العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السيـاسية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الغد فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: القضاء في القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الرد على مقال هل الجن والشياطين يسكنون البحار ؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الرد على مقال محمد اسم لرسالة وليس اسمًا لشخص بيولوجي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الذرية فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الطرف في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الثالوث فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الطبع في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الصفق فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الولدان المخلدون (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 19-01-2009, 06:12 PM   #1
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي


الصهيونية المسيحية


اعتاد الناس في عالمنا العربي الإسلامي أن يفسروا التحيز الأميركي لإسرائيل بأسباب سياسية وإستراتيجية، مثل المال اليهودي المؤثر في الحملات الانتخابية، والإعلام اليهودي المتلاعب بالرأي العام الأميركي، والصوت اليهودي الموحد في الانتخابات، ثم موقع إسرائيل رأس حربة في المنطقة العربية، ذات الأهمية الإستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة.

لكن كل هذه التفسيرات -عند التأمل- تبدو سطحية وبعيدة عن الدقة، أو هي -على أحسن تقدير- ليست سوى مظاهر تعبر عن ظواهر أعمق وأرسخ.


ولاية (مينوساتا) الأميركية يمثلها يهودي دائما في مجلس الشيوخ منذ عام 1978 رغم أن عدد اليهود بها لا يتجاوز 1%. وأن المرشحين لهذا المنصب في الولاية يهوديان هما (نورم كولمان) و(ويلستون) الذي قتل في تحطم طائرة أثناء حملته الانتخابية

فالمال اليهودي في الانتخابات لا يصلح تفسيرا للإجماع السياسي الذي يحظى به دعم إسرائيل في الأوساط السياسية الأميركية، حتى تنافس فيه المتنافسون من كل ألوان الطيف السياسي. إضافة إلى أن في أميركا من أهل الثراء غير اليهود ما يكفي وزيادة لمعادلة المال اليهودي.
والإعلام اليهودي لا يكفي تفسيرا لانحياز شعبي كامل يبلغ درجة الاعتقاد، بل هو اعتقاد ديني عميق -كما سنرى لاحقا- في بلد فيه من التعددية الإعلامية وحرية الكلمة ما يكفي لبلورة رأي مخالف لو كان له أنصار.
وموقع إسرائيل في المنطقة العربية لا يكفي لتفسير التحيز الأميركي. فقد كانت إسرائيل دائما مصدر حرج للنفوذ الأميركي في المنطقة العربية، أكثر من كونها مصدر دعم، إضافة إلى أن بعض حكام الدول العربية أغنوا أميركا عن إسرائيل في هذا المضمار.
أما الصوت اليهودي فليس موحدا بالطريقة التي يتخيلها البعض، بل فيه تعدد وتباين واختلاف. كما أن التحيز لإسرائيل أعمق وأرسخ في بعض الولايات الأميركية التي لا تكاد توجد بها جالية يهودية أصلا.

وقد افتخرت صحيفة (جيروسالم بوست) الإسرائيلية مؤخرا بأن ولاية (مينوساتا) الأميركية يمثلها يهودي دائما في مجلس الشيوخ منذ عام 1978 رغم أن عدد اليهود بها لا يتجاوز 1%. وبأن المرشحين لهذا المنصب في الولاية يهوديان هما (نورم كولمان) و(ويلستون) الذي قتل في تحطم طائرة أثناء حملته الانتخابية (جيروسالم بوست 27/10/2002).

ويكفي أن تعرف أن نسبة اليهود في أميركا أقل من 3%، وأن نسبتهم في مجلس الشيوخ 10% لتدرك أن الصوت اليهودي ليس أهم عامل هنا.

إن الرجوع إلى التاريخ والتعمق في الخلفية الدينية المؤطرة للعلاقات بين أميركا وإسرائيل، هو وحده الذي يقدم تفسيرا مقنعا لتلك العلاقات. ومن الكتب التي تقدم رؤية تاريخية موثقة للعلاقات الأميركية الإسرائيلية كتاب (المسيح اليهودي) للكاتب المصري رضا هلال وكتاب (فرض إرادة الرب) Force Gods Hand للكاتبة الأميركية غريس هالسل Grace Halsellوسنرجع إلى هذين الكتابين في بعض المعطيات الواردة في هذا التحليل.

من "التدنيس" إلى "التقديس"
ظل اليهود في نظر العالم المسيحي بأسره "أمة ملعونة" لمدة ألف وخمسمائة عام، لأنهم -في اعتقاد المسيحيين- هم قتلة السيد المسيح. وقد عانى اليهود صنوفا من الاضطهاد والازدارء بناء على هذا التصور الذي ترسخ في العقل المسيحي.
ورغم أن هذا التصور -من وجهة نظر إسلامية- تصور ظالم أنتج ممارسات ظالمة، إلا أنه صمد على مر القرون، مدعوما بنصوص كثيرة من الإنجيل، وظروف اجتماعية وسياسية خاصة.

لكن القرن الخامس عشر الميلادي أظهر تحولات عميقة في النفس المسيحية -الغربية على الأقل- مع بزوغ ما عرف بحركة الإصلاح، وما استتبعه ذلك من انشقاق سياسي وعقائدي داخل الديانة المسيحية بشكل عام، والكاثولوكية الغربية بشكل خاص.

كان من نتائج هذه التحولات أن أصبحت المسيحية الجديدة التي عرفت باسم البروتستانتية ربيبة لليهودية: فقد أصبحت للتوراة -أو العهد القديم- أهمية أكبر في نظر البروتستانت من الإنجيل أو العهد الجديد، وبدأت صورة الأمة اليهودية تتغير تبعا لذلك في أذهان المسيحيين الجدد.


ولم يكن الانشقاق داخل الكنيسة -رغم الطابع الأديولوجي الذي اصطبغ به- بعيدا عن صراعات السيادة بين الأمم الأوروبية يومها، خصوصا بين فرنسا وإنجلترا وألمانيا، فقد انحازت الكنيسة الكاثوليكية إلى جانب فرنسا، مما جعل الشعبين الإنجليزي والألماني يميلان إلى اعتناق المذهب البروتستانتي الذي يدعو للتحرر من سلطة الكنيسة.

وقد ظهر هذا التحول في النظرة المسيحية إلى اليهود في كتابات رائد الإصلاح البروتستانتي، القس الفيلسوف (مارتن لوثر). فقد كتب لوثر عام 1523 كتابا عنوانه: "المسيح ولد يهوديا" قدم فيه رؤية تأصيلية للعلاقات اليهودية المسيحية من منظور مغاير تماما لما اعتاده المسيحيون من قبل، فكان مما قال في كتابه: "إن الروح القدس شاءت أن تنزل كل أسفار الكتاب المقدس عن طريق اليهود وحدهم. إن اليهود هم أبناء الرب، ونحن الضيوف الغرباء، وعلينا أن نرضى بأن نكون كالكلاب التي تأكل من فتات مائدة أسيادها" (رضا هلال ص63).

ومع ذلك لم يكن مارتن لوثر حاسما في موقفه من اليهود، بل كان مترددا مثقلا بتراث الماضي السحيق، ولذلك عاد فألف كتابا آخر في ذم اليهود سماه "ما يتعلق باليهود وأكاذيبهم"، بعدما يئس من دفعهم لاعتناق المسيحية. لكن (لوثر) فتح ثغرة في تاريخ المسيحية لصالح اليهود ظلت تتسع إلى اليوم. وظلت كفة الصراع بين مدرسة "المسيح ولد يهوديا" ومدرسة "ما يتعلق باليهود وأكاذيبهم" تتأرجح في الضمير الغربي طيلة القرون الأربعة التالية لكتابة هذين الكتابين، حتى انحسم الأمر أخيرا للمدرسة الأولى.


إن علاقة أميركا بإسرائيل أكثر من مجرد علاقة خاصة. لقد كانت ولاتزال علاقة فريدة، وهي علاقة لا يمكن تقويضها، لأنها متأصلة في وجدان وأخلاق وديانة ومعتقدات الشعب الأميركي
جيمي كارتر


ومما يلاحظ أن هذا المسار التاريخي لم يعرف العدل ولا التوسط: فاليهود تحولوا من "أمة ملعونة" إلى "أبناء الرب"، من "الغيتو" إلى قمة المجتمع، من "أمة مدنسة" ظلمها المسيحيون كثيرا، إلى "أمة مقدسة" يظلم بها المسيحيون شعوبا أخرى لا صلة لها بتاريخ التدنيس والتقديس هذا.

كما يلاحظ أيضا أن المذاهب المسيحية تفاوتت في استيعابها لهذا التحول تفاوتا كبيرا، فالبروتستانت (الأميركيون والبريطانيون) تمثلوا هذا التحول كأعمق ما يكون، حتى أصبحت اليهودية جزءا من لحمهم ودمهم، والكاثوليك (فرنسا وإيطاليا وإسبانيا) ظلوا أكثر تحفظا إلى حد ما، ولذلك لم يبرئ الفاتيكان اليهود من دم المسيح إلا عام 1966، أما الأورثوذكس (الأوروبيون الشرقيون) فلايزالون يحتفظون بتلك النظرة المتوجسة تجاه اليهود واليهودية. وهذا ما يفسر التفاوت في المواقف السياسية: حيث التماهي مع الدولة اليهودية في أميركا وبريطانيا (وأخيرا في ألمانيا البروتستانتية)، والتحفظ في أوروبا الجنوبية على السياسات الإسرائيلية (خصوصا من طرف فرنسا أكبر الأمم الكاثوليكية الغربية) والريبة في أوروبا الشرقية، وخصوصا روسيا، لكن ما يهمنا هنا هو التماهي الأميركي مع الدولة اليهودية، ومحاولة فهمه.

الصهيونية المسيحية قبل أختها اليهودية

إن الذين يقرؤون التحيز الأميركي لإسرائيل بعيون سياسية وإستراتيجية، يغفلون حقيقة تاريخة على قدر كبير من الأهمية، وهي أن الصهيونية المسيحية سبقت الصهيونية اليهودية في الزمان.


الجماعات اليهودية بدأت في الأعوام الأخيرة تميل إلى الحزب الجمهوري، لأن ولاءه للمسألة اليهودية نابع من اعتقاد ديني ثابت، مجرد من الاعتبارات السياسية والإستراتيجية في الغالب، بخلاف الحزب الديمقراطي ذي الميول الليبرالية، الذي يتعامل مع إسرائيل باعتبارها "دولة دنيوية" إلى حد ما

ففي عام 1844 وفد إلى القدس أول قنصل أميركي، (واردر كريستون)، وكان من الأهداف التي رسمها القنصل لنفسه أن "يقوم بعمل الرب، ويساعد على إنشاء وطن قومي لليهود في أرض الميعاد" (رضا هلال: المسيح اليهودي ص 95). وبذل (كريستون) جهدا مضنيا في الاتصال بالقادة الأميركيين وحثهم على العمل من أجل "جعل فلسطين وطنا قوميا لليهود حتى يلتئم شمل الأمة اليهودية، وتمارس شعائرها وتزدهر" (رضا هلال ص 95) كما ألح على القادة العثمانيين للتعاون في هذا السبيل دون جدوى.
وعلى خطى كريستون جاء الرحالة الإنجيلي الأميركي (ويليام بلاكستون)، الذي نشر كتابا بعنوان "المسيح قادم" عام 1878 بيعت منه ملايين النسخ، وأثر تأثيرا عميقا على البروتستانتية الأميركية. والفكرة الرئيسية للكتاب أن "عودة المسيح" التي ظل المسيحيون ينتظرونها على مر القرون لن تتم إلا بعودة اليهود إلى أرض الميعاد. وفي العام 1891 تقدم بلاكستون بعريضة إلى الرئيس الأميركي يومها (بنيامين هاريسون) مطالبا بتدخل أميركا لإعادة اليهود إلى فلسطين. وجمع على العريضة توقيعات 413 من كبار رجال الدين المسيحي في أميركا، إضافة إلى كبير قضاة المحكمة العليا، ورئيس مجلس النواب، وعدد كبير من أعضاء مجلس الشيوخ، ورؤساء تحرير عدد من الصحف الكبرى (رضا هلال ص 97).
ففكرة إنشاء "وطن قومي لليهود في فلسطين" آمن بها المسيحيون البروتستانت قبل إيمان اليهود بها، وسعوا إلى تنفيذها قبل أن يسعى اليهود إلى ذلك، بل قبل أن يؤمن اليهود بإمكانية تحقيقها. ويمكن الجزم بأنه لولا الدعم الاعتقادي لهذه الفكرة من طرف البروتستانت الأميركيين والبريطانيين لما اهتم بها اليهود اهتماما عمليا.

إن (تيودور هرتزل) مؤسس الحركة الصهيونية حينما طرح فكرة "الدولة اليهودية" لم تكن دوافعه دينية بالأساس، فهو قومي علماني في الصميم، ولذلك كان مستعدا لقبول استيطان اليهود في أوغندا أو العراق أو كندا أو الأرجنتين. أما المسيحيون الصهاينة في أميركا وغيرها فقد آمنوا من أول يوم بفلسطين وطنا لليهود، واعتبروا ذلك شرطا في "عودة المسيح" ، وأخرجوا "المسألة اليهودية" من الإطار السياسي إلى الإطار الاعتقادي. ولذلك فقد "انتقدوا الموقف المتساهل لهرتزل، والمؤتمر الصهيوني الأول في بازل عام 1897، حتى إن بلاكستون أرسل إلى هرتزل نسخة من العهد القديم، وقد علَّم على صفحاتها، مشيرا إلى الفقرات التي عين فيها النبيون فلسطين تحديدا بأنها "الوطن المختار للشعب المختار" (رضا هلال ص 99).

وحينما بدأت فكرة الوطن اليهودي تتبلور سياسيا، وصدر وعد بلفور لصالحها، تلقف أغلب السياسيين الأميركيين الفكرة، وتعاملوا معها بمنطق الاعتقاد الديني الراسخ, ومن أمثلة ذلك خطاب ألقاه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي (هنري كابوت لودج) في مدينة (بوسطن) عام 1922، حيث قال في الخطاب "إنني لم أحتمل أبدا فكرة وقوع القدس وفلسطين تحت سيطرة المحمديين.. إن بقاء القدس وفلسطين المقدسة بالنسبة لليهود، والأرض المقدسة بالنسبة لكل الأمم المسيحية الكبرى في الغرب، في أيدي الأتراك، كان يبدو لي لسنوات طويلة وكأنه لطخة في جبين الحضارة من الواجب إزالتها" (رضا هلال ص 102).
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار





آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 19-01-2009 الساعة 06:22 PM.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 19-01-2009, 06:14 PM   #2
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

الصحوة المسيحية في ربع القرن الأخير
وزاد من تهود المسيحية الأميركية التحولات العميقة في الثقافة الدينية الأميركية منذ السبعينيات حتى اليوم، فقد خرجت الكنائس من الزوايا وهوامش المجتمع، إلى صدارة الحدث السياسي والاجتماعي، بفضل ثورة الإعلام والاتصال، وخصوصا عبر ما يدعى (الكنائس التلفزيونية)، وتوسعت الطوائف الأصولية كالمعمدانية Babtist والمنهجيةMethodist وغيرها على حساب المسيحية التقليدية. وأصبح تيار "المسيحيين المولودين من جديد" Born Again Christians في اتساع مطرد، وهو أكثر التيارات المسيحية تماهيا مع اليهودية، وبالتالي مع عصمة الدولة اليهودية وقدسيتها.


إن إسرائيل التي نعتبرها آخر جيوب الاستعمار والعنصرية، هي في أذهان أغلب الأميركيين مشروع إلهي لا يقبل الإدانة والنقد، فضلا عن المقاومة والنقض

ولأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة وصل إلى البيت الأبيض عام 1974 رئيس يعتز بانتمائه إلى هذا التيار، وهو الرئيس (جيمي كارتر)، الذي عبر عن حقيقة الرباط العقدي بين اليهود والمسيحية الأميركية في خطاب له أمام الكنيست الإسرائيلي عام 1979 قال فيه: "إن علاقة أميركا بإسرائيل أكثر من مجرد علاقة خاصة.. لقد كانت ولاتزال علاقة فريدة، وهي علاقة لا يمكن تقويضها، لأنها متأصلة في وجدان وأخلاق وديانة ومعتقدات الشعب الأميركي" (رضا هلال ص 166-167)، ومن بعد كارتر زادت قوة هذا التيار رسوخا برئاسة (بوش) الأول، ثم بوش الثاني.

وقد توصل أحد الباحثين الأميركيين مؤخرا -بعد دراسته لكل أحاديث الرئيس الحالي بوش وخطاباته- إلى أن بوش "أصولي مسيحي، يؤمن بأن الضفة الغربية وقطاع غزة منحة ربانية لليهود لا يجوز التنازل عنها". وهو نفس الاعتقاد الذي عبر عنه (التحالف المسيحي) بقيادة (بات روبرتسون) مؤخرا في مسيرة له بواشنطن العاصمة، طالب فيها القادة الإسرائيليين بعدم التنازل عن الضفة الغربية وقطاع غزة، لأن ذلك "مناقض لإرادة الرب".


ومما يدل على أصولية الرئيس بوش أنه أول رئيس أميركي يمول التعليم الديني من ميزانية الدولة الأميركية التي يفترض فيها أنها دولة علمانية تقف من الدين موقف الحياد. وحينما سأل الصحفي الشهير (جيم لهرر) جورج بوش أثناء مناظرة تلفزيونية مع (آل غور) عن برنامجه اليومي، رد بوش بأنه يبدأ يومه بقراءة في الكتاب المقدس، وإطعام كلبه، وإعداد القهوة لزوجته. كما صرح مرارا بأن المسيح هو مثاله السياسي. وهذه مظاهر جديدة على السياسة الداخلية الأميركية، كما لاحظ البروفسور (جون أسبوزيتو) مدير مركز التفاهم الإسلامي المسيحي بجامعة (جورج تاون)، في كتابه الجديد "الحرب غير المقدسة".

وقد شاهدت بنفسي الرئيس بوش خلال العام الماضي وهو يصرح بأن "اليهود هم شعب الله المختار الوحيد على وجه الأرض".

ورغم وجود يهود في الحزب الديمقراطي، نظرا لانقسام اليهود إلى ليبراليين ومتدينين -وأحيانا تفاديا لوضع البيْض في سلة واحدة- فإن الجماعات اليهودية بدأت في الأعوام الأخيرة تميل إلى الحزب الجمهوري، لأن ولاءه للمسألة اليهودية نابع من اعتقاد ديني ثابت، مجرد من الاعتبارات السياسية والإستراتيجية في الغالب، بخلاف الحزب الديمقراطي ذي الميول الليبرالية، الذي يتعامل مع إسرائيل باعتبارها "دولة دنيوية" إلى حد ما.

الوجه الجديد للمسيحية الأميركية


فكرة إنشاء "وطن قومي لليهود في فلسطين" آمن بها المسيحيون البروتستانت قبل إيمان اليهود بها، وسعوا إلى تنفيذها قبل أن يسعى اليهود إلى ذلك، بل قبل أن يؤمن اليهود بإمكانية تحقيقها

في عام 1983 وصلت إلى القدس الكاتبة الأميركية (غريس هالسل) ضمن مئات من المسيحيين الأميركين جاؤوا في رحلة إلى الأراضي المقدسة على نفقة القس (جيري فالويل)، ولاحظت الكاتبة الأميركية أن فالويل لم يشر في منشوراته التي وزعها على المسافرين على الإطلاق إلى "أن هؤلاء الحجاج المسيحيين قادمون إلى الأرض التي ولد بها السيد المسيح، ونشر دعوته.. بل كان كل تركيزه على إسرائيل" كما لاحظت أن "المسيحيين [الفلسطينيين] كانوا حولنا في كل مكان، لكن فالويل لم يرتب لنا لقاء مع أي من هؤلاء المسيحيين"(غريس هالسل ص 59).

ولو أن هالسل عاشت لترى حصار الجنود الإسرائيليين لكنيسة المهد أمام سمع وبصر العالم المسيحي، لأدركت أن المسيحية الجديدة لم تعد تمت بصلة للمسيحية التي آمنت بها.

واستغربت هالسل كيف أصبح اليهود في نظر العديد من المسيحيين الأميركيين أقرب وأهم من المسيحيين الآخرين، بمن فيهم المسيحيون الفلسطينيون، كما استغربت كيف أن بعض المسيحيين الأميركيين مستعدون لتجاوز الخطوط الحمراء في خدمة الأهداف اليهودية، أكثر من اليهود أنفسهم، كما دلت عليه حاثة اعتقال الشرطة الإسرائيلية مجموعة من الأميركيين كانوا يخططون لنسف المسجد الأقصى عام 1999(هالسل ص 89).

ويمكن أن نضيف نحن إلى ذلك أن الأصوليين المسيحيين أكثر جرأة في الطعن في الإسلام، وجرح مشاعر المسلمين، من حلفائهم اليهود. كما تدل عليه تصريحات (فرانك غراهام) و(بات روبرتسون) و(جيري فالويل) حول الإسلام خلال العام المنصرم.

ولاحظت الكاتبة الأميركية أن الأصوليين المسيحيين في أميركا "مستعدون لتقبل نقد موجه لفرنسا أو إنجلترا، أو ألمانيا، أو إيطاليا، أو الولايات المتحدة، أو أي بلد آخر في العالم، لأن ذلك شأن سياسي، أما نقد إسرائيل فهو يساوي عندهم نقد الرب ذاته" حسب تعبيرها (هالسل ص 80).


اليهود تحولوا من "أمة ملعونة" إلى "أبناء الرب"، من "الغيتو" إلى قمة المجتمع، من "أمة مدنسة" ظلمها المسيحيون كثيرا، إلى "أمة مقدسة" يظلم بها المسيحيون شعوبا أخرى

إن فهم المسار التاريخي الذي أدى إلى تهود المسيحية البروتستانتية هو المدخل الصحيح -في اعتقادي- لفهم السياسة الأميركية في فلسطين، وفي العالم الإسلامي بشكل عام، فالوقوف عند المظاهر السياسية والانتخابية لهذه السياسة لم يعد مجديا اليوم، وتفسيره بمجرد "شطارة" الأقلية اليهودية في أميركا تفسير سطحي لظاهرة تاريخية عميقة ضاربة الجذور "متأصلة في وجدان وأخلاق وديانة ومعتقدات الشعب الأميركي" حسب تعبير الرئيس (كارتر).

لقد آن الأوان لفهم الحقيقة المرة: إن إسرائيل التي نعتبرها آخر جيوب الاستعمار والعنصرية، هي في أذهان أغلب الأميركيين مشروع إلهي لا يقبل الإدانة والنقد، فضلا عن المقاومة والنقض، فهل ندرك مدلول ذلك في الوقت الذي يترسخ فيه أثر الدين في السياسة الأميركية يوما بعد يوما؟؟!!

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/6...2BBEC982F3.htm
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 24-01-2009, 09:20 PM   #3
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


إخواني الأعزاء:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد :
الموضوع الذي بين يدينا هو موضوع له أهمية خاصة فهو موضوع يتعلق بالصهيونية من جانب ، ومن جانب
آخر فهو يتعلق بالأسلوب التربوي الذي يعتمد عليه في تنشئة أبناء هذه العقيدة.
ولا أعرف هل من المناسب أن تكون هذه المقالة في هذا الركن أم في خيمة الأسرة والمجتمع؟
لكن على كل حال لي عودة بعد حين بإذن الله لذكر جوانب استراتيجية تتعلق بالتربية وعلاقتها بوجود
هذا الجيل من العسكريين المتعطشين للدماء . هل تفعل التربية كل ذلك ؟ هذا ماسوف يجيب
عليه المقال الذي بين يديكم وهو مكتوب من أسبوعين فقط بل أقل من ذلك . وكذلك يجيب على
هذا السؤال مشاركات أوردها فيما بعد ..
***
التربية العسكرية الصهيونية.. صورة واقعية!!

خلال العقود الثلاثة الماضية تركزت المجهودات الرسمية العربية على مواجهة القتل والإفراط في إراقة الدماء الذي حدث بناءً على التوظيف الخاطئ لشروط الجهاد ومعناه من اتجاهات مختلفة، واستخدمت المؤسسات الرسمية في ذلك وسائل عدة يخشى البعض أن يكون قد نتج عنها تفريط بيّن في الأثر الإيجابي لمعنى فريضة نص عليها كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بشروطها ووظيفتها الصحيحة الصائبة وبضوابطها العلمية المقبولة والمشروعة .

تلك الفريضة التي عمد الغرب إلى محاربتها ومحاولة طمس مفرداتها من الخطاب العربي، وإحداث هالة من الرعب يتوهمها البعض ويتوجس فيها الخيفة عند ذكر كلمة الجهاد، مع أنها فريضة إسلامية قد ينبني على تركها هلاك الفرد والأمة في الدنيا والآخرة.

وعلى العكس التام من ذلك وفي ذات الفترة نجد الكيان الصهيوني يغرس في مواطنيه منذ نعومة أظفارهم روح العسكرية والقتل انطلاقاً من وهم صهيوني باطل مفاده أن اليهودي يتقرب إلى الله بدماء المسلمين.

تأملات تربوية عسكرية بين الواقع الصهيوني والعربي تستوقف المتأمل للعدوان الجاري على أرض غزة وبسالة المقاومة الإسلامية التي تربت تربية عسكرية صحيحة، وعلى النقيض اختفاء روح المقاومة للمحتل عند قطاع عريض من المسلمين.

أما عن الجانب الصهيوني وعلى الرغم من حبهم للدنيا وكراهيتهم للموت وجبنهم الشديد أمام العقيدة الصلبة للمسلم المجاهد، إلا أن لديهم قدرا من التشكيل التربوي العسكري الذي يدعم قتلهم للمسلمين.

وعلى هذا النحو سنحاول في هذه المقالة إلقاء الضوء على التربية العسكرية عند الصهاينة وعقد مقارنة سريعة مع ما عند المسلمين في وقتنا الحاضر.

التربية العسكرية في الكيان الصهيوني:
إن المسلمة الرئيسية في التربية العسكرية الصهيونية أنها تربية عقدية، تنطلق من اليهودية المحرفة، وتستمد مرجعيتها من المطامع الصهيونية، إذن فهي مبنية على أساس ديني.

وعلى الرغم من أننا نعتقد في انحراف هذا الأساس، إلا أنه يعطي الناشئين قوة معنوية يستمدون بها تحركاتهم العسكرية في الميادين وفي الحياة العامة.

والتطبيقات العملية لهذه التربية العسكرية الصهيونية يمكن إيراد نماذج منها بالصور التالية:
- التجنيد إجباري داخل الكيان الصهيوني للرجل والمرأة حيث تبدأ الخدمة العسكرية عند المرأة والرجل من سن 18عام حتى 38 عام للنساء و40 عام للرجال، وتمتد خدمة المرأة في الجيش الصهيوني مدة عام ونصف العام، في حين يخدم الرجل لمدة ثلاث سنوات إجبارية، وشهر كل عام، إضافة إلى الخدمة الاحتياطية التي يدعى إليها في حالات الطوارئ. إذًا فنحن أمام مجتمع عسكري ذكوراً وإناثاً، والمناخ العام داخل المحيط الصهيوني هو مناخ عسكري، والتآلف مع الوضع العسكري سواء كان شكلياً في الزي والحركات أو مضموناً في التدريب والممارسات هو تآلف دائم اعتادت العين عليه وتربى الوجدان في ظلاله، وبالتالي فهو بمثابة تربية عسكرية بالقدوة للمجتمع ككل، كما أن هذه الفترة العسكرية من عمر اليهودي كافية للتكوين النفسي والعملي العسكري، ومن ثم يكون الجندي اليهودي مهيأً لتصدير ما تربى عليه عسكرياً لمن هو أصغر منه.

- الأم هي العماد التربوي داخل الأسرة والكيان الصهيوني له تعامل عسكري خاص ومتفرد مع المرأة الصهيونية حيث تخدم المرأة في الجيش الإسرائيلي خدمة إجبارية؛ فالجيش الصهيوني يعتبر أول جيش ألزم المرأة بالخدمة العسكرية، وتمثل المرأة في الجيش الصهيوني ثلث القوات العسكرية، وهذا يعطيها أهمية قصوى في الجيش وتواجدها يمثل عاملاً أساسياً في قوة الجيش الصهيوني؛ فقد تم دمجهن في أفرع الجيش العسكرية مثل سلاح الطيران والمدفعية والمشاة وكافة الأقسام الأمنية والإدارية التابعة له، واعتبر هذا القرار من قبل المنظمات النسائية الصهيونية قراراً تاريخياً واعترافاً رسمياً بدور المرأة والمجندة داخل الجيش. كما شهد عام 1978 تخريج أول دفعة من النساء الطيارات برتبة قائد طائرة وخاصة الطائرات من نوع "ستايلوك"، وكانت المجموعة تضم 12 فتاة وهو العام الذي شهد تخريج دورة ضابطات في سلاح المدفعية يتولين مسؤولية إطلاق المدفعية وإصدار الأوامر للجنود لإطلاق المدفعية، هذا فضلاً عن استخدام المرأة الصهيونية في تحقيق الأهداف العسكرية وفق القواعد الاستخباراتية الصهيونية المنحلة.

وبالتالي فنحن أمام إمرأة عسكرية، تكوينها النفسي ووعاؤها التربوي عسكري فكيف سينشأ أبناؤها؟

- ينشأ الطفل الصهيوني في أسرة خدمت أباً وأما في الجيش الصهيوني، ويدر كان عملياً معنى الجندية والعسكرية ودورهما في خدمة الأهداف الصهيونية، ومحاربتهم للمسلمين، ومن ثم تكون مرجعيتهم التربوية لطفلهم سائرة وفق نهج عسكري تزداد حدته كلما ازداد التدين اليهودي للأسرة، ليأتي دور التعليم ليكون مكملاً للدور التربوي العسكري الأسري.

- المناهج التعليمية جميعها تكرس كراهية اليهودي للمسلم وتصور المسلم بصور عكسية تسقط عليه كل الجرائم الصهيونية التي يرتكبها اليهودي، وفي ضوء ذلك يزيف واضعي المناهج الحقائق التاريخية والجغرافية من أجل إيجاد جيل من اليهود ليس لديه أدنى استعداد لمناقشة ما غرس فيه من أباطيل.

- تعمل المناهج التربوية في التعليم الصهيوني على بث روح الجندية والعسكرية وشرف القتال في سبيل العقيدة اليهودية في نفوس الطلاب، ليصير الطالب وكأنه جندي في الجيش أو على أقل تقدير يكون معد إعداداً نفسياً جيداً للانخراط في صفوف الجيش الصهيوني.

- تقوم حضانات رياض الأطفال بتنظيم رحلات للأطفال إلى قواعد الجيش الصهيوني وتحرص الإدارات على أخذ صور تذكارية لكل طفل وهو يقف فوق دبابات الجيش، وبعد ذلك يتم توزيع رايات ألوية الجيش على الأطفال، فالصور الذهنية المطلوب رسمها في الأطفال هي إكبار الجيش وحبه وتقديره، وفي ذات الوقت إبراز اهتمام الجيش بالطفل ليصنع معه رابطة وجدانية، يتوق الطفل من خلالها للمساهمة مع الجيش بأي شئ وهنا تأتي الخطوة التالية.

- في حالات الحروب يحفز الأطفال على كتابة رسائل عدائية على الصواريخ الصهيونية قبل إطلاقها على المسلمين، وجزء من هذا تم ابرازه إعلامياً في الحرب على لبنان.

- يتم تنظيم رحلات لطلاب المرحلة الثانوية إلى مواقع الجيش الصهيوني، حيث يشاهد الطلاب مناورات وتدريبات بالذخيرة الحية، هذا فضلاً عن زيارتهم إلى المواقع التاريخية التي شهدت معارك بين الجيش الصهيوني والجيوش العربية، ليربط الماضي بالحاضر ويجعل النفس اليهودي دائماً مشتاقة لأرض المعركة.

- هناك عمليات متبادلة بين المدارس في الكيان الصهيوني وبين ألوية الجيش والوحدات المختارة حيث تكلف المدارس الطلاب وتحثهم على إرسال رسائل إلى الجنود لشكرهم على الجهود التي يبذلونها لحماية الكيان الصهيوني.

- تقوم ألوية الجيش الصهيوني بإلصاق لوحات دعائية لها في المدارس الثانوية لحث الطلاب على التطوع في صفوفها بعد تجنيدهم الإجباري للجيش.

- تتعاون المدارس الصهيوينة مع شعبة القوى البشرية في الجيش لتنظيم دورات تجنيد للطلاب خلال المرحلة الثانوية وذلك لإعدادهم لمرحلة الجيش، حيث يقوم الضباط والجنود بالتحدث إلى الطلاب في فصولهم الدراسية متفاخرين بما يقومون به من أجل الكيان الصهيوني، ومن أجل قضيتهم العقدية.

- قامت وزارة التعليم الصهيونية بتمويل مشروع يطلق عليه (تسافنا) ويهدف إلى تأهيل الضباط المتقاعدين من الجيش والمخابرات للانخراط في سلك التعليم، والضباط الذين تم تخرجهم من هذا المشروع عملوا فعلياً في المدارس والادارات، ويدرسون للطلاب في الفصول لتزداد التنشئة العسكرية الصهيونية ثقلاً وحيوية.
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 24-01-2009, 09:22 PM   #4
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

إذًا فنحن أمام منظومة تربوية عسكرية متكاملة تبدأ من الطفل وتنتهي إلى الطفل، فما واقع هذه المنظومة في عالمنا العربي؟

التربية العسكرية في العالم العربي والإسلامي:
قبل تناول هذه الجزئية وحتى لا نفتح مجالاً للهزيمة النفسية قبالة العدو الصهيوني نؤكد على حقيقة هامة أنه على الرغم من توظيف الصهاينة لكافة الأساليب التربوية في التنشئة العسكرية لكل المجتمع الصهيوني إلا أن أساسها العقدي باطل، ولو استخدم المسلمون الأساليب التربوية العسكرية ذاتها في تنشئة أطفالهم عسكرياً وفق الضوابط الشرعية ما خرج يهودي واحد من بيته.

ويبقى أنه رغم هذا التوظيف اليهودي المتميز لأدوات التربية العسكرية إلا أن مخرجات هذا المحضن التربوي في النهاية تفتقر إلى الشجاعة القتالية الحقة التي تستلزمها المعارك الحربية وتوفرها التربية العسكرية الاسلامية يقول الله تعالى: {لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} [سورة الحشر: 14].

أما بالنسبة لواقع التربية العسكرية عندنا فنجد أن الغارة على العالم الإسلامي عمدت منذ لحظاتها الأولى على تغييب فريضة الجهاد تماماً عن العقل والوجدان العربي والمسلم، وعن كافة المحاضن التربوية في العالم الإسلامي وظل هذا الأمر قائماً حتى يومنا هذا، حتى ولو كان الرمز للجهاد شكلياً، وما الحرب على المناهج الشرعية والدراسية في العالم الاسلامي لحذف كل ما له صلة بالجهاد منها إلا جزء من هذه الغارة.

ولذا فإن الصور على طمس التربية العسكرية كثيرة حتى يكاد المتابع يجزم أنه لا يوجد إلا نذر قليل من التربية العسكرية في العالم الإسلامي.

والعالم العربي والإسلامي بحاجة إلى إعادة النظر في توظيفه للأساليب التربوية العسكرية مقارنة بتوظيف اليهود لها، لأن المرحلة القادمة من التصعيد الصهيوني تستدعى جيلاً متفرداً من المقاتلين المسلمين المربين تربية عسكرية إسلامية وفق قواعد فريضة الجهاد دون إفراط أو تفريط.

ومن هنا يمكن تلمس بعض الومضات التربوية العسكرية التي يمكنها أن تعين في بناء هذا الجيل:
1- إحياء سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام في غزواتهم مع الكفار والمشركين وكذا المواقع الحربية التي انتصر فيها المسلمون عبر التاريخ وكيف كان بذلهم وتضحياتهم من أجل خدمة الدين الإسلامي وإعلاء رايته. وهذا الإحياء واسقاطه على الواقع الراهن يكون بكافة الوسائل التربوية داخل المجتمع فالأسر تغرس في نفوس الأبناء هذه العزة وتلك الانتصارات، والعلماء والدعاة يرفعون من جرعة تناولهم التربوي لهذا المجد، ووسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة تكثف من موادها الإعلامية التي تحوي تلك المضامين بما يخدم العملية التربوية، والقائمون على أمر التعليم يكثفون من تضمينهم لتلك الانتصارات والفتوحات في الكتب الدراسية وصياغتها بصور تربوية تناسب المراحل العمرية المتعددة.

2- قيام أحد دور النشر أو المراكز البحثية بعمل مشروع بحثي قومي يعمد إلى جمع وتوثيق التراث الإسلامي في المجال العسكري منذ بداية الغزوات الإسلامية إلى عهدنا هذا لخروجها في موسوعة ضخمة من داخلها يتم نشر مجموعات وسلاسل متوسطة الحجم تؤرخ للأمجاد العسكرية الإسلامية مع صياغتها بصورة تربوية تنمي في المجتمع روح البسالة والشجاعة والصمود. وهذا المشروع الضخم يحتاج إلى تمويل وفير ويمكن عمل وقفية خاصة به تمكن فريق البحث من انجازه في أسرع وقت وبأفضل جودة.

3- على درب الخطوة السابقة يمكن للباحثين والمتخصصين أن يقوموا بالبحث في سير أعلام قادة المسلمين عبر التاريخ وكيف رباهم الإسلام، وما الذي صنعوه ليصبحوا أعلاماً عسكريين، وتقديم هذه النماذج للمجتمع في صورة قدوات عسكرية اسلامية ينبغي الاقتداء بها.

4- تضمين مادة مستقلة خاصة بالتربية العسكرية لكل المراحل العمرية في المدارس والجامعات؛ وتكون مادة إجبارية وتهدف إلى تقوية عقيدة المسلم، وغرس قيم الصمود والاستبسال في المقاومة بداخله، إضافة إلى تفتيح مدارك الطلاب العسكرية لفهم واستيعاب خطوط سير المعارك مع العدو ومخطاطتهم في غزو الأمة. وهذه المادة يمكن إسناد تدريسها إلى الضباط المتقاعدين حيث يتم تأهيلهم تربوياً وتعيينهم بالمدارس والجامعات ليتولون تدريسها.

5- إعادة ربط الجيش بالمجتمع وتكوين علاقة وجدانية فيها حب وألفة بين أفراد المجتمع والجيش.

6- تنظيم الرحلات الطلابية للوحدات العسكرية والمتاحف الحربية لترسيخ الصورة العسكرية في نفوس الطلاب.

7- العمل على تنشئة الفتيات على الإيجابية في الحروب ليكون لهم أدوار أثناء الحروب ولاتتسم مواقفهم بالسلبية أو الضعف، وهذه الايجابية يمكن أن تكون في صورة التدريب على التطبيب، مع التهيئة للقيام بأدوار معاونة للمقاتلين في ساحات المعارك من إعداد الأطعمة وحياكة الملابس، والبذل والعطاء بالمال وغير ذلك من وسائل المعاونة.

8- على مستوى الأسرة فالآباء مطالبون بتضمين ثقافة التربية العسكرية ضمن أساليبهم التربوية مع أبنائهم، والمصحوبة بتقوية العقيدة الإسلامية في نفوس الأبناء، وفي ظل الأجواء العدوانية الراهنة المتمثلة في الاحتلال الصهيوني للأراضي الاسلامية يتم تنمية روح المقاومة والاستبسال والصمود في نفوس الأبناء، والحرص على تنشئتهم على روح الأخوة مع المسلمين المستضعفين هناك وأن القضية ليست مسألة شعب يبحث عن حقه في الأرض ولكنه صراع بين حق وباطل لابد فيه للحق أن ينتصر بإذن الله.

وبعد فهذه بعض الومضات التربوية السريعة في المجال العسكري والساحة مفتوحة لطرح مزيد من الرؤى والأفكار المعينة لتضمين ثقافة التربية العسكرية داخل المجتمعات الاسلامية لتكون محصنة وصامدة ضد أي عدوان عليها.


هذه الحلول المقترحة من جانب الكاتب لن يكون لها قدر من الواقعية إلا إذا تغيرت الفلسفة السياسية
للدولة أو إذا قام العلماء المختصون بأمور الدين بجعل هذه القضية محورية في التثقيف الديني والدعوي.

http://www.islamway.com/?iw_s=Articl...rticle_id=5027
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .