العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السيـاسية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: العفاف فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الرد على مقال هل سورة يوسف من القرآن؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: التسنيم فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخزى فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: اللعب فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: فرسة و خيّال (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: الصرف في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الرد على مقولات الباحث عن الحقيقة المنسية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الفروج في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الكرم في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 05-12-2009, 01:31 PM   #1
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

وإن رفضته الخنازير فما العمل؟؟ سألقيه في البحر. لا...لا...لا... لن أفعل ,قد تصاب بحر ومحيطات الدنيا بالتلوث وتنفق أسماكها وحيواناتها...

اهتديت أخيرا لفكرة النار. النار تطهر الأرض من أمثاله. سأحرقه إلى أن يصير رمادا. لا ...لا لن أفعل ...في الأمر نهي شرعي . فلا يعذب بالنار إلا خالقها. سأتركه إذن لخالقه فليفعل به وبأمثاله ما يشاء.هو القادر سبحانه. وهو المنتقم... هكذا أقرر أخيرا. حين أستفيق من أحلام يقظتي .

ربما فقط لأداري عجزي أصل لهذه النتيجة مع يقيني في قرارة نفسي أنني لو أتيحت لي الفرصة لفعلت به وبأمثاله ما الله به عليم . لست نبيا لأقول لهم إذهبوا أنتم الطلقاء. أنا بشر تعتريني عوامل النفس البشرية. لهذا حتى وإن حاولت إقناع نفسي بالصفح فشيء ما بداخلي يأبى ذلك بقوة وشدة.

حين يبكي الرجال, فعلى الأمة السلام. فما بالك حين يبكي قراؤها وعلماؤها وحملة كتابها. أعادوا الرجل الشيخ لمكانه ,فدخل في نوبة بكاء مرير. أحس المسكين بالغبن والاحتقار. بكينا جميعا لبكائه وشعرنا بنفس شعوره. مرة أخرى وجدتني أتمنى الموت على البقاء ...

صاح المخبول الذي وشى بجاره صباحا:

"اصبر آعمي هادو راهم يهود ماشي مسلمين..."

تأكدت من جنون المسكين وإلا من يجرؤ على مثل هذا الكلام هنا. وكأني به يريد التكفير عن زلة الصباح. رفسوه بسرعة وهو يكبر ويسب ويلعن..

يعلمون حاله ربما لذلك لم يأخذوه للمسلخ.

أحس قلبي ينتفض دقاته تتعالى يخفق بشكل مرعب كأنه يريد أن ينط من فمي . دوائي لم يأتوا به معي. قد يكون الدور القادم علي؟؟هكذا خمنت. الآن لبضع دقائق , يعبون خلالها علب جعة باردة ثم يأخذون رقما آخر. أصبحت على حافة الجنون. ينشف حلقي دائما في مثل هذه المواقف العصيبة, وكثرة الشرب تزيد من حاجتي للمرحاض, وحين أعصر مثانتي لأتخلص من محتواها أضطر للتخلص من ماء آخر يخرج هو الآخر رغما عني من أمعائي التي يقطعها الألم الرهيب. ووقوف الحاج المكلف بالخراء" على رأسي يزيد الأمر استفحالا. يكرر دائما بتأفف بعد أن أكون واقفا فأقعد مرغما:

"كنا في البول ولينا في البعر" لم يشأ أن يصدق أنني مصاب بالإسهال رغم أنه يرى ويسمع ويشم أيضا...

جاري المشاغب كأنه ينام على الشوك أو يتوسد لوح مسامير. ينتهز كل فرصة لخلو الممر البارد من الحجاج لوكزي . لم تهدأ حركته. اقترب مني حتى التصق بي أوكاد ,عرفني بنفسه ومنطقة سكناه . أخبرته في وجل وخوف بصوت جد خفي عن اسمي وأنني جديد جاءوا بي من فراش النوم.

فهمت منه أنه بدوره كان على أهبة الإلتحاق وأنه بدل مجهودا كبيرا لإقناع الإخوة هناك بقبوله نظرا لإعاقته. بعدما أصروا على بقائه حيث هو والإشتغال في الدعاية الإلكترونية والتجنيد. فأبى إلا المشاركة الفعلية. حدثني بصوت خافت حزين أنه لم يعد يطيق المكوث هنا بعد أن رحل كل أبناء حارتهم . و أن أعزهم إلى نفسه قضوا إلى ربهم . لم أسأله عن كيفية جهاده وهو المعذور لإعاقته ( ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولاعلى المريض حرج ). ربما أحس استغرابي فحدث أن الشباب هيئوا له سيارة خاصة بأمثاله لا تحتاج سوى رجلا واحدة تدوس البنزين. قال وهو يضحك "هناك لم أكن لأحتاج الفرامل" الأمريكان أمامي فلماذا الفرامل رجل واحدة تكفي .


يتبع ان شاء الله
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 07-12-2009, 05:43 PM   #2
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

نواصل الحلقة السادسة
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 07-12-2009, 05:47 PM   #3
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي الحلقة السادسة

6
...مغص بطني وآلام أمعائي,تزداد وتزداد وتزداد....وكأنني احتسيت سما. لم أعد أطيق.

طلبت المرحاض فأخذوني, بدون مشاكل ولا تلكأ هذه المرة. لم أكد أجلس حتى أمرني المكلف بهذا الأمر برفع سروالي والوقوف :

"حتى كتبدا الصياده عاد كيمشي السلوكي يبعر"
حين يبدأ موعد الصيد وإمساك الطريدة يذهب السلوقي لقضاء حاجته.

فهمت قصده وعرفت وجهتي, فازداد وجعي وحاجتي إلى إفراغ أمعائي...

لم أترك دواء مضادا للإسهال إلا وابتلعته. حين شكوت الأمر للطبيب الثرثار حدثني أن الأمر نتيجة طبيعية للفوبيا الشديدة التي أعيشها وأنه قد ثبت علميا أن الخوف والفزع الشديد يصاحبه الإسهال والمغص الحادين و...و...و...والحل يادكتور؟؟؟
"تخلص من السبب تتخلص وترتاح من هذا الأمر!!!"

هكذا ببساطة اختزل لي الحل في كلمات...ثم زاد قائلا:
"حاول أن تعيش مطمئنا ولا تخف!!!"

ثم واصل سرد لائحة النصائح التي ستخلصني حسب دراسته و(علمه الكلامي)مما أعانيه. وأنا أتظاهر بالإنصات وأهز رأسي زاعما موافقته والاستعداد للعمل حرفيا بما يهرف به.

مسكين هذا الرجل يبدو أنني في واد وهو في آخر. لاأخاف!!!

كيف لا أخاف؟؟ والزمن زمن خوف والبلد بلد خوف!!!

كيف لا أخاف ووجه كابيلا القبيح يحاصرني كلما غفوت أو حاولت ؟؟؟

كيف لا أخاف وعداداتهم تحصي أنفاسي وتخنق حركتي؟؟؟

كيف لا أخاف وأبواب السجن الأخضر مشرعة تبلتع دون رحمة كتنين أسطوري هائج أو ديناصور يأبى الإنقراض؟؟؟

كيف لا أخاف والأهواء والشكوك والدسائس هي التي تصرف أمور الملايين من البشر على أرض هذا الوطن المنكوب؟؟؟

مات الطفل الذي عهدته في داخلي أوكاد...
لشد ما كنت فرحا سعيدا به. لكن الخوف والمحنة والظلم صيراني عجوزا محدودب الظهر.

حطموني... أولاد الكلب. وما كدت أستعيد بعضا من توازني حتى تلقفوني من جديد .

آه...آه...لو أمهلوني قليلا لأرحتهم ووفروا (جهودهم) لأناس آخرين.

رغم كل شيء فكلما شعرت بالتضاؤل,الانهيار والمهانة دوى في داخلي صوت قوي أوعز لي أن أصبر, وأتحمل...

مسكينة أمي ستبحث عني مرة أخرى في كل مكان, ستمزقها الحيرة والحزن والأسى والآلام...لن تنام. أكيد أنها ستفقد طعم النوم. وقد تعمى من كثرة ما ستدرفه علي من الدموع .

طرقت أبواب المستشفيات,صارت تحفظ أسمائها عن ظهر قلب. وثلاجات حفظ الموتى , روعتها مشاهد الأجزاء الآدمية المقطعة والمحروقة التي تنتظر أهلها لأخذها من ثلاجات الطب الشرعي بمستشفى منطقة عين الشق وسط الدار البيضاء. حين غادرته أصابها الدوار وتقيأت,وغابت عن الوعي لم تفارقها الصور المروعة .

مراكز الأمن هي الأخرى. الدار الحمراء, المعاريف ,الحي الحسني, الدائرة السابعة, التاسعة , الرابعة,لم تترك كوميساريه إلا وزارتها في رحلة البحث عني الأولى. طردها الوكيل العام للملك حين زارته للمرة الخامسة للسؤال عني شر طردة وأسمعها كلاما جارحا لم تستطع البوح لي به..


.لم تذق طعاما ولا شرابا ولا نوما إلى أن خرت طريحة الفراش تهدي باسمي...
حكت لي بعد المحنة الأولى حين عدت ودموعها على خذها كشلال متذفق كيف كانوا يطاردونها في رحلة بحثها عني...

زارت جمعية تزعم دفاعها عن حقوق الناس دون تمييز بينهم. وبعد تسويف وذهاب وعودة اعتذروا لها بدعوى حساسية القضية والظرفية الزمنية وانشغالهم بمشروع الإنصاف والمصالحة وجبر ضرر ضحايا الماضي!!!

طرقت باب مرشح حزب (إسلامي) ما إن حدثته بالأمر حتى تغير لون وجهه وكاد يسقط مغشيا عليه...

استغل عجزها وأميتها بعض النصابين أصحاب بدلة المحاماة السوداء فسلمته ثمن قطعة أرض . نصيبها في إرث تقاتل أشقاؤها فيما بينهم على الظفر بفرصة شرائه وضمه لأرضهم بعد ما ضلت لسنوات عدة ترفض التنازل عنها وفاء لذكرى والدها الراحل. مصائب قوم عند قوم فوائد. كان الله في عونك أيتها الغالية.

الغرفة تفوح منها رائحة دخان السجائر الأمريكية وبعض المواد الكيماوية

ازدادت آلام بطني وضاقت نفسي...تركوني لدقائق. ربما كان ينتظرون قدوم أحدهم أو يتطلعون إلي لقراءتي. دخل أو دخلوا لا أدري كم كانوا...

"مرحبا بيك مرة خرى. هذا كليان قديم...احنا عزيز علينا لكليان ديالنا ...ما كنفرطوش فيه"
(مرحبا بك مرة أخرى هذا زبون قديم ونحن نحب زبناءنا لا نفرط فيهم)

"أخيرا وقعت في الفخ يا أبا جندل, كنت أعرف أنك ستعود مرة أخرى"
خاطبني ساخرا بعربية الأفلام التاريخية. تحسب نفسك ذكيا... لكنك أغبى من حمار...

أطرقت وطأطأت رأسي دون كلمة أو رد. الصمت في هذا الموطن حكمة. هكذا علمتني التجربة السابقة في مثل هذه المواقف .مجرد كلمة رد أو تعقيب واحدة تكلف الكثير الكثير الكثير...صرت أعرف متى يشتد غضبهم وأي الكلمات تزعجهم[1]

اسمع وكن رجلا...سنبدأ معك من الأخير. وبدون مقدمات , يعني نريد معرفة نشاطك وحركتك وعلاقاتك واتصالاتك منذ خرجت من هنا آخر مرة وإياك أن تلعب فأنت تعرفنا ونعرفك...
صمتت برهة لأستجمع شتات أفكاري...

"أنتم تعلمون عني كل شيء, ومنذ خرجت ورجالكم على مقربة مني و(الحاج) ظللت على اتصل دائم به كما أمرتموني وهو يعرف عني كل شيء...و...

"أنت كذاب...كذاب...كذاب ومنافق...وولد زنى....

"أقسم بالله ال...." لم أكد أكمل قسمي حتى جاءتني الصفعات المتتالية والشتائم القبيحة النابية...

لا تقسم...لاتقسم...أنت لاتعرف الله حتى تقسم به يا منافق.

الذي يعرف الله لا يكون خائنا...وأنت خائن , خنت العهد وخنت الأمانة والوطن...!!!
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 07-12-2009, 05:50 PM   #4
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

كلمات كبيرة. ومن يسمع أسطوانتهم المشروخة تلك يحسب أنهم يهيمون في حب هذا الوطن.

"أنا أحب الوطن وأسرتي أسرة وطنية ووالدي كان..."

قاطعني كبيرهم بكلام جارح في حق والدي ثم تابع :
"باراكا من الشعر والتمثيل. قديمه هاذي "

أمرهم ففكوا عصابة عيني بعد أن حولوني إلى زاوية الغرفة ووجهي للحائط ,وحذروني من الالتفات حتى لا أرى وجوههم القبيحة.

ساءلت نفسي: ترى لماذا يتحرزون حتى لا يراهم الناس أيخافون لهذه الدرجة؟؟؟
مم يخافون؟

على العموم أنا أيضا لا أرغب في رؤية وجوههم القبيحة. يكفيني ما أكابده بسبب وجه كابيلا وزبانية العذاب الآخرين ممن تنحصر مهماتهم في تقديم وجبات الطعام ووجبات العذاب.

امتدت يد من خلفي ووضعت ورقة على الطاولة أمامي.
مسحتها بسرعة بعيني . تقرير غبي كتبه أمي جاهل. ركاكة في التعبير وأغلاط إملائية لا يرتكبها تلاميذ الثالث ابتدائي حتى. ومن يدري فلعله كتبه مقدم حي.

كثيرون ممن مروا من هناك أو جمعني بهم السجن لاحقا, ساقتهم وشايات المقدمين التي أضحت في هذا الزمن الغريب وفي بلد الغرائب هذا ترهن مصائر العباد وتعتمد عندهم أكثر من وحي السماء دون أدنى تبين أو تمحيص وألقت بهم خلف الشمس.

وويل لمن أشارت له أصابع مقدم أو شيخ. من هنا تبدأ السلسلة!!! صارت لهم قيمة وشأن أكثر بكثير مما كانت. بعد إعلان الحرب على( الإرهاب) المزعوم زودوا بهواتف محمولة خاصة وباقة من أرقام رؤوس خفافيش الظلام, والويل كل الويل لمن غضب عليه أحد هؤلاء المنبوذين.

حتى أن بعضهم وجدها فرصة للابتزاز ومصير من يرفض يكون تقريرا كاذبا يلقيه داخل القبر ,كما فعل بأحد من التقيتهم داخله والذي أقسم له مقدم الحي بالأيمان المغلظة أن لحيته ستحرق بالولاعة. كان هذا بعدما تصدى له رافضا مساوماته وابتزازه.


لم أبدل كثير جهد لعصر ذاكرتي. تذكرت ذاك اليوم بعد قراءة السطور الأولى من التقرير المنحوس. كانت أمي قد كلفتني أنا العاطل المكتئب بالتوجه لأداء فاتورة الماء والكهرباء التي أصبحت هي الأخرى هما انضاف لهموم لا تنتهي تثقل كاهل البسطاء في هذه البلاد خصوصا بعد تفويتها كغيرها من مؤسسات الدولة للقادمين من وراء البحار الذين ضاعفوا أثمنة الفواتير في ظرف وجيز

. أجزم قاطعا أنهم لو استطاعوا امتلاك الهواء الذي نتنفسه لجعلوا لنا عدادات على رقابنا تحصي الزفرات. وكل من تأخر عن موعد الأداء المحدد على ظهر الفاتورة أوقفوا تزويده فورا. الحمد لله على نعمة الأكسجين المجاني. وصدق من قال أن الشعب المغربي يحتل المرتبة الأولى عالميا في حمل الأثقال.

وقفت لثلاث ساعات في الطابور الذي بدا لي بلا نهاية لأنه آخر أيام المهلة للأداء قبل إيقاف التزويد بالماء والكهرباء. أعرف أسرا عدة تخلت عن خدمات هذه الشركات الأجنبية وعادت للحياة البدائية. الإضاءة بالشموع والقناديل وجلب الماء من الآبار والسقايات العمومية.

تعبت من الإنتظار في الطابور الطويل الذي لا تضاهيه إلا طوابير السفارات والقنصليات الأجنبية طلبا لتأشيرة الخلاص والفرار .

كثيرون كانوا يمرون دون دور أو انتظار كبقية خلق الله . ينزل الواحد من سيارته يشهر بطاقة أو يتمتم لحارس الأمن الخاص بكلمات ثم يتوجه مباشرة إلى الشباك في عجرفة وكبرياء تغيظ المنتظرين دون أن يجرأ أحدهم على الاحتجاج. أشجعهم كان يتمتم بكلمات هامسة.

حل دوري وضعت الفاتورة والمبلغ أمام الجابي الذي لا يظهر منه سوى الوجه مختفيا خلف واجهة زجاجية. دفعها إلي بتوتر مصطنع وأمرني بالانتظار,مهللا ومقدما شخصا أنيقا دخل لتوه...
"مرحبا ...مرحبا...زيد آلحاج ...تفضل آش حب الخاطر...؟؟؟"

غلت الدماء حينها في رأسي وبدأت يدي وشفتي ترتعشان . أغلقت ثقب شباك الأداء بيدي بعد أن دفعت الحاج بكتفي وأخذت مكاني الطبيعي. ثم أقسمت أمام الملأ بأعلى صوتي أن لا يمر أحد قبلي لأن الدور دوري.

علا حينها اللغط والصخب في القاعة المكتظة احتجاجا وتضامنا معي. ازداد الهرج حين حاول الحراس جري بالقوة للخارج فتشبثت بحديدة حاجز حديدي وأنا أصرخ مطالبا بحقي. إلى أن نلته. وانصرفت مزهوا بنصري.

كان الحدث عاديا تقع الآلاف مثله يوميا في بلاد التخلف والزبونية.
وجدت الواقعة مدونة على الورقة مع زيادات وتلفيقات ما أنزل الله بها من سلطان. منها عبارات توحي بنقدي للنظام والدعاء والتسخط عليه , وغير ذلك مما لم أتفوه به إطلاقا .

أحد الخبثاء من (أصحاب الحسنات) المجانيين, يبدو أنه حضر الواقعة. أو دبوس من الدبابيس الصدئة لم أنتبه له ذاك اليوم.

وضعت الورقة من يدي المرتعشتان :" أقسم لكم بالله أن هذا كذب وفيه زيادات كثيرة."
أعادوا تعصيب عيني بعنف وسرعة:

"تتهمنا بالكذب يا ابن الزانية سنرى من يكذب,نحن أم أنت"

أنا لا أنفي الواقعة. لكني لم أسب أحدا, وهذا الموقف قد يقع فيه أي إنسان كنت في حالة توتر عصبية ودافعت عن دوري دون أي شيء آخر"

" لا بل لعنت المقدسات والدولة التي تطعمك وتسقيك!! تأكلون الغلة وتسبون الملة يا ولاد الق...." ثم خاطب أحدهم الآخر وهو يسمعني:

"ألم أقل لك آلحاج ...أن الراقصة تتوب ولا تترك هز الكتف ...."

حاولت جاهدا تبرير موقفي ذاك والدفاع عن نفسي ورد ما جاء في التقرير من كذب وافتراء, دون جدوى.

كنت بينهم كتائه يصيح بأعلى صوته في صحراء خالية مقفرة.
شرعوا بأسلوبهم المعتاد. العصا والجزرة,التهديد والمساومة. هكذا عهدتهم.

"تعلم أن هذا الكلام فقط دون ما هو قادم يساوي خمس سنوات سجنا؟؟؟ تعلم عقوبة المس بالمقدسات كم تساوي؟؟؟"

عن أي مقدس يتحدثون؟ الله هو المقدس, ورغم ذلك يسبونه هنا ويلعنونه جميعا دون استثناء. إن نسيت شيئا فلن أنسى يوم نزع كبيرهم سروالي وأنا صائم مهددا إياي أنه سينكح ربي ويفطرني بذلك. تعالى الله عما يقول الكافرون علوا كبيرا.

علقت في أذني كلمة, ماهو قادم دون غيرها من كلماتهم . حرب أعصاب لا تنتهي. سائلت نفسي ماهو هذا القادم؟؟؟ هل علموا شيئا عن موضوع سفري؟؟؟

اللهم استر وسلم يارب.

أخشى أن أكون سببا في سقوط غيري أما أنا فالأمر يبدو أنه قد قضي إلا أن يشاء الله.
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 07-12-2009, 05:54 PM   #5
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

إلى هذه الدرجة كانوا يحصون حركاتي وسكناتي في كل مكان.
حيثما يممت وجهي كنت أجدهم .
بعض أغبيائهم ألفت وجوههم لكثرة ما أراها.

في البداية كان الخوف والقلق يتفشى في داخلي وتكربني رؤيتهم. إلى أن تعودت.

مرة لا أدري أي رغبة انتابتني فقررت أن ألعب مع أحدهم لعبة القط والفأر. وجدت في ذلك بعض المتعة والتسلية الممزوجة بالتشفي. أصعد الحافلة فيصعد, ما أن تتحرك وقبل ما تصلني جابية التذاكر , أطلب من السائق التوقف لإنزالي بدعوى أنني قد أخطأت الرقم .

أنزل فينزل خلفي يلهث ككلب أجرب. أدخل المقهى فيدخل أشرب كأس ماء واقفا أو أدخل المرحاض. أخرج فيخرج وكأني به يريد أن يقول لي ها نحن خلفك.

أحيانا كانوا يغيبون لأيام ثم لا يلبثوا أن يعودوا.
كانوا أيضا زبناء أسخياء ومواظبون أيام العربة المدفوعة.

أذكى أولئك الأغبياء كان إسكافيا بين عشية وضحاها احتل رأس الزقاق المؤدي إلى بيتنا . موقع استراتيجي يمكنه من مراقبة كل الإتجاهات. لم يطرده القائد كما فعل مع غيره مع سابيقه. يتقن ترقيع النعال والأحذية . فراستي لم تخطؤه من أول يوم إلى حدثني أحد العاطلين من أبناء الجيران محذرا باستغراب عن امتلاكه لهاتف آخر صيحة, وتدخينه المارلبورو وتناوله لوجبة الغذاء في مطعم أرخص وجباته لا تقل عن خمسين درهما!!

في كل عواصم هذا الوطن العربي قتلتم فرحي.
في كل زقاق أجد الأزلام أمامي
أصبحت أحاذر حتى الهاتف
حتى الحيطان وحتى الأطفال
أقيء لهذا الأسلوب الفج

ترى ماذا كان قائلا الشاعر مظفر النواب لو عاش بيننا؟ ماذا كان قائلا لو زار السرداب ورأى كابيلا؟؟

كررت طلبي ورغبتي في ولوج المرحاض وزاد تعنتهم ورفضهم. يتلذذون بآلامي وأوجاعي. يتهكمون ويسخرون " ديرها في سروالك"

زادت آلام بطني ومغصه . صرت أتلوى وأتشنج فصاح كبيرهم:

"بدأت في مسرحياتك " متهما إياي بالتظاهر بالوجع. سكاكين حادة تمزق أحشائي.

في لحظة, تغامزوا ربما فيما بينهم أو تلقوا إشارة, أجلسوني أرضا وظهري للحائط. وبدأت العملية مصحوبة بصراخاتهم التي يرجع صداها وتهز المكان: "افتح...افتح...افتح..."

بدأت الفظاعة مرة أخرى . سبق وأن جربتها هنا تسمى عند من خبروها بعملية (الفريش) بتفخيم حرف الراء. لأن الضحية تفرش رجلاه بقوة وعنف حتى يصير كلاعبات الجمباز المتمرنات. كلما زاد السحب زادت آلامي وصراخي. صرت (كبركار) مفتوح عن آخره.

في لحظة ما أحسست بسائل ساخن يغمرني, ينزل معى فخداي وساقي. عمت الرائحة المنتنة كل الفضاء. بدأت أتلوى, أتمرغ كديك مذبوح نصف ذبحة لم يقطع وريده كاملا. آلامي الفضيعة أنستني فعلتي اللاإرادية .

شرعوا يفرون تقززا ونفورا من رائحتي. يتهكمون...ويسبون ويلعنون...
علقت كلمات أحدهم بأذني مرة أخرى, زادت من شكوكي ووساوسي...

"ولاد الكلاب عايشين غير بالعدس وقالك باغيين يطيحو أمريكا"

ربما رأى بأم عينه بقايا آخر وجبة تناولتها في بيتنا. لكن ما دخل أمريكا بموضوع العدس, طعام الفقراء عندنا. هل علموا بموضوع سفري؟؟؟

زادت شكوكي ووساوسي السوداوية التي صارت من زمن بعيد هي خصمي الأول. أصارعها فتصرعني في غالب الجولات...حدثني الطبيب الثرثار يوما أن مرضي يسمى الوسواس القهري...

اللهم استر...اللهم استر
لم أستطع الوقوف رغم إلحاحهم علي ومحاولتهم إرغامي. أحس وكأن العصب والغضاريف في رجلي قد مزقت تمزيقا عن آخرها.

جروني من يدي كجيفة منتنة. ما الذي يحدث؟ أهو حلم وكابوس من كوابيسي المفزعة؟ حالة الذهول لا زالت تسيطر علي . كل شيء يجري وتتقلب الأمور بسرعة غريبة؟؟

رموني في زنزانة هذه المرة ولم يعيدوني وسط الأجساد المنهوكة . مرة أخرى. العزلة .... الخوف .... العذاب... الجنون القادم ...

هاهو الباب الحديدي الأسود الضخم ينتصب أمامي في تحد وجبروت مرة أخرى. يخاطبني مستفزا : " هيا انطحني...انطحني...انطحني..."

تراجعت عن فكرة نطحه في آخر لحظة مستعيدا بالله من الشيطان الرجيم ومن همزاته ووسوسته.
رجة قوية تزلزل القلوب, افتعلوها كلما فتحوا الباب أو أغلقوه . يكاد فؤادي يطير معها فزعا. يضع يده على أنفه ويمسك قطعة صابون بالأخرى, رماني بها بسرعة وصفق الباب بقوة وعنف قائلا:

" خذ اغسل خراك..."
سأصير أضحوكتهم من الآن فصاعدا لاشك في ذلك...
وهو ما كان فقد صاراسمي عندهم هو( الخراي)
اذهب بالخراي... جئني بالخراي... تكلم يا خراي...

يتبع بحول الله. .
[1] هذا مثل شعبي يضرب حين يتأخر شخص ما عن أداء أمر أو مهمة ما في الوقت المطلوب.ومعناه بالفصحى . أن كلب القنص لا يختار قضاء حاجته إلا حين ظهور الطريدة وبداية الصيد
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-12-2009, 12:47 PM   #6
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
Angry الحلقة السابعة

7
الليلة الثالثة... ليلة (الشيفون) بامتياز. استفقت من غيبوبتي لأجدني ملقى على قفاي كسلحفات رماها موج البحر في اليابسة وعجزت عن العودة.


أطرافي مخدرة بالكاد أحركها, تحسست أنفي النازف المتورم. نوبة سعال رهيب صارت تنتابني , أبصق بعدها بقع الدم القاني. وألم فضيع أحسه في حنجرتي وكأن شفرات حلاقة حادة علقت بها.

صرت أحمل هم السعال أكثر من هم الجلوس على المرحاض لقضاء حاجتي بعدما(فرشوني) بسحب رجلي اليمنى لأقصى اليمين واليسرى لأقصى الشمال خلال حفلة الليلة الفائتة. وكأن أسياخ حديد تخترق كامل بدني المثخن. ثياب نومي المبتلة بالكاد أصبحت تستر عورتي .

حاولت جهدي مقاومتهم كي لا ينزعوا سروالي الذي تمزق , ويا ليتني مافعلت . بعد محاولة المقاومة الفاشلة تلك لم تعد الأصفاد تفارق معصمي خلف ظهري بعد ما كنت على الأقل أقي بهما بعض لكماتهم النازلة على وجهي بعشوائية بالغة.

مبتلا من أخمص قدمي إلى شعر رأسي, اختلطت على أنفي الروائح, رائحة (الشيفون) العفن الكريهة, ورائحة البول العطنة. خمنت, ربما فعلها الكلب كابيلا صاحب الوجه البشع بشاعة المكان وأنا في غيبوبتي.

فقد كنت علمت من بعض إخوة المحنة أن إحدى هوايته المتعددة المفضلة عنده هي إفراغ متانته المملوءة جعة وخمرا على أجساد الضحايا ووجوههم خاصة.
أحمد الله على كل حال.


لم يفعلوها بي أمام عيون أفراد أسرتي وبحضورهم كما فعلوها بميمون البركاني في غرفة نومه حين احتج على ترهيب أبنائه ليلا والدخول على زوجه وهي بلباس النوم فقط . وطالب بإذن الوكيل العام لتفتيش البيت. المسكين ربما صدق كلام التلفزيون وبراحي { العهد الجديد} وحسب أن ذاك الزمن قد ولى ولن يعود كما يروجون. وأن زوار الفجر وخفافيش الظلام يعترفون بشيء اسمه القانون.

كلما التقيته في ساحة السجن خاطبته مازحا مذكرا إياه بالواقعة. {واقعة التبول عليه أمام أعين زوجته وأبنائه}
"هل تظن نفسك في السويد يا ميمون" فكان يبتسم بألم .

بل أكثر وأخطر من هذا ماحدثني به لحظة مداهمة بيته وبعد التبول عليه. أيقظوا شقيقه وشقيقته الصغار وهما من ذوي الإحتياجات الخاصة {الصنف المنغولي} كان المسكين يعيلهما فانهالوا عليهما ضربا بكل قوة. لم يسلم من شرهم أحد في هذه البلاد في هذه الحرب المستعرة بالوكالة. أقسموا له قائلين
" والله إن لم تدلنا على مكان تواجد صديقك فلان لنقتلنهما"

كانا يصرخان في هلع ورعب شديد. وتبولا من شدة الرعب حتى ابتلت ملابسهما بذلك. نزلت عليهما الأيدي والأرجل الخشنة بكل قوة ولم تكف حتى وافق على كشف مكان تواجد صاحبه الذي نال رفقته حكما بأربعين سنة قسموها بينهما سواسية .

زحفت على بطني بمساعدة يدي كدودة مبعوجة الذيل داستها قدم آدمية غير مكترثة صوب صنبور الماء. صدق الخبيث ووفى بما توعدني به بالأمس حين قال: " مازال ما شفت والو أوليدي سير ارتاح وفكر مزيان مع راسك. وتعاون معانا راه من مصلحتك..."
(إنك لم تر بعد شيئا يا ولدي . اذهب الآن لترتاح وفكر جيدا وكن متعاونا فإن ذلك من مصلحتك )

صدق الخبيث هذا مما لم أره وأذق طعمه من قبل . لكني أكيد قرأت أو سمعت عنه ممن زاروا المكان من قبل أو زاروا غيره من المراكز السرية والعلنية التي تنتشر على طول هذا الوطن أكثر من المستشفيات.

الليلة الثالثة... ليلة (الشيفون) بامتياز. وما أدراك ما الشيفون. أدخل قبري ولا أنساها. اللعنة ألف مرة على من اخترع هذه الوسيلة البشعة . لو عرفته لبصقت على قبره وربما تبولت عليه.

بعدما علقوني من رجلي ومعصمي وسط عمود حديدي أفقي على طريقة الديك المشوي, تدلى رأسي للخلف لتسهل العملية. شرعوا في الضغط على أنفي بملقط خاص لم أتبين شكله مما كان يضطرني لفتح فمي, حينها يدخلون خرقة الموت المبلولة بالسائل الغريب ويعصرونها في فمي. غلبت رائحة مادة {الكريزين} القوية على رائحتي الكلور ومياه المجاري وربما أشياء أخرى لم أعرفها.

وأنا صغير أذكر أنني كنت أفر من البيت حين تستعمل الوالدة {الكريزين} في تنظيف المرحاض هربا من رائحته الخانقة. وها أنا ذا أعبه عبا رغما عن أنفي. كنت أظنه قد انقرض من الأسواق وتوقف إنتاجه بعدما هزمته منتوجات التنظيف الجديدة زاهية الألوان والتعليب , ولم يصمد أمام وصلاتها الإشهارية المتنوعة التي لا تتوقف على التلفزيون.

من المؤكد أن القوم لا زالوا يحتفظون بمخزون هائل من هذا {الكريزين} من عهد يزعمون أنه ولى بلا رجعة. تبدلت بعض الوجوه والشعارات ولم تتبدل الوسائل. تبا لهم...وهذه الوسيلة بالذات أزهقت أرواح العديد من المواطنين في مخافر الشرطة والمعتقلات...

انذلق السطل فأمر أحدهم بملئه من جديد. تمنيت لو تطول مدة غيابه حتى أسترجع بعضا من أنفاسي . لكن الخبيث عاد في رمشة عين, وكأن الوصفة الرهيبة جاهزة ولا تحتاج كبير عناء لتحضيرها. لعلها بئر مملوءة أو خزانات ضخمة , هكذا خلتها حينئذ...

تمنيت الموت...عيني تجحضان حتى كنت أظنهما قد غادرتا محجريهما... السائل يخرج من أنفي ...رأسي تنفجر...حين يحسون باختناقي الشديد وقرب دنو أجلي كانوا يوقفون العملية للحظات...

كنت أغيب عن الوعي فتوقظني الصفعات القوية والمياه الباردة على وجهي...وربما جعة كابيلا ورفاقه المخزنة في مثانته ...
رفعت سبابته كما أمروني إذا رغبت في القول:
"ملي تبغي تكلم هز صبعك"

أوقفوا العملية "قووول ...قوووول ...بسرعة قوووول...."
"مهلا عليه أريحوه يا كلاب...أتركوه يسترجع أنفاسه...أنا أعرفه راجل ونصف" هكذا صاح فيهم أحد الممثلين. ثم توجه إلي يمسح الزبد الخارج من فمي وهو يردد " مالك على هاد التكرفيص أوليدي من الصباح قول لهم فين هو صاحبك خ وسير ارتاح مع راسك . ياك هو صاحبك من الروح للروح مايمكنش يغبر بلا ما يقول لك فين غادي؟؟؟!!! "

أخذت فرصة لأسترجع بعضا من أنفاسي. خلتهم فرحين يفركون أيديهم مبتسمين يتغامزون علي. ألحوا علي مرة أخرى فنهرهم الممثل الغبي متظاهرا بالتعاطف معي والإشفاق لحالي " دعوه يرتاح قليلا" قاطعته حينها " قتلوني وريحوني والله ماعارف شي حاجه عليه "

كنت طبعا كاذبا في قسمي لأني أعلم علم اليقين أن الأمر لن يتوقف عند معرفتهم أين ذهب سيكون اعترافي ذاك مجرد رأس الخيط وبداية السلسلة
حرف الألف يتبعه الباء ثم التاء ثم الثاء ...وهكذا. وإلا فلو كان الأمر يتوقف هنا لقلت لهم وأرحت نفسي . تبا لهم فلأصبر والله معي.

ازداد غيظهم وصراخهم وحنقهم بعد جوابي , فضاعفوا لي العذاب. آخر ما أذكره من كلامهم قبل أن أغيب عن الوعي هو :
" واش احنا قتاله باغينا نقتلوك واش احنا مجرمين أولد الق حيد لمه السروال...حيد لمه السروال..."

هل نحن قتلة مجرمون حتى تطلب منا قتلك يا ابن العاهرة انزع سرواله...
الليلة الثالثة : وما أدراك ما الليلة الثالثة...صوت جلبة وضوضاء تكسر سكون الممر. زحفت صوب البوابة الضخمة. غريب أمر المكان, كل الحواس تكاد أن تتعطل هناك وتتبلد ماعدا حاسة السمع من شدة الخوف يصبح المرء أسمع من فرس.

وضعت خدي على الأرض بمحادات أسفل البوابة السوداء حيث يتسرب خيط شعاعي ضوئي خافت, علي أسمع بعض ما يجري .

ضحية جديدة تساق نحو المسلخ, بالكاد يجر قدماه. تمتمت له بالدعاء.
عم الصمت الرهيب المكان لبعض الوقت, قبل أن يصلني صوت كبيرهم في لكنته الفاسية الركيكة..."قووول...قووول...قووول...
يجيبهم الضحية في إصرار غريب بصوت فيه حشرجة وبحة :
"والله ما نقول !!! والله مانقول!!! "

قووووول أولد الق.....قووووول أحسن لك...قووووووول......"
يجيبهم في تحد " والله مانقوووول....والق....هي أمك...أنت هو ولد الق..

وقف شعر رأسي وساد السكون الرهيب مرة أخرى. ربما يعدون العدة لكسر هذا التحدي الغريب الذي لا يقدم عليه هنا إلا مجنون فقد عقله أو إنسان من غير طينتنا .

بعد لحظات دوى صراخ المسكين. رجع صداه هز هدوء الليل . وكأن جلده يسلخ عن لحمه. كدت أخر هلعا, تقطعت النياط في قلبي ألما وحزنا وخوفا. في حياتي لم أسمع كتلك الصرخات التي لا تزال تدوي في أذني ليومي هذا مساهمة بدورها في كوابيسي التي لاتنتهي منذ غادرت المكان.
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-12-2009, 12:53 PM   #7
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

مرة أخرى. تمنيت الموت وراودتني فكرة الإنتحار الشيطانية.

قمة العذاب أن تسمع استغاثات المعذبين وصرخاتهم الرهيبة وأنت لا تملك لهم شيئا. قد تفوق هذه الوسيلة في التعذيب بالسماع,الطيارة والصعق والشيفون نفسه...أعتذر...لا...لا...إلا الشيفون...إلا الشيفون...

خلتهم ينزعون أظافره أو يقطعون جهازه التناسلي بشفرات حلاقة كما فعلوا مع بعض من سلمتهم لهم أمريكا من غير المغاربة لانتزاع اعترافات منهم بالوكالة عنها.

توالى صراخه وتعالى,وازداد إصراره العجيب على اللاقول ...وازداد قلبي خفقانا وجسدي ارتعاشا.

انفجرت في نوبة بكاء داخلي مرير. ترى أي قول يريدونه قوله؟؟؟
أهو شهادة على مكذوبة وسيناريو مصطنع على نفسه يريحه من عذاب مؤقت ويطوح به في غيابات الجب العميق حيث يفني زهرة عمره وشبابه. يصارع العذاب والموت البطيء.؟؟؟!!!

ترى لم كل هذا وأي بشر هؤلاء؟؟ ألهم أسر, وأطفال؟؟ هل يداعبونهم؟؟
أيعيشون بيننا ويأكلون ويشربون ويمشون في الأسواق ويركبون الحافلات وينظرون في وجوه الناس كما نفعل ويفعل بنو البشر كلهم؟؟؟

آه...آه...آه...لو أني لي بهم قوة. تخيلتني أصفهم فأجز رؤوسهم واحدا واحدا... أو أرمي بهم من قمة جبل شاهق . أو أرمي بهم في قعر فرن ملتهب...

استعذت بالله من الشيطان الرجيم. بعد ما كنت أتردد كثيرا قبل قتل صرصار أو طرد قط ها أنذا قد سكنني شيطان الإنتقام والحقد. هم السبب,

ومن يمر من هناك ولا يسكنه شيطان الغل والحقد والإنتقام؟؟؟!!

إنه مصنع كبير لتفريخ وحضانة الضغينة بامتياز...!!!

لاأشك في أنهم سيجنون في يوم قريب, ما يستثمرونه هذه الأيام في هذه المصانع وما ينتجونه. حينها لن ينفعهم الندم.

أسائل نفسي باستمرار. كيف برأ من هذا بعض ضحايا الماضي ممن سمعناهم مرارا يرددون أنهم عفوا وصفحوا. بل أكثر من هذا صافحوا جلاديهم أمام العدسات المرتقبة لالتقاط حميمية اللحظة الصطنعة ربما.

أتستطيع حفنة مال أن تطمس فطرة خلقها الله فينا. أم هو كلام ضعيف عاجز انطبق عليه مثل القط الذي لم يتمكن من بلوغ قطعة لحم فقال أنها منتننه.

أجاهد نفسي ليومي هذا لأقتل الشيطان الكامن في داخلي فيأبى...أكاد أقضي عليه بالأمل واستحضار أحاديث وآيات الصفح. يترنح ثم يعود بعودة وجوههم التي لا تكاد تفارقني. تذر ملحا على جراحاتي التي تأبى الإندمال.

أيقظتني من تساؤلاتي صرخات المسكين مرة أخرى. رسمت له هو الآخر بورتريها سريعا في مخيلتي معتمدا في ذلك لكنته السوسية وصلابته وتحديه الناذر....نحيل ضعيف البنية الجسم. عيناه واسعتان غائرتان. قصير القامة فاحم الشعر...

خفتت الأصوات مرة أخرى فشحذت سمعي وأجهدت نفسي أكثر لسماع بعض ما يجري."سوريا...العراق...الموصل...أبو جابر...أبو ضحى...أبو فلان ...أبو علان...الإيميل...الباسبور...

فهمت الموضوع مما وصلني بصعوبة من كلماتهم المتقطعة . كلنا في الهوى سواء يا صاحبي السجن. ضحية أخرى ممن ابتلعهم أخدود الحرب بالوكالة, ودمغتهم مقولة وشعار هولاكو الزمان " معي أو مع الإرهاب"

جلبة وضوضاء تقترب مني هذه المرة في الممر. أعادوا المسكين محمولا أو مجرورا, رموه في زنزانته, سمعت جسده يتهاوى محدثا دويا وهو يرتطم بالأرض. أغلقوا الباب بقوة كالعادة, عادوا

يلهثون ...يسبون...ويلعنون... انغمست في حزني وآلامي وبكائي المرير. ما أبشع الإحساس بالضعف( والحقرة)

وكزني شيطان الإنتقام من جديد. فسرحت بخيالي بعيدا...قطعت رؤوسهم...سملت عيونهم...

لم أذق طعم النوم مذ ولجت المكان. لا أدري أهي الصدفة التي رمت بي في زنزانة تجاور غرفة التحقيق,أم هو سبق إصرار منهم وترصد. ارتفع صوت المكبرات.

رجع صدى المكان يزيد صوت المغني قوة. تكاد ترج الجدران, وسيلة تعذيب رهيبة من نوع خاص, شعارها , ممنوع النوم في هذا المكان. ليلة أخرى من ليالي السهر والعذاب. ربما يشربون نخب (النصر) في هذه اللحظة على الإيقاعات الصاخبة. رائحة الخمور لا تبارح أفواه (حجاج العهد الجديد) هي لحظات استراحة ربما. قبل أن تدور رحى العذاب من جديد...

حاولت جاهدا ربط أطراف الخيوط التي تركوها لي مشبكة في جلسات العذاب الأخيرة. لحد الساعة لم يطرحوا مسألة سفري. مجرد رموز وكلمات وألغاز توحي لي بذلك.

على العموم ليس لي ما أخسره. ما وقع قد وقع وقدر الله وما شاء فعل. ولن يصيبني إلا ما كتبه الله لي في اللوح المحفوظ.

صدق حدسي هذه المرة... هما ضحيتان...صغيرا السن...يسحان الدمع الغزير المصحوب بالترجي والإستغاثة : "الله يرحم الوالدين آلحاااج ..."

"قلت لك يا ولد الق...أنا ما عندي والدين...أنا ولد الحرام لقوني مرمي قدام جامع ...أنا أبو جهل...أنا أبو لهب...ههههه يقهقه بصوت جهوري.

يزيد بكاؤهما وخوفهما..." الله يخلي ليك لوليدات آلحاج...لوليدات آلحاج"

يصرخ فيهم أبوجهل اللقيط : " شكون فيكم الأمير...شكون الأمير...؟؟؟ "

يقسمان بأغلظ الأيمان أنهما لا يعرفان شيئا...أظن أن الطاحونة لم تدر بعد. أبدل بالغ الجهد لأسمع ما يدور.

" يا لاه اللي ماشي أمير يحيد سروال الأمير"
(من ليس بالأمير فلينزع سروال الأمير)... يصمتان... فتدوي اللطمات واللكمات والصفعات وأوامر اللقيط أبو لهب بصوته المرعب المدوي :
"حيد ليه السروال آولد القح... ( "انزع سرواله يا ابن العاهرة ")

يسحان الدمع غزيرا ويشرعان في نزع سروال بعضهما البعض على تشجيعات وسخرية المجرمين, للبراءة من الإمارة المزعومة...تتعالى عبارات التشجيع والإستهزاء والتشفي...

"هاذي هي دار الحق, من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " استعارة إبليسية خبيثة لآية عظيمة أضحت كاللازمة تردد على مسامع كل من ساقه القدر إلى المكان القذر.
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .