السلام عليكم ورحمة الله
إسمحلي أخي المتفائل أن أضيف بعض المعلومات لمعرفة المزيد عن ديمنج وعلاقته بالجودة الشاملة وبالتالي علاقة الجودة الشاملة بالإسلام
فديمنج هذا هوأحد أسباب نجاح وتفوق اليابان في مجال الجودة ، فكان يرى أن الإدارة العليا غالبا ما تلوم العاملين على أشياء لا تقع أصلا في حدود اختصاصهم ، وهذا يحتاج إلى تحول كلي للنمط الرئيسي للإدارة ، لذلك فإنه كان يؤمن بضرورة تشجيع العاملين ومشاركتهم وجعلهم قادرين على المساهمة في إدخال تحسينات مستمرة من خلال فهمهم للعمليات وكيف يمكن تحسينها.
وقد خصصت الحكومة اليابانية عام 1951م جائزة يطلق عليها : اسم ( جائزة ديمنج ) تمنح بشكل سنوي
للشركات التي تتميز في تطبيق برامج إدارة الجودة ،
وإذا ما بحثنا عن مفهوم الجودة في الإسلام ،نجد أن الجودة يعني الإسلام
فالإسلام – عقيدة وشريعة وأخلاقاً – وكفلسفة للكون والإنسان والحياة، هو كمال الجودة وتمامها.. ومن خلال ذلك نفهم البعد اللانهائي في قوله تعالى: ]الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً[ (المائدة : 3)
وكيف لا يكون الإسلام كمال الجودة والإبداع وهو دين الله ]بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (117) [ (البقرة).
- ] بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103) قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ (104) [ (الأنعام).
إن الإبداع البشري هو أثر ومظهر من آثار ومظاهر الإبداع الرباني.. بل إنه وظيفة تكليفية ومسؤولية شرعية وليس خياراً بشرياً قبله الإنسان أو رفضه: ]أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى (36) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40) [ (القيامة)
ولنعد الآن إلى ديمنج ولنعرف من هو إدوارد ديمنج Edward Deming
هو مهندس تصنيع ، يعتبر الأب الروحي لجودة الإنتاج ورقابة الجودة ، وقد أبتكر ما يسمى بدائرة ديمنج : خطط ، ونفذ ، وافحص ، وتصرف .
نشأته:
ولد ديمنج في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1900م ، ودرس فيها وهو حاصل على الدكتوراه في الرياضيات والفيزياء من جامعة بيل في أمريكا ، وأثناء عمله في مصنع ( هاوثون ) في شركة الكهرباء الأمريكية ، أكتشف مدى أهمية الرقابة الإحصائية في ضبط جودة العمل والإنتاج ، وقد سافر إلى اليابان من اجل إعادة إعمارها بعد الحرب العالمية الثانية ،حيث كان له الدور الكبير في تعليم اليابانيين استخدام الأساليب الإحصائية في رقابة الجودة . ويلقب ديمنج ( أبو الجودة ).
والآن لنعرف عن الجودة
الجودة من (أجاد) أي أحسن.. يقال (فلان تكلم فأجاد، أي تكلم فأحسن.. فلان عمل فأجاد أي عمل فأحسن) وعكسه (تكلم فأساء وعمل فأساء).
· والجودة تعني الاتقان كما تعني في مستوياتها العالية التفوق والإبداع..
· والجودة هي نتيجة الاهتمام أساساً بالكيف والنوع لا بالكم.
· والجودة في المصطلح الحديث ارتبطت – إجمالاً – بالجوانب الاقتصادية والتنظيمية (الجودة الإدارية) (الجودة التصميمية) (الجودة الصناعية) (الجودة الزراعية)..
· والجودة في هذه المجالات باتت محكومة بمواصفات ومعايير ومقاييس، ولم تعد خاضعة للمزاج والذوق الشخصي..
وبالتالي فإن الإنتاجية الجيدة باتت تحتاج إلى شهادة جودة من شركات ومؤسسات نشأت لهذه الغاية .
وإذا قارنا بين الإسلاميون والجودة ,وقد يستغرب البعض حصر الكلام عن الجودة بالإسلاميين.. فمطالبة الخاصة يجب ان تسبق مطالبة العامة.. فإن غابت الجودة في النخبة، فبديهي أن تكون معدومة في الدهماء.. فبقدر الموقع يكون التكليف، وبقدر الإدعاء تكون المسؤولية.. من هنا كان الإسلاميون مطالبين بإعطاء المثل الأعلى في الإتقان والجودة، لأن في ذلك نجاحهم في الدنيا وفلاحهم في الآخرة.
ومن هنا يجب أن نعترف كإسلاميين أننا على جانب كبير من التقصير في الأخذ بأسباب الإتقان والجودة في كل جوانب عملنا.. نحن كإسلاميين طالبون بأن نحتكم إلى موازين ومقاييس ومعايير الجودة التي لفت إليها، أو أشار إليها، أو حددها، أو أوجبها، أو حض عليها، أو فرضها.. الدين القيم الذي ندعو الناس إليه؟؟!
نحن مطالبون بأن نتقن عبادتنا وأخلاقنا وأعمالنا، وأن نحسن في أقوالنا وأفعالنا وخطابنا وأدائنا، وأن نتميز في موافقنا وسياساتنا وعلاقاتنا.. وأن نتطور في تخطيطنا وتنظيمنا وإدارتنا، وأن نتقدم في إنتاجنا وعطائنا.
إن الإتقان والتقدم والتطور المؤدي إلى الجودة يحتاج إلى التأهيل والتدريب كما يحتاج إلى العلم والخبرة. وبلوغ القمة يحتاج إلى الهمة والإرادة كما يحتاج إلى الثقة و الإيمان
وخلاصة القول أن شمولية المنهج الإسلامي وتغطيته لكل جوانب الحياة توكبها دعوة إلى الجودة والإتقان على نفس الامتداد والإتساع.. وبذلك يكون الإسلام منهج الشمولية والجودة والإتقان في عموميات الحياة وفروعها وتفاصيلها..
...............
وشكرا لك أخي متفائل على هذا النموذج الياباني المتميز
وما زلنا بانتظارك لتكمل لنا عن فحوى أوراق إدوارد ديمنج