لو باحوا قتلوا
للو باحوا... قتلوا
(1)
وهم الشهداء على العصر ...
هم الشهداء الصنوان
أخرج كل الشجر الصحراوي
مفاتنه ...شطء من شطء
وتجمع في بوتقة النور
صهيل الألوان
لاشيئ يملك أن يخرسهم
لاشيئ يملك من كلمات الوجد لديهم
مفردة واحدة المعنى
وهي الواضحة الإمعان
ماسار بدرب الليل غريب بعدهم
مافتئوا مذ كانوا نغما قدسيا
يطعن في غبش الليل قطيع الذؤبان
مافتئوا أحلام الليل الراهب...
مافتئوا شعلته الوقادة ...
مذ شهروا سيف النور بوجه الطغيان
***
يالهم
أرجال هم ؟
ليسوا جنا يستخفي في البعد الرابع
ليسوا بوصلة الوقت ...
وليسوا أشواق النيران
من طين
كبقية ما فوق أديم الأرض ..
فيا للإنسان
لكنهمُ
-والعهد بهم مرصوصون-
وسورتهم
تخطو فوق معا رجهم
تقرا طيف الوقت
وفي شريانهم المتوقد بالدم
يغسل عن أوجههم
ماشربوا من نصب –
إيمان في إيمان
ويقين في إيقان
مغر وسون بأضلاع الرؤيا
مغروزون بوقتي
ليتي ...
-إذ وسعتهم دنياي
وجاءتهم بشراي
وحط قميص الليل على جفنيهم –
ليتي
إذ جنتهم روحي
أيقظني تسبيح الليل ...،
تنفس صبحي بورود رفت
فانغمر الوقت لديَ،
وليتي أبحر ...،
هذي في كفيَ الشطآن
ليتي آرق مثلهمٌ
أنغرز بهذا الماء الصلب ...
أحط على شجر الأوجاع لديهم
أقطف بعض تباريحي
أفجأ طيرا في هدأته
- إذ حصوات الريح عليه حريصات -
مثلي ؟..
لا...
إن حصاي
وقد فتشت الأرض عليه –
حصاي بوجه الشيطان
ستتنا أن حصانا
-وهو الجمر اللاهب –
ليس يكف
وكيف يكف ونحن أولاء
نسيج من شجر الحب
مدينتنا النيراء؟
هي رحمة هذي الأرض
-المقدورة-
مذ قرأ محمد النجم
وأعلن أن الأرض جميعا
لايبقى من حجر فيها أو وبر
إلا شملته الرحمة ..،
وهو الرحمة ...،
وهو رحيم رحمن
***
ياربي
ما أملك مماتغمرني من فيضك
غير حروف تتجرد للمعنى
والمعنى والمبنى متفقان
لا أملك إلا أن أتوسل بالإيمان
لاأملك في هذا الكهف الضيق
إلا إخلاص النية والإذعان
والحجر الرابض في فوهة الكهف
وتنين الخوف الرابض في وجهي
بمخالب مثل رؤوس الشيطان
الحجر الرابض في فوهة الكهف
تزحزحه كف الرحمة ...
أتلو في وجه التنين حروف القرآن
حرف يبدأ من أقصى الروح
يحلق بي
يغرسني في قلب حديقة أسرارك ..
في أشجار الإحسان
وحدائق أخرى بين سرائر نفسي
ينبت فيها عطر التكلان
لاسبب من أسباب الدنيا أملكه
الجسد الناحل ...
والوجه الشاحب ...
والساعد لايقدر أن يرفع
بعض حصاة من ذرات الأرض
وبعضا من ظلمات الجدران
لاسبب من أسباب الدنيا أملكه
فتفضل بالجود علي َ ، وعلم قلبي
كيف يكف عن الخفقان ؟
قال الشيخ قديما لي:
القلب المتصل برب العزة ....
. يسكن دوما
حين يلوح أمام القلب النور ...،
فكيف يزول اطمئنان ؟
قال الشيخ قديما لي،
وتحملت حديث الشيخ وكلي إمعان :
الصادق لايتقلب فيه القلب.....
وكل جوارحه بركان
قال الشيخ قديما لي ....
ولقد أديت أمانته وتتبعت....
رواية بعض الأقران:
رهبانا بالليل تكونون فنعم الرهبان
فرسانا حين يطل الصبح ...
وتطلع شمس الأكوان
فرسانا حين يصولون يجولون ....
يمرون علي أكباد الرؤيا
ولجام في إثر لجام
وحصان في إثر حصان
فرسان حين تعود ون فنعم الفرسان
كان الشيخ يحدثني وأنا أرقب
تنين الخوف تصاغر ...أصبح نقطة ضوء
وسط ظلام النكران
والحجر الربض في فوهة الكهف ...
تدحرجه كف الرحمة ...
أخرج من صلف الوحشة ...
أغدو في صفو وأمان
(2)
أركان عشره
ظلت تقلب في الضوءين عليها
تغزل من وجدك مغزلها
تلجمها إذ تجمح ...
تدفعها إذ تطمح ...
وتواصل
رغم هجير الوقت
ملاينة الوقت
الوقت ملئ بسراب
يحسبه الظمآن الماء فيروي
لكن لا تروي الأحشاء
أركان عشرة
يعقوب يجمع كل الأبناء
يلقي أثقال الرحلة ...
يا للعمر الممتد المتوضئ...
ما بين عناء
وعناء
ياأبتاه
هل تتركنا ؟
أم أن نجومك في الليل ...
توصوص من شغف الإيمان
أو أومأت كما أوما ؟
أشخصت البصر الحلما؟
سست حصان الفهم وألجمت اللجما؟
رضت بساتين الإخلاص ...؟
عملت ليوم تشخص فيه الأبصار...؟
جهادك يزهر مذ أمّا
وثباتك في كل الأنحاء
أبتاه
عركتك المحنة تلو المحنة ...
إذ تتخلي
تتحلي
وترش على سجادتك الظمأى
أزهار الدمع
يحلو يحلو هذا الجمع
حتى لكأنك ...
إذ تخرج من دمع الدمع
وتعود لأثقال الطين ...
ويجفوك الهمع-
تخشي من فرط حنينك لمصابيح توقد ...
من شجر الزيتون المتواتر في آحاد السمع
تخشي أن يفجأك الحارس
حين تشق خطاه وصلصلة المزلاج ...
سكون السجدة
أن تفجأك الوحدة
كل منازلنا أقوت
كل منازلنا أقوت
لكن منازلك استقوت
واستعلت
والمحنة تلو المحنة ...
تجلوك ويرعاك الصمد
كل منازلنا أقوت
طال عليها الأمد
أخفت فيها الريح الزعزع ما نجد
ما لا نجد
أخفت فيها حيات الرمل ...
حنين قلوب تضطهد
وأنين صدور لا تسجد إذ سجدوا
الحاوي ...
القواد ...
القراد...
الليل الصلد
والبلد المنهوب وهذا الشعب اللايجد
يا بشراك ...
البئر ظلام سهد
وشعاعك خلفك يجلوه الجلد
كل منازلنا أقوت
ما طال عليها الأمد
وحنينك
هذا السهيد الوجد
متصل بالملأ الأعلى
يتقطر شوقاًُ يسعد إذ سعدوا
ها ...صحبك منتظروك ...
ألا تخبرهم أنا يذرونا الكمد؟
أنا يفجؤنا كل ثعابين الليل ...
وقد رصدوا
أبواب منازلنا ...
دقات الساعات الكسلى
فوق معاصمنا ...
وحنين الأبناء إلينا
رصدوا كل مصابيح الفجر ...
على شرفات قلوب أحبتنا
رصدوا ...
...وشهاب رصد
يغفو،فيظن الحمقى
أن شياطين الأرض المندسين ...
بقلب مشاعرنا
قرءوا ما يخفيه الحب
ويبديه العطر الغرد
كل حروفك فينا
نتحلق حوليها تسكبنا
حين يلاقي الصبح خطانا
تسكتنا ...
وتصفى الروح من الشوب ...
فنبع يترقرق إثر النبع
يغسلنا ...لا يبقي من درن
يمتد الجذع عميقا...
طلع يحدوه طلع
ويحط حمام البشرى في القلب
هل يملك نهر أشواق مصب
أم يهجر كل الأفاق ...،
ويكفر بالحب
ياليتي يا شيخي ألقاك
أعرف أنك بعض اللب
علقت على وجهك شمع الهدأة...
واستصحبت الصحب
لا السلم يخادعك
ولا تستصعب ضجر الصعب
كل منازلنا أقوت
فاسلكنا في سربك
مدرجة مدرجة
خففنا من أوزار علقت فينا
واشرح ما يخفي القلب
وتوضأ...
وادع تلاميذك للبيعة ...،
أشجار الرضوان تظل الركب
لا تعبأ...بالملصق صدرا ًبمخاوفه ...
والواقف ما بين الفتنة والدرب
فاصعد
وتأمل في الملكوت
إلي أن تنكشف الحجب
وتأمل وجه مدينتك الشوهاء...
وأترع كأسك للدنيا ...
إنا ظمأى
والعطش الأكبر فينا عربيد عضب
لا السلم صعباًًَ
لا الليل طويلا ...لا السهم الغرب
يثنيك عن البيعة ...
حين عرفت الأوب
أواه أنت ؟
كل خصالك تسفر كالصبح
وهذا الأخدود الرحب
يبدأ من دقات الساعات الموصولة
بالساعات الدرب
يمتد هنالك ...
حيث الذؤبان النبحى
والوادي المسعور الكلب
متسع هذا الأخدود...
لكل صباباتك
يا هذا الصب الصلب
متسع ...
وحدود الوقت سياج
يكتم أسرارك ...
حتى تقرءها مسروراً...
وتباهي ما شاء الرب
لا نملك إلا ...
أن ندعوه ...
فغربتنا طالت
وعذابات القلب
زُلزلنا ...
والوعد اللوح سيشرق
في هجرات الصبح العذب
***
لست أنهي الإبحار إن الليالي
في الشرايين وقدها والأمالي
والمدى الصارخ الحزين غمام
وبرود الإرعاد روح مقالي
ها أنا شيخنا الجليل حسام
مشرئب وهدأة في انفعال
ها أنا حدقة الصباح أصاخت
لحروفي ...،وما اكتشفت خيالي
أنا بعض من بعض ما يتلالا
منك، إني ترنيم بعض ابتهال
لا أبالي توقد الدمع فينا ...
أم توالت مشاعر البرتقال
أنت أترجة التعاليم ،فاحت
دمعة السالكين فارحم سؤالي
يا أبانا الذي أحبت سماه
خطوات له ووقد الظلال
جمعتكم هنالكم بشريات
وروتكم من سلسبيل الوصال
وشفت أنفسا توشوشها الحور
وهذي خيامها في المجالي
أنا أشتاقكم متى يتوارى
شبح الطين يبدأ استهلالي
أنا أشتقاكم فهل لفؤادي
أن يواري المدى بكفيه آلي
أيها الساكنون روحي استريحوا
إن روحي قد غادرت أوصالي
في هواكم كل البساتين هامت
وخطاكم في كل حرف تال
طاهر العتباني
|