العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة الفـكـــريـة

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: القضاء في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الطمع في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الاستنباط في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: المواقيت فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: العفاف فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الرد على مقال هل سورة يوسف من القرآن؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: التسنيم فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخزى فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: اللعب فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: فرسة و خيّال (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 29-11-2008, 10:57 AM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

14

الإنسان الأول

((ذلك أن كل إنسان يسعى الى أن يقيمه زميله كتقييمه لنفسه. فإن بدرت من زميله بادرة تشير الى احتقاره أو الانتقاص من قدره، كان من الطبيعي أن يحاول، بقدر ما تواتيه الجرأة، أن ينتزع أكبر قدر من التقدير ممن ناصبوه الاحتقار، عن طريق إيذائهم، ومن الآخرين بجعلهم عبرة لهم)).
توماس هوبز[ الوحش البحري المخيف]

(1)

لم تظهر الديمقراطيات الليبرالية المعاصرة من خلال ضباب التقاليد، وإنما خلقها البشر عامدين عند نقطة معينة من التاريخ. وليس من السهل تحديد بدايات ظهور الليبرالية نظريا، وحتى إن كان كارل ماركس هو من نبه على وجودها، فإن التعرف على آراء (توماس هوبز) سيعطينا فكرة أنه سبق غيره في التفكير بطريقة ليبرالية.

لقد اتصف (هوبز) بهجومه على الإنسان الطبيعي (الفطري) ووصفه بأنه وحيد، فقير، قميء، متوحش، قصير العمر. كما اتصف بهجومه على الحكومات وربط شرعيتها بقبول المحكومين لها، واستنكر ما وصف في عهده بالحق الإلهي الذي يتمتع به الملوك ويطلبون من الشعب القبول به دون مناقشة.

يصنف هوبز دوافع النزاعات عند البشر الى ثلاثة أسباب رئيسية: أولها التنافس وثانيها فقدان الثقة بالنفس وثالثها المجد.

وقد تدفع الرغبة في المجد الناس الى الغزو بسبب تفاهات، ككلمة قيلت، أو ابتسامة، أو رأي مخالف، أو أية إشارة تحمل في طياتها الاحتقار، إما للأفراد أنفسهم، أو لأولادهم وأقاربهم، أو لأصدقائهم، أو لأمتهم، أو لمهنتهم أو لاسمهم.

وقد يتنازع الناس في رأي (هوبز) على الضروريات، غير أن الأغلب أن يتنازعوا على التفاهات، وبعبارة أخرى من أجل نيل الاعتراف والتقدير. ولا تحسب الخسارات المادية في مثل تلك النزاعات. وهذا الشيء أطلق عليها (هيجل) العاطفة الإنسانية الشاملة للكبرياء واحترام الذات أو الغرور والصلف والأنانية في شكل آخر.

(2)

الخوف من الموت على حلبة الصراع.
هذه النقطة هي التي تجعل المغلوب و المهزوم أن يعيش في شكل دوني (عبد) مع الغالب والمنتصر (سيد). وتلك النقطة يلتقي بها هوبز مع هيجل، إلا أن هوبز يعتبر هذا الوضع بدائيا وقريبا من عصر الإنسان الأول، في حين يعتبرها هيجل نتيجة طبيعية تحول دون حدوث الفوضى بحيث يكون السيد المنتصر هو من يتحكم في العلاقات بين أفراد الشعب، ويمنعهم من أن يكون أحدهم ضد الكل مجربا قوته في النيل من أي أحد.

لكن هوبز يحاول أن يجد شرطا (وجدانيا)، إذ يطالب الأفراد الذين يريدون أن يجنبوا أنفسهم من الموت، مقابل التمتع بما ينالهم من نفع مادي، أن يتنازلوا عن كبريائهم و تطلعاتهم الذاتية.

من هنا كان سر تسمية أشهر كتبه (الوحش البحري المخيف) بهذا الاسم، وهو يرمز بهذا الرمز الى (الدولة) كونها كائن حي لا يشبع، لقد كان كتاب (هوبز) يسبق الثورة الأمريكية 1776 بعدة سنوات. ويعتبر هو أول من أشر على الروح الليبرالية بشكلها الأولي، وجاءت الثورة الأمريكية لتسير قدما في تطوير تلك الروح!

(3)

كانت رؤية (هوبز) لحكم الملوك أنهم ينزلقون تدريجيا الى الاستبداد. وكثيرا ما يكون من الصعب، دون آلية المؤسسات كالانتخابات التي تسجل رضا الرعية، أن نعرف ما إذا كان هذا الملك أو ذاك يتمتع بمثل هذا الرضا.

كان من السهل على (جون لوك) أن يلتقط تلك الإشارة من جانب (هوبز) فيعدل عليها، بتطوير المؤسسات البرلمانية دون الاضطرار للمس بالنظام الملكي، حيث تكون المؤسسات تضبط أداء الدولة محافظة على رمزية ومركزية الحكم المتمثل بالملك، ومراعية لحقوق الشعب بانتخابه لممثليه في كل مؤسساتهم التي يحكمها الدستور وتضبط حركتها القوانين التي يشرعها ممثلو الشعب، ويباركها الملك المهيوب جانبه من قبل مؤسسات الشعب.

رغم أنه يبدو أن الارتباط بين هوبز والنظام الأمريكي هو الأقوى، لكن الواقع يشير الى غير ذلك، فبالرغم من أن النظام في أمريكا هو جمهوري، إلا أن تأثره بأفكار (جون لوك) أكبر من تأثره بأفكار (هوبز).


تعليق

ليلاحظ القارئ الكريم كيف أن أسس هذا الفكر الليبرالي مهزوزة، يسهل التلاعب بها وتحويلها لتقوم بتفسير ما يريده الكاتب، أو لنقل ما يريده كل أصحاب هذا اللون من التفكير، والذي هو ـ مع الأسف ـ لا تزال السيادة على العالم بيده.

فمن جانب، يريد الكاتب وصف الصراعات بين البشر غير المتمدن (وهو ما اختار له عنوان الإنسان الأول) بأنها تقوم على أسباب تافهة، لا يهم فيها الربح المادي بقدر ما تكون أسبابها آتية من استصغار أو شتم الخصم لمن يبدأ الصراع. ولو أننا بحثنا في الصراعات خلال قرنين من الزمان في كل العالم لوجدنا مسببيها هم من أولئك التي يتغنى برجاحة عقولهم (فوكوياما).

كانت الولايات المتحدة، ولا تزال، كبقعة أرض واسعة، من أخصب وأغنى أراضي العالم، وكان شعبها من أغنى شعوب العالم، فبماذا تريد قياداتهم الليبرالية أن تستقوي من شعب أفغانستان، لتدفعه للتوجه لزراعة المخدرات ولتعطل نموه في كل الأصعدة؟ ألم تتشابه بسلوكها مع حيوانات الغابة التي تبول على حجر أو ساق شجرة لتعلم الآخرين بحدود سيطرتها؟ وهكذا فعلت مع غرينادا وبنما وتفعل مع العراق؟

أي فكر يبشر به هذا الأحمق، وعلمنا أنه تراجع عنه قبل سنتين وتنبأ بتراجع قوة أمريكا، وحماقة سلوك إدارة بوش، رغم أن فوكوياما كان أحد الموقدين لنار غزو العراق.

لكننا نحاول هنا في تلك المساهمة أن نطلع القارئ العربي على الحاضنة التي تخرج منها قرارات تلك القوى التي لا تتركنا نعيش بسلام كما نريد.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 30-12-2008, 01:35 PM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

15ـ إجازة في بلغاريا

(( ثم نطهر مدينتنا الفاضلة من كل هذه الأشياء، بادئين بالأبيات التالية:
إني لأفضل البقاء في الأرض، عبداً لغيري،
عبداً لرجل لا يملك إلا القليل،
على أن أكون سلطاناً على كل الهالكين ...))
سقراط، في جمهورية أفلاطون، الكتاب الثالث

(1)

كعادته، يبدأ (فوكوياما) مقالته بفقرة تعزز مفهوم أن الليبرالية الغربية الحديثة هي وريثة ذلك التراث العميق الإنساني والفكري، وأن تراكم هذا التراث هو من أنتج ذلك اللون من التسيد المطلق الجميل!

ولا ينسى (فوكوياما) أن يربط تلك القيم التي عملت كروافع لإيصال الحالة الراهنة، فيختار أسماء تلك القيم ويربطها بمفكرين معروفين عالميا بانتمائهم للحضارة الغربية فأفلاطون يطلق على تلك القيمة اسم (الثيموس) وميكافيللي يطلق عليها (المجد) وهوبز يطلق عليها (الكبرياء) وألكسندر هاملتون يطلق عليها (حب الشهرة) وهيجل يطلق عليها (الاعتراف من قبل الآخرين بالأهلية والأحقية ) الخ.

ويركز (فوكوياما) على مصطلح (الثيموس) عند أفلاطون، ويعترف بأنه لا يستطيع ترجمته إلا في (الهمة والشجاعة)، وقد يكون مفهوم الثيموس هنا ضائعا بين ثنايا الترجمات ولن نقف عنده الآن.

(2)

يورد الكاتب بعض الأمثلة للتدليل على ما يقصده في موضوع (الثيموس)، ففي المثال الأول: إذا كان هناك شخص عطشان وعرض عليه الماء ويتعرف بخبرته أن الماء ملوث، فإنه سيمتنع عن الشرب!

وفي المثال الثاني يورد مما كتبه سقراط عن جلاد اسمه (ليونتيوس) انتابته موجة من الصراع الداخلي، وهو أمام مجموعة من جثث ضحاياه، فغطى وجهه بكفيه بالمرة الأولى مشمئزا من فعلته، ثم أجبر نفسه (تحت رغبته) على فتح عينيه وخطى نحو الجثث قائلا: أنظرا أيتها العينان الملعونتان وحملقا ما شئتما في هذا المنظر الجميل!

في المثال الثالث: يتعمد الكاتب للحديث عما كتبه (فاسلاف هافيل) الذي كان معارضا سجينا في عهد الحكم الشيوعي في (تشيكوسلوفاكيا) ثم أصبح بعد انهيار المعسكر الاشتراكي رئيسا للجمهورية: كتب يتندر على الحالة السائدة في العهد الشيوعي عن بائع خضراوات يضع بين الجزر والبصل قطعة مكتوب عليها (يا عمال العالم اتحدوا).

يعلق الكاتب متسائلا: هل يعِ بائع الخضراوات ما علقه بين خضراواته؟ وكيف سيتحد عمال العالم بعد أن يشتري بعض المشترين الخضروات منه؟ ولمن تلك الرسالة؟ هل هي رسالة الى العمال فعلا من أجل اتحادهم؟ أما رسالة الى الأجهزة السرية الشيوعية ليقول لها أنه متماشيا معها ولا شأن له بمعارضتها؟

ويتهكم (فوكوياما) كما تهكم من قبله كاتب الفقرة السابقة (الرئيس التشيكوسلوفاكي) ويقول ماذا لو صدرت التعليمات لذلك البائع بأن يضع قطعة مكتوب عليها: (أنا خائف، ولذا فأنا مطيع بدون شك).. يستنتج الكاتب أن البائع لم يكن مكترثا بمعنى اليافطة التي كتبها، فما الضير لو أن عمال العالم اتحدوا؟ فالسبب أن البائع لا يريد أن تُخدش قيمه (الثيموس) إن وضع على يافطته كلاما يصف حقيقته (أنه خائف وجبان).

(3)

إن فكرة عنوان المقالة (إجازة في بلغاريا) تكمن في الجانب الذي أراد فوكوياما أن يستهزئ به وهو أقصى متعة كان من الممكن أن يحصل عليها الشيوعي في ظل الأنظمة الشمولية صورة متدنية جدا عن تلك التي يعيشها المواطن في ظل الليبرالية التي ينادي من أجلها.

تعليق

أولا: فيما يخص الثيموس

في تملصه من تعريف الثيموس، أراد فوكوياما أن يبقي القاعدة التي ينطلق منها ذات شكل مبهم ليركب عليها صورا يضفي عليها طابعا أكاديميا وغير قابل للنقاش.

في حياتنا اليومية، نتقابل مع أشخاص يزعم أحدهم أن يقدم حلولا للمجتمع الذي يعيش فيه خلال حديث لمدة خمسة أو عشر دقائق، كأن يقول: يُقضى على الفساد، ويُصار لتوعية الناس، ويُصار الى تنظيم انتخابات شفافة، ويصار الى نقل التكنولوجية وإشاعة الأمن فتنتهي المشكلة.

لم يفعل ذلك المتكلم، إلا أن استخدم (نائب الفاعل) و (الفعل المبني للمجهول)، وهذا النمط من الحديث والتفكير نشاهده عند عموم الناس، من مثقفيهم الى عامتهم. لكن من سيكون الفاعل الحقيقي ومتى وكيف سيتم تنفيذ ذلك؟ لا يعنيه.

عند الفلاسفة، يُستعاض عن نائب الفاعل والفعل المبني للمجهول، ويتم اختراع (فاعل) له اسم ابتكره ذلك الفيلسوف (لوغوس، ثيموس الخ)

وبالنسبة ل (الثيموس) يستطيع من أراد تتبع ذلك اللفظ أن يجده عند سقراط المقتول عام 399 ق م، ويستطيع أن يجده عند تلميذه (أفلاطون المولود سنة 428 ق م والمتوفى سنة 348 ق م) ثم سيجدها عند أرسطو طاليس تلميذ أفلاطون (ولد عام 384 ق م وتوفي عام 322ق م). ومن أراد متابعة ذلك المصطلح سيجده عند الفارابي في مدينته الفاضلة المتأثرة بجمهورية أفلاطون (وعلى فكرة لم يكن لأفلاطون مثل تلك الجمهورية بل له كتاب اسمه السياسة تناقله بعض الإخباريون باسم (جمهورية أفلاطون).

كما سيجده عند (ابن رشد) ولكن مطعما بمسحة إيمانية، كما هي عند الفارابي، وبعيدة عن الإلحاد كما هي عند سقراط وأفلاطون وأرسطو.

إنها النواميس،(وهناك مؤلف لأفلاطون باسم: النواميس) والناموس مصطلح دخيل على العربية، ويدلل على تلك القيم العليا الثابتة التي تقرها المفاهيم الروحية السائدة، فهي عند فلاسفة المسلمين ترتبط بالعقيدة الإسلامية، وحتى المواطن العادي يستعملها لنقد الآخرين (ناموس ما عنده). إذن فالمصطلح ليس شيئا ثابتا كما هو السماء أو الحجر، بل هو القيمة التي يفترضها الفيلسوف أو المفكر بما يعتقد.

ثانيا: مثال بائع الخضراوات

سهل على أي إنسان أن ينتقي صفة سيئة عند رجل ويركز (الكادر) عليها ليجعلها بصفة كاريكاتورية. فيقول: هو إنسان ولكن أنفه كبير! والصورة التي أوردها فوكوياما، دعنا نبحث عنها عند أصدقاء أمريكا وفي بلادنا بالذات والتي لا يتناولها (فوكوياما) بالتركيز نفسه، فكم شركة ترفع برقيات التهاني لأمير أو ملك أو رئيس جمهورية، وكم فئة تخرج رافعة يافطة صيغت بالكذب والنفاق. وحتى بالولايات المتحدة نفسها، فكم ناخب لا يقتنع لا بالحزب الجمهوري ولا بالديمقراطي، يخرج ويدلي بصوته، ولا يُطلب منه أن يقول عن نفسه جبانا؟

إنه سلوك يلازم ظهور القوة الراهنة التي بيدها الحكم منذ تأسيس الحضارة حتى اليوم، فما أن تنتهي تلك القوة الراهنة، لينتقل التأييد المفتعل الى القوة الراهنة التي سيكون بيدها الحكم.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .