العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الرد على مقال لماذا الاسم الحقيقي لأبو الهول هو مقام إبراهيم؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: انطلاق ثورة كردية ضد الاحزاب الحاكمه شمال العراق (آخر رد :اقبـال)       :: الخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الدراية في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الاول من كانون الاول يوم الشهيد العراقي (آخر رد :اقبـال)       :: العوج فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: السودان زوجة (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: الدرك في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: المد في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 25-07-2009, 03:24 AM   #1
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

الزمن الشعري في قصيدة الخيول لأمل دنقل دراسة أسلوبية

يمثل أمل دنقل 1940-1983 علامة مميزة على خريطة الشعر العربي المعاصر وتتسم أعماله بأنها تتمحور حول موقف محدد وهو الدفاع عن قضايا الوطن مصر والأمة (العروبة) فجيل أمل دنقل هو الجيل الثاني في مسيرة الشعر الحر وقد شب ّ مع نكبة فلسطين التي تجسد محنة العرب وتشكل التحدي الحقيقي لإثبات ما إذا كان هناك عربة وعروبة أم لا . وقد بلغ هذا الجيل درجة من الوعي أهلته لأن يكون لسان الأمة الداعي إلى فجر الحرية والوحدة .

***


قصيدة الخيول تعد من آخر ما كتب الشارع أمل دنقل وهي امتداد الموقف الملتزم الذي عاش به ومات من أجله ، وسيتم دراسة هذه القصيدة في ضوء المنهج الأسلوبي لاذي يعنى بدراسة النص باعتباره رسالة لغوية يستعين بها الأديب لتوصيل ما يريد من دلالات فكرية وشعورية ، ومن ثم يأتي الدرس الأسلوبي موظفًا مفاهيم علم اللغة العام لمعرفة أهم الخصائص الجمالية للنص الأدبي .


***



العنوان بين الدلالة والرمز
من أهم السمات الجمالية التي تميز الشعر المعاصر أن الشاعر صار حريصًا على أن يضع عنوانًا لكل قصيدة بل لقد انتقل الأمر أيضًا إلى كل ديوان يصدره ، وصار العنوان عنصرًا عضويًا فاعلاً في القصيدة بعكس ما كان من قبل كالشوقيات والحمدانيات وغيرها مما يعكس تمحور الرؤية وقتها على الأديب لا الفن الذي يقوم بإنتاجه .
ويأتي العنوان دالاً بشكل واضح على ما أراد أن يستثره الشاعر لدى القراء .
وعنوان القصيدة لا يحمل جملة ذات دلالة رحبة وإنما كلمة واحدة وهي الخيول اسم جمع لاسم جنس وهو الخيل وهي كلمة مؤنثة لا واحد من لفظها لها .
والخيل له معان مشتقة منه كالخيلاء والخيالة والخيال والخال ونسأل أنفسنا من ثم ما القضية التي ألحت على مخيلة الشاعر وجعلته يختار هذا العنوان ؟
هناك في مجال الارتباط بين الإنسان والحيوان حيوانات متعددة تدل على الشعوب كالفيل الذي هو رمز للهنود والدب للروس والديك للفرنسيين وهكذا ..
أما بالنسبة للعربي فهناك كلمتان تذكران في هذا السبيل وهما :
الجمل : وقد استخدمته بعض الدول كدلالة على التخلف والتأخر لدى الإنسان العربي وهذه صور تحرص بعض الدول الأجنبية على إظهارها .
الحصان : ويدل على الأصالة والذكاء والقدرة والوفاء . معرف أن الخيل العربية تعد من أعظم وأغلى أنواع الخيول .وكلمة الخيل والخيول ذات تراث تاريخي طويل لأنها كانت من أهم أدوات النصر في الحروب حتى مطلع النهضة الحديثة وفي سورة الأنفال "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم " وفي سورة آل عمران "والخيل المسومة والأنعام والحرث " تنجية ما بق أن الشاعر كان على قدر كبير من الوعي بدلالات الكلمة حينما جعلها رمزًا للإنسان . ولكن ما العلاقة بين ا لرمز والمرموز التي ألحت على المخيلة وجعلته يجعل هذه الدلالة على ذلك المدلول ؟


***


الزمن الشعري مفتاح القصيدة

هناك ما يسمى بعبارة المفتاح وهي التي تكون مدخلاً للنص وقد تكون كلمة أو جملة وقد تكون ذات دلالة معنوية أو تركيبة صوتية وقد تصدر عن المؤلف بوعي أو دون وعي .والدارس حين يبدأ بهذه العبارة المفتاح فإنه يعود بها ثانية إلى بنية النص لكل يفسر الكل على ضوء الجزء وهذه الفكرة أشارإليها الكثير من النقاد . والمدخل الأسلوبي لفهم القصيدة هو لغتها وهذاما لا خلاف عليه بين كل النقاد .
من هنا نقول إن بالقصيدة شيئًا لافتًا يذكر بالقصة الحديثة وها ما يسمى بالزمن الشعري مقابل الزمن القصصي . فالزمن في الشعر ليس زمنًا تاريخيًا يسير في خط طولي مستقيم وإنما هوزمن نفسي مستدير متقاطع .
وفي هذه القصيدة نجد أن أهم ما يميز القصيدة هو أننا لا نجد هناك أية عبارة تدل على المستقبل الآتي ويمكن تصور الزمن الشعري في القصيدة على هذا النحور :
المضارع : موجود بكثيرة
الماضي : بشكل أقل
المطلق :بدرجة أقل
المستقبل : منعدم تمامًا
والمقصود بالمستقبل هوالفعل المضارع المسبوق بالأداة سوف أو ســ .. كأن تقول سنسافر سنفوز ....
وأهمية الزمن في القصيدة يعكسها أمران :
الأول معنوي : يرجع إلى أن صورة الزمن في القصيدة تعتمد على التداخل النفسي ،وليس التتابع التاريخي ، من هنا نجد القصيدة تتبع أسلوبًا يشبه طريقة الاسترجاع حيث نجد الشاعر يزاوج بين الخيول في الماضي والحاضر ليحدث نوعًا من التضاد ليصور بوضوح ما يمكن تسميته الحاضر العقيم في تاريخ الخيول (والمقصود بها الشعوب).
الثاني وهو الأهم :أمر لغوي حيث نجد في القصيدة تعبيرات دالة على الزمن هي :الزمن الذهبي -زمن يتقاطع - ينحدر الأمس -جسد الذكريات -استدارت مزولة الوقت .
ولعل أهم هذه التعبيرات هي جملة زمن يتقاطع التي تمثل جملة المفتاح التي تقود إلى فهم عالم القصيدة .
***


الزمن الماضي :
تبدأ صورة الخيول من هذا الجزء :
كانت الخيلُ - فى البدءِ – كالناس
برِّيَّةً تتراكضُ عبر السهول
كانت الخيلُ كالناس فى البدءِ
تمتلكُ الشمس والعشب
والملكوتِ الظليل
ظهرها... لم يوطأ لكى يركب القادة الفاتحون
ولم يلنِ الجسدُ الحُرُّ تحت سياطِ المروِّض
والفمُ لم يمتثل للجام
ولم يكن ... الزاد بالكاد
لم تكن الساق مشكولة
والحوافر لم يك يثقلها السنبك المعدنى الصقيل
كانت الخيلُ برِّيَّة
تتنفس بحرية
مثلما يتنفسها الناس
فى ذلك الزمن الذهبى النبيل

فالشاعر هنا يصور ماضي الخيول حيث كانت تعيش حياة برية تتنفس بحرية تمتلك العشب والملكوت والشمس ، ولم يكن زادها بالكاد وفي نهاية الفقرة يربط الشاعر بين الرمز والمرموز .
ومن الملاحظ في هذا الجزء أن الشاعر يستخدم في أثناء الحديث عن الماضي :الفعل المضارع المنفي ب(لم) وهي حرف نفي وجزم وقلب ، في خمس جمل متتالية ، وهنا نلحظ أن الشاعر يتحدث عن الماضي كثيرًا بصيغة المضارع وقد يكون هذا الفعل المضارع :
-مسبوقًا بالفعل الناقص (كانت- الخيل تمتلك الشمس)
-مسبوقًا بحرف نفي لم يلن الجسد الحر)
مضارعًا حقيقيًا ولكنه يدل على الماضي (ينحدر الأمس)
وهذا يعد من مظاهر إبداع القصيدة إذ أن عنصر المضارع قد جمده بدقة شديدة وعاش الماضي فيه داخله في شكل ذكريات أشهرت شوكها كالقنافذ وسلخ الخوف بشرتها . وهذا يمهد لأن يختم المقطع الخاص بالحديث عن الماضي قائلاً:
"فاركضي أو قفي
كل درب يقودك من مستحيل إلى مستحيل
."
إذًا لقد بلغ اليأس بالشاعر شأوًا كبيرًا عجز معه على التحدث بصيغة المضارع ليأتي مشوهًا كما هو واقعنا المشوه والذي يقتات على أمجاد الماضي .
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-07-2009, 03:28 AM   #2
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

الزمن المضارع :

يشكل الزمن المضارع جزءًا كبيرًا من بنية القصيدة ، ويبدأ بعد خمسة سطور يستغرقها الزمن المطلق من البداية . والبدء بالحديث عن الحاضرة دلالة على أهميته بالنسبة للشاعر ، وبالتالي لجمهوره المتلقي الذي يريد أن يصدر إليه موقفه .
بيد أن الشاعر حين يشرع في تصوير الزمن الحالي للخيل لا يقدمه بشكل مباشر وإنما عن طريق فعل ماض-جامد -ناقص - منفي فيقول :
صيرى تماثيل من حجرٍ فى الميادين
صيرى أراجيح من خشبٍ للصغار – الرياحين
صيرى فوارس حلوى بموسمك النبوى
وللصبية الفقراء حصاناً من الطينِ
صيرى رسوماً ... ووشماً
تجف الخطوط به
مثلما حفَّ – فى رئتيك – الصهيل !


يلاحظ في هذه الفقرة تكرار النفي لتثبيت دلالته بالنسبة لحاضر لا تحارب فيه الخيول وإنما تركض كالسلاحف نحو زوايا المتاحف والشاعر يقدم هذه الصورة الساخرة عبر فعل آخر ناقص جاء على صورة الفعل الأمر . وقد استخدمه في فقرة واحدة أربع مرات تأكيدًا صورة مبكية باكية والذي يعد من جماليات القصيدة المعاصرة .

ماذا تبقى لكِ الآن ؟ ماذا ؟
سوى عرقٍ يتصببُ من تعبٍ
يستحيل دنانير من ذهبٍ
فى جيوب هواةِ سلالاتك العربية
فى حلبات المراهنةِ الدائرية
فى نزهة المركبات السياحية المشتهاة
وفى المتعة المشتراة
وفى المرأة الأجنبية تعلوكِ فى ظلالِ أبى الهول
( هذا الذى كسرت أنفه لعنة الإنتظار الطويل )


هكذا تتحول الخيول الغازية الفاتحة (على مستوى الرمز والمرموز أي الشعوب) إلى تماثيل ورسول ودمى من الحلوى أو الطين .
وتبلغ المأساة أعمق أشكالها حينما يصورها في المقطع الأخير بمن تعلوه المرأة الأجنبية.كذلك يأخذ الشارع حقيقة واضحة ليقدمها على سبيل الاستعارة المكنية -إمعانًا في السخرية والتشاؤم-ولكن الشاعر يقدم الفكرة على أساس أنها صورة مجازية (كسرت أنفه لعنة الانتظار الطويل ) وليس عوامل التعرية .


غياب زمن المستقبل :


ذكر المؤلف أن عنصر الزمن بشكل المحور العام للقصيدة ،وأهم مرحلتين يحرص الشاعر على تصويرهما :الماضي والحاضر ويقدمهما بدرجة من التداخل والامتزاج توحي بما بينهما من تقابل وتضاد : سواء على مستوى المعنى أو الصورة أو التركيب اللغوي ، حيث يستخدم الشاعر أحيانًا الفعل المضارع للدلالة على الماضي من ذلك على سبيل المثال :
"تنحدر الشمس
ينحدر الأمس
تنحدر الطرق الجبلية للهوة اللانهائية
"
كما يوظف الفعل الماضي للدلالة على المضارع مثل قوله
"استدارت -إلى الغرب- مزولة الوقت
صارت الخيل ناسًا تسير إلى هوة الصمت
."
ملاحظات :
الأولى : العبارات الدالة على الحاضر تبلغ نسبتها ضعف العبارات الدالة على الماضي 13: 26 ، 100:50وربما كان سر ذلك هو أن هموم الشارع كلها مرتبطة بحاضر متخاذل يريد تغييره ، في حين أن الماضي مجرد مثير يبرز حدة التناقض بين ماض عظيم وحاضر عقيم
الثانية : الاقتباس أو التضمين الذي لا يظهر في القصيدة إلا في أثناء التعبير عن الماضي حين يقول :
"أيتها الخيل .. لست المغيرات صبحًا
ولا العاديات -على الأرض ضبحًا"

الثالثة : إن درجة التعادل في التعبير بين الماضي والحاضر غير متكافئة في بنية القصيدة غير أن الحديث عن زمن المستقبل مفتقد دائمًا وغائب كليًا مما يشي بقدر من التشاؤم المتخيل عند الشاعر . إن ضعف الخيول -التي هي رمز للأمة - جعل الشاعر لا يرى المستقبل مشرقًا قويًا لذلك حجب الحديث عن الزمن كلية في القصيدة .
***
الزمن المطلق :

هناك بعض عبارات ترد في مطلع القصيدة وبُعيد المنتصف خالية من الارتباط بالزمن وهي قوله :
أ-"الفتوحات في الأرض مكتوبة بدماء الخيو
وحدود الممالك ..رسمتها السنابك
والركابان ميزان عدل يميل مع السيف حيث يميل"
ب-"الخيول بساط على الريح ..
سار على متنه الناس للناس عبر المكان
والخيول جدار به انقسم الناس صنفين
صاروا مشاة وركبان
هاتان الفقرتان تتكونان من جملتين طويلتين نسبيً اوكلتاهما تتركب من :
1- جملة اسمية +جملة اسمية أو أكثر(معطوفة)
2-الاسمية في الجملة تغلب على ركني الجملة : المبتدأ والخبر سواء أ:انت الجملة ابتدائية أم معطوفة .
3-شيوع الاسمية في التركيب هو الذي يبعدها عن الارتباط بالزمن من حيث الدلالة .
كما يلاحظ من هذه الجمل- من حيث المعنى- تقدم حِكَمًا أو أقوالاً مأثورة ، تأخذ طابع (الإخبار ) ، والخبر في كلتا الفقرتين كما يقول البلاغيون القدماء لازم الفائدة ، فالشاعر في غمرة يأسه من حاضر الخيول ،يتصور أن الناس قد نسيت الأمور البدهية في الحياة لذلك يقدم لهم هذه الحكم والأقوال - في نسق لغوي - وكأنه يقدم لهم حقائق لم يكونوا يعلمونها .
والشارع إذ يقدم تلك الحكم في هذا السياق الدلالي غير المرتبط بزمن يخبر بحقائق مؤكدة لعل أهمها
-الفتوحات لا تكتب بغير الدماء.
-العدل لا يتحقق بغير السيف .
-الخيول هي المعبر الوحيد من مكان إلى مكان أو من حالة الذل إلى النصر
الخيول جدار فارق بنقسم به الناس صنفين مشاة وركبان ،جبناء وشجعان ،مهزومين ومنتصرين.
أمر آخر لابد الالتفات إلهي لإظهار الأهمية لهذه العبارات فالفقرة (أ) تمثل مطلع القصيدة أو افتتاحيتها ، وقد تحدث النقاد العرب كثيرًا عن أهمية المطلع . ورأوا أنه يؤذن بجودة القصيدة أو قبحها

***


علاقة الزمن الشعربالزمن الواقعي :لعله قد اتضح من خلال هذا التحليل الأسلوبي لعنصر الزمن الذي يشكل المحور الأساسي لبنية القصيدة عدة أمور :
1- الزمن الحالي يمثل العنصر الأكبر الذي اهتم به الشاعر .
2-الزمن الماضي موجود بدرجة أكبر تصل إلى50% بالنسبة لصورة الزمن الحالي
3-الزمن المستقبل مغيب تمامًا في القصيدة.
4- الزمن المطلق موجود بدرجة أقل من الماضي وينوب عن المستقبل في القصيدة
على هذا فإن الزمن الشعري في قصيدة الخيول التي يلتحم فيها الرمز بالمرموز معادل موضوعي للزمن الواقي أو التاريخي المعاصر يعكس حركته الحقيقية ويعبر عن كل آلامه وبعض آماله .
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 03-08-2009, 04:21 PM   #3
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

دعوة- -فتحي سعيد(دراسة أسلوبية)
لا تَخْرُجْ مِنْ بَيْتِكْ
لا داعىَ أَنْ تخرج من بيتكْ
اقْبَعْ فى رُكْنٍ مِنْهُ و أَوْصِدْ بابَكْ
مِثْلَ القابِعِ فى دارِه
مِثْلَ الآمِنِ فى غارِه
بابُكَ محرابُكَ فَتَعَبَّدْ
و تَفَيَّأَ ظِلَّ جِدارِه
و تَنَعَّمْ بِضَجيجِ صِغَارِه
فالعالَمُ فى الخارِجِ مَعْتوه
قَدْ جُنَّ فَعَرْبَدْ
و الطَّقْسُ كَئيبٌ و مُلَبَّدْ
و البَرْدُ شَديدٌ..فَتَشَدَّدْ
البَرْدُ شَديدٌ هذا العامْ
و الأُفُقُ غَمَامْ
و جَبينُ العاصِفَةِ تَفَصَّدْ..
ثلجاً أَسْوَدْ
فاشْدُدْ فى صَمْتٍ أَوْتارَكْ
و تَدَثَّرْ لا تَبْرَحْ دارَكْ
إنْ تخرجْ تَزْدَدْ
لا تخرج من بيتكْ
اقبع فى دارك..
تَرْبَحْ
و احْتَمِل العُزْلَةَ و تَعَوَّدْ
**************
أغْلِقْ شُبَّاكَكْ..لا تَأْمَنْ لِهُبوبِ الرِّيحْ
لِلنِّسْمَةِ أُذُنانُ
و لِلجُدْرانِ
عَيْنانُ..و لِلَّيْلِ فَحيحْ
و الجَوُّ رَدىءٌ و مُعَبَّأْ
و الخَمْرَةُ أَرْدَأْ
فاشربْ و تَدَاوَ مِنْ نَفْسِ الدَّاءْ
صَحْوُكَ أَسْوَأْ
و جَميعُ الأشياءِ سَواءْ
و شِتاؤكَ قاسٍ فتَزَوَّدْ
و أَعِدُّ نَبيذاً و عَشَاءْ
و اقْدَحْ نارَكْ
أَحْرِقْ فى نارِكَ أَشْعارَكْ
فالشِّعْرُ تَجَمَّد
فى زَمَنى..و الحَرْفُ تَجَعَّدْ
*****************
لا تخرج من بيتك و الْزَمْ دارَكْ
تَأْمَنْ عارَكْ
و الْتَحِفْ الصَّمْتَ..تَفَرَّدْ
امْكُثْ عِنْدَ المِنْضَدَةِ و وَسِّعْ أُذُنَيْكْ
و اسْمَعْ..
بَلْ أَغْلِقْها حَتَّى لا تَسْمَعْ
و افْتَحْ عينيكْ
أغلقها حتى لا تَحْلُمْ
يَسْرِقُكَ الحُلْمُ فلا تَرْجِعْ
و ابْقَ مكانكَ مُنتَظِراً
لا داعى أنْ تنتظِر..تَمَدَّدْ
و امْسِكْ أعْصابَكْ لا تَفْزَعْ
وَسِّدْ قَدَمَيْك المِقْعَدْ
سَيَطولُ بِكَ الأمْرُ..تَجَلَّدْ
***************
لا تخرج من بابِ البَيْتْ
لُذْ بالصمتْ
كُنْ مُنْفَرِداً حَتَّى المَوْتْ
وَحْدَتُكَ..صَديقَتُكَ..تَوحَّدْ
بِالوَحْدَةُ يَأتى العالَمُ لَكْ
و يَدُقُّ البابِ عَلَيْكْ
لا تَعْبَأ..
لا تَفْتَحْ للطَّارِقِ باباً
سَيَجىءُ إلَيْكْ
سَيَجىءُ بِنَفْسِهْ
يَتَسَلَّلْ
كَىْ يَحْسِرَ عَنْهُ نِقاباً
و سَيَذْهَلْ
و يَخِرُّ على قَدَمَيْكْ
فَتَمَرَّدْ
لَحْظَتَها..
لَنْ يَمْلِكَ إلا أنْ يَسْجُدْ
لن يملك إلا أن يَتَلَوَّى
يتلوى بَيْنَ يَدَيْكْ.
**********
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 03-08-2009, 04:24 PM   #4
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

يعد فتحي سعيد 1931 واحدًا من أصوات شعرنا المعاصر الذي يواصل مسيرته بصبر وصمت منعزلاً إلا عن عالم القراءة متوحدًا إلا بعالم الشعر عزوفًا عن صخب الحياة ومعارك الأحياء ، حين تراه وقد اشتعل الرأس شيبًا تدرك أنك إزاء شاعر عنيد يحاول أن يواصل مساره رغم ا لجرح ومر الكأس .
أول ما يالحك على جماليات القصيدة أن الشعر يستخدم في التعبير عنها ضمير المخاطب وليس ضمير المتكلم الذي يعدك أكثر الضمائر دورانًا في مجال الشعر فبعض النقاد يرون أن ضمير المتلكم أنسب الضمائر للتعبير عن الشعر . وأن ضمير المخاطب أنسيب الضمائر للتعبير عن المسرح بينما ضمير الغائب هو أ،سب الضمائر للتعبير عن القصة.
كما يلاحظ أيضًا أن ضمير المخاطب في القصيدة مقترن كثيرًا بأسولب النهي وهو نهي حقيقي أي أمر بالبتعاد عما تحمله دلالة الأمر مثل قول الشاعر في بدء القصيدة :
"لا تخرج من بيتك
لا داعي أن تخرج من بيتك
اقبع في ركن منه وأوصد بابك
"
إن أسلوب النهي والأمر يسيطران على كثير من ال جمل ويعدان من حيثم الكم والكيف أهم الأساليب التي يوظفها الشاعر . من هنا يلطب من متذوقه ألا يخرج من بتيه بل أن يوصد بابه ويأتي هذا بعد تشبيهين لتأكيد الأهمر هما " أوسد بابك : مثل القابع في داره ، مثل الآمن في غاره "
بعد هذا الأمر الجازم يعلل الشارع لمتذوقه سر دعوته إلى البعد عن الناس ، لأ، العالم معتون في الخارج ، بل إنه قد جن فعربد ، كما أن الطقس كئيب وملبد ولابرد شديد ، ولا يطلب الشاعر من المتذوق أن يغلق الباب فحسب بل يطلب منه أيضًا أن :"يغلق الشباك وألا يأمن للريح .. أو للجدران أو للي حتى الخمرة مفتاح النسيان صارت أردأ"
أكثر من هذا يطلب الشاعر من مخاطبه ألا يتكلم ألا سمع ألا يرى ألا يحلم وأن ينتظر في مطكانه لائذًا بالصمت منفردًا حتى الموت : "وحدتك صديقتك توحد ".
وفي هذه القصيدة والتي تبدو كأ،ها نصيحة مجرد نرى أن الأفعال الأمر استخدمت 33 مرة ، بينما النهي 12 مرة والمضارع 18 مرة أما الماضي 5 مرات والمستقبل 4 مرات .
من هنا تبدو القصيدة في جملتها فعلية الكلمات والتركيب ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى التوتر والانفعال اللذين كانا يسيطران على الكاتب أثناء التعبير والكتابة ، وذلك ما أعطى التجربة الشعرية قدرًا من السخونة والحيوية ملحوظين .وهذا جعل القصيدة ذات طابع درامي وأسلوب حواري أقرب إلى روح المسرح .
***


كما يؤكد الطابع الدرامي للقصيدة طبيعة الصورة الموظفة فهي صور قصصية إن صحت التسمية أي أنه يشكل صوره بحيث ترسم صورًا قصصية شديدة الألفة بحياة نعيشها اليوم .
فالصورة هنا أعمق من الصور التقليدية اليت تقوم على التشبيه والاستعارة والكناية وهي -في حقيقتها- لوحات ققية تشكل عالم التجربة الشعرية ، ومن هذه الصور على سبيل المثال :
"البرد شديد هذا العام
والأفق غمام
وجبين العاصفة تفصّد
ثلجًا أسود "

2- أغلق شباكك لا تأمن لهبوب الريح
للنسمة أذنان وللجدران عينان ولليل فحيح
"
3- "شتاؤك برد قاس فتزود
وأعذ نبيذًا وعشاء
واقدح نارك أحرق في نارك أشعارك
فالشعر تجمد في زمني والحرف تجعد
"
4- " ابق مكانك متظرًا
لاداعي أن تنتظر ..تمدد
وامسك أعصابك لا تفزع
وسّد قدميك المقعد
سيطول بك الأمر تجلّد
"
غير أن هذا كله لا ينفي أن يكون الشاعر قد جعل القصيدة مباشرة أقرب إلى التقريرية
والنثرية وهذا عنصر بطبيعة الحال لا يحسب له على الإطلاق ، لأن لاشعر أولاً وأخيرًا هو أحد فنون القول ولاكلمة فيه لابد أن
تكون حبلى بأكثر من دلالة وبعيدة كل البعد عن المباشرة والتقرير وهذا ما ينبغي أن يكون الشعر المجيد منتبهًا له

أما عن طبيعة الموسيقى ودورها في تميز العمل الأدبي فهنا نكون بإزاء ثلاثة عناصر :
1- طبيعة الوزن الشعر المستخدم هو بحر المتدارك
(الخبب) ويلاحظ أن هذا البحر يساعد الشاعر على حرية التصرف في السطر
الشعري وهذا جاء جاعلاً للقصيدة قدرًا أكبر من الثراء الموسيقي وجعل القصيدة أقرب إلى روح الغناء ويعكس هذا مدى حرارة التجربة
وقوة الانفعال .
2- حرص الشاعر على القافية :
وهي عنصر جوهري يزيد في ثراء الموسيقى وكان الاعتماد الجزئي عليها مشكّلاً عالماً شعريًا ضد التوقع ، وهذا ما يهب الشعر حيوية
ونشاطًا متجددين وتغيير القافية كل سطرين يعبر -ربما - عن حالة من التململ والتي تجعل من القصيدة انعكاسًا للواقع النفسي الذي يريد
الشاعر أن يتحرر منه من وقت لآخر .
3- التكرار :
وسواء جاء هذا التكرار في بداية الشطر الشعري أو في آخره فإن القارئ يشعر أنها ليست لازمة صوتية فحسب بل إنها الجملة المفتاح مفتاح
الموقف الجمالي للقصيدة مثل "لا تخرج من بيتك "
وكذلك بعض الكلمات المكررة داخل السطر الشعري وداخل المقطاع مثل:" من تبيتك - داره -دارك - تحطم -تنتظر-الوحدة- يتلوى"
إن التكرار يشي -على مستوى الدلالة أو الرمز- أن الشارع يريد أن يؤكد على بعض المعاني بذاتها .أما على مستوى الإيقاع والصوت فيشير إلى
أن الشاعر يعتمد على الكرار رغبة في إثراء الجانب الموسيقي "
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .