صاحب القلم المكافح المشرقي الإسلامي

[إيناس]

مرثية رئبال

في موجة من أعاصير الشتاء ِ
أوغل الموت قسياً في المساءِ
في غابة قد تهاوت طيورهاِ
وتردت من عُلَيّا السماءِ
حيرانة واجمة تحكي شجونها
وتعد كم فقدت من الأبناءِ
ها هنا حيث كانت بجانبي
واحدة من حسان الظباء ِ
وهنا يوماً قد كان يرتوي
قطعان الأغنام عذب مائي
وهنا يوم يكسوني الدجا
تختفي الأفراخ تحت ردائي
وإذا جائني الصائد مبْكراً
فيضل حيراناً على أرجائي
وهنا حيث كانت وردة
تشبعني من عطرها الفيحاءِ
وهنا حيث كانت منازل ٌ
تتابهى بالطائر الغناءِ
وهنا الأمطار حين تنزل أنتشي
وأتيه شاكرة على النعماء ِ
وهنا اليوم لم يكفكف مدامعي
وإن سيقت لي أنجم الجوزاء ِ
...وهنا كان في ساحتي رئبالُ
يتغنى الخلق ببأسه تضرب الأمثالُ
ويسير تطاوعه الأرض وترهبه الجبالُ
وتفانى في ذكره وتفنن الأجيالُ
يتبدى ظله في طيف الكرى
فتلُجلج في الفم الأقوالُ
وحكى الشعراء عن آثاره
وازينت في نعته الأمثالُ
وانتهاء الآمال عند رضائه ِ
فاشرأبّت لنيله الآمالُ
وله الكل انحناء يمينهم والشمالُ
وله الحكم انفراد هدنة أو قتالُ
متفرد في غابه ليس له مثالُ
***
مستئنّ ما تحرك العواصف شعره
ولا يغمض عينه الإعصارُ
مستجمع لا تثني الحوادث ظهره
ولا تُعوقُ سيره الأحجارُ
كبرياء من المجد يكسو وجههُ
يتهاوى في سيره الأقوياءُ
ناطقات الهوينى عن فخره
يتبدى في عِطفه الخيلاءُ
شامخ الأطراف لا يخشى الردى
ولا الغور السحيق الداجي
وعلى ربوة قد تداعت حروفها
وانطفأ السنا بالسراج ِ
أعزل من صوته لليل اقتتالُ
وله القنا ساعيات والنصالُ
عظيم وما ترضى البقايا نفسه
ولا الدنا من أمره والقليلا
أَنُوف إذا ما تهاوت حوله
عزمات أو ضلت سبيلا
وحيداً وما يخشى تخالط غيره
كيما يصير بالعوام مثيلا
وله ما شاء افتراس وإنما
يعفو مستحكماً واقتدارا
تأنف الذل والدنايا روحه
ويعاف الخنا والصَّغارا
وله في الصمت الوقار الأهيب ُ
وارتعدت من ذكره الفرائصُ
وتيجان المعالي تزيّنُ رأسه
وانزاحت عن مجده النقائصُ
بادي النواجذ لا ابتسام وإنما
متأهب ثغره لافتراس
وما تجترئ الأعادي قربه
راقداً في غفوة أو نعاس
***
ها هنا ..
كان في ساحتي رئبالُ
واغتدى الإعصار ينشر رعبه في الخلائق ِ
وتهاوى من كانوا في متون الزوارقِ
وتبعثر كل الخلق لشتى الطرائق ِ
وتعود إلى وكرها أطيار المساء ِ
وتفر إلى الكهف شاردات الظباء ِ
وتوارت وريقات الزهر في نبع ماءِ
...ورئبالي ساكن لا تحركه العواصفُ
تحسده الأجبال إذ هو واقفُ
***
قهقهي يا رعود كما شئت وأمطري يا غيومُ
وأظلمي يا سماء عليّ واختفي يا نجومُ
وتوغل أيها الإعصار والريح السمومُ
فأنا في ربوتي ماكث ومقيمُ
فما يثبت واهن في خطوب ٍ..
وما يخشى الصعاب َ عظيمُ
تفخر الربوة الشماء أن مسها قدمايا
وأنا في قلبها لا مختف ٍ في الزوايا
لا في الجبال ولا الكهف أبتغى الاحتماءا
وبدونك يا نجم أنا نلت العلاءا
***
وعلى واحدة من شم الروابي
وانقشعت شعواء الريح وذرات التراب ِ
..وتعود الروح بعد اكتئابات الغياب ِ
...حيث الرئبال وحيداً شامخ الكبرياء ِ
مرتفع النظر وعيناه لأعنان السماءِ
....ها أنذا يا ريح تسمعين زئيري
وأطبق جفنيه إلى حتم المصير
***


المشرقي الإسلامي
27/09/2005

[إيناس]

ملخص لأحداث الكون

تتسول الشمس الثقاب
لتضيء أرضاً غير أرضي
..الزورق النشوان غاب
يحكي همومه لليابسه ..
وبقايا ماء فاتره
من بحر عين كئيبه
..مجدافه الغارق
في بحر الزوارق الهامده
يجدف للطحالب
***
ونخيل الشطآن تدمع
..التمر يهوى
فوق منازل الصبح الأخير
والزمهرير ..
في انتحابات الغدير
يرسل الذئب الملثَّمْ
***
الماء يطوي بعضه في بعض
يتبخر ..
يتمسح بالجبال
يبحث عن نبت يتنامى فيها
أو طير لاهٍ يلهو فيها
***
..حتى الطائر احتسى الخمر .. فعربد
والسوسن المخلبي
فوق عرين التاريخ
رحمة ثعلبيه
وورود ذئبيه
حول رقاب مبتوره
وأياد ٍ مغلوله
***
الشمس أدمنت الثقاب ..
فنيت
دارت حول أرض أخرى
***


المشرقي الإسلامي
21/12/2005

[إيناس]

مشاعر الإنسان

انظر إلى عينيّ والدمع المراق
وحياة الأفراح صارت للشقاق
وحيدة أبكي والطفل في يدي
إلى عالم المجهول للدنيا يساق
أتراك تذكر عهدنا قبل أيام الفراق؟
أتراك تذكر كيف كنا في سماوات الوفاق؟
ما كان ذنبي حتى تختار الرحيل؟
ما كان ذنبي حتى تحرق الحلم الجميل؟
أوَكان ذنبي أنْ قد اخترت الوفاء؟
أم كان ذنبي أنْ هديتك للضياء؟
فتذكر أرق الليل وتسهيد الجفون
ودموعاً حركت الصخر وأغرقت العيون
وتذكر أياماً مرت في كنف الحنين
قد ولى العمر عليها يبكيه الأنين

***
اذكر سحابات حلقت فيها رؤانا
ورسمنا البسمة طيفاً والهوى ألوانا
والكون السرمدي ما فيه سوانا
وورود من ضحك الحب اشتاقت حنانا
***
اذكر عهوداً كالطفل كنا ركوضا
نتسابق في ألق النجم نعب الوميضا
ونقول من العذب الحلو ما فاق القريضا
***
اذكر أيام كانت الزوارق فينا ..تسري
كان مهرجان الشمس في النبض ..يجري
وصنعنا من يدانا ضوء فجر
شمساً للبعض كنا ولا ندري
***
واليوم ما ذنبي كي ألقى جزائي؟
وتحول ثوبي الوردي لسرداق العزاء ِ
آه بعدعمر قد سكنت السحابا
وتدللت بتيهي أحتضن العبابا
تهاوت من العلياء ومُرِّغتُ الترابا
***
وحيدة لست أملك إلا أن أناجي الجدران
وحيدة لست أملك إلا أن أسترجع الأحزان
يولد المخلوق حراً .. وأنا ابني أسير
قد يفتح عينيه ليبصر السجن الكبير
إن كنت تجهل ذنبي فأنا أذكره كثير
وإن كان قلبك منصوراً فأن قلبي كسير
وإن كان صبحك يشرق فهو لي الصبح الأخير
آخر ما يكون من الأماني
آخر ما أرجي من زماني :
قد قضيت العمر بحثاً .. عن مشاعر الإنسان

المشرقي الإسلامي
2001

[إيناس]

رسالة إلى الحياة

أي بوح به القلوب تبوحُ
أم أي شجو به الطيور تنوحُ
إن في قلبي المسجى أبحرٌ
حالت دون زورقه صروحُ
إن في السماء عندي أنجم ٌ
حاصرتها في الدياجي سفوحُ
أنا السيف في نفسي يثور وإنما
حلت بالأيادي الممسكات جروحُ

***
آه هكذا ما يكون لقاء ٌ
نرتجي أن يكون فيمضي
نحسب الساعات فيه طوالاً
فإذاها ماضيات في طرف غمض ِ
ونخال الشطآن فيها رسوَّاً
فإذاها اقتتال بعض لبعض ِ
نحسب الدقات فيها شعاعاً
فإذا الدياجي موقفاتُ نبض ِ
***
أيها التحنان للماضي السّنِيِّ
سل القلب ما بال الحنين ِ؟
رابضاً في أعماق كهف شجيٍّ
خطفته غاضبات السنين ِ ؟
أين جدولاً سلسال يسري
يبريني من دموع الأنين ِ؟
أين شمس قد أتت بظلال ٍ
عانقت ناصعات اللجين ِ؟
***
أين أنت يا حياتي ردي
وأجيبي قلبيَ الحيرانا
أين نورك الذي عشت فيه
وأضئتي طيفه ألوانا
أين شمع منه أوقد قلبي
في دروبك ألفة وحنانا
أين كوناً كان رحباً فينا
ليس في صفحتيه سوانا
قد أذقناه من الصب لوناً
فأذاقنا من نبعه مهرجانا
***
اعبري يا موج شط حياةٍ
وتمادي بالشراع فوقك تاجا
أرجعي للعين بهجة عمر ٍ
يتهادى في ألقه وهاجا
أشعلى القناديل في كل طرفٍ
وأضيئي من الجمال سراجا
فأنا خاطر في كل نفس ٍ
يتسامى للعلا أبراجا
وسقيم إنْ ما أعياه وصبٌ
فاسقيه فإن منك العلاجا
***

المشرقي الإسلامي
12/12/2005

[إيناس]

ليالي البدر والثريا

تمر الليالي ..
والصخر جاثم
وتأتي ليالٍ ..
والبحر قاتم
والأرض مادت ..
تلوك المآتم
والبرق يخبو..
والبدر هائم
***
وتأتي الرياح تهز السواقي و تصحو الجماجم
ويستيقظ السر يلقي الحجار يفك الطلاسم
والبدر هائم
وتحبو الشيوخ تنادي الرجاء وتدعو التمائم
وتنتفض الأرض في مهرجان يدكُّ القوائم
ويضطرب الوحش في كفتيه الوغى والزمازم
وتشتعل النار ُ حول الصحارى وفوق المناجم
والبدر هائم..
يداعب ضوء الثريا ويلهو في مقلتيها
ويمسح ما قد تساقط من طُرّزات، ويحنو عليها..

ويفضي بسر المساء وحسن النساء ويهدي إليها
سواراً من التبر في معصميها ..،
من الكحل بحراً على حاجبيها..
ويغفو بلذة رمانتيها
ويشدو بها في فضاء الزمرد والياسمين
ويسكب نهر انتهال الهوى من فم العاشقين
ويمحو من الأرض كل المعاجم إلا الحنين
ويبقى الرهين..
مسجّى هواها يصوغ اللعائن للهائمين
ويدعو الإله بأن يحفظ النجم من ناظرين
يجول يفتش عن شبه ومض ٍ
تسلل في أعين النائمين
ويبني الجدارَ ليمنعها عن دجا الدالجين
ويسكره لحنُ دمعِ البرايا ونغم الأنين
ولا لا يلين
ويجعلها الفخر فخر الأوائل والأقدمين
لها يستكين
***
تمر الليالي وينطفئ النور تحت الغياهب
ويفترش الدم ضوء النجوم وركب الكواكب
يكفنها سم أفعىً لعينٍ وخيط ُالعناكب
والبدر يرقص في الشاطئين بصف المراكب
وتأتي المواكب..
تبشره بانتصار النجوم بدنيا الملاعب..
وأغنية من بقايا رمادات سير الركائب..
وتحكي العجائب..
فتروي الشموسَ استطالت تغطي بقاع المغارب
وبايعت الشمسَ كلّ ُ المشارب
وأن الأسود استشاطت بغيظٍ
فأفنت من الأرض ذكر الثعالب ..
وأن البحار استكانت لمجداف ورق القوارب ..
وأن المحارب ..
يقِّبل رُكْبَتَه كلُ سبيٍ ورَكْب الكواعب
***
على سلمٍ من نسيج الهراء وزيف الأكاذب..
تروح و تغدو ترانيم وهم الهوى في المواكب..
وتحبو العناكب..
وتصعد للبدر تبدي الستور
وينكشف السر عن كل صا حب
وتلقي الخيوط فيلتف فيها
ذباباتُ جوٍّ من كل جانب
ويجتاح فرش السلاسل كل الجوانب
وتبدو الثريا على فكِ أفعى ً وجيش العقارب
تداعبها قبلة من سيوفٍ وحضن ُالمخالب
وتغدو مع البدر فوق المنصة صحن الولائم
تحيطهما قهقهات الهزائم
وإفك المزاعم
وتلعنهما ذكريات المعاجم
***

المشرقي الإسلامي
11فبراير 2006

__________________

[إيناس]

أحلام طفل

آه من منتهى أحلام طفل ٍ
ضاعت في البرق والرعد القصيفِ
لاهياً كالطير في كل بقعةٍ
يسقى من الأنغام والطيف اللطيفِ
وتزمله أحلام يوم ضاحكٍ
يتهادى بها كأوراق الخريفِ
ويداعب في ليل السنا دميةً
ويصفف أشجار الشعر اللفيف ِ
ممسكاً بطوق نجاة معصماً
طفلة من سماء حب عفيفِ
ويسيران إلى بستان زهر يانع ٍ
ويطيران في أنحاء قصر منيفِ
شيدته أناشيد نهر ضاحكٍ
دافئ النغمات في الليل الوريف ِ
زينته براءات لؤلؤ مقلة ٍ
وأهازيج الناي واللحن الخفيفِ
خبأت عيناهما أحلام عهد
نما في أحضان بدرفسيح ِ
يذكران زيارة نجم تائهٍ
مشتاق لوسادات كف مريح ِ
ويعيران فراشات سلسل جدول ٍ
أجنحة فوق بسط الريح ِ
سلة الحلوى في كفيهما
يلهو العصفور المغرد فيهما
واختبأ الصبح في جيبهما
فأشرقت الشمس من عينهما
قد أحاطا تي الدنيا بقلبٍ
يحكى الحلم المرقرق عنهما
ليس في الكون عاشقين سوانا
فاعزفي ياطير نغمك وانتقي الألحانا
حدثي يا طير عن أجفاننا
هل رأيتي في غيرها بستانا؟
هل رأيتي غير شاطئ حلمنا
زهرا يزدهي حسنه ألوانا؟
هل سمعت غير رنة ضحكة
كانت في رياضك مهرجانا؟
نحن من نبضاتنا صغنا زمانا
فلتصوغي من تهادينا جنانا
اهبطي قلبينا يا حياة رويداً
ليس لك في سواه مكانا
فإذا ما اشتاق قلبك شيء
فقولي إني اشتقته إنسانا
أيها الزورق الساري أجبنا
هلاً اتخذت من تهادينا الشراعا؟
هلا اتخذت من نظرة أعيننا
في بحرك المزدان يوماً ..شعاعا
ملأنا من عبيرنا كل نفس
كما الأمواج قد سارت تباعا
***
آه من الريح إذا هبت وأغمضت الجفون
وتساءل نبض السر فماذا قد يكون
ترانا إن نعدو برقاً تدركنا النجاةُ
أم الخطوات تخنّا ، وتلفظنا الحياةُ
ممسكين بكفيهما في الأفق طارا
هائمين في العدو لا لهما قرارا
احترسي فالأمواج في الأرض عاثت
أسرعي الخطوات كي تنجي فرارا
لست من ينجو من الموت وحدي
وتصارع وحدك الإعصارا
وإذا كان من الموت بدٌّ
فلنكن في قبرينا جوارا
***
آه من زورق ساكر في حشاهُ
نور مشرق أغرقته المياهُ
وصغير يبكي ما كانت رؤاهُ
سقط الكوكب فرداً وتهاوت سماهُ
ليتك الإعصار لم تفرق بيننا
أو جمعنا في ثناياهُ
***

المشرقي الإسلامي
16 فبراير 2006

[إيناس]

أكتب سطراً وأشرد شهراً ، أتجول في سوق المعاني والكلمات وأنتقي من الحروف ما يشفي غليلي، أما هذه القصيدة فكانت كرسم القلب تارة أجد شلالات من المعاني تتدفق منسابة إلى ذاكرتي وأحيانا ً تكون جدباً وقد كتبتها غالباً في ساعة أو ساعة ونيف من الدقائق ... لون محبرتي هو الحياة نفسها لون لا يكاد يبين إلا إذا بانت الحياة ومعناها في واقع الإنسان..

نحن ماذا ..
ولماذا ..
شطآن خاصمتها البحور ُ ؟
نحن ماذا ..
ولماذا ..
أغصان فارقتها الطيورُ ؟
نحن ماذا ..
ولماذا ..
يتألم من خطانا المسير ؟
عمرنا موت إلى موت يعاد ُ
وترانيم كرجع الصدى ..ولت فارتداد
كلما أغمضت عيني ازددت سهادا
كلما أسرعت الخطى ازددت ابتعادا
ومضى العمر وأنا في أدمعي ..أتهادى
***

ماذا سأكتب ؟

في غربتي عن كنه أمري أحرف
صرخت من الإيلام والأحزان ِ
ركضات عمري لم تعد لتهزني
أو تستثير إلى الحيا وجداني
الدهر يصرخ من بلادة خاطري
وشكا إليّ معاتباً ومُعاني:
حطمتّ ُ عبر مدى السنين جلامداً
إلّاك موت حائر أفناني
أنت الذي من غير نبض قلبه
متنقلاً في غربة الأزمان
حاصرتني من غير قيد إنما
سجناً أراك أنا بكل مكان ِ،
يا أيها الموت المبعثر في الحشا
حتى غدوت بقية الإنسان ِ:
يا أيها الومض المبعثر في الدجى
دهراً أراك ولو بقيت َ ثواني
قل لي بربك ما تمل تغرباً
وتوحشاً في قلبك الأكوان ِ ؟
قد جُلت في تلك الحياة فما أرى
يسطيع عيشك إنسهم والجاني

المشرقي الإسلامي
07/09/2006