العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الاسلامي > الخيمة الرمضانية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الثالوث فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الطبع في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الصفق فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الولدان المخلدون (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخمار فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الحجاب في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: رقص و قذارة سفيرة (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: الخنق في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الغلمة في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: السجل فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)      

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 10-09-2009, 06:08 AM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

20 رمضان


خيانة على أسوار فيينا

(في ذكرى هزيمة المسلمين: 20 رمضان 1094هـ)


الدولة العثمانية من أطول الإمبراطوريات في التاريخ؛ إذ استطاع العثمانيون الحفاظ على وجودهم على مسرح الأحداث العالمية طيلة ستة قرون وربع قرن، خاضوا خلالها مئات الحروب والمعارك، حققوا خلالها أعظم الانتصارات، ولم تخلُ هذه الحروب من هزائم وانكسارات كان لها انعكاساتها على مسار التاريخ لهذه الدولة العريقة.

وتأتي هزيمة العثمانيين أمام أسوار فيينا في (20 من رمضان 1094هـ = 12 سبتمبر 1683م) لتشكل مرحلة جديدة في تاريخ الدولة العثمانية؛ إذ كانت فيينا آخر ما وصلت إليه الدولة العثمانية في فتوحاتها في أوروبا، وكانت هزيمتها أمام هذه الأسوار المنيعة بداية التوقف في تاريخ العثمانيين.

وهذه الملحمة الكبيرة لها بدايات سبقتها بحوالي 154 عاما؛ فالعثمانيون حاصروا فيينا مرتين: الأولى في عهد السلطان "سليمان القانوني"، والثانية في عهد السلطان محمد الرابع، إلا أنهم لم يتمكنوا منها في المرة الأولى بسبب نقص الذخيرة وقدوم الشتاء القارس، والثانية بسبب بعض الخيانات في الجيش، وتحالف أوروبا ضد الدولة العثمانية التي فقدت ديناميكية الهجوم والتوسع بعد هذه الهزيمة القاسية.

الحصار الأول

سليمان القانوني من أعظم سلاطين الدولة العثمانية، وأطولهم حكما؛ فقد حكم الدولة ستًا وأربعين سنة، وكان عهده قمة العهود العثمانية في الجهاد والنواحي العلمية والمعمارية والتنظيمية، وكان يؤثر في السياسة الأوروبية تأثيرا عظيما، فاستطاع أن يفتح أهم مدن البلقان، وهي: بلجراد سنة (928هـ = 1521م)، واتخذها قاعدة حربية لحملاته في أوروبا، وفي رمضان (936هـ = مايو 1529م) بدأ القانوني حملته لفتح فيينا؛ إذ خرج من إستانبول في جيش كبير حمل معداته حوالي 22 ألف جمل، أما عدد الجنود فكان حوالي 250 ألف جندي، ويرجع سبب هذه الحملة إلى أن سليمان القانوني استطاع فتح المجر في (ذي الحجة 932هـ = سبتمبر 1526م) ونصب عليها ملكا تابعا له يدعى "جان زابولي"، غير أن "فرديناد" ملك النمسا ادعى أحقيته في أن يكون ملكًا على بلاد المجر، وسار بجنوده لمحاربة زابولي، واستطاع أن يهزمه، فاستنجد زابولي بالسلطان سليمان الذي وعد بمساعدته، واستعد العثمانيون للحرب وجمعوا الجيوش والذخائر، وعين السلطان سليمان إبراهيم باشا الصدر الأعظم قائدا عاما للجيش؛ وكان الغرض من الحملة استرجاع مدينة "بوادبست" وإخراج الألمان من المجر، وقد فرض العثمانيون حصارًا قويًّا محكمًا على "بوادبست"، ففر الملك فرديناد منها إلى فيينا، وسلم الألمان المدينة وقلاعها إلى العثمانيين، وتم إعادة زابولي إلى عرش بلاد المجر.




اتجه سليمان القانوني وزابولي لفتح فيينا، وسلط مدافعه على أسوارها، فهدم جزءا منها، وهجمت الجنود العثمانيون ثلاثة أيام متتالية على المدينة الحصينة، وفي اليوم الرابع الموافق (20 صفر = 13 أكتوبر) عادت القوات العثمانية إلى معسكرها دون أن تقوى على دخول المدينة، ولما رأى السلطان سليمان أن الذخيرة بدأت تقترب من النفاد، وأن الشتاء قد اقترب بثلوجه وبرودته الشديدة، أصدر أوامره بالرجوع عن فيينا في هذه السنة، وإعداد الجيوش لمعاودة الكرة عليها في أقرب وقت، وكانت تلك هي المرة الأولى التي لم يفز فيها السلطان سليمان بالنصر، وكانت خسائر العثمانيين 14 ألف شهيد وجريح.

محاولة لم تكتمل

وفي (19 رمضان 938هـ = 25 من إبريل 1532م) سار السلطان سليمان القانوني بقواته قاصدا فيينا لفتحها، ومحو ما لحقه من الفشل أمام أسوارها، فلما وصل إلى مدينة "نيش" ببلاد الصرب وجد في انتظاره سفراء من قبل "فرديناد" أرشيدق النمسا فقابلهم مقابلة باهتة على عكس مقابلته للسفير الفرنسي الجديد، ثم تحرك بقواته البالغة 200 ألف مقاتل وفتح في طريقه إلى فيينا عددًا من الحصون والقلاع، ولما اقترب منها مال إلى جهة اليسار قاصدا إقليم "إستيريا"، ومنها عاد إلى بلجراد مرة أخرى بدون أن يحاصر فيينا بعدما علم باستعدادات ملكها للدفاع عنها وجمعه لقوات كبيرة للتصدي للعثمانيين، بالإضافة إلى اقتراب فصل الشتاء الذي لا يمكن معه استمرار الحصار بكيفية تضمن فتح المدينة.

الحصار الثاني

وصلت الدولة العثمانية إلى درجة كبيرة من القوة مع نهاية القرن السابع عشر الميلادي، وهو ما أقلق أوروبا وبث الخوف فيها، لذلك سعت للتخلص من العثمانيين، غير أن مساعيها باءت بالفشل. أما النمسا فشعرت بقلق شديد بعد استيلاء العثمانيين على سلوفاكيا بالكامل، بالإضافة إلى 28 قلعة بالمنطقة. وكانت ألمانيا وراء سياسة استعادة سلوفاكيا، وبسط سيطرتها على منطقة ترانسلفانيا، وذلك دون أن تدخل مع الدولة العثمانية في حرب شاملة، وكانت هذه السياسة تغضب الصدر الأعظم "قرة مصطفى باشا"، وأخذت تسيطر عليه فكرة توجيه ضربة قوية لألمانيا لكف يدها عن التدخل في شئون المجر.

محاربة ألمانيا

استطاع الصدر الأعظم قرة مصطفى باشا إقناع السلطان العثماني محمد الرابع والديوان الهمايوني (مجلس الوزراء) بإعلان الحرب على ألمانيا، واتُّخذ هذا القرار في شعبان (1093هـ = 1682م) وتحرك الجيش العثماني وعلى رأسه السلطان من أدرنة حتى بلجراد، التي بقى فيها السلطان، أما الجيش فتحرك تحت قيادة الصدر الأعظم من بلجراد في جمادى الأولى (1094هـ = 1683م) للاستيلاء على النمسا، وقد وُصف هذا الجيش بأنه لم تتمكن أية دولة حتى ذلك التاريخ من أن تجمع جيشا مثله، وتسبب ذلك في قلق العالم المسيحي في أوروبا وعلى رأسه ألمانيا.

وأخذت الحرب بين العثمانيين والألمان طابع الحرب بين الإسلام والمسيحية، فوعد الملك الفرنسي لويس الرابع عشر بتقديم قوات فرنسية للألمان للقتال إلى جانبهم، وساندت إنجلترا ألمانيا ضد العثمانيين وكذلك هولندا وإيطاليا وأسبانيا والبرتغال، ووجه بابا روما دعوة إلى كافة المسيحيين للجهاد المقدس ضد العثمانيين، فانضمت بولونيا والبندقية والدانمارك إلى هذا التحالف المقدس.

مجلس الحرب

جمع الصدر الأعظم قرة مصطفى باشا مجلس الحرب في جيشه وأعلن أنه سيستولي على فيينا، وأنه سيملي شروطه على ألمانيا في هذه المدينة العنيدة (فيينا)؛ لأن الاستيلاء على "يانق قلعة" المدينة التي تعتبر مفتاح فيينا وتقع على بعد 80 كم شرقي فيينا على الضفة الغربية لنهر راب، لا يمكن أن يخضع ألمانيا ويجعلها تكف يدها عن شئون المجر.

أثار قرار قرة مصطفى باشا حيرة الوزراء وجدلهم، واعترض عليه الوزير إبراهيم باشا الذي أكد أن رغبة السلطان هي الاستيلاء على "يانق قلعة" ومناوشة أوروبا الوسطى بواسطة كتائب الصاعقة العثمانية، وأن الحملة على فيينا يحتمل أن تكون في العام المقبل، فأجابه قرة مصطفى باشا بأنه من الصعب أن يتجمع جيش مرة ثانية بمثل هذه الكثافة والقوة، وهذا الأمر يقتضي إنزال ضربة قوية قاضية بالألمان، وإلا فإن الحرب ستطول معهم، خاصة أن ألمانيا عقدت صلحا مع فرنسا، وأصبحت آمنة من الجانب الغربي، وأن الإمبراطور "ليوبولد" اتفق مع الملك البولوني "سوبياسكي" على استعادة منطقة بادوليا، وأن البندقية لا بد أن تكون ضمن هذا الاتفاق، وبالتالي ستنضم روسيا وبقية الدول الأوروبية لهذا التحالف المسيحي إلى جانب ألمانيا، وهذا يقتضي كسره وتحطيم هذا التحالف الوليد في ذلك العام وإلا فإن الحرب ستطول إلى أجل غير معلوم.

بداية الحصار

بدأ قرة مصطفى باشا حصاره لفيينا في (18 رجب 1094هـ = 14 يوليو 1683م) دون أن يعلم السلطان محمد الرابع بتوجيه حملته إلى فيينا، وأبلغه بذلك الأمر بعد بدء الحصار بستة أيام، ولما علم السلطان قال: "لو كنت أعلم ذلك مقدما لما أذنت به"، وعلى هذا انقسم رجال الدولة العثمانية إلى قسمين: الأول وعلى رأسه السلطان، ويرى أن تهديد فيينا هذه العاصمة الإمبراطورية سيخيف أوروبا بأسرها ويكتلها ضد الدولة العثمانية في حرب دينية شرسة، ويحرضها على بناء تحالفات تصبغها الصبغة الدينية المقدسة بعد مباركة البابا لها، وهو أمر لا تريده الدولة العثمانية ولا ترغب فيه، خاصة أنها هي الدولة الإسلامية الوحيدة في العالم.

أما الاتجاه الثاني ويتزعمه قرة مصطفى باشا فيرى ضرورة فتح فيينا استفادة من هذا الجيش الكثيف القوي قبل أن يقوم تحالف أوروبي كبير تدخل فيه روسيا ويجعل الحرب تطول زمنيا.

المهم أن العثمانيين بدءوا في فرض حصارهم على فيينا واستطاعت وحدات الصاعقة العثمانية أن تستولي على الكثير من الآليات النمساوية، ونصبوا سرادقا في المكان الذي نصب فيه السلطان سليمان القانوني سرادقه قبل 154 سنة أثناء حصاره لفيينا، واستطاعت بعض الفرق العثمانية الدخول إلى سويسرا، وبدأ الحصار العثماني على فيينا بحوالي 60 ألف جندي ووزع قرة مصطفى باشا بقية جيشه على ساحة واسعة جدا بقصد قطع طريق المساعدات القادمة للمدينة المحاصرة، غير أن هذا الأمر كان خطأ عسكريا فادحا؛ لأنه شتت القوات العثمانية في مساحة واسعة من الأرض وهو ما أفقدها ميزتها في الكثافة العددية.

أما الإمبراطور ليوبولد الأول فترك فيينا، فقام الشعب الغاضب بنهب قصره، وبدأت الجيوش النمساوية والأوروبية تتجمع للدفاع عن المدينة التي كانت تعتمد على مدافعها التي تعد بالآلاف، وأسوارها المتينة، وخنادقها العميقة والإمدادات التي تصلها.

وقد استطاع أحد القادة العثمانيين فتح مدينة "براتسلافا" والاستيلاء على تاج إمبراطور ألمانيا الموجود فيها، وتبعد هذه المدينة 30 كم شرق فيينا.

واستطاع أيضا العثمانيون هزيمة دوق المورين بعد ساعتين من القتال الشرس فدخل العثمانيون مدينة "ديوبولد" وأحرقوا قصر الإمبراطور الصيفي.

قوة الجيشين

كان قرة مصطفى باشا متأكدا من سقوط فيينا، غير أن الأيام الأخيرة من حصارها بدأت تشهد سقوط آلاف الشهداء العثمانيين، فقد كان الجيش يتكون من 162 ألف جندي، منهم 60 ألفا مشتركون في الحصار، أما باقي الجيش فينتشر في ساحة واسعة، أما المدافعون عن فيينا فكانوا في بداية الحصار أكثر من 11 ألف مقاتل، وانخفض هذا العدد إلى 5500 مقاتل، إلا أن الإمدادات الأوروبية القادمة لنجدة فيينا كانت كبيرة فكان لدى دوق لورين 85 ألف جندي، والملك سوبياسكي 35 ألف جندي على وشك الانضمام إلى الجيش الألماني البالغ عدده 135 ألف مقاتل، منهم 40 ألف خيال، بالإضافة إلى تدفق المساعدات من كافة أنحاء أوروبا.

كانت جاذبية فيينا تسيطر على عقل قرة مصطفى باشا، فبدلا من أن يشتت الجيش الألماني الذي لا يبعد عن فيينا أكثر من 15 كم حتى لا يكون نواة تتجمع حولها القوات الأوروبية، انتظر أن تسقط المدينة، حتى لا ينهبها الجيش، فقد كان القانون الدولي آنذاك ينص على ألا تُنهب المدن التي تستلم لحالها.

الخيانة الكبرى

وعندما التأمت الجيوش الأوروبية ترك دوق لورين القيادة العامة للملك سوبياسكي واكتملت استعداداتهم يوم الجمعة الموافق (19 رمضان = 11 سبتمبر) بعدما شعروا أن سقوط فيينا ليس أمامه إلا أيام قليلة؛ لذلك أقدم الأوروبيون على عبور جسر "الدونة" الذي يسيطر عليه العثمانيون بالقوة مهما كلفهم من خسائر، حيث لم يكن بالإمكان إيصال الإمدادات إلى فيينا دون عبور هذا الجسر.

وكان مصطفى باشا قد كلف "مراد كيراي" حاكم القرم في الجيش بمهمة حراسة الجسر، ونسفه عند الضرورة وعدم السماح للأوروبيين بعبوره مهما كانت الأمور، وقد كان مصطفى باشا يكره مراد كيراي، ويعامله معاملة سيئة، أما مراد فكان يعتقد أن فشل مصطفى باشا في فيينا سيسقطه من السلطة ومن منصب الصدارة، ولم يخطر ببال هذا القائد الخائن أن خسارة العثمانيين أمام فيينا ستغير مجرى التاريخ العالمي، لذلك قرر مراد أن يظل متفرجا على عبور القوات الأوروبية جسر الدونة، ليفكوا الحصار المفروض على فيينا، دون أن يحرك ساكنا، يضاف إلى ذلك أن هناك وزراء وبكوات في الجيش العثماني كانوا لا يرغبون في أن يكون قرة مصطفى باشا هو فاتح فيينا التي فشل أمامها السلطان سليمان القانوني.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل  
غير مقروءة 10-09-2009, 06:12 AM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

تابع 20 رمضان


المعركة الفاصلة

وفي يوم السبت الموافق (20 رمضان 1094هـ = 12 سبتمبر 1683م) تقابل الجيشان أمام أسوار فيينا وكان الأوروبيون فرحين لعبورهم جسر الدونة دون أن تُسكب منهم قطرة دم واحدة، إلا أن هذا الأمر جعلهم على حذر شديد، أما العثمانيون فكانوا في حالة من السأم لعدم تمكنهم من فتح فيينا، وحالة من الذهول لرؤيتهم الأوروبيين أمامهم بعد عبور جسر الدونة، بالإضافة إلى ما ارتكبوه من ذنوب ومعاصٍ من شرب الخمر ومعاشرة النساء، وانشغال بعض فرق الجيش بحماية غنائمها وليس القتال لتحقيق النصر، وتوترت العلاقة بين الصدر الأعظم وبعض قواد جيشه وظهرت نتائج ذلك مع بداية المعركة؛ فقد سحب الوزير "قوجا إبراهيم باشا" قائد الجناح الأيمن في الجيش قواته أثناء المعركة وانفصل بها، في الوقت الذي لم تكن هناك أية علامات لهزيمة العثمانيين؛ وهو ما تسبب في انتشار الوهن في القلوب والتولي من ميدان الجهاد، وقد كانت هذه الخيانة هي السبب الرئيسي في الهزيمة، فهجم العدو بكامل قواته على العثمانيين ولم تمض ساعات قليلة حتى كان الأوروبيون في سرادق الصدر الأعظم الفخم، فأمر مصطفى باشا بالانسحاب ورفع الحصار عن فيينا، واستشهد من العثمانيين حوالي 10 آلاف، وقُتل من الأوروبيين مثلهم، ووضع مصطفى باشا خطة موفقة للانسحاب حتى لا يضاعف خسائره، وأخذ الجيش العثماني معه أثناء الانسحاب 81 ألف أسير.

وهكذا غادر العثمانيون أرض المعركة ومعهم آلاف الأسرى بعدما تركوا المهمات الثقيلة للعدو، ومنها السرادق الذي يقارب حجمه حجم القصر الكبير وبه حمامات وحدائق وتحف فنية، وانتهى الحصار الذي استمر 59 يوما، وفقدت الدولة العثمانية بهزيمتها أمام فيينا ديناميكية الهجوم والتوسع في أوروبا، وكانت الهزيمة نقطة توقف في تاريخ الدولة.

وعاد الجيش العثماني وعُزل إبراهيم باشا الذي كان السبب الأول في الهزيمة، ووبّخه مصطفى باشا قائلا له: "أيها الشيخ الملعون فررت، وبقرارك كنت السبب الكلي في هزيمة العساكر الإسلامية كافة"، وأمر بقتله وقال للسياف عند قطع رأسه: قل للسلطان لا أحد يستطيع أن يتلافى ما حدث غير مصطفى باشا.

وأعدم مصطفى باشا الخائن مراد كيراي، أما هو فإن السلطان محمد الرابع أرسل أحد رجال حاشيته فقتله.

وفي تلك الأثناء كانت كنائس أوروبا تدق أجراسها فرحا بهذا النصر الكبير، وتحرك جيش التحالف المسيحي لاقتطاع بعض الأجزاء من الأملاك العثمانية في أوروبا، ووقعت معركة "جكردلن" بين أحد القادة العثمانيين وقواته البالغة 30 ألف مقاتل وبين الملك سوبياسكي وقواته البالغة 60 ألف مقاتل، وانتهت بتراجع سوبياسكي، وتوالت المعارك العثمانية في أوروبا، وفقدت الدولة بعض مراكزها الهامة بسبب هزيمتها أمام فيينا التي كانت هزيمة من النوع الثقيل تاريخيا أكثر منه عسكريا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
من مصادر الدراسة:

يلماز أوزتونا: تاريخ الدولة العثمانية- منشورات مؤسسة فيصل للتمويل- تركيا- 1988.

محمد فريد وجدي: تاريخ الدولة العلية العثمانية- تحقيق إحسان عباس- دار النفائس ببيروت- الطبعة الثامنة- 1419هـ = 1998م.

محمد حرب: العثمانيون في التاريخ والحضارة- دار القلم- دمشق- الطبعة الثانية- 1419هـ = 1999م.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل  
غير مقروءة 11-09-2009, 04:49 PM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

21 رمضان


في ذكرى وفاته: 21 من رمضان 95 هـ)

الحجـــــاج بن يوســــــف الثـــــــــــقفي

احتل الحجاج بن يوسف الثقفي مكانة متميزة بين أعلام الإسلام، ويندر أن تقرأ كتابًا في التاريخ أو الأدب ليس فيه ذكر للحجاج الذي خرج من سواد الناس إلى الصدارة بين الرجال وصانعي التاريخ بملكاته الفردية ومواهبه الفذة في القيادة والإدارة.

وعلى قدر شهرة الحجاج كانت شهرة ما نُسب إليه من مظالم؛ حتى عده كثير من المؤرخين صورة مجسمة للظلم، ومثالا بالغا للطغيان، وأصبح ذكر اسمه يستدعي في الحال معاني الظلم والاستبداد، وضاعت أعمال الحجاج الجليلة بين ركام الروايات التي تروي مفاسده وتعطشه للدماء، وإسرافه في انتهاكها، وأضافت بعض الأدبيات التاريخية إلى حياته ما لم يحدث حتى صار شخصية أسطورية بعيدة كل البعد عن الحقيقة والواقع، وقليل من المؤرخين من أنصف الحجاج، ورد له ما يستحق من تقدير.

وإذا كان الجانب المظلم قد طغى على صورة الحجاج، فإننا سنحاول إبراز الجانب الآخر المشرق في حياته، والمؤثر في تاريخ المسلمين حتى تستبين شخصية الحجاج بحلوها ومرها وخيرها وشرها.

المولد والنشأة

في الطائف كان مولد الحجاج بن يوسف الثقفي في سنة (41 هـ = 661م)، ونشأ بين أسرة كريمة من بيوت ثقيف، وكان أبوه رجلا تقيًّا على جانب من العلم والفضل، وقضى معظم حياته في الطائف، يعلم أبناءها القرآن الكريم دون أن يتخذ ذلك حرفة أو يأخذ عليه أجرا.

حفظ الحجاج القرآن على يد أبيه ثم تردد على حلقات أئمة العلم من الصحابة والتابعين، مثل: عبد الله بن عباس، وأنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، وغيرهم، ثم اشتغل وهو في بداية حياته بتعليم الصبيان، شأنه في ذلك شأن أبيه.

وكان لنشأة الحجاج في الطائف أثر بالغ في فصاحته؛ حيث كان على اتصال بقبيلة هذيل أفصح العرب، فشب خطيبا، حتى قال عنه أبو عمرو بن العلاء: "ما رأيت أفصح من الحسن البصري، ومن الحجاج"، وتشهد خطبه بمقدرة فائقة في البلاغة والبيان.

الحجاج وابن الزبير

لفت الحجاج أنظار الخليفة عبد الملك بن مروان، ورأى فيه شدة وحزما وقدرة وكفاءة، وكان في حاجة إليه؛ حتى ينهي الصراع الدائر بينه وبين عبد الله بن الزبير الذي كان قد أعلن نفسه خليفة سنة (64هـ = 683م) بعد وفاة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، ودان له بالولاء معظم أنحاء العالم الإسلامي، ولم يبق سوى الأردن التي ظلت على ولائها للأمويين، وبايعت مروان بن الحكم بالخلافة، فنجح في استعادة مصر من قبضة ابن الزبير، ثم توفي تاركا لابنه عبد الملك استكمال المهمة، فانتزع العراق، ولم يبق في يد عبد الله بن الزبير سوى الحجاز؛ فجهز عبد الملك حملة بقيادة الحجاج؛ للقضاء على دولته تماما.

حاصر الحجاج مكة المشرفة، وضيّق الخناق على ابن الزبير المحتمي بالبيت، وكان أصحابه قد تفرقوا عنه وخذلوه، ولم يبق سوى قلة صابرة، لم تغنِ عنه شيئا، ولم تستطع الدفاع عن المدينة المقدسة التي يضربها الحجاج بالمنجنيق دون مراعاة لحرمتها وقداستها؛ حتى تهدمت بعض أجزاء من الكعبة، وانتهى القتال باستشهاد ابن الزبير والقضاء على دولته، وعودة الوحدة للأمة الإسلامية التي أصبحت في ذلك العام (73 هـ = 693م) تدين بالطاعة لخليفة واحد، وهو عبد الملك بن مروان.

وكان من أثر هذا الظفر أن أسند الخليفة إلى الحجاج ولاية الحجاز مكافأة له على نجاحه، وكانت تضم مكة والمدينة والطائف، ثم أضاف إليه اليمن واليمامة فكان عند حسن ظن الخليفة وأظهر حزما وعزما في إدارته؛ حتى تحسنت أحوال الحجاز، فأعاد بناء الكعبة، وبنى مسجد ابن سلمة بالمدينة المنورة، وحفر الآبار، وشيد السدود.

الحجاج في العراق

بعد أن أمضى الحجاج زهاء عامين واليًا على الحجاز نقله الخليفة واليا على العراق بعد وفاة أخيه بشر بن مروان، وكانت الأمور في العراق بالغة الفوضى والاضطراب، تحتاج إلى من يعيد الأمن والاستقرار، ويسوس الناس على الجادة بعد أن تقاعسوا عن الخروج للجهاد وركنوا إلى الدعة والسكون، واشتدت معارضتهم للدولة، وازداد خطر الخوارج، وقويت شكوتهم بعد أن عجز الولاة عن كبح جماحهم.

ولبى الحجاج أمر الخليفة وأسرع في سنة (75هـ = 694م) إلى الكوفة، وفي أول لقاء معهم خطب في المسجد خطبة عاصفة أنذر فيها وتوعد المخالفين والخارجين على سلطان الخليفة والمتكاسلين عن الخروج لقتال الخوارج الأزارقة، وخطبة الحجاج هذه مشهورة متداولة في كتب التاريخ، ومما جاء فيها: "… يا أهل الكوفة إني لأرى أرؤسا قد أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها، وإن أمير المؤمنين –أطال الله بقاءه- نثر كِنانته (جعبة السهام) بين يديه، فعجم عيدانها (اختبرها)، فوجدني أمرّها عودا، وأصلبها مكْسِرًا فرماكم بي؛ لأنكم طالما أوضعتم في الفتنة، واضطجعتم في مراقد الضلالة، وإن أمير المؤمنين أمرني بإعطائكم أعطياتكم، وأن أوجهكم لمحاربة عدوكم مع المهلّب بن أبي صفرة، وإني أقسم بالله لا أجد رجلا تخلّف بعد أخذ عطائه ثلاثة أيام إلا ضربت عنقه".

وأتبع الحجاج القول بالفعل ونفذ وعيده بقتل واحد ممن تقاعسوا عن الخروج للقتال، فلما رأى الناس ذلك تسارعوا نحو قائدهم المهلب لمحاربة الخوارج الأزارقة، ولما اطمأن الحجاج إلى استقرار الأوضاع في الكوفة، ذهب إلى البصرة تسبقه شهرته في الحزم، وأخذ الناس بالشدة والصرامة وخطب فيهم خطبة منذرة زلزلت قلوبهم، وحذرهم من التخلف عن الخروج مع المهلب قائلا لهم: "إني أنذر ثم لا أنظر، وأحذر ثم لا أعذر، وأتوعد ثم لا أعفو…".

ولم يكتف الحجاج بحشد الجيوش مع المهلب بل خرج في أهل البصرة والكوفة إلى "رشتقباذ" ليشد من أزر قائده المهلب ويساعده إن احتاج الأمر إلى مساعدة، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان؛ إذ حدثت حركة تمرد في صفوف الجيش، وتزعم الثورة رجل يدعى "ابن الجارود" بعد أن أعلن الحجاج عزمه على إنقاص المحاربين من أهل العراق 100 درهم، ولكن الحجاج تمكن من إخماد الفتنة والقضاء على ابن الجارود وأصحابه.

وما كاد الحجاج يقضي على فتنة الخوارج حتى شبت ثورة عارمة دامت ثلاث سنوات (81-83 هـ = 700-702م) زعزعت استقرار الدولة، وكادت تعصف بها، وكان يقودها "عبد الرحمن بن الأشعث" أحد رجالات الحجاج الذي أرسله على رأس حملة جرارة لإخضاع الأجزاء الشرقية من الدولة، وبخاصة سجستان لمحاربة ملكها "زنبيل".

وبعد أن حقق ابن الأشعث عددا من الانتصارات غرّه ذلك، وأعلن العصيان، وخلع طاعة الخليفة، وكان في نفسه عجب وخيلاء واعتداد كريه، وبدلا من أن يكمل المهمة المنوط بها عاد ثائرا على الدولة الأموية مدفوعا بطموحه الشخصي وتطلعه إلى الرئاسة والسلطان.

ووجد في أهل العراق ميلا إلى الثورة والتمرد على الحجاج، فتلاقت الرغبتان في شخصه، وآزره عدد من كبار التابعين انغروا بدعوته، مستحلّين قتال الحجاج بسبب ما نُسب إليه من أعمال وأفعال، وحالف النصر ابن الأشعث في جولاته الأولى مع الحجاج، واضطرب أمر العراق وسقطت البصرة في أيدي الثوار، غير أن الحجاج نجح في أن يسترد أنفاسه، وجاء المدد من دمشق وواصل قتاله ضد ابن الأشعث، ودارت معارك طاحنة حسمها الحجاج لصالحه، وتمكن من سحق عدوه في معركة دير الجماجم سنة (83 هـ = 702م)، والقضاء على فتنته.

الفتوحات الإسلامية


فتوحات قتيبة بن مسلم

تطلع الحجاج بعد أن قطع دابر الفتنة، وأحل الأمن والسلام إلى استئناف حركة الفتوحات الإسلامية التي توقفت بسبب الفتن والثورات التي غلت يد الدولة، وكان يأمل في أن يقوم الجيش الذي بعثه تحت قيادة ابن الأشعث بهذه المهمة، وكان جيشا عظيما أنفق في إعداده وتجهيزه أموالا طائلة حتى أُطلق عليه جيش الطواويس، لكنه نكص على عقبيه وأعلن الثورة، واحتاج الحجاج إلى سنوات ثلاثة حتى أخمد هذه الفتنة العمياء.

ثم عاود الحجاج سياسة الفتح، وأرسل الجيوش المتتابعة، واختار لها القادة الأكفاء، مثل قتيبة بن مسلم الباهلي، الذي ولاه الحجاج خراسان سنة (85هـ = 704م)، وعهد إليه بمواصلة الفتح وحركة الجهاد؛ فأبلى بلاء حسنا، ونجح في فتح العديد من النواحي والممالك والمدن الحصينة، مثل: بلخ، وبيكند، وبخارى، وشومان، وكش، والطالقان، وخوارزم، وكاشان، وفرغانه، والشاس، وكاشغر الواقعة على حدود الصين المتاخمة لإقليم ما وراء النهر وانتشر الإسلام في هذه المناطق وأصبح كثير من مدنها مراكز هامة للحضارة الإسلامية مثل بخارى وسمرقند.

وبعث الحجاج بابن عمه محمد بن القاسم الثقفي لفتح بلاد السند، وكان شابا صغير السن لا يتجاوز العشرين من عمره، ولكنه كان قائدا عظيما موفور القدرة، نجح خلال فترة قصيرة لا تزيد عن خمس سنوات (89-95هـ = 707-713م) في أن يفتح مدن وادي السند، وكتب إلى الحجاج يستأذنه في فتح قنوج أعظم إمارات الهند التي كانت تمتد بين السند والبنغال فأجابه إلى طلبه وشجعه على المضي، وكتب إليه أن "سر فأنت أمير ما افتتحته"، وكتب إلى قتيبة بن مسلم عامله على خراسان يقول له: "أيكما سبق إلى الصين فهو عامل عليها".

وكان الحجاج يتابع سير حملات قادته يوفر لها ما تحتاجه من مؤن وإمدادات، ولم يبخل على قادتها بالنصح والإرشاد؛ حتى حققت هذه النتائج العظيمة ووصلت رايات الإسلام إلى حدود الصين والهند.

إصلاحات الحجاج

وفي الفترة التي قضاها الحجاج في ولايته على العراق قام بجهود إصلاحية عظيمة، ولم تشغله الفترة الأولى من ولايته عن القيام بها، وشملت هذه الإصلاحات النواحي الاجتماعية والصحية والإدارية وغيرها؛ فأمر بعدم النوح على الموتى في البيوت، وبقتل الكلاب الضالة، ومنع التبول أو التغوط في الأماكن العامة، ومنع بيع الخمور، وأمر بإهراق ما يوجد منها، وعندما قدم إلى العراق لم يكن لأنهاره جسور فأمر ببنائها، وأنشأ عدة صهاريج بالقرب من البصرة لتخزين مياه الأمطار وتجميعها لتوفير مياه الشرب لأهل المواسم والقوافل، وكان يأمر بحفر الآبار في المناطق المقطوعة لتوفير مياه الشرب للمسافرين.

ومن أعماله الكبيرة بناء مدينة واسط بين الكوفة والبصرة، واختار لها مكانا مناسبا، وشرع في بنائها سنة (83هـ = 702م)، واستغرق بناؤها ثلاث سنوات، واتخذها مقرا لحكمه.

وكان الحجاج يدقق في اختيار ولاته وعماله، ويختارهم من ذوي القدرة والكفاءة، ويراقب أعمالهم، ويمنع تجاوزاتهم على الناس، وقد أسفرت سياسته الحازمة عن إقرار الأمن الداخلي والضرب على أيدي اللصوص وقطاع الطرق.

ويذكر التاريخ للحجاج أنه ساعد في تعريب الدواوين، وفي الإصلاح النقدي للعملة، وضبط معيارها، وإصلاح حال الزراعة في العراق بحفر الأنهار والقنوات، وإحياء الأرض الزراعية، واهتم بالفلاحين، وأقرضهم، ووفر لهم الحيوانات التي تقوم بمهمة الحرث؛ وذلك ليعينهم على الاستمرار في الزراعة.

نقط المصحف

ومن أجلِّ الأعمال التي تنسب إلى الحجاج اهتمامه بنقط حروف المصحف وإعجامه بوضع علامات الإعراب على كلماته، وذلك بعد أن انتشر التصحيف؛ فقام "نصر بن عاصم" بهذه المهمة العظيمة، ونُسب إليه تجزئة القرآن، ووضع إشارات تدل على نصف القرآن وثلثه وربعه وخمسه، ورغّب في أن يعتمد الناس على قراءة واحدة، وأخذ الناس بقراءة عثمان بن عفان، وترك غيرها من القراءات، وكتب مصاحف عديدة موحدة وبعث بها إلى الأمصار.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل  
غير مقروءة 11-09-2009, 04:50 PM   #4
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الحجاج في التاريخ



اختلف المؤرخون القدماء والمحدثون في شخصية الحجاج بن يوسف بين مدح وذم، وتأييد لسياسته ومعارضة لها، ولكن الحكم عليه دون دراسة عصره المشحون بالفتن والقلاقل ولجوء خصوم الدولة إلى السيف في التعبير عن معارضتهم لسياسته أمر محفوف بالمزالق، ويؤدي إلى نتيجة غير موضوعية بعيدة عن الأمانة والنزاهة.

ولا يختلف أحد في أنه اتبع أسلوبا حازما مبالغا فيه، وأسرف في قتل الخارجين على الدولة، وهو الأمر الذي أدانه عليه أكثر المؤرخين، ولكن هذه السياسة هي التي أدت إلى استقرار الأمن في مناطق الفتن والقلاقل التي عجز الولاة من قبله عن التعامل معها.

ويقف ابن كثير في مقدمة المؤرخين القدماء الذين حاولوا إنصاف الحجاج؛ فيقول: "إن أعظم ما نُقِم على الحجاج وصح من أفعاله سفك الدماء، وكفى به عقوبة عند الله، وقد كان حريصا على الجهاد وفتح البلاد، وكانت فيه سماحة إعطاء المال لأهل القرآن؛ فكان يعطي على القرآن كثيرا، ولما مات لم يترك فيما قيل إلا 300 درهم".

وقد وضعت دراسات تاريخية حديثه عن الحجاج، وبعضها كان أطروحات علمية حاولت إنصاف الحجاج وتقديم صورته الحقيقية التي طمس معالمها وملامحها ركام الروايات التاريخية الكثيرة.. وتوفي الحجاج بمدينة واسط في (21 من رمضان 95هـ = 9 من يونيو 714م).


من مصادر الدراسة:

الطبري محمد بن جرير: تاريخ الرسل والملوك – تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم – دار المعارف- القاهرة- 1971م.

ابن خلكان: وفيات الأعيان- تحقيق إحسان عباس – دار صادر – بيروت – 1979م.

إحسان صدقي العمد: الحجاج بن يوسف الثقفي– دار الثقافة- بيروت- 1973م.

عبد الواحد ذنون طه: العراق في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي– منشورات مكتبة باسل – الموصل – العراق- (1405 هـ = 1985م).

علي حسني الخربوطلي: تاريخ العراق في ظل الحكم الأموي – دار المعارف- القاهرة- 1959م.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل  
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .