذاً النص كان متهورًا شاعره وقد أخذته الفكرة إلى حد العبث والتحلل والتهتك من القيم السوية .
ونأخذ في الاعتبار أن هناك ما يسمى المهجور والغريب في الشعر وما خالف العرف المعنوي فمثلاً كلمة جيب تعني الصدر (قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ) وفي هذا العصر حدث تحول في الدلالة فصار الجيب بمعنى فتحة في البنطال أو القميص أو الجلباب يوضع فيها متاع صغير يناسب حجمه فإذا استخدمت في قصيدة من هذا العصر لفظة الجيب بمعنى الصدر أكون مخطئًا لأني بذلك أنحو منحى التغريب .
كذلك الكعبة حدث لها تطور دلالي جعل المقصود منها وما استقر عليه العرف هو البيت الحرام فأي استخدام لهذا اللفظ في غير موضعه هو تعد ٍ وتطاول على شرف هذا البيت العظيم .
ثم هناك جانب لابد من أخذه في الاعتبار أن وحدة البيئة لابد من حضورها في القصيدة فإذا قلت للمحبوبة أنت كالزهر فلا يصح قول أنت كالزهر وكالثلج بل أنت كالماء والثلج أو أنت كالزهر والشجر .
من هنا أقول إن استخدام كلمة النهد في قصائد العمري جاء غريبًا لا أجد ألفاظًا ودلالات وقرائن نصية تحدث هذه الوحدة العضوية .
وتشبية الوطن بالمرأة أمر تقليدي للغاية والذي حاول العمري الإتيان به هو عمل تشبيه جزئي بآخر كلي فلم يعد الوطن مشبهًا بالمرأة بل بثديي المرأة وهذا لا بأس به لكن : ما علاقته بالحلال والحرام ؟ أين البيئة التي تنتظم معاني الوطن من بيئة النهد ؟ غالب الظن أن استخدام كلمة النهد ضيّق المساحة التي يمكن للعمري التطوير فيها على صعيد الصورة والرؤيا .
أضف لذلك أن كلمة النهد جاءت فجة نوعًا ما لم تكن هادئة كالكواعب أو كالرمان أو غيراه من الكلمات .
وعلى امتداد قصائد العمري كلها بلا استثناء جاءت ألفاظه كالشعر الزبيري الشاعر اليمني الذي دافع عن القضية العربية لكن خانه الأسلوب الخطابي وإن كنت لا أعلم هل كان منحرفًا في تعبيراته أم لا . ويتشابه العمري والزبيري في الآتي :
*وحدة الغرض
*انعدام الرؤيا أو تقليديتها
*انعدام الخيال
يا أخي هيثم اللغة العربية ومعانيها ما ضاقت حتى تسخدم المقدسات في إطار الصور الفجة المخالفة للكتاب و السنة . فأنت كما أنت شاعر تقليدي بحت لم تحاول الاستفادة من الشعراء العموديين كالبردوني والمقالح وسيد يوسف أحمد وغيرهم من الشعراء ...(أغراض الشعر) من مدح وفخر وهجاء ورثاء ....إلخ فكرة تسيطر على شعرك .
وأخيرًا أدعوك للبعد عن الشعراء والأدباء الفارغين الذين يحاولون عمل (فرقعة ) من خلال شذوذهم عن سليم الكتاب والسنة واختراعهم تأويلات لأنفسهم يبررون بها أخطاءهم الفادحة والفاضحة .
أربأ بك أن تكون كطه حسين ونجيب محفظوظ والملعون حيدر حيدر ومن على شاكلاتهم ممن جعل الانحراف مدخله تجاه العمل الأدبي بحجة (تعدد الدلالات والتاويلات ) أو (رقابة المبدع على أدبه ونفسه).
قصيدتك الأخيرة تبدو عادية وخاصة بقيامك بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم في آخر القصيدة أو الدعاء لشخص معين هذه من نقاط الضعف التي تؤخذ على الشعراء إذ تبرزهم في شكل شعراء المناسبات والارتجالية اللحظية!
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال
*** تهانينا للأحرار أحفاد المختار
آخر تعديل بواسطة السيد عبد الرازق ، 17-10-2008 الساعة 09:59 PM.
السبب: الخطأ النحوي
|