(4)
الليل مبتور الملامح ِ
مستكينٌ في ألمْ
والآه تمضغُ جرحك ِ
الغافيْ بحشرجة الظـُـلـَم
يا أنت ماذا تحملين
سوى مفاتيح العدمْ
في المقطع الخامس تبدو هذه التجارب الإنسانية-الحسية وجهة تتوجه بها المبدعة إلى القارئ مستخدمة أسلوب المونولوج فيكون الحرف وما تتبعه من تجربة إبداعية محورًا للعمل كما أن أن الحرف يكون بمعنى (الطرَف) ووجه الشيء أي أول تجربة يخوضها المرء.رؤية المبدعة الإنسانية تكون في هذا التوق اللانهائي لمعرفة المجهول والفضول الإنساني الاستثنائي ليكون السؤال هو ذلك الذهب الذي يزين الحياة والتي تختزل في كونها حرف مما يجعل للحروف بدلالاتها المختلفة قيمة إنسانية كبرى، فبدونها لا يكون الجواب متحققًا لأن السؤال ببُعده متمرض .الحرف هنا رمز للأداة بينما السؤال رمز للفضول والرغبة الإنسانية في المعرفة.
(5)
أسفرتَ يا حرف التجارب ِ
والسؤال مفضــّضُ
ومذهّبٌ بوصالهِ
وببعده متمرّضُ..!
من صاحب العذب الفرات
معين شوقٍ ينبضُ
يا عطفه هلا تركت له
الغواية فالقصيد مروضُ
(6)
في هذا التمازج بين الحسي والمعنوي يأتي الوقت مصلوبًا تعبيرًا عن بطئه الشديد ،ونلاحظ هذه اللغة الزاخرةبالدلالات المرتبطة بدخول المحسوس مكان الملموس والعكس ، يتبدى ذلك في كتف الهوى كأن الهوى ربوة عالية مصلوب عليها الوقت وهذا التشخيص يعبر عن تكامل في بيئة التشبيه والقدرة على مراعاة النظير بشكل تلقائي وبسيط ، ومؤثر.وهذه الفلسفة للضوء بمشبوه الملامح هي إشارة إلى هذه المتعة الزائفة الحسية عندما تعلو على اللذة المعنوية ،وكأن القصيدة انقسمت إلى مقاطع ثلاثة منها للذة الحسية والأخرى للذة الإنسانية ويكون التمازج بينهما من خلال فكرة المونتاج المبني على التوازي أداة ساحرة تعبرعن وعي المبدعة بالفنيات المختلفة لكتابة العمل الأدبي .وفي هذه الحالة من التوازي بين الحالة التي تنتاب المبدع لحظةالفكر وبين الإنسان في لحظة الشهوة تظل حالة من الغموض هي المسيطرة على الذهن خاصة في البيت الأخير عندما تستقيل الأنجم وتتيه الطلاسم ،لتكون الحيرة والإثارة في كلتا الحالتين هي سيدة الموقف.
الوقت مصلوبٌ
علىْ كتف ِ الهوىْ يترنمُ..!
و الضوءُ مشبوهُ الملامح ِ،
في لظاهُ تبسّمُ..!
والقبلة ُ العجلىْ
وثيقة لعبةٍ تتقدمُ
درب تتيه به الطلاسمُ..
تستقيل الأنجمُ..!
عمل رائع للغاية ويعبر عن ديناميكية غير عادية في تكوين الصورة الشعرية وربطها بالحالة أو محور القصيدة ، وأظن أن العمل وثيقة عجز لي عن مجاراتها إلا أن يتصدى لهذا العمل من هو أقدر مني عليه ، لأن مخزوني الحالي لا يكفي ،فمثل هذه القصيدة تستوجب متخصصًا في الفلسفة خاصة فلسفة الجمال ، وكذلك متخصصين في فنون التصوير المختلفة...إلخ
وكفى بذلك دليلاً على قدرة المبدعة .. وفقك الله أختنا العزيزة ، ولا تطيلي الغياب .