إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة اسم المستخدم
"من كان كل الناس اصدقائه فلا صديق له"
حلل و ناقش
|
محاولة ليس إلا
الجملة موضوع التحليل و النقاش متكونة من مبتدأ و خبر ...أو جملة شرط و جملة جواب الشرط ...أو فعل و نتيجة الفعل ...أو مقدمة و نهاية ...الخ الخ
الجزء الأول : من كان كل الناس أصدقائه -
و لنتوقف قليلا هنا ...!
هل يمكن أن يوجد انسان ما ، في أي زمان و في أي مكان ، كل الناس أصدقاء له ؟
هذا من المحال ،
حتى أفضل المخلوقات الإنسانية على الإطلاق و هم الأنبياء و الرسل عليهم الصلاة و السلام كان البعض منهم له نصيب من الأعداء يفوق بكثير ما لهم من أصدقاء و متبعين ...!
تلك سنة الله في خلقه ...!
قد أسمعك تقول لي : كل الناس لا نعني به الكل المطلق بل الكل النسبي ...أي أغلب الناس ...!
هنا أقول : نعم ، ممكن لإنسان ما بهذا المفهوم أن يكون كل الناس أصدقاء له ...!
و لكن ...أي ناس ؟
و ما هي هذه الصداقة التي تجعل منه صديقا للجميع ؟
و ما هو طبيعة شخصية " صديق الجميع " هذا ؟
أما عن الناس ، فالله سبحانه و تعالى أنزل سورة بأكملها في القرآن الكريم باسم الناس ، فيها أرشدنا إلى الإستعاذة به كرب للناس و كملك للناس و كإله للناس .."من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة و الناس " صدق الله العظيم .
فعلى قدر الوسوسة التي تحصل في صدور الناس ، تخلق العداوات بينهم و تكثر الضغائن ...و ينفرط عقد الصداقة و التحابب بينهم ...!
أما ما هي الصداقة التي تجعل من أحدنا صديقا للجميع ، فلا تخلو من أن تكون علاقة :
- شفافة جدا لا تتأثر بالحب و لا بالإساءة ، بل أن صاحبها لا تؤثر في الإساءة و كأنها لم توجد ...و هذا الصنف من الناس موجود و لكن وجودهم نادر جدا جدا جدا إلى درجة الإنعدام ...!
- مائعة جدا و صاحبها يتأثر بالحب و بالإساءة و لكنه يخفي تأثره من أجل أن يبقى "صديقا " للجميع ...و هذا الصنف من الناس موجود بكثرة و قد تختلف مقاصدهم في ذلك و لكن لا تخرج عن خوف أو طمع من هؤلاء " الأصدقاء " ...!
أما عن طبيعة " صديق الجميع " هذا ، فشخصيته :
- إما أن تكون شفافة جدا و لكن شفافية أصحابها لا تضمن لهم صداقة الجميع ، فلا أشف من شخصيات الإنبياء و الرسل الذين يتوجهون بالمحبة و الصداقة للجميع و يصبرون على من ينتصب عدوا لهم .
هؤلاء قد يصلون إلى صداقة الجميع في بواطنهم و لكنهم مطالبون شرعا أن يظهروا عدم صداقتهم لمن أعلن عداءه لهم ...!
- إما أن يكون إمعة بمفهوم الحديث الشريف أن يحسن عندما يحسن الناس و أن يسيء عندما يسيؤون كذلك ...، فهو لغايات ما و لأسباب ما ...متبع اتباع أعمى و مع الخيل يا شقراء
- أما أن يكون منافقا و العياذ بالله ، بمعنى أنه يبطن شرا و يظهر صداقة ...!
و قبل أن أنتقل إلى الجزء الثاني من المقولة
الإسم -مستخدمية المرببة ، لا بأس من ملاحظة أن الجزء الأول منها و هو : ( من كان كل الناس أصدقائه ) أنها جملة تعني أن الإنسان الفرد هو المنطلق ، بمعنى أنه هو من يسعى أن يكون كل الناس أصدقائه ...و ليس أنه وجد ، فجأة أو محصلة وضع ما ، نفسه صديقا للجميع ...!
نمر إلى الجزء الثاني من المقولة : (...فلا صديق له )
أي أن جميع أولئك الذين تحدثنا عنهم سابقا ، هم في الحقيقة لا صديق لهم ...!
و هنا عقدة المقولة المرببة
الإسم - مستخدمية
فإن كان صديق الجميع هذا قديسا ...فسيجد في نهاية الأمر من يريد أن يصلبه على خشبة ...أو يبقر بطنه ليخرج أمعاء هذا القديس كي يشنقه بها ...! ، يُــفعل بهذا القديس و أصدقائه يتفرجون عليه و لا يستطيعون نصرته : فأين هي صداقتهم له ؟!
و إن كان إمعة يدور حيث دار الناس ، فالأمر سينتهي به إلى البهذلة و الضحك عليه و السخرية منه من طرف مختلف أطياف الناس الذين أراد أن يجعل من نفسه صديقا لهم جميعا ، فشق منهم لا يرضون له أن يكون صديقا للشق الآخر المخالف أو العدو ...، فيجد هذا الإمعة نفسه في نهاية المطاف منبوذا من هنا و منبوذا من ذاك و يخسر بالتالي الجميع الذين أراد مصادقتهم .
و إن كان منافقا لمجموعة ما ، فإن حبل نفاقه و خداعه لن يطول كثيرا و يفتضح أمره ، ويجد نفسه منبوذا ممن نافقهم ردحا من الزمن ...و بالتالي يعود إلى صداقة البعض من الناس من لديه معهم صداقات و تواصل صحيح ...!
ملخص القول في هذا الهذيان :
أنه لا وجود لإنسان يكون صديقا للجميع ،
و إن فكر يوما أن يكون كذلك ، فلن يجد صديقا واحدا حقيقيا له ....!
قد يصل الإنسان أن يحب الجميع و لكن لا يمكن أن يكون صديقا لهذا الجميع بكل الحب الذي يحمله للجميع ...!
و هنا ...
يطول الكلام ...و تضيق العبارة ...و تعز الإشارة ،
و في هذا الموضوع الأخير ، يمكن الولوج و الخروج
إذا ما توفر الصفاء ...،
و النقاء .
و بان الإستعداد ...لتلقي الإمداد
حبي للجميع و أخص منهم الأصدقاء