العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: فرسة و خيّال (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: الصرف في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الرد على مقولات الباحث عن الحقيقة المنسية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الفروج في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الكرم في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: أشراط الساعة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الشلل في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخشوع في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: بيان أخطاء مقال خيانة الوعي: حين تحوّل «ٱلنَّبِىّ» إلى «النبي» (آخر رد :رضا البطاوى)       :: موت الموت الرباني (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 15-08-2009, 01:01 PM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الحادي والثلاثون: صورة الآخر: حالة المجر

تقديم: ميكلوس هاداس .. أستاذ في جامعة بودابست للعلوم الاقتصادية ـ المجر

أولا: الخلفية التاريخية

يبلغ عمر المجر كدولة أكثر من ألف عام وبالتحديد منذ عام 896م، وقد أصبح الدين المسيحي دين الدولة منذ عام 1000م، وقد بلغت الدولة أوج عظمتها في القرن الخامس عشر، حيث شملت معظم دول أوروبا الشرقية.

فقدت الدولة سيطرتها وسقطت تحت الحكم العثماني بعد سقوط أهم مدنها الجنوبية (بلغراد: عاصمة صربيا ويوغسلافيا السابقة)، وقد بقيت ممتلكات الدولة المجرية تحت الحكم العثماني ما يقارب القرن والنصف.

وقد انخفض عدد سكان البلاد إبان الحكم العثماني من 5 ملايين الى مليونين فقط، وقد قفرت البلاد وتدهور أداؤها الاقتصادي، وجند الأتراك من أطفالها جنودا ضمن الجيش الانكشاري، وقد وجدت في الحرب العالمية الثانية قبيلة تُدعى (المغاري) على ضفاف النيل (في مصر) تبين أن أصلها من الانكشاريين المجريين.

وفي القرن السابع عشر، ونتيجة الى أن الضعف بدأ يدب في الإمبراطورية العثمانية، استطاعت النمسا أن تبسط نفوذ دولتها القوية (هابسبورغ) على الأراضي المجرية، وتدفقت العروق المختلفة على تلك الأراضي حتى أصبح الدخلاء يشكلون 54% من سكان المجر الذي كانوا يعدون 13.2 مليون عام 1869. ثم انخفض هؤلاء الغرباء ليصبحوا 45.5% عام 1910 من أصل 18.2 مليون نسمة وهم من أصول رومانية وألمانية وسلوفينية وصربية وغيرها.

في عام 1867، وبعد مطالبات مجرية كثيرة، وبعد أن دب الضعف بإمبراطورية (هابسبورغ) تم اقتسام تلك الإمبراطورية بين المجر والنمسا.

دخل حوالي 200 ألف يهودي الى أراضي المجر بعد اضطهادهم في روسيا وبولندا، وامتهنوا التجارة وأعمال المبادلة، تلك الأعمال التي كان يترفع عنها نبلاء المجر، ومن هنا أصبحوا من أغنى أغنياء المجر وتصاهروا مع طبقة النبلاء في المجر ليصبحوا قريبين من صناعة القرار، إضافة الى انفلاتهم من المراقبة والملاحقة القانونية. وفي عام 1910 كانت (بودابست) أكبر مدينة في أوروبا مساحة وسكانا، إذ كانت مساحتها تزيد عن 80 ميل مربع ربعهم من اليهود، ومن بين كل خمسة محامين هناك اثنان من اليهود.

ثانياً: مواقف المجريين من الأمم الأخرى

بعد الإيجاز التاريخي السريع، سيكون سهلاً على الباحث من تفسير مواقف المجريين من الأمم الأخرى، وقد كان للباحث نفسه دراسة شملت عينات من ثلاثة بلدان هي: المجر وبولندا وتشيكسلوفاكيا، وسنركز على سؤال واحد من مجموعة الأسئلة التي وجهت الى أفراد تلك العينات، وهو: هل تحبذ عدم وجود جماعة (كذا) بجوارك؟ وكانت الأجوبة:

أ ـ الغجر 76% من المجريين لا يحبذون مجاورتهم. و 72% من البولنديين و 85% من التشيكوسلوفاكيين.

ب ـ عرب 67% من المجريين لا يحبذون مجاورتهم. و 62% من البولنديين و 70% من التشيكوسلوفاكيين.

ب ـ زنوج 48% من المجريين لا يحبذون مجاورتهم. و 54% من البولنديين و 57% من التشيكوسلوفاكيين.

ب ـ آسيويون 42% من المجريين لا يحبذون مجاورتهم. و 51% من البولنديين و 57% من التشيكوسلوفاكيين.

ب ـ روس 40% من المجريين لا يحبذون مجاورتهم. و 40% من البولنديين و 31% من التشيكوسلوفاكيين.

ب ـ يهود 17% من المجريين لا يحبذون مجاورتهم. و 40% من البولنديين و 23% من التشيكوسلوفاكيين.

ويلاحظ أن العرب بالبلدان الثلاثة يحتلون المرتبة الثانية بالكراهية بعد الغجر، والسبب هو الإعلام المسبق عن العرب بأنهم إرهابيون ويميلون للعنف، كما أن الإعلام العربي والذي يمكن أن يحسن تلك الصورة غائب وغير معتنى به.

كما أن الزنوج والآسيويون يشتركون مع العرب في سلوك سيء وهو ملاحقة المراهقات والميل للعلاقات الجنسية الفجة.

أما الروس، فالدول الثلاث لا تكن لهم أي نوع من الود، كونهم ارتبطوا بالاتحاد السوفييتي وقهره لتلك الدول الثلاث التي حاولت أكثر من مرة الخروج من دائرة نفوذه.

واليهود، ارتبط ذكرهم بمقتل 600 ألف يهودي ناطق بالمجرية في عام 1940 أثناء الحرب العالمية الثانية، فأحدث تعاطفا كبيرا معهم من زاوية إنسانية، أما شمولهم مع الجماعات الست المكروهة، وهي أن معظم قيادات الحزب الشيوعي الهنغاري كانت منهم.

الدول الأكثر جذبا للمجريين

يعتبر المجريون اليابانيين أكثر شعوب العالم تحضراً، ويليهم الإنجليز ثم الفرنسيون، والأمريكان فالألمان ثم الانماركيون ومن بعدهم الإيطاليون.

ويكن المجريون مودة استثنائية لدولتين تعادلهما بالحجم من حيث السكان والقدرة وهما النمسا وفنلندا حيث تعتبر كل منهما نموذجا يُحتذى به بالمقارنة.


__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 12-09-2009, 04:35 PM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الثاني والثلاثون: صور الإسلام في اليابان: الماضي والحاضر..

تقديم: أيري طامورا .. أستاذ بالجامعة الدولية ـ طوكيو

ملخص:

إن الياباني المتوسط، يجهل كل شيء عن الإسلام أو الشرق الأوسط. ولكن لدى الياباني أو اليابانية صورة جاهزة عنهما. ولم تتغير الصورة التي يحملها اليابانيون عن العرب والإسلام منذ الثلاثينات من القرن العشرين، رغم انتشار القومية العربية ورغم أن حرب 1973 قد استعملت النفط كسلاح، ورغم أزمة الخليج الأخيرة.

بل بالعكس، فقد زاد تأثير الإعلام من الصور المشوهة التي يحملها اليابانيون عن العرب والمسلمين. فصورة الإسلام والشرق الأوسط عند اليابانيين، إنما هي مجرد انعكاس لرؤية اليابانيين للعالم وهي رؤية شديدة التأثر بالحداثة!

أولا: الصورة بحسب البحث

يقول الباحث: لقد ظللت طيلة عدة سنوات أجري أبحاثاً حول تصورات الإسلام والشرق الأوسط لدى اليابانيين بواسطة استخدام الاستمارة، وكنت أطرح الأسئلة نفسها لعدة سنوات على طلبة الجامعات والمدارس الثانوية.

فالسؤال الأول: (( أذكر ثلاثة أمثلة للصور التي تتبادر الى ذهنك فور سماعك لكلمة الإسلام والعرب والشرق الأوسط))

والسؤال الثاني: (( أذكر ثلاثة أمثلة من معلوماتك التاريخية حول الإسلام والعرب والشرق الأوسط)).

والسؤال الثالث: ((أذكر أسماء ثلاثة من السياسيين المعاصرين من العرب والشرق الأوسط)).

والسؤال الأخير: ((أذكر ثلاث صفات ترى أنها مناسبة لنعت الإسلام والعرب والشرق الأوسط)).

كان مجموع الطلبة الذين خضعوا الى الاستبيانات يزيد عن 600 طالب. وكان 90% منهم من تصورهم المباشر للإسلام والعرب والشرق الأوسط هو: النفط، الصحراء، الرحيل وما يتبعه (جمل، عمامة الخ).

كان أكثر من 80% يجهلون تاريخ المنطقة، وقلة منهم فقط تذكروا (محمد صلوات الله عليه) وقلة من تذكرت إمبراطورية العرب، وقلة تذكرت الحروب الصليبية.

أما في العصر الحديث، فلم يشر أي طالب الى أنه يتذكر جمال عبد الناصر أو السادات أو حسني مبارك أو الأسد. ولكن هناك من يتذكر الخميني وصدام حسين الذي أصبح مشهوراً.

وأكثر النعوت رواجا هي (( مخيف، خطير، حاد المزاج، متزمت، وغامض))

ثانيا: رؤى اليابانيين للإسلام والشرق الأوسط

إن أزمة الخليج لم تكن أول فرصة لينشغل بعض المهتمين الإعلاميين بالمنطقة، فقد انشغلوا قبلها عندما سادت موجة التيار القومي في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وكذلك استخدام النفط كسلاح في حرب أكتوبر/تشرين أول 1973، وقد كانت الدراسات موجهة من الحكومة اليابانية، ويقول الباحث: أن تلك الدراسات كانت مع ذلك نزيهة ومستقلة، رغم أنها تتلمس طريق المصالح القومية اليابانية.

في عام 1990ـ 1991، انقسمت النخب المثقفة في اليابان الى قسمين حول أزمة الخليج، فالقسم الذي ظهر إعلاميا بشكل قوي هو الذي يقف الى جانب الموقف الرسمي للحكومة اليابانية، من أن العراق هو خارج على الإرادة الدولية ويسبب مشاكل في استتباب الأمن في المنطقة.

أما القسم الثاني من المثقفين والنخبويين، فكانوا يروا وجوب الاصطفاف الى جانب العراق، كون أن أمريكا هي التي تفتعل المشاكل في العالم وليس العراق.

ثالثا: المعرفة والصورة

يقول الباحث: بالرغم من أن بحوثه زادت مدتها عن 20 سنة، إلا أنه في كل مرة لا يرى تغييراً في موقف اليابانيين تجاه العرب والمسلمين والشرق الأوسط، وبالعكس فإن أحداث الخليج الأخيرة جعلت اليابانيين يتمسكون بتقييماتهم القديمة عن شعوب هذه المنطقة.





__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-10-2009, 07:13 PM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

القسم الرابع: ما بين الحدود: المهاجر العربي


الفصل الثالث والثلاثون: العربي كبش الفداء ..

تقديم: روبار شارفان .. أستاذ في جامعة نيس ـ فرنسا

((... كُنت غريباً فما آويتموني، عارياً فما دثرتموني، مريضاً وسجيناً فما زرتموني... فاغربوا عني بعيداً نازلةً بكم اللعنة في النار الأبدية))*1

في يوم 13/6/1987، اغتال ستة شبان من ذوي (الرؤوس المحلوقة) شاباً تونسياً من العمال في مدينة (نيس) وهو (حمة العييدي)، المقيم في فرنسا منذ عشر سنوات. وتذكر الصحافة أن أحد القتلة أجاب لما سُئل عند إيقافه عن سبب القتل، أجاب: (لقد قُتل العربي، فما الأمر في ذلك؟)

صار العربي منذ سنوات عديدة عرضة لظاهرة رفض جماعي، ليس من حزب سياسي معين مع أنصاره، بل من رقعة تتسع يوما بعد يوم، وأصبح العربي هو من يستحق الإشارة له بالبنان بأنه الآخر الملعون والمتواجد في أرض فرنسا.

أولاً: الإرث المزمن

إن تاريخ فرنسا مصنوع من المخاوف الجماعية المتواترة، والمتعللة بالخطر الذي يتهددها من هذه الظاهرة أو تلك، ومن هذه الجماعة أو تلك. لقد التصق وباء الطاعون الذي حل بفرنسا بالقرون الوسطى، باليهود الذين اتهمهم الفرنسيون أنهم أدخلوا هذا الوباء ونشروه في فرنسا، ولقي عددٌ من اليهود حتفهم جراء غضب الفرنسيين.

وفي الحقبة المعاصرة وبالذات في فترة حكم نظام (فيشي: أثناء الاحتلال الألماني لفرنسا بين عامي 1940ـ1944)، ساد شعورٌ من الكراهية في الأوساط الفرنسية يحمل فيه جهات ثلاث خسران فرنسا للحرب وهزيمتها أمام ألمانيا.

والجهات الثلاث هي: السامية المتمثلة باليهود، والتي تحظى بكراهية شديدة من الأوساط الكاثوليكية، ويلتف حول تلك النزعة في كراهية اليهود، الوسط البرجوازي الفرنسي والذي يعتقد أن اليهود يمثلون الرأسمالية التي تعادي البرجوازية الوطنية الفرنسية. والجهة الثانية (الماسونية) والتي تحاول بعث أفكار بغيضة تكونت في العهد الجمهوري الأول الذي جاء على إثر الثورة الفرنسية، وهو في نظر الأوساط البرجوازية المسئول عن انحطاط فرنسا. وفي الجهة الثالثة يأتي الشيوعيون الذين يبشرون باقتسام خيرات البلاد بين من يستحقها ومن لا يستحقها.

وقد ساد نوع من الهذيان، كل أوساط الفرنسيين، عندما توالت خسائرهم في فيتنام والجزائر، وأرجعوا سبب هزيمتهم في فيتنام الى الشيوعيين الكريهين. أما خروجهم من الجزائر فكان نتيجة تحالف الشيوعيين مع أعداء أوروبا من كل أنحاء العالم.

ثانياً: في الأزمة يكمن المصدر الآني

مع بداية التأزم الاقتصادي والاجتماعي الذي ساد في فرنسا، كما ساد معظم الدول الرأسمالية منذ السبعينات من القرن الماضي، والذي تزامن مع بداية أفول الوهج الشيوعي العالمي، شعر الفرنسيون وبالذات من كان يحلل منهم وينظر للسياسة والاقتصاد، بالحيرة الشديدة، فقد تم حرمانهم من (شماعة) يعلقون عليها إخفاقاتهم ومسبباتها، فبعد أن كان الانحراف الشيوعي السبب الأساسي وراء كل مصيبة رأسمالية، أصبح الفرنسيون يبحثون عن محفز جديد لدفاعهم الشرعي عن بلادهم ومعتقداتهم.

من رحم تلك الأوضاع، استفاقت نزعات العداء العنصرية، التي كانت في حالة سبات أثناء مقارعة الشيوعية البغيضة والماركسية الدنيئة (حسب وصف الباحث أو تهكمه). وكان العربي أسهل جهة يمكن تشخيص مزيتها، بعكس الاعتقاد (غير المرئي) الذي يصنف الناس على أفكارهم. فالعربي عدو لا يقف بالظل بل هو قائم بهيئته وسلوكه وما يلف ماضيه من معتقدات محلية قابلة للاستنهاض.

لكن، لم يكن من السهل تصفية العربي ك (آخر)، فمعاداة الشيوعي والماركسي كانت تأخذ بعداً راقياً ونبيلاً، في حين أن معاداة العربي وما تبعه من معاداة (العالم الثالث) اصطدم باعتراض محاربي العنصرية وأصحاب المبادئ التي تحاول فرنسا تمثيل دور ريادتها.

من هنا، تشكلت منظمات يمينية قومية متطرفة، تتحمل ظاهريا دناءة أعمالها في مضايقة العرب والمهاجرين من دول العالم الثالث، وتحظى باطنيا بأريحية تجعل من ملاحقة هؤلاء المتطرفين جهداً متلكئاً غير مؤثر وكابح.

ثالثاً: الحاجة الى عدو

إن مجتمعاً متأزماً هو مجتمعٌ في حاجة عاجلة الى أعداء. فالعدو هو، بالفعل، ذلك الذي يمتلك حلول الأزمة، وإن لم يحصل ذلك، تتقطع عُرى المجموعة بحثاً في داخلها عن أسباب تناقضاتها. وهذا سيتجسد في (آخر) يتم صناعته وتأطيره لتلك الأغراض.

فالعربي، على الصعيد الاقتصادي، يتهمه الرأي العام بأنه مسبب الأزمات النفطية، ابتداءً من عام 1973. والعربي هو موجود في (موضوع ثِقَل المهاجرين) الذين يسحبون مال فرنسا من أجل رعايتهم وإدامة وجودهم. والعربي هو من يستحوذ مساحات شاسعة من العالم ويكره قبول (إسرائيل) في محيطه ويتطلع باستمرار للهجرة واحتلال مناطق أخرى في العالم.

وعلى الصعيد الأيديولوجي، فلا فرق بين عربي ومسلم متطرف، يرى في الآخرين أهدافاً يجب التغلب عليها وإبادتها. وفي جانب آخر يطلق الفرنسيون على العرب (عالم رابع) أي يتخلف علميا وحضاريا عن العالم الثالث (المتخلف أصلا).

لقد وجد المروجون لنظرية العداء للعربي، في تكدس الأموال في بعض الدول العربية، وتصنيف الجيش العراقي (آنذاك) كرابع جيش في العالم سنداً قويا في تثبيت تهمة خطورة العربي على أوروبا.

إن العربي في نهاية المطاف هو (العكاز) الذي تتعكز عليه الجهات الموكلة في إدارة أزمات فرنسا، أي أنه هو من سيرمم الوضع السياسي والأيديولوجي المأزوم!

رابعاً: صورة العدو

ليست التمثلات حول العربي في فرنسا مبنية على الاحتكاك به، بل تتبلور من خلال الموقف السائد إزاءه. لقد تطورت القوالب الجاهزة انطلاقا من حرب الجزائر ثم انطلاقا من العمال المهاجرين (عندما لم يعد الاقتصاد الفرنسي محتاجا إليهم).

لم تلغِ معاداة الشيوعية أثناء أوجها معاداة اليهود، لكنها غطت عليها. ولم تلغ معاداة العرب معاداة الشيوعية واليهود ولكنها غطت عليهما. وتأتي التغطية من تضخيم التهديد الآني بوسائل الإعلام وإرادة من يريد من ذلك التضخيم. فليبيا التي لا يزيد عدد سكانها عن أربعة ملايين، يتم تصويرها كوحش هائل يريد تكسير هيبة المتحضرين، فملابس العقيد القذافي وطريقته العصبية في الكلام يتم استغلالها لتغطي كل العرب على تلك الهيئة، إنهم يصورونه كما كان يصور زعماء الهنود الحمر في القرون الوسطى على أنهم زعماء يرفضون كل ما هو متحضر.

وفي جانب آخر عندما يطعن أحد الفلسطينيين صهيونيا بخنجر، فإن الإعلام الفرنسي يشير الى وحشية هذا العمل ويربط السلاح الأبيض بالهمجية (عند الهنود الحمر والقبائل البدائية)، في حين عندما يتم قتل فلسطيني على يد الصهاينة، يأتي الخبر (أن فلسطينيا مات مصروعا) وهو لفظ يطلق على الطرائد (في الصيد).

إن تلك الثقافة الغريبة (كما يقول الباحث) تكشف النقاب عن غرب (مُنتصِر ومبلبل في آن واحد) (غني ومنهك القوى) (قوي ومريض بالهذيان الذهاني) (متطور تقنيا ومتأثرا بالتفسيرات السحرية).

إن ثورة هائلة هي الآن بصدد الحدوث (هكذا ينهي الباحث بحثه) وهذا ما يؤكد عليه مؤلف كتاب (كبش الفداء)، [جيرار] بقوله: (إن بعض الناس لم تعد تستهويهم ممارسة الاضطهادات النابعة من معتقداتهم بالذات).

(كان هذا الفصل من الكتاب يقع بين صفحات 587ـ 597).

هوامش:
* الكتاب المقدس، (إنجيل متي) الإصحاح 25 ـ نقلا عن الفرنسية
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 13-10-2009, 08:21 AM   #4
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الرابع والثلاثون: صورة الآخر في النزاع العرقي..

تقديم: فيكتوريو كوتاستا ..أستاذ في جامعة سالارنو ـ إيطاليا
(الصفحات من 599 الى 609)

أولاً: صورة الآخر والتجربة الإنسانية

اعتمد الباحث الإيطالي في دراسته على تشخيص ردود الفعل التي جاءت على أحداث للمهاجرين في خمس مدن إيطالية، محللا ما تناقلته الصحف حول تلك الأحداث، وقد أشار في هوامشه الى تواريخ نشر التعليقات وأسماء الصحف وأين صدرت، ولكثرة تلك الهوامش التي زادت على 25 هامش، فإننا لن نذكرها مكتفين بالإشارة الى أرقام الصفحات في الكتاب الذي بين يدينا والتي ثبتناها أعلاه.

والمناطق الإيطالية الخمس هي: (لومبارديا) و (إيميليا رومانيا) و (توسكانيا) و (لاتيوم) و (كامبنيا). وقد راقب الباحث آراء وأقوال الفاعلين والناشطين من الإيطاليين إزاء المهاجرين، من خلال تقييمهم لثقافات هؤلاء المهاجرين، وطرائق عيشهم وأساليب تفكيرهم، باعتبار كل ناحية من تلك النواحي تعطي إشارة رمزية عن هؤلاء المهاجرين.

ثانياً: صور الآخر داخل النزاع العرقي

صور الآخر السائدة في النزاع العرقي هي ثلاثة، هذا من طرف الطليان، وسنضيف صورة مجملة رابعة ولكن من المهاجرين تجاه الطليان.

أما الإستراتيجية الأولى، فأطلق عليها الباحث تسمية (الرفض والطرد)، وتتخذ مشروعيتها شكل صورة سلبية عن الآخر. والثانية أسماها (الاحتواء بالتبعية)، وتكتسب مشروعيتها من نوع من عدم المبالاة بالآخر. وأما الثالثة فأسماها (إستراتيجية التعاون والمواطنة).
1ـ الآخر هو عدوي

رصد الباحث ما جاء في الصحف في أعقاب قضية (بانتيلا). وبانتيلا هذه عبارة عن بناية مهجورة منذ أمد طويل، كان يلجأ إليها المهاجرون الذين لا مأوى ولا مسكن لهم، حتى عُثر ذات يوم فيها على ما بين ألفين الى ثلاثة آلاف مهاجر. فأرادت الحكومة الإيطالية حل مشكلة هؤلاء المهاجرين للتخلص من الحرج الإنساني وغيره، فحاولت توزيعهم على الأحياء، وهنا يرصد الباحث عينة من ردود فعل المواطنين الإيطاليين التي نشرتها الصحف كمقالات أو (ريبورتاجات).

· نحن لسنا بالعنصريين، ولكن مكان هنا للمهاجرين.
· نحن لسنا بالعنصريين، ولكنا لا طاقة لنا بتحمل عواقب حل مناوئ لمصالحنا.
· لا مكان لهؤلاء.
· لا مسكن هنا للزائدين عن الجماعة القومية.
· فيما لو تخيرنا بين قبول هؤلاء في مدارسنا أو إحراق تلك المدارس سنختار إحراقها.
· نحن لا نرغب في وجودهم بيننا فهم لصوص ومروجو مخدرات.
· اذهب من هنا أيها الأجنبي.
· هؤلاء يسرقون ويغتصبون نساءنا.
· هؤلاء يصبحون إيطاليين والإيطاليون يصبحون غرباء في بلدهم.
· إن بلدانهم ترسلهم إلينا لأنها لا ترغب بهم. أما نحن فقد ضقنا ذرعا بهم.

2ـ اللامبالاة بالآخر

تناول الباحث أحداثا جرت في منطقة (لاتيوم)، ولاتيوم تلك منطقة أنشأ بها النظام الفاشي أربع مدن جديدة، أكبرها مدينة (لاتينا) [سكانها 100 ألف نسمة] وحيث أنها مدن جديدة، فسكانها استوطنوها حديثا سواء من داخل إيطاليا أو من خارجها، فالمستوطن الإيطالي طالما أنه انتقل إليها حديثا، فلا يتحرى كثيراً عن نوعية الساكنين الآخرين، فهو لا يكره المهاجرين ولا يحبهم، وقد يكرههم في عينة من الوقت وقد يحبهم.

3ـ الآخر بما هو أخ لي

هذه الصورة إيجابية من طرف الطليان، فهو يعتبر المهاجر أخ أو صديق، والصديق يحضر كلما جاء (عطاياه) سواء كانت من جهوده بالعمل أو من ثقافته التي تزيد من تعرف الإيطالي عليها لتثري تجربته وذاته. فلذلك له حق على الإيطاليين بالنظر إليه نظرة المواطنة.

وعندما تضيق الظروف على الإيطاليين، فإنهم يهاجموا (المُشغلين) الذين يلجئوا للمهاجرين الذين يقبلون بأجور أقل على حساب القوى العاملة المحلية، ولن يكتفي هؤلاء بهذا الانتقاد بل قد يضيفون عليه مسألة التهديد الثقافي.

4ـ صورة الإيطالي لدى العمال المهاجرين

فرغ الباحث استماراته الاستبيانية فوجد أن 39.1% من التونسيين ينظرون الى الإيطاليين على أنهم أناس (على أحسن ما يرام)، في حين أجاب بنفس الإجابة 43.6% من المغاربة، و 35.5% من بلدان أخرى.

وكان من اعتبر أن الإيطاليين (أناس عاديين) 7.4% من تونس، و 2.1% من المغرب، و 9% من بلدان أخرى.

وكان من اعتبر أن الإيطاليين (أناس عنصريون) 8.9% من تونس، و 13.9% من المغرب، و 15.5% من بلدان أخرى.

وكان من اعتبر أن الإيطاليين (أناس بلهاء) 1.5% من تونس، و 3.2% من المغرب، و 5.5% من بلدان أخرى.

وكان من اعتبر أن الإيطاليين (أناس أشرار) 11.4% من تونس، و 3.2% من المغرب، و 1.1% من بلدان أخرى.

أما من امتنع عن إعطاء رأي 5.5% من تونس، و 7.4% من المغرب، و 8.9% من بلدان أخرى.

ثم فصل الباحث تفريغ استماراته، فذهب الى التفريق في تاريخ وصول المهاجرين (قبل عام 1980 وبعدها) وفصل العينات بالنسبة للأعمار. ولم أجد فروقا كبيرة في تلك الجداول، والتي حدد مكان الدراسة فيها بمنطقة قرى (آغرو بونتينو).


__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-10-2009, 08:40 AM   #5
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الخامس والثلاثون: معاينة أزمة معلنة: صورة الذات وصورة الآخر أثناء حرب الخليج ..

تقديم: آني بينفينيست .. أستاذة في جامعة باريس ..

(الصفحات 611ـ 621 من الكتاب)

تعتبر هذه الدراسة كأنها معاينة لخبير في لوحات الرسم الذي يقف ملياً أمام لوحة، يفسر كل لون وكل ظل وكل خط. فاختيار الباحثة لحي (القوت دُورْ: وترجمته قطرة الذهب). ويعيش في هذا الحي الذي ينظر إليه الفرنسيون كأنه وحدة واحدة متجانسة، مسلمون ويهود من المغرب والجزائر وتونس وأقطار أخرى.

وتأخذ الدراسة أهميتها لأنها جاءت بعد انتهاء حرب الخليج (خروج الجيش العراقي من الكويت) في آذار/مارس 1991، لتفحص عن قرب مشاعر هؤلاء المهاجرين (الفرنسيين) وترتيب ولاءاتهم.

بالرغم من أن الفرنسيين ينظرون الى هذا الحي نظرة واحدة، على أنه حياً شعبياً خطيراً، فإن الباحثة نبشت على الثنائيات بين مكونات هذا الحي الدينية والعرقية وتقديمهم لمصالحهم وفق ولاءاتهم الثقافية.

أولاً: صورة الحي وصورة الذات وصورة الآخر

لم تمنع العلاقات العدائية بين البلدان وبين العرقيات وبين الأديان من إقامة علاقات بين سكان الحي الواحد.

يوصف نشاط الحي الاقتصادي باقتصاد (البازار)، وهو نمط اقتصادي شرقي، فمثلاً يقوم اليهود المغاربة بتجارة النسيج والمجوهرات، ويهود المغرب هؤلاء كلهم أصلا من مدينة (وجدة المغربية)، ويحتلون فوهة السوق (أعلى شارع القوت دور) حيث يستقبلون تدفقات القادمين على ذلك السوق، ولكنهم لا يبيعون مباشرة، بل من يبيع هم من العرب الذين يحتكون مع المشترين ويتعاملون معهم بلغة عربية لا يتقنها اليهود إتقاناً كاملاً، أو لعلهم لا يريدون تعريف المشترين بأن أصحاب تلك البضائع من اليهود.

أما اليهود من أصل تونسي فهم يلجئون الى التجارة (ليس بالمنسوجات والجواهر) بل بأعمال أخرى، ويحبون الإقامة في هذا الحي لأنه يوفر لهم جواً من الألفة واحتكاك أوسع مع من يطلب خدماتهم من إفريقيا، ويوكلون للعرب مهمة تمثيلهم.

والجزائريون من اليهود والمسلمين، لا يحبذون الأسلوبين السابقين، بل ينظرون لأصحابهما نظرة دونية وأنهم متخلفون، فهم يحبذون الاندماج الكامل بالمجتمع الفرنسي.

وهناك المقاهي، وهي (بنظر الباحثة) عبارة عن مكان للانطواء على الهوية، كما أن لها دور يمثل استقبال المهاجرين وتأمين العمل لهم بقدر الإمكان.

تؤشر الباحثة على شكلين (كعينتين) لما تريد قوله
الشكل الأول: ويمثله يهودي تونسي كان قد ترك تونس وهو في الخامسة عشرة من عمره، ولكنه لم يقدر على تجاوز جرح المنفى (( أنا من أبويين فرنسيين، لكني لم أقدر على الانصهار تماما)). في مؤخرة متجره وضع (مكتباً) مفروشاً على الطريقة الشرقية، وكان يقلب فوقه رموز انتمائه العاطفي (صور العائلة، صور لممثلين سينمائيين من الستينات، رموز يهودية وإسرائيلية). والمكتب هو موطن الذكرى التي يفصلها المتجر عن الشارع. وينقسم الفضاء الخارجي الى عدة أقسام مثله مثل الفضاء الداخلي: فثمة فضاء التعارف والتآزر مع ابن البلد: (( عندما يعتدي جزائري، حتى ولو كان يهوديا على تونسي، فإني أدافع عن التونسي)).

الشكل الثاني: وتمثله فتاة (20 عاما) يشرف أبوها المغربي على مقهى ـ مطعم. وللفتاة جنسيتها الفرنسية، ولكنها تجد صعوبة في الاختيار بين فرنسا والمغرب، وتبغي العيش في المستقبل بين فرنسا والمغرب. وهي مرتبطة بفرنسا من جهة اللغة والإمكانات الثقافية المتنوعة وما توفره من أموال. وتحب المغرب لأسلوبه في التعامل مع الوقت وبالطريقة التي يستخدم فيها الشرق هذه القيمة السامية. وهنا اختلاف مع المثال السابق حيث لا تعيش الفتاة ازدواجية الانتماء وتمزقاته، وإنما تجد نفسها إزاء مرجعيتين ثقافيتين.

ثانياً: الأزمة

لم تكن تظهر قبل 2/8/1990 (غزو العراق للكويت) مشاكل في حي (القوت دور)، ولكن تلك الأزمة قسمت الناس الى قسمين، حيث كان النقاش حول الموضوع يتم في الساحات والمقاهي، ولكن دون الإخلال بالتوازن العام بين المجموعات.

وقد قادت أزمة الخليج، سكان الحي الى التأشير على مصادر الخطر التي تؤثر على سكان الحي، فقد تم الاتفاق على عدم إقحام أهل الحي بالخلافات السياسية، كما تم الاتفاق على طرد وعدم السماح للمتطرفين الأصوليين من دخول الحي، هم ومن يروج للمخدرات!

ثالثاً: الكونية أم الإقليمية؟

ما من فرد من أفراد الجاليات التي التقينا بها (تقول الباحثة)، إلا وأكد على أن ضرورة الحسم في المواقف والانحياز الى أحد المعسكرين، العراق للبعض، وإسرائيل للبعض الآخر، لا تعني البتة أنه يضع موضع الشك اندماجه في المجتمع الفرنسي وانتماءه الى ثقافته. وتعرف (دومينيك شنابر) الأمة (مهما كانت أيديولوجيتها القومية بمقتضى سيرورة اندماج متواصل. إن السياسة المسماة (سياسة الاندماج) موضوع نقاش في الوقت الحاضر يتناول المهاجرين، ولكن لا يجب اعتبارها اختيارا من بين اختيارات أخرى، وإنما هي واقع وضرورة لا مناص منهما).

لقد وصف اليهود الذين ينحدرون من أصول (شمال إفريقية) (بيار شوفانمان) وزير الدفاع الفرنسي (أثناء الأزمة وبعهد فرانسوا ميتران) اتهموه بأنه عميل للعراق، في حين وصفه الشباب العربي والمسلم بأنه رجل شريف.

لقد انتشر بين الشباب العربي شعور هائل بعروبتهم فيكتب طالب من أصل جزائري (عربي أنا لما أستيقظ في الصباح ولما أنام في المساء. وفرنسي أنا من المساء الى الصباح. وكما يوجد فرنسيون بروتون. فأنا فرنسي عربي).

لقد أحس المهاجرون القدامى أن رصانتهم وتوازنهم القديم أصبح مهددا من المهاجرين الجدد الذين اعتبروهم عناصر عدم استقرار.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 20-11-2009, 03:52 PM   #6
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل السادس والثلاثون: وجهات نظر المغاربة والأفارقة في فرنسا، بالفرنسيين ..

تقديم: ماري ـ جوزيف باريزاي .. باحثة بالمركز الوطني للبحث العلمي cnrc باريس .

أن نفهم نظرة الآخر إلينا، وأن ننصت الى ما يقوله عنا، هذا أمر فائدته بينة بنفسها. ولكن أن نرى باحثة غربية تنتمي الى مجتمع بينه وبين المجتمع الذي ينحدر منه هذا الآخر تركة تاريخية ثقيلة، ساعية الى استجلاء هذه النظرة، فهذا أمرٌ ليس بيناً ولا متأكداً في حد ذاته، ذلك أن تعقد العلاقات القائمة عليها تمثلات المغاربة والأفارقة للفرنسيين تجد صداها في تعقد فهمهم وفي الصعوبات النظرية والمنهجية التي تحف بمقاربتهم. من هنا جاء هذا البحث ليرسم باقتضاب معالم الصورة التي نحن بصددها.


أولا: الصعوبات القائمة أمام إدراك صورة الآخر

الصعوبات هي أولاً من طبيعة منهجية، ذلك أن بلوغ هذه الصورة يشترط مسبقاً حذق الأحاديث، مما قد يستفز (مجرد ذكرها) المستجوَب (بفتح الواو) ويترك لديه آثاراً سيكولوجية ويفجر مكبوتات مسكوت عنها.

لذا، سيكون المستجوِب (بكسر الواو) في وضع ليس بالسهل، عندما ينتمي للآخر الذي من أجله عُملت تلك الاستبيانات.

ثانياً: استمارات ثلاث في أوساط المغاربة والأفارقة

أُنجزت الاستمارات التي تُستمد منها المعطيات التي يعتمدها البحث، في أعوام 1979 وفي عام 1985 ثم في عام 1992. وقد تناولت تلك الاستمارات عينات من جمهور المغاربة الذين لهم تجارب تعارف متبادلة مع سكان فرنسيين في حي من أحياء مدينة (ليون) وكان الى جانب تلك العينات مجاميع من طلاب ومثقفين مغاربة وأفارقة.

من الواضح أنه لا يجوز تعميم نتائج هذه الاستمارات لا من جهة حجمها، ولا من جهة طابعها المخصوص، بيد أن فائدتها الفعلية تكمن في مستويين اثنين: فهي من ناحية أولى تتناول مسألة ملاقاة الآخر، لا فقط من منظور العلاقة التنازعية، وهي معروفة، بل أيضا من منظور الروابط الجيدة بينهما وشروط إنجاحها. وهي مفيدة أيضا من منظور صلاحية النتائج.

ثالثاً: التباين والمفارقة في صورة الآخر

تطابقت بيانات استمارات 1975، و 1979، بالنسبة لمن وجهت لهم الأسئلة، سواء كانوا مغاربة أو أفارقة، فالكل يُجمع على أن الفرنسي يمارس تسلطه السياسي والعنصري والثقافي والاقتصادي، فلا أجور الأفارقة الذين يحملون الجنسية الفرنسية كأجور الفرنسيين الأصليين، ولن يُسمح لهم بتبوء مراكز قيادية، ولا يُنظر الى ثقافتهم على أنها ثقافة ذات بال.

وأحد أبناء الكمرون أضاف: أن الفرنسيين لا يسمون الآخر باسمه فلا يقولون للكمروني أنه كمروني ولا لمغربي على أنه كذلك، بل يطلق عليهم أسماء كلها عنصرية ودونية: ذاك الزنجي أو ذاك الأسود.

رابعاً: وراء الصورة الظاهرة ((صورة باطنية))

يستنتج الباحث من الاستمارات التي بين يديه، أن وراء الصورة الظاهرة تكمن (صورة باطنية)، صورة نسجتها الحسرات وعبارات الشعور بالمرارة التي فاه بها العمال المغاربة والطلاب الأفارقة على وجه الخصوص، كما لو جاءت الخيبة كبيرة على قدر ما كان الأمل من قبلها كبيراً!

خامساً: إستراتيجيات تغيير العلاقة بالآخر ورؤيتها الديناميكية

لكن الخاصيات السلبية لصورة الآخر بدلاً من أن تولد الاستسلام والجمود ولدت حركة ديناميكية من أجل تغيير الآخر. ففي إحدى اللقاءات التي نظمها العمال المغاربة في أحد أحياء (ليون) حضره أربعة آلاف شخص (ما يعادل ربع سكان الحي)، من المغاربة والفرنسيين والصناعيين ورجال الدين والمفكرين وغيرهم، وكان الانطباع النهائي أن هناك إمكانية لتقريب وشائج الأخوة بين الشعوب، من خلال ترويض الاعتراف المتبادل وتقبل الآخر. ومن خلال التمسك بالأصالة ولوازمها والانفتاح على الآخر بنفس الوقت.

سادساً: فرضيات في شروط إنتاج صورة الآخر

على نحو ما رأينا آنفاً، فإن إعمال الفكر في هذه الشروط يرجعنا الى الشروط التي نشأت في حضنها العلاقات مع الآخر، وهو ما يقتضي تحديدها والتعرف عليها أولاً وقبل كل شيء.

تعترف الباحثة أن حظوظ الأجانب في العمل دون حظ الفرنسيين، فإنه أسوأ بالنسبة للأفارقة حتى من غير الفرنسيين من غير الأفارقة. ففي تقرير (المجلس الأعلى للاندماج الفرنسي) كانت نسبة البطالة عام 1992 بين الفرنسيين 11% في حين أنها كانت 27% من الأفارقة. ووجدت نسبة تعاطف الفرنسيين مع القادمين من دول أوروبا (الشرقية وغيرها) 81% في حين أن التعاطف مع المغاربة كان 42% وأبنائهم المولودون في فرنسا 50%.

سابعاً: (الصورة العلامة)

للمسيطر صورة مركزية تردنا كما رأينا آنفاً الى (فانتازمات)*1 المستعمر القديم، وواسم الشعوب المستعمرة ومستغل العالم الثالث. أما السمة الرئيسية فيه، فلا تتمثل فقط في إقصاء عموم الأجانب ـ وهو إقصاء يتفاقم مع تصاعد العنصرية وتفشي الظاهرة التمييز العنصري الفاحش.
الى جانب ذلك، تعلن الحكومات الفرنسية المتعاقبة الى سياسة الاندماج، وإن كانت تلك الدعوات تلقى معارضة من قبل المهاجرين الذين يرفضون إلغاء ذواتهم فإنها ستبقى ذريعة بيد الفرنسيين لتفقيه تسلطهم.

خلاصة:

تقول الباحثة: بالنسبة لنا نحن الفرنسيين، فوجود هؤلاء المهاجرين في بلادنا من شأنه أن يحثنا على التفكير بتروٍ كبير في الجوانب الإيجابية لهذا الحضور وفي التغييرات التي يحدثها داخل المجتمع الفرنسي. مع التوصية بجعل الاندماج محببا لهؤلاء المهاجرين مع احترام احتفاظهم بملامح هويتهم الأصلية.




هوامش:
*1ـ يُقصد بالفانتازمات ما يشبه الشعور عند الرجل الشرقي بضرورة تلبية الزوجة لمتطلباته حتى لو كان مزاجها لا يتماشى مع متطلباته، فمعارضة الزوج هنا تخالف التعاليم السماوية والدينية (حتى عند البوذيين)، والفانتازمات عند الأوروبيين تجاه شعوب العالم الثالث مطابق لهذا الشعور، أي لا يجوز معاندتهم ورفض ما يأمرونا به (من عندي).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 04-12-2009, 08:15 PM   #7
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل السابع والثلاثون: التفاعلات الاجتماعية بين الإيطاليين والمغاربة في ميلانو ..
تقديم: فرانكا بيتزيني وكلوديو بوسي .. أستاذان في جامعة ميلانو ـ إيطاليا

(( إن تفكيري مُنشغل يا بني. ماذا سأسرد عليه الليلة هذه؟ سأسرد على سمعه، مثلاً، العرب عاشوا عصرهم الذهبي، وأنهم اخترعوا الصفر والجبر، وأنهم نقلوا الى أوروبا النصرانية، الفلسفة الإغريقية والاكتشافات الطبية الكبرى... سأسرد عليه مجد الماضي، ثم الهزيمة التي تتلوها الهزائم، ومعارك الاستقلال، ومن بعد هذا التخلف الذي نستشعره مثل الوسم على الجلد، وهذا الحاضر البائس، والبائس جداً حد شل قدرتهم على الحلم))
..................................... الطاهر بن جلون

مقدمة

بعدما تم تصدير البحث بمقولة (الطاهر بن جلون)، طلب الباحثان إعمال الرأي في القيمة الاستكشافية لبعض المفاهيم النظرية والإبستمولوجية لجورج باتيسون (G. Bateson) مسترجعين بعض أعماله وأعمال (مرجريت ميد) التي تذكرنا بكتابات (باتيسون) لصناعة مقاربة لبحثهما.

وخلاصة ما تم أخذه عن باتيسون بأنه رأى أن الاتصال بين مجموعتين مختلفتين ثقافيا يمكنه أن يؤول الى واحدة من التشكيلات التالية:

1ـ الاندماج الكلي بين المجموعتين.
2ـ إلغاء واحدة من المجموعتين أو الاثنتين معاً.
3ـ استمرار كلا المجموعتين معاً بمقتضى توازن ديناميكي داخل جماعة أكبر.

أولا: البحث

قام بالبحث (كلوديو بوسي) من جامعة ميلانو، على 540 مغربياً يعيشون في ميلانو في حي (كاتشينا روزا Cascina Rosa) وهم ممن أقام مؤخرا في إيطاليا قادمين من بلادهم الأصلية ووجدوا أنفسهم لأول مرة وجها لوجه مع الواقع الغربي والإيطالي. وهم يعيشون ظروفاً متدنية جدا سواء في سكناهم أو في عملهم.

ثانياً: أزمنة اللقاء وطرقه

1ـ الموعد: لم يلتزم أحدٌ من المغاربة في موعد ضربناه معه، وحتى المواعيد التي كانوا يضربونها لا تتحدد بساعة، فيقولون بالمساء أو بعد العشاء.

2ـ المشهد: وصلنا الى كاتشينا روزا قبيل الموعد ب 5 دقائق وسألنا عن السيد مكرم فقالوا: أنه في ساحة المبنى يعد سيارة. انتظرناه ونحن نتمشى ثم سألنا بعد 20 دقيقة فقالوا: لقد غادر بسيارته، وعندما عاد بعد ساعتين ونوهنا له بلطف عن الموعد، لم يتوقف عنده بل عرض علينا شرب الشاي.

3ـ ردود فعلنا: لقد كنا منزعجين (فهؤلاء المغاربة لا يحترمون المواعيد، إنهم لا يهتمون بالوقت المتفق عليه).

ثالثاً: وقت المحادثة الودية

1ـ المشهد: تجري المحادثة في كوخ من الخشب والكرتون في كاتشينا روزا. ولقد دعانا أصدقاء مغاربة في المساء لشرب الشاي عندهم بعد العشاء.

انقضت السهرة بوتيرة ثقيلة، ونحن نشعر بالوقت يمر بطيئاً. وكنا نستثقل طول وقت إعداد الشاي وبطئ الحديث ودوران الحركات والنظرات البطيئة.

2ـ ردود فعلنا: انطوى رد فعلنا على تناقض قوي: فمن ناحية هناك الضجر من هذا البطء، ومن ناحية أخرى هناك الإعجاب باستخدام وقت الفراغ بطريقة مضادة لسرعة الثقافة الغربية.

رابعاً: أمكنة اللقاء

1ـ بيوت الكاتشينا روزا: تنقسم الكاتشينا الى ساحتين كبيرتين، يتوسطهما مبنى من طابقين أما الأكواخ الصغيرة المستخدمة للسكن فهي مسنودة الى حائط السياج والى الرواق. في البناية المركزية توجد محلات مشتركة وبعض المساكن ويستخدم جزء من الرواق كمسجد للصلاة. وهناك عربات ريفية مسكونة كل واحدة بها 4 أو 5 أشخاص.

أما الأثاث، فهو أثاث مقتنى من أثاث سابق الاستعمال، تم تحويره وتكييفه حسب أذواق الساكنين، وعندما أبدينا ملاحظاتنا عن الرطوبة وكيفية التخلص منها، جاوبونا أن ذلك لا يناسب الأسلوب المغربي.

في الحقيقة ذهلنا من الإشهارات (الإعلانات) المغربية التي تبرز المغرب بجمال أبنيته ومقتنياته من السيارات الفخمة، وهذا النمط الذي يعيش فيه مغاربة إيطاليا.

2ـ رجل وثلاث نساء في بيت أصدقاء مغاربة: ننتقل الآن الى وصف الوضعية التي يكون عليها التصرف في الفضاء بحضور النساء. كان الفريق من ثلاث نساء ورجل (إيطاليين) والرجل زوج لإحدى النساء الثلاث، كانت هناك أريكة نهض الجالسون عنها وأجلسوا النساء الإيطاليات عليها، وحرصوا أن يكون زوج المرأة الى جانبها ولكن ليس بقرب النساء الأخريات، في حين قام المغاربة وجلسوا على الكراسي المنفردة. وفي ذلك إشارة الى الحماية الضمنية لكل النساء من قبل من يستضيفهم، وتكريمهن على الرجال.

3ـ في المرقص: ثمة سلوك يمكن إدراجه ضمن ثنائية حب الظهور/الإعجاب، وهو السلوك المتصل بالرقص. لقد تحققنا في مناسبات عدة أن الأفارقة يصيرون أثناء الرقص محل إعجاب الإيطاليين. ولما يكتشف الأفارقة ذلك، يتخذون مواقف تتصف بحب الظهور، فتتسارع حركاتهم ويظهرون براعتهم بالرقص، وقد لا يكونون كذلك في بلدانهم!

خامساً: العمل والضيافة

نحس أن المغاربة يعاملوننا كأصدقاء، بشكل ودود كبير، فهم يدعوننا للعشاء وتناول الشاي، ويعاتبوننا إذا تأخرنا عن زيارتهم ونحس بالحرج والتقصير إزاء تلك العواطف الجياشة.

وبالمقابل، فإننا ما أن نقابل مغربيا من أصدقائنا إلا وطلب منا مساعدة في البحث عن عمل لأحد الوافدين الجدد، حتى صرنا نشعر وكأننا مكتب عمل لتشغيل المغاربة أو نتستر على مهاجرين بما يخالف قوانين البلاد.

ولم نحس للحظة واحدة، أن كرمهم معنا كان من أجل مساعدتهم، لكن لم يمنع ذلك من أن نربط تلك الخصلتين معاً.

سادساً: العمل والسلطة

لدينا مثال، لشاب مغربي اسمه إدريس، يعمل في متجر لبيع اللوازم الرياضية، وعمله مضني، وفي المتجر امرأتان إيطاليتان تدعى الأولى (لورا) والثانية (غراتسيا) ومسئول رجل يدعى (موريتزيو) وكان هناك شجار مستمر بين إدريس والمرأتين، فكان يتظاهر بعدم سماع أوامرهما: امسح تلك الطاولة، انقل هذا الغرض من المكان الفلاني الخ، لم يظهر لنا كباحثين أن هناك نبرة سيئة في كلام المرأتين تدل على عدم اللياقة أو على التسلط.

فاكتشفنا أن إدريس بثقافته وتكوينه لا يحب أن يكون تحت إمرة امرأة، وهو شعور ذكوري تتصف به كل الشعوب العربية

خاتمة

ماذا نستنتج مما سقناه من أمثلة، وأين موقعه من فرضيات (باتيسون). لقد بينت أمثلتنا أن هناك انعدام التوازنات وبروز حالات سوء الفهم، وهناك حالات يمكن أن يحدث فيها التوازن (العشاء، الضيافة، الرقص)، والاختلافات الأخرى تأتي من خلال الثقافات القديمة والصور المقدمة إعلاميا، خصوصا تلك التي رافقت حرب الخليج، عندما اختفت حركة المغاربة في الحي ولازموا مساكنهم، وحتى لم يخرج بائعو السجائر منهم الى الشوارع.

وكان هناك شعور لدى الإيطاليين بالخوف من العربي ومن المسلم ومن الأصولي الخ. وأوردت صحيفة إيطالية خبراً عن مغربي اسمه علي أنه منذ أول أيام الحرب لم يعد علي يرغب في الذهاب الى عمله. إن الناس في السوق ينادونه بصدام.

انتهى القسم الرابع في صفحة 648 من الكتاب
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .