العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السيـاسية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات في بحث أشباح بلا أرواح (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نقد كتاب عظيم الأجر في قراءة القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في مقال الطاقة الروحية براهين من العالم الآخر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نقد بحث لغز مركبات الفيمانا (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى كتاب حكم تنفيذ القصاص والإعدام بالوسائل الحديث في الفقه الإسلامي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: The international justice court (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: نقد تنبيه الأنام على مسألة القيام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الزراعة المثالية ولعنــة الأدويــة الكيماويــة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: New death (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة في مقال البروباغاندا الهدوءُ والفتك (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 08-02-2010, 01:45 PM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

ثالثاً: أوروبا

ـ الاتجاه العالمي: الكساد العالمي في أوروبا

نمو أوروبا في الربع الثاني من عام 2009 فاجأنا، لكن ليس بمقدار ما فاجأ الحكومتين الفرنسية والألمانية. وفي ظننا أن الجزء الأكبر من النمو جاء من سلسلة خطط تحفيز يتيمة، مثل الخطة الألمانية لتحويل سيارات الى (خُردة) بما بلغت قيمته 7.4 مليار دولار (وهي الخطة التي ألهمت البرنامج الأمريكي المسمى (مبالغ نقدية في مقابل سيارات قديمة Cash for Clunkers). وقد انتهى أمد تلك البرامج خلال الربع الثالث من عام 2009، وما من سبب يُعتد به لتوقع استئناف نمو مستقر بسببها.

إن مشكلة أوروبا الأساسية هي أزمة مصرفية، وجهود التشخيص الحقيقية الأولى ـ ناهيك عن جهود المعالجة ـ لم يجرِ إتمامها حتى نهاية أيلول/ سبتمبر. والمصارف تُظهر من الميل الى الإقراض في أوروبا ما هو حتى أقل من الميل الى الإقراض في الولايات المتحدة، وبالنظر الى أن الشركات الأوروبية تحصل من المصارف على نسبة أموال دعم عملياتها واستثماراتها تفوق ما تحصل عليه نظيراتها الأمريكية بمعدل الضعف، فإن إمكان التكهن بمآل كل شيء، من النمو الى إنفاق المستهلك فإلى العمالة، ضعيف جداً حقاً. وفوق ذلك كله، قد يبدو (يورو) قوي إيذاء القطاع الوحيد الذي يبدي بصيصاً من الحياة، ألا وهو قطاع الصادرات.

إن الدَيْن هو التحدي الأكبر الذي يواجهه الأوروبيون في ما تبقى من العام الجاري (2009 في حين وضع التقرير) وحتى فيما بعد عام 2010ربما. وقد اختار معظم الدول الأوروبية تأخير اتخاذ أي قرارات صعبة بشأن الإنفاق أو بشأن الإصلاحات، ولهذا السبب تقع ميزانيات العديد منها الآن في حالات من العجز الكبير.

ولدى الكثير من الدول الأوروبية مشكلات جمع أموال في أي حال؛ فمع أنها تصدر سندات دين مقطوعة ومتعددة، فإنه ليس هناك ببساطة عددٌ كافٍ من المهتمين بشراء سندات. وسوف تواجه دول أوروبا الشرقية ودول البلقان معظم التعقيدات. من هنا، فإن هاتين المنطقتين بالذات ـ وبصورة مضاعفة في منطقة البلقان ـ نتوقع أن نرى معظم الاضطراب الاجتماعي.

ـ الاتجاه العالمي: انبعاث روسيا في أوروبا

بعد أعوام من قيام روسيا بتحفيز أوروبا وحثها بمجموعة متنوعة من الوسائل، تتركز جهود روسيا لتعميق نفوذها في ثلاثة مواقع محددة، نقدمها بترتيب تصاعدي، بناءً على النجاح الذي ستصيبه روسيا بتأثيرها في هذه المواقع.

الموقع الأول (بولندا)، الدولة المناهضة لروسيا بأشد ما يكون من الحماسة والثبات في الاتحاد الأوروبي ـ وهي من الضعف بما يكفي ألا يكون لها خيار في المسألة، ومن الكبر بما يكفي لأن تكون قادرة على فعل شيء ما بشأنها. ولقد كانت سياسة البولنديين للأمن القومي منذ نهاية الحرب الباردة بسيطة جداً: مصادقة الأمريكيين لضمان وضع بولندا الدفاعي، لأنهم يشعرون بأن الألمان والفرنسيين والبريطانيين غير جديرين بالثقة، وبأن الناتو غير كافٍ.

فاجأ الأمريكيون البولنديين بالتخلي عن منشأة قيد الإعداد من أجل الدفاع الصاروخي (البالستي) في بولندا، فزعزعوا ثقة البولنديين بالتزام الولايات المتحدة بأمن بولندا.

إن بولندا تكابد الآن ألم الإحساس بعدم الأمان وبالحيرة. فمن منظور البولنديين، أدت إزاحة نقاب الأمن الأمريكي، وهو نقاب رقيق بالأصل، الى انكشاف الانقسام التام للطيف السياسي البولندي. ومعظم البولنديين هم معادون للروس الى درجة وجوب أن تكون أي تحركات تأتي بها روسيا أن تكون ماكرة، لكن روسيا لم تلق منذ قرون أرضاً خصبة لنفوذها كما في بولندا.

الموقع الثاني هو (فرنسا). يمكن القول أن فرنسا هي الدولة التي لروسيا فيها أقل تأثير. فبعد الحظر النفطي العربي عام 1973، أطلقت باريس برنامجاً وطنياً للفاعلية وإيجاد بدائل للوقود كان من شأنه أن حَدَ كثيراً من ضعف البلد أمام الصدمات الناجمة عن أزمات الطاقة. ويعني هذا، الى جانب قرب مواقع دول كانت مستعمرات فرنسية ومنتجة للطاقة أيضاً، أن روسيا لا تستطيع استخدام أدواتها للتأثير في فرنسا كاستطاعتها استخدامها مع ألمانيا مثلاً. ولأن باريس حذرة من برلين بما يكفي لتسعى الى عقد شراكة متينة مع الولايات المتحدة، فإن فرنسا ـ دولة عنيدة وحاسمة ـ يصعب على روسيا التعامل معها.

لذا فإن الروس يجربون مقاربة تقوم على المنطق والرشوة؛ إذ أوضحت روسيا لفرنسا أن فرض عقوبات على إيران ليس له ببساطة حظ من النجاح دون التأييد الروسي، وروجت لبعض الأفكار حول كيف يمكن فرنسا أن تُعرض عن موقفها السياسي المتشدد والمناوئ لإيران في مقابل تحقيق أرباح. وتشير روسيا الى أنه إذا كان مصير العقوبات ـ التي قد تستهدف شركات طاقة كبرى مثل (توتال) ـ هو الفشل في أي حال. ومن قبيل الإغراء، تعرض روسيا على شركات فرنسية صفقات في قطاع الطاقة الروسية.

أخيراً هناك (ألمانيا). الروس كانوا قد أحرزوا من قبل نجاحاً كبيراً في حث حكومة المستشارة (أنجيلا ميركل) على سلوك دربٍ أقل تأييداً صريحاً للأمريكيين، حيث إنهم استخدموا مزيجاً من إجراءات لإنقاذ شركات ألمانية خلال فترة الركود الاقتصادي ووعود بزيادة عمليات تسليم موارد الطاقة ـ التي تعتمد ألمانيا عليها كثيراً.

طبعاً، لم يكن رفض واشنطن الاستجابة لما طلبته ألمانيا من مساعدات اقتصادية لينقذ علاقتها المتدهورة مع برلين. ولا ريب في أن موسكو ستحاول تعزيز هذا الوضع في المستقبل القريب، غير أن التقدم في هذا الصدد سيكون طفيفاً.

ـ الاتجاه الإقليمي: صراع قيادة الاتحاد الأوروبي

إن الشراكة الفرنسية ـ الألمانية التي تحكم الاتحاد الأوروبي ليست مستساغة في سائر أوروبا، الشراكة نفسها غدت أكثر حرجاً. فرنسا تدرك أن ألمانيا هي المركز المسيطر اقتصاداً وسكاناً، وحيث أن ألمانيا تستيقظ من سباتها أيام الحرب الباردة فإنها تشرع في تمثيل الدور. أما فرنسا، فقد سعت بغرض التعويض الى تقوية موقفها بالاصطفاف مع الأمريكيين بشأن مجموعة كبيرة من القضايا الدولية، ليس الموقف المتشدد من إيران إلا أبرزها. لكن باريس حصلت على مهلة لفترة قصيرة.

تعاني ألمانيا من عدم انسجام الفريق الحاكم في كل القضايا، فالحزب الديمقراطي الحر، لا يحبذ تقوية العلاقات مع موسكو، وهذا سيعقد الأمور بعض الشيء.

بينما يرتب الألمان بيتهم، سيكون لدى الفرنسيين بعض الوقت للتقرب من دول أوروبا ـ الأقل قوة ـ وأكثرها حرجاً هي السويد، التي تتولى حالياً رئاسة الاتحاد الأوروبي، وبولندا، التي تتطلع بعد تعامل واشنطن معها بازدراء الى تنويع الجهات الضامنة لأمنها. وبالنسبة للأمريكيين، فإنها تعني على الأقل أن أي مساعٍ ألمانية لتقييد السياسة الأمريكية ستُكبح بعض الشيء ولأسابيع قليلة قادمة.

يتبع
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-02-2010, 09:21 AM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

رابعاً: شرق آسيا

ـ الاتجاه العالمي: الركود العالمي في شرق آسيا

لم تشهد الاقتصادات الآسيوية حتى الآن انعكاساً كبيراً للتراجعات الحادة الناجمة عن حالات الهبوط في أسواق المستهلكين في الخارج والواردات كجزء من المعالجة المتتابعة للطلب (الصادرات اليابانية، مثلاً، سجلت لتوها تراجعها الشهري المتواصل الحادي عشر). على العكس من ذلك، تدخلت الحكومات ووظفت مجموعات تحفيز ضخمة في محاولات لتفادي الإفلاس وللحفاظ على مستويات العمالة البالغة الأهمية.

وكان الأمل أن تستعيد الولايات المتحدة وأوروبا العافية وتعود الى مستويات الاستهلاك الضخم الذي كان في أواسط العام 2000، لكن لا يبدو هذا الأمر مرجحاً. وها هي البلدان الآسيوية الآن تقوم بإعادة تقييم برامج حوافزها وبنية اقتصاداتها لترى فقط الى أي مدى يستطيع الإنفاق المحفز إبقاء الأمور جارية، وكيف يعزز الطلب المحلي بصورة أوسع إذا ترك الانتعاش العالمي مستويات الاستهلاك أدنى كثيراً مما كانت عليه في السابق. وبما أن هذه الاقتصادات كلها موجهة بالصادرات، فما من حلول واضحة في هذا المجال.

الصين ـ حيث يتخذ الحافز شكل الإقراض المنتج بدلاً من شكل الإنفاق المنتج ـ أعادت النظر ثانية من قبل، وهناك إعادة للنظر للمرة الثالثة، فيما محاولات لإبطاء ذلك الإقراض يعيث في الثقة الاقتصادية الشاملة خراباً. إنها لمفارقة مستعصية: إقراض سريع وسهل ينهض بالنمو لكنه يلحق الضرر بالقطاع المالي بطريقة تجعل القروض الأمريكية ذات التصنيف الائتماني المنخفض (Subprime Loans ) تبدو مسئولة، بينما يؤدي فرض القيود على الإقراض الى إغلاق مؤسسات بصورة فورية والى حشود من العمال العاطلين عن العمل. هذا وسوف تتقلب الصين في موضوع الإقراض بين حالات انكماش مدفوعة بالخوف من الحاضر.

في هذا الوقت، تقوم الحكومة اليابانية الجديدة، كجزء من رغبتها المفهومة في إحكام قبضتها على اقتصاد اليابان المتدهور، بإنشاء غرفة مقاصة للموافقة على جميع الميزانيات وعلى الإنفاق، بل إنها تدعو الى إخضاع تلك التي سبق أن تمت الموافقة عليها لإجراءات المراجعة, لكن حتى لو سارت هذه الخطوة الإضافية على ما يرام وأعادت بعضا مما يشبه العافية والثقة الى الاقتصاد الياباني (ونحن في ستراتفور نشك في ذلك) فمن المؤكد أنها ستؤخر دفع الأموال وسيكون لها بالتالي تأثير سلبي في النمو الاقتصادي.

ـ الاتجاه الإقليمي: اندفاعة الصين في مجال الطاقة والمنافسة البحرية

ركزت الصين سياساتها بشأن أمن الطاقة في معظم فترات العام على تخزين الإمدادات، فيما كانت الأسعار منخفضة نسبياً، وإنشاء حلقات وصل بدول آسيا الوسطى الغنية بالطاقة للحصول على النفط والغاز الطبيعي، وذلك بناءً على نظرية مؤداها أنه بقدر ما تتوفر إمكانية تقصير مدة وجود نفط الشرق الأوسط على ناقلات مبحرة ـ أي عرضة للمنع البحري الأمريكي ـ يكون أفضل.

ثمة جانب آخر من جوانب مشاريع الصين بشأن الطاقة سيتضافر مع مساع لفك بنية التحالف الأمريكي في المنطقة: فالصين تعرض على جيرانها التعاون في مجالات عدة، منها التعاون على تطوير موارد الطاقة تحت سطح البحر، وبخاصة في بحر جنوب الصين.

الصين تعتبر النفاذ الى الموارد أمراً طيباً، وهي ترى أن في التعاون مع دول مثل الفلبين وفيتنام منافع أمنية تفوق منافع منافستها. أما البديل من التعاون مع الجيران، وهو بديل غير مرغوب فيه، فإنه المخاطرة بإخافتهم بحيث يناشدون الولايات المتحدة أن تساعدهم في ترويض الصين. وبما أن الصين تفضل إبقاء اهتمام واشنطن مشدوداً الى الشرق الأوسط، فإن بكين ستختار لهجة أخف وطأة للحيلولة دون تطور بيئة مشوبة بالتحدي بالمقام الأول.

ـ الاتجاه الإقليمي: كوريا الشمالية

صرفت كوريا الشمالية الربع الثالث من عام 2009 في اتخاذ مواقف عدوانية وإرسال إشارات مختلطة، لكنها الآن تمهد للعودة الى المفاوضات. ومن غير المرجح أن تتحقق خطوات متقدمة في هذا الشأن؛ فبيونغ يانغ تتبع مرة أخرى إستراتيجيتها الحقيقية والمجربة، وهي استغلال عملية المفاوضات كتكتيك للمماطلة وطريقة لإدارة الضغوط الخارجية. ومع أن أطراف المحادثات الآخرين يعون ذلك، فما يزال هناك دافع للتعامل مع كوريا الشمالية، فهو على الأقل يمنع بيونغ يانغ من أن تكون عدائية. من هنا، نتوقع أن يكون هناك الكثير من الدخان، لكن القليل من النار.

ـ الاتجاه الإقليمي: يابان جديدة؟

أحرزت اليابان تحولاً حكومياً ذا هدفٍ هو الأول منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وفي حين إن هناك الكثير بشأن هذا التحول يدل على أن ليس ثمة تغيير في الأجواء ـ تغيير في شيخوخة مجلس الوزراء على سبيل المثال ـ فإن ثاني أكبر اقتصاد في العالم (وفوق ذلك مع واحدة من أكثر البحريات تقدماً) قد حصلت على قيادة جديدة. ولسوف تحاول الحكومة الجديدة أن تجد موطئاً لقدميها طوال فترة الربع الأخير من عام 2009، ونحن سنراقب عن كثب فيما طوكيو تحاول صوغ سياسات جديدة.

وثمة محطات أساسية سوف تكشف عن وجه جديد لليابان، منها لقاءات قمة بين القيادتين الصينية والكورية في بكين في 10/10/2009، فضلاً على قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في تايلاند في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول، وقمة التعاون الاقتصادي في آسيا ـ المحيط الهادئ التي ستعقد في سنغافورة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2009.

يتبع
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 17-02-2010, 09:33 AM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

خامساً: أمريكا اللاتينية

ـ الاتجاه العالمي: الركود العالمي في أمريكا اللاتينية

أن المسألة الأساسية المتعلقة بالركود في أمريكا اللاتينية هي فرصة الوصول الى رأس المال، وهذا يقسم المنطقة الى ثلاث مجموعات:

المجموعة الأولى: هي الدول التي تتمتع بقدرٍ كافٍ من حرية الوصول الى رأس المال بحيث أنها تمكنت ـ رغم الظروف الاقتصادية العالمية المضنية ـ من النجاة إبان الأزمة. والدول الوحيدة في هذه المجموعة هي البرازيل وبدرجة أقل بيرو وتشيلي.

تبرز البرازيل بين بلدان أمريكا اللاتينية بسبب قدرتها على سد حاجاتها من الاعتمادات. وكانت قد كابدت من التضخم المفرط في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن الفائت، الى درجة أنها ترغم المصارف الآن على الاحتفاظ بقرابة نصف ودائعها في الاحتياط، فجعلت البلد غنياً برؤوس الأموال على نحو مثير للدهشة. هذا وحده يضع البرازيل في نادٍ عالمي مميز، نقصد نادي مُصدري صافي رأس المال، وسيستمر، ومعه حجم اقتصاد البرازيل وزخمه الصرف، في دعم الانتعاش البرازيلي في الشهور القادمة.

على الرغم من أن تشيلي وبيرو ما تزالان تعتمدان بشدة على الاستثمارات والصادرات الدولية ـ وهو ما يجعلها عرضة لأذى هبوط أسعار السلع ـ فإن ماضي حصافتهما المالية قد أسعفهما خلال الأزمة. فكلتاهما حافظت على علاقة متينة مع مستثمرين دوليين في أثناء الأزمة ( بل أن تشيلي تحصل من وكالة مودي (Moody) على زيادة في تقدير أسعار دَيْنها المطلق). وكان لديهما كلتيهما أيضاً موارد رأسمالية كافية لوضع سياسات دورية مضادة وسياسات حافزة جمعت بين مشاريع الأشغال العامة وتخفيضات في الضرائب المترتبة على الشركات. وقد تعززت شعبية الحزب الحاكم في تشيلي بفضل الطريقة التي عالج بها الأزمة، رغم أنه متخلف عن حزب المعارضة قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية المزمع إجراؤها قريباً.

تتألف المجموعة الثانية من البلدان التي هي أقل قدرة على مستلزمات الائتمان أو السياسات الدورية المضادة، لكنها ليست موضع احتقار لدى مجتمع الاستثمارات الدولي. وتضم هذه المجموعة (أوروغواي وباراغواي والى حد ما كولومبيا). ومن سوء حظ هذه الدول أنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً بأن تقنع الأجانب بأن تسرف في الإنفاق. لكن فيما أجواء الخوف تنحسر في العالم المتطور، فإن هذه البلدان سترى مرة أخرى الأموال وهي تسلك طريقها شيئاً فشيئاً ـ وهي عملية بدأت بالفعل، ومن المتوقع أن تزداد فعالية في الأشهر القادمة.

تضم المجموعة الثالثة والأخيرة البلدان المعزولة لحد بعيد عن المصادر الدولية حتى المستقبل المنظور ولديها رأس مال محلي غير كافٍ. هذه البلدان هي الإكوادور والأرجنتين وفنزويلا، التي لا يثق بها المستثمرون الأجانب ببساطة لأسباب تتعلق بالسياسة، ونتيجة لذلك، ستكون اقتصاداتها آخر اقتصادات تسترد عافيتها من الركود الراهن. وتنفرد الإكوادور بينها بأنها تشكل الحالة الأكثر صراحة ووضوحاً، حيث أنها أبعدت عن نفسها عن الأسواق الرأسمالية وكانت سريعة في التخلف عن تسديد ديونها نتيجة الأزمة.

تبقى الأرجنتين موسومة بتقصيرها عن سداد ديون 2001ـ2002 وبسياسات التبذير الشعبوية. وهي ستستغل الشهور القادمة لتحاول تهدئة نزاعات بارزة مع مستثمرين دوليين. لكن، حتى لو أفلحت في ذلك (وهو ما ليس مسلماً به)، فإن الفرصة في الحصول على اعتمادات دولية لن تؤدي إلا الى المزيد من الإنفاق الحكومي ومزيد من تراكم الديون.

في فنزويلا، قد يسبب مستقبلها الاقتصادي الكئيب (بما فيه من مشكلات في مجال إنتاج النفط) تسريعاً للاضطراب الحالي المتفاقم في الظروف السياسية المحلية. وسيستمر الاقتصاد في دفع الرئيس (هوجو شافيز) الى إثارة المتاعب على الصعيد الدولي (خصوصا مع الولايات المتحدة وكولومبيا) لصرف الأنظار عن المتاعب الداخلية.

ثمة دينامية أخرى إضافية ومهيمنة تشكل طالع أمريكا اللاتينية الاقتصادي، وهي اعتمادها النسبي على الولايات المتحدة. فالعلاقات المتينة مع الولايات المتحدة تعني أنه عندما يتراجع النمو الاقتصادي الأمريكي، تهبط اقتصاديات أمريكا اللاتينية هبوطاً مفاجئاً كبيراً. وينطبق هذا على المكسيك بصورة خاصة. فبالرغم من مرونة المكسيك النسبية في الأمور المصرفية (وهي جزئياً حصيلة اقتصادها الكبير والشديد التنوع، فضلاً عن المبالغ على المبالغ المالية الهائلة الناجمة عن تجارة المخدرات والمبيضة على الأرجح والمودعة في المصارف)، فإن المكسيك ما تزال تواجه تحديات ضخمة تهدد النمو .

تواجه المكسيك أيضاً أسباب تعطيلٍ أخرى مثل: إنفلونزا الخنازير وقضايا أمنية ملحة، ومع أن أحزاب المكسيك الرئيسية الثلاثة ستسعى الى صياغة ردٍ متماسك على الانكماش، فإنه دون تحقيق الإجماع عقبات يصعب تجاوزها. ولكن، حالما يخرج الاقتصاد الأمريكي من أزمته، ينبغي للمكسيك أن لا تتخلف عنه كثيراً.

ـ الاتجاه الإقليمي: عنف الكارتلات المكسيكية

ما زال العنف ينتشر في المكسيك، وفي الوقت الذي ستستمر جغرافية هذا العنف في التحول فيما الكارتلات تتصارع للسيطرة على مناطق رئيسية، لا تبدو أي مؤشرات على أن العنف سينحسر. ومع أن المكسيك تواصل مناقشة دور الجيش المكسيكي في القتال، فإنه ليس هناك ما يدل على تحول كبير في الأشهر القادمة. وبمقدار ما يبقى تهريب المخدرات تجارة مربحة وتتمنى الدولة المكسيكية محاربة الفساد (أو المشاركة فيه)، فإن حروب الكارتلات سستواصل.

ولعل من حسن الحظ أن هناك علامات تشير الى أن المسألة سترتفع فوق المستوى الحالي من الاهتمام بالنسبة الى تطبيق القانون على الجانب الأمريكي من الحدود ـ في المدى القصير على الأقل.

يتبع
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 22-02-2010, 03:17 PM   #4
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

سادساً: إفريقيا ـ جنوب الصحراء الكبرى

ـ الاتجاه العالمي: الركود العالمي في إفريقيا ـ جنوب الصحراء

يتوقف الانتعاش الاقتصادي الإفريقي على استئناف الطلب على سلعها، بكل بساطة ووضوح. وستكون هذه المنطقة هي آخر منطقة في العالم تخرج من الركود، وهذا ما لن يحدث في الشهور القليلة القادمة.


ـ الاتجاه الإقليمي: التأهب للقتال في دلتا النيجر

سيشهد الربع الأخير من العام 2009، نهاية برنامج عفو الحكومة النيجيرية ونهاية وقف إطلاق النار الذي أعلنته حركة تحرير النيجر ـ المليشيا الرئيسية في دلتا النيجر. وسيلي ذلك تجدد العنف، كما هو متوقع. بيد أن على هذه الخلفية التي تزداد دموية، ستقوم حركة تحرير النيجر وحزب الشعب الديمقراطي الحاكم في الواقع بعقد عدة اتفاقيات تقاسم للسلطة، وغايتهما هي تشكيل البيئة السياسية تحضيراً لمؤتمرات الحزب في العام المقبل (2010) ومن ثم الانتخابات الوطنية في العام 2011. وستكون المرحلة الأولى استخدام العنف لمساندة مرشحي الحزب وتشويه سمعة أعدائهم وترهيبهم.

[ ملاحظة: لقد بدأ ما توقعه الكاتب في اضطرابات نيجيريا وانقلاب الحكم في النيجر في الأسبوع الفائت].

ـ الاتجاه الإقليمي: جنوب إفريقيا تبدأ تأدية عملها

أمضت حكومة جنوب إفريقيا الربع الثالث من عام 2009 في إعادة نسج روابط مع أصدقاء قدامى وإقامة اتصالات مع منافسين جدد، وسيكون معظم جهودها في الربع الأخير مركزاً على زمبابوي، حيث توشك الزعامة أن تبدأ انتقالها من روبرت موغابي. فلا يني نفوذ جنوب إفريقيا في هذا البلد يثبت أنه من العمق بحيث يستطيع التأثير مباشرة ـ وإن خلف الكواليس ـ داخل حزب موغابي نفسه، أي حزب الجبهة الوطنية لاتحاد زمبابوي الوطني الإفريقي، لإجراء التغييرات التي يريدها.

غير أن جنوب إفريقيا ترى أن أنغولا الناهضة تحاول الأمر ذاته ـ وبالطريقة عينها. قد يدلل الربع الأخير تماماً على بداية نوع من حرب بالوكالة بين هاتين الدولتين، مع تحول زمبابوي الى ساحة القتال الأولى.

سابعا: الاتحاد السوفييتي السابق

ـ الاتجاه العالمي: الاقتصاد العالمي والاتحاد السوفييتي السابق

الاقتصاد الروسي في حالة من الفوضى. فمن العام 2004 وحتى عام 2008 استهلكت شركات الحكومة الروسية ومصارفها وأعضاؤها اعتمادات أجنبية، فعرضوا البلد لموجة إثر أخرى من القروض الدولية، وأصبحوا عموما مولعين بتدفق الأموال ( بما يذكر بأسوأ مظاهر الإسراف في انهيار القروض الأمريكية ذات التصنيف الائتماني المنخفض. في الإجمال، دخل الى روسيا خلال تلك الفترة 500 مليار دولار، وعندما ضربت أزمة 2008 المالية ضربتها، كانت جميع أو معظم خطوط اعتمادات الشركات الروسية بمختلف أحجامها قد أُلغيت. وكانت النتيجة انهياراً اقتصادياً أسوأ في الواقع من تدهور الروبل في العام 1998.

لكن لا أحد لام الحكومة على الأزمة الحالية. في العام 1998، كانت حكومة بوريس يلتسين وقتذاك، وبتعبير ملطف، مشوشة. أما حكومة رئيس الوزراء فلاديمير بوتين، فإنها في كامل خصائصها القيادية ونجحت حتى الآن في تركيز السخط الجماهيري على الولايات المتحدة. إذن، مع أن الاقتصاد يتخبط في فوضى، فإن الحطام يولد دعما للكرملين.

وهكذا فيما الخوف من الركود يتلاشى والمستثمرون يبدءون يبحثون عن فُرص، يتطلع الكرملين الى جعل روسيا تبدو جذابة بقدر الإمكان من طريق إصلاح قوانين معينة ضد الاستثمار الأجنبي. لكن بدلا من التودد الى المصارف أو إصدار سلسلة طويلة من السندات المقطوعة، كما جرى في الأعوام الخمسة الماضية، يقوم العاملون في الكرملين بالتعاقد مع شركات دولية محددة لديها المبالغ النقدية والتكنولوجيا والأسواق اللازمة لجعل أصول روسية معينة عملة قانونية.

هذه المشاريع في معظمها تصب في مجال الطاقة. لكن بالنسبة الى الكرملين، ليست الخطوات الجارية متعلقة بإعادة شركات الطاقة الى البلد طمعاً بأموالها أو نفوذها، بل إن روسيا ترى مكاسب سياسية في أن تتمكن من مقايضة أصول الطاقة الخاصة بها بأصول شركات الطاقة الأجنبية في بلدان أخرى ـ مفسحة المجال لموسكو كي تواصل سعيها الحثيث الى امتلاك نفوذ في الخارج.

إن روسيا تخطط لعقد صفقات ثنائية محددة على قائمة قصيرة من أقوى شركات الطاقة في العالم بشروط أكثر إغراء بكثير مما تسمح به القوانين الحالية. وما زالت هذه الشروط في مرحلة الصياغة، إلا أن الموارد الطبيعية داخل روسيا كبيرة بدرجة كافية لإثارة الاهتمام ـ بالحد الأدنى ـ لدى كل من الشركات (شيفرون) و (كونوكوفيليبس) و (إكسونموبيل) و (رويال داتش/شل) و (ب بي) و (توتال) و (إني) و (إي أون) و (كوريا غاز).

انتهى


__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .