العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الفروج في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الكرم في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: أشراط الساعة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الشلل في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخشوع في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: بيان أخطاء مقال خيانة الوعي: حين تحوّل «ٱلنَّبِىّ» إلى «النبي» (آخر رد :رضا البطاوى)       :: موت الموت الرباني (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: الحيلة في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الضيق في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الغلول في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 06-05-2011, 09:57 AM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

9ـ العَطْفُ على أسماء هذهِ الأَحرُف

إذا عطفتَ على أسماء الأحرف المشبَّهة بالفعل، عطفت بالنصب، سواءٌ أوقعَ المعطوفُ قبلَ الخبر أم بعدَهُ، فالأول نحو: (إنَّ سعيداً وخالداً مسافرانِ)، والثاني نحو: (إنَّ سعيداً مُسافرٌ وخالداً).


وقد يُرفعُ ما بعدَ حرف العطف، بعدَ استكمالِ الخبر، على انهُ مبتدأٌ محذوفُ الخبر، وذلك بعد (إنَّ وأنَّ ولكنَّ) فقطْ، فمثالُ (إنَّ) (إنَّ سعيداً مسافرٌ وخالدٌ).

[خالد: مبتدأ، وخبره محذوف. والتقدير وخالد مسافرٌ أيضاً]
ومنهُ قولُ الشاعر:

فَمَنْ يَكُ لم يُنْجِبْ أَبُوهُ وأُمُّهُ

فَإنَّ لَنا الأُمَّ النَّجيةَ، والأَبُ
[الأب: مبتدأ محذوف الخبر، والتقدير: (ولنا الأب النجيب أيضاً).]
وقول الآخر:

إنَّ الخِلافَة والمُروءَةَ فيهمُ

والمَكْرُماتُ وسادةٌ أطهارُ


ومثالُ (أنَّ) قوله تعالى: {وأذان من الله ورسولهِ الى الناس يومَ الحجِّ الأكبر أنَّ اللهَ بريءٌ من المشركينَ، ورسولهُ}.


ومثالُ (لكنَّ) قولُ الشاعر:


وما زِلتُ سَبَّاقاً إلى كُلِّ غايةٍ

بها يُبْتَغَى في النَّاس مَجدٌ وإِجلالُ
وما قَصَّرَتْ بِي في التَّسامي خُؤُولةٌ
ولكنَّ عمِّي الطَّيِّبُ الأَصلِ والخالُ
[أي: والحال الطيب الأصل أيضاً و(الخؤولة جمع خال)، كالعمومة جمع عم أو هي المصدر للخال. و(الطيب): خبر لكن، أي: لكن عمي هو الأصل، والخال كذلك]

وقد يُرفعُ ما بعدَ العاطف قبل استكمالِ الخبر، لغرضٍ معنوي، على أنه مبتدأٌ محذوفُ الخبر فتكونُ جُملتُهُ مُعترِضةً بينَ اسمِ (إنّ) وخبرِها، كقول الشاعر:


فَمَنْ يَكُ أَمسَى بالمدينَةِ رَحْلُهُ

فإنِّي، وقَيَّارٌ، بِها لَغَريبُ

(غريب: خبر عن اسم، (إن)، وقيار: مبتدأ محذوف الخبر، والتقدير: وقيار غريب بها أيضا. وقيار اسم فرسه أو جمله. وإنما قدمه واعترض بجملته بين اسم إن وخبرها لغرض أن هذا الفرس أو الجمل استوحش في هذا البلد، وهو حيوان، فما بالك بي، فلو نصب بالعطف على اسم (ان) فقال: (فإني وقياراً بها لغريبان)، لم يكن من ورائه شدة تصوير الاستيحاش الذي يعطيه الرفع في هذا المقام).


ومنهُ قولهُ تعالى: {(إنَّ) الذينَ آمنوا والذينَ هادُوا، والصابئون، والنصارى، مَن آمنَ منهم باللهِ واليومِ الآخرِ وعملَ صالحاً، فلا خَوفٌ عليهم ولا هم يَحزنون}.


فالصابئون: مبتدأ محذوف الخبر. والتقدير: والصابئون كذلك، أي: لهم حكم الذين آمنوا والنصارى واليهود. والجملة معترضة بين اسم (إن) وخبرها، وخبر (إن): هو جملة الجواب والشرط، والغرض من رفع (الصابئون) وجعله مبتدأ محذوف الخبر أنه لما كان الجواب والشرط، والغرض من رفع (الصابئون) وجعله مبتدأ محذوف الخبر أنه لما كان الصابئون، مع ظهور ضلالهم وميلهم عن الأديان كلها، يتاب عليهم إن صح منهم الإيمان، واعتصموا بالعمل الصالح، فغيرهم ممن هو على دين سماوي وكتاب منزل، أولى بذلك).



10ـ إنَّ المكسورةُ، وأَنَّ المفتوحة

يجبُ أن تُكسرَ همزةُ (إنَّ) حيث لا يصحُّ أن يقومَ مقامَها ومقام معمولَيها مصدرٌ.

ويجبُ فتحُها حيثُ يجبُ أن يقوم مصدرٌ مقامَها ومقامَ معموليها.


ويجوزُ الأمران: الفتحُ والكسرُ، حيثُ يَصحُّ الاعتبارانِ.

(فإن وجب أن يؤول ما بعدها بمصدر مرفوع أو منصوب أو مجرور (بحيث تضطر الى تغيير تركيب الجملة)، فهمزتها مفتوحة وجوباً، نحو: (يعجبني أنك مجتهد)، والتأويل: (يعجبني اجتهادك) ونحو: (علمت أن الله رحيم)، والتأويل: (علمت رحمة الله)، ونحو: (شعرت بأنك قادم)، والتأويل (شعرت بقدومك). وإنما وجب تأويل ما بعد (أن) هنا بمصدر لأننا لو لم نؤوله، لكانت (يعجبني) بلا فاعل، (وعلمت) بلا مفعول، و (الباء) بلا مجرور فالمصدر المؤول: فاعل في المثال الأول، ومفعول في المثال الثاني، ومجرور بالباء في المثال الثالث.

وإن كان لا يصح أن يؤول ما بعدها بمصدر (بمعنى أنه لا يصح تغيير التركيب الذي هي فيه) وجب كسر همزتها على أنها هي وما بعدها جملة، نحو: (إن الله رحيم). وإنما لم يصح التأويل بالمصدر هنا لأنك لو قلت: (رحمة الله) لكان المعنى ناقصاً.


وان جاز تأويل ما بعدها بمصدر، وجاز ترك تأويله به، جاز الأمران، فتحها وكسرها نحو: (أحسن إليّ علي، أنه كريم)، فالكسر هنا على أنها مع ما بعدها جملة تعليلية، والفتح على تقدير لام الجر، فما بعدها مؤول بمصدر. والتأويل (أحسن إليه لكرمه).


وحيث جاز الأمران فالكسر أولى وأكثر لأنه الأصل، ولأنه لا يحتاج معه الى تكلف التأويل).


11ـ مَواضعُ (إِنَّ) المكسُورة الهمزة وجوباً

تُكسرُ همزةُ (إنَّ) وجوباً حيثُ لا يصحُّ أن يُؤَوّلَ ما بعدَها بمصدر، وذلك في اثنيْ عَشر موضعاً:


أ ـ أن تقعَ في ابتداءِ الكلام، إمَّا حقيقةً، كقوله تعالى: {إنا انزلناهُ في ليلة القَدْرِ}، أو حُكماً، كقوله عَزَّ وجلَّ: {ألا إنَّ اولياءَ الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزَنون}.


وإن وقعتْ بعدَ حرف تنبيه، كألا، اوِ استفتاحٍ، كألا وأمَا، او تحضيضٍ كهَلاً، أو رَدْعٍ، كَكَلاَّ، أو جوابٍ، كنَعْم ولا، فهي مكسورةُ الهمزةِ، لأنها في حكم الواقعة في الابتداء.

وكذا إن وقعت بعدَ (حتّى) الابتدائية، نحو: (مَرِضَ زيدٌ، حتى إنهم لا يَرجونه، وقَلَّ مالُه، حتى إنهم لا يُكلّمونه). والجملة بعدَها لا محلَّ لها من الإعراب لأنها ابتدائيةٌ، او استئنافيّة.

ب ـ أن تقعَ بعد (حيث) نحو: (اجلِسْ حيث إنَّ العلم موجود).


ج ـ أن تقعَ بعد (إذْ) نحو: (جئتُكَ إذْ إنِّ الشمسَ تطلُعُ).


د ـ أن تقعَ صدرَ الواقعةِ صِلَةً للموصول، نحو: (جاء الذي إنه مجتهدٌ)، ومنهُ قولهُ تعالى: {وآتيناهُ من الكنوزِ ما إن مَفاتحَهُ لتَنوء بالعُصبةِ أولي القوَةِ}.


هـ ـ أن تقعَ ما بعدَها جواباً للقسَم، نحو: واللهِ، (إن العلمَ نورٌ)، ومنه قولهُ تعالى: {والقرْآنِ الحكيمِ، إنكَ لَمنَ المُرسلينَ}.


و ـ أن تقعَ بعد القولِ الذي لا يَتضمَّنُ معنى الظنِّ، كقوله تعالى: {قال إني عبدُ اللهِ}، فان تَضمَّنَ معناهُ فُتحت بعدهُ، لأنَّ ما بعدَها مَؤوَّلٌ حينئذٍ بالمفعول به، نحو: (أتقولُ أن عبدَ الله يَفعلُ هذا؟)، أي: (أتظنُّ أنهُ يَفعلهُ؟).


ز ـ أن تقعَ معَ ما بعدها حالاً، نحو: (جئتُ وإِنَّ الشمس تَغرُبُ)، ومنه قولهُ تعالى: {كما أخرجَكَ رَبُّكَ من بيتكَ بالحقِّ، وإنّ فريقاً منَ المُؤمنينَ لكارهون}.


ح ـ أن تقعَ معَ ما بعدَها صفةً لما قبلها، نحو: (جاءَ رجلٌ إنه فاضل).
ط ـ أن تقعَ صدرَ جملةٍ استئنافيَّةٍ، نحو: (يَزعُمُ فلانٌ أني أسأتُ إليه، إنه لكاذبٌ}. وهذهِ من الواقعة ابتداءً.


ي ـ أن تقعَ في خبرِها لامُ الابتداء نحو: (علمتُ إنكَ لمجتهدٌ). ومنه قولهُ تعالى: {واللهُ يَعلمُ إنكَ لرسولُه، واللهُ يشهدُ إنَّ المُنافقينَ لكاذبون}.


ك ـ أن تقعَ مع ما بعدَها خبراً عن اسم عين، نحو: (خليلٌ إنه كريمٌ) ومنه قولهُ تعالى: {إنَّ الذين آمنوا والذين هادوا والصّابِئينَ والنَّصارى والمجُوسَ والذينَ اشركوا، إنَّ اللهَ يَفصِلُ بينهم يومَ بالقيامة}.

[اسم العين: هو ما دل على ذات، أي شيء قائم بنفسه. ويقابله اسم المعنى، وهو ما دل على شيء قائم بغيره: كالعلم والشجاعة ونحوهما * وجملة (إن الله يفصل بينهم ) خبر عن (إن الذين آمنوا وما عُطف عليه]
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 13-05-2011, 06:39 AM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

12ـ مَواضعُ (أَنَّ) المفْتوحةِ الهمزة وجوباً


تُفتحُ همزةُ (أنّ) وجوباً حيثُ يجبُ أن يؤوَّلَ ما بعدَها بمصدرٍ مرفوع أو منصوبٍ أو مجرور. وذلك في أحدَ عشرَ موضعاً:

فيؤوَّل ما بعدها بمصدرٍ مرفوعٍ في خمسة مواضع:


أ ـ أن تكون وما بعدها في موضع الفاعل، نحو: (بلغني أنك مجتهدٌ) ومنه قولهُ تعالى: {أَولم يَكْفِهم أنَّا أنزلنا عليكَ الكتاب}.


ومن ذلك أن تقع بعد (لَوْ)، نحو: (لو أنك اجتهدتَ لكان خيرٌ لك)،

[والتقدير: (لو ثبت اجتهادك)، فما بعد أن في تأويل مصدر مرفوع فاعل لفعل محذوف تقديره (ثبت)]
ومنه قولهُ تعال: {ولو أنهم آمنوا واتقَوْا لمثوبة من الله خيرٌ}.

ومن ذلك أن تقع بعد (ما) المصدريّة الظَّرفيَّة، نحو: (لا أُكلمك ما أنك كسُولٌ)، ومنه قولُهُمْ: (لا أُكلِّمهُ ما أنَّ حراءً مكانَه) او (ما أنَّ في السماءِ نجماً).

[حراء: جبل بمكة]

ب ـ أن تكون هي وما بعدها في موضعِ نائب الفاعل، نحو: (عُلمَ أنك منصرفٌ)، ومنهُ قولهُ تعالى: {قُل: أُوحِيَ إلي أنه استمعَ نفَرٌ من الجن}.


ج ـ أن تكونَ هي وما بعدها في موضع المبتدأ، نحو: (حَسَنٌ أنك مجتهدٌ)،

[والتأويل: حسن اجتهادك، فحسن خبر مقدم واجتهادك مبتدأ مؤخر.]
ومنهُ قولهُ تعالى: {ومن آياته أنك تَرى الأرض خاشعةً}.
د ـ أن تكون هي وما بعدها في موضع الخبر عن اسم معنًى واقعٍ مبتدأ أو اسماً لأنَّ، نحو: (حَسبُكَ أنكَ كريمٌ)، ونحو: (إن ظني أنك فاضلٌ). فإن كان المخبَرُ عنهُ اسمَ عينٍ وجب كسرُها، كما تقدَّمَ، لأنك لو قلت: (خليلٌ أنهُ كريمُ)، بفتحها، لكانَ التأويلُ: (خليلٌ كرَمُهُ)، فيكونُ المعنى ناقصاً.

هـ ـ أن تكون هي وما بعدها في موضعِ تابعٍ لمرفوعٍ، على أنه معطوفٌ عليهِ أو بَدَلٌ منه، فالأول نحو: (بلغني اجتهادُك وأنكَ حَسَنُ الخُلُق)، والثاني نحو:

(يُعجبُني سعيدٌ أنهُ مجتهدٌ).

وتُؤَوَّلُ بمصدرٍ منصوبٍ في ثلاثةِ مواضعَ:


أ ـ أن تكون هي وما بعدها في موضع المفعول به، نحو: (علمتُ أنكَ مجتهدٌ)، ومنهُ قولهُ تعالى: {ولا تخافون أنكم أشركتم باللهِ}. ومن ذلك أن تقع بعد القول المتَضمّنِ معنى الظنّ، كما سبق.

ب ـ أن تكون هي وما بعدها في موضعِ خبرٍ لكانَ أو إحدى أخواتها، بشرطِ أن يكون اسمُها اسمَ معنًى، نحو: (كانَ عِلمي، أو يَقيني، أنك تتَّبعُ الحقَّ).

ج ـ أن تكون هي وما بعدها في موضعِ تابعٍ لمنصوبٍ، بالعطف أو البَدَليّة فالاوَّلُ نحو: (علمتُ مجيئَكَ وأنكَ مُنصرفٌ)ومنهُ قولهُ تعالى: {اذكروا نِعمتيَ التي أنعمت عليكم، وأني فَضَّلتكم على العالمين}، والثاني نحو: (احترمتُ خالداً أنه حَسَنُ الخُلقْ" ومنه قولهُ تعالى: {واذْ يَعِدُكم الله إحدى الطائفتين انها لَكُم}.


وتؤَوَّلُ بمصدرٍ مجرورٍ في ثلاثة مواضعَ أيضا:


أ ـ أن تقعَ بعد حرف الجر، فما بعدَها في تأويل مصدرٍ مجرورٍ به، نحو:

(عَجبتُ من أنكَ مُهملٌ)، ومنه قولهُ تعالى: {ذلكَ بأن اللهَ هوَ الحقُّ}.
[والتأويل: عجبت من إهمالك]

ب ـ أن تقعَ مع ما بعدها في موضعِ المضاف إليه، نحو: (جئتُ قبلَ أنَّ الشمسَ تَطلُعُ)، ومنه قوله تعالى: {وإنه لحَقٌّ مثلما أنكم تَنطِقون}.


ج ـ أن تقع هي وما بعدها في موضع تابعٍ لمجرورٍ، بالعطف او البَدَليةِ، فالأول نحو: (سُررتُ من أدَبِ خليلٍ وأنه عاقلٌ)، والثاني نحو: (عَجبتُ منهُ أنهُ مُهملٌ).


13ـ الْمَواضِعُ التي تَجوزُ فيها (إِنَّ وأَنَّ)


يجوزُ الأمران، كسر همزة (إنَّ) وفتحُها، حيثُ يَصح الاعتباران: تأويلُ ما بعدها بمصدرٍ، وعدمُ تأويلهِ. وذلك في أربعة مواضع:


أ ـ بعد (إذا) الفُجائيّةِ، نحو: (خرجتُ فإذا إنَّ سعيداً واقفٌ).


(فالكسر هو الأصل، وهو على معنى (فإذا سعيد واقف) والفتح على تأويل ما بعدها بمصدر مبتدأمحذوف الخبر، والتأويل (فإذا وقوفه حاصل)).


وقد رُوي بالوجهينِ قولُ الشاعر:


وكُنْتُ أَرَى زَيْداً، كما قيلَ، سَيِّداً

إِذَا أَنَّهُ عَبْدُ الْقَفا واللَّهازِمِ

(فالكسر على معنى: (فإذا هو عبد القفا). والفتح على معنى (فإذا عبوديته حاصلة). [اللهازم: جمع لهزمة واللهمزتان: عظمتان تحت الأذن. يريد أنه ليس سيداً، وكنى عن ذلك بأنه يُضرب على قفاه ولهزمتيه]


ب ـ أن تقعَ بعدَ فاءِ الجزاءِ، نحو: (أن تجتهدْ فإنكَ تُكرَمُ). وقد قرئ بالوجهين قولهُ تعالى: {مَنْ يُحادِدِ اللهَ ورسولَهُ فانَّ لهُ نارَ جهنمَ}. وقولهُ: {مَن عملَ منكم سُوءًا بِجهالةٍ، ثمَّ نابَ من بعدهِ وأصلح، فانهُ غفورٌ رَحيمٌ}.

(فالكسر على جعلها جملة الجواب. والفتح على أن ما بعدها مؤول بمصدر مرفوع مبتدأ محذوف الخبر. والتقدير في المثال: (إن تجتهد فإكرامك حاصل). والتقدير في الآية الأولى (فكون نار جهنم له أو ثابت أو حاصل) والتقدير في الآية الأخرى: {فمغفرة الله حاصلة له}. وتكون جملة المبتدأ المؤول وخبره المحذوف جواب الشرط).


ج ـ أن تقعَ مع ما بعدها في موضعِ التَّعليلِ، نحو: أكرمه، انّهُ مُستحِقٌّ الإكرامِ، وقد قرئ بالوجهينِ قولهُ تعالى: {صَلِّ عليهم، إنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لهم}.
(فالكسر على أنها جملة تعليلية. والفتح على تقدير لام التعليل الجارة أي: لأنه ولأن صلاتك. والتأويل في المثال: (أكرمه لاستحقاقه الإكرام)، وفي الآية: (صل عليهم لتسكين صلاتك إياهم)، والسكن (بالتحريك) ما يسكن إليه، ويفسر أيضا بالرحمة والبركة).


د ـ أن تقعَ بعدَ (لا جَرَمَ) نحو: (لا جَرَمَ انكَ على حَقٍّ). والفتح هو الكثير الغالبُ. قال تعالى: {لا جَرَمَ أنَّ اللهَ يَعلَمُ ما يُسِرُّونَ}. (ووجه الفتح أن تجعل ما بعد (أن) مؤولاً بمصدر مرفوع فاعل لجرمَ. وجرم: معناه حقَّ وثبتَ. وأصل الجرم القطع، وعلمُ الله بالأشياء مقطوعٌ به لأنه حق ثابت.

و (لا) حرف نفي للجواب، يرد به كلام سابق. فكأنه قال: (لا)، أي: ليس الأمر كما زعموا، ثم قال: (جرم أن الله يعلم) أي: (حق وثبت علمه). وقال الفراء: لا جرم بمعنى (لا بد)، لكن كثر في الكلام، فصار بمنزلة اليمين، لذلك فسرها المفسرون: حقاً: وأصله من جرمت: بمعنى كسبتُ.
فتكون (لا) على رأيه نافية للجنس. و (جرم) اسمها مبني على الفتح، وما بعد (أن) مؤول بمصدر على تقدير(من)، أي: لا جرم من أن الله يعلم، أي: لا بد من علمه.

ووجه الكسر: أن من العرب من يجعل (لا جرم) بمنزلة القسم واليمين، نحو: (لا جرم لآتينك، ولا جرم لقد أحسنت). فمن جعلها يميناً كسر همزة (إن) بعدها نحو:

(لا جرم إنك على حق)، وجعل جملة (إن) المكسورة واسمها وخبرها. جواب القسم. وعلى من جعلها يميناً فإعرابها كإعراب (لا بد) وقد أغنى جواب القسم عن خبرها.

وقد علمت انه حيث جاز فتح (أن) وكسرها، فالكسر أولى وأكثر، لأنه الأصل، ولأنه لا تكلف فيه، إلا إذا وقعت بعد (لا جرم) فالفتح هو الغالب الكثير، وان نزّلتها منزلة اليمين، لأنها في الأصل فعل).


14ـ تخفيفُ "إنَّ وأَنَّ وكأنَّ ولكنَّ".

يجوزُ أن تُخفَّفَ (إنَّ وأنَّ وكأنَّ ولكنَّ) بحذف النون الثانية، فيقال: (إنْ وأنْ وكأنْ ولكنْ).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 20-05-2011, 09:11 AM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

15ـ (إنْ) المخففة المكسورة


إذا خُفّفت (إنَّ) أُهمِلتْ وجوباً، إن ولِيَها فعلٌ، كقوله تعالى: {وإن نَظنكَ لَمِنَ الكاذبين}. فان ولِيَها اسمٌ فالكثيرُ الغالبُ إهمالها، نحو: (إن أنتَ لصادقٌ)، ويَقِلُّ إعمالها، نحو: (إنْ زيداً مُنطلِقٌ)، ومنهُ قولهُ تعالى: {وإنْ كُلاً لمَا ليوَفينَّهم ربكَ أعمالهم}، في قراءَة من قرأ: (إنْ ولَمَا) مخفّفتينِ.

[لما: هي لام الابتداء، و (ما) زائدة للتوكيد، واللام في (ليوفينهم): هي اللام الموطئة للقسم، دخلت على جوابه، وجملة الجواب سادّة مسّد الخبر]

ومتى خُففت وأُهمِلَت لزمتها اللامُ المفتوحةُ وجوباً، نحو: (إنْ سعيدٌ لمجتهد) تَفرقةً بينها وبين (إنْ) النافيةِ، كيلا يقع اللبسُ. وتُسمّى (اللامَ الفارقةَ). فان أُمِنَ اللَّبس جاز تركُها، كقوله:

أَنا ابنُ أُباةِ الضَّيْمِ منْ آلِ مالِكٌ
وإِنْ مالكٌ كانتْ كِرامَ الْمَعادِنِ
[المعادن: الأصول]

لأن المقامَ هنا مَقامُ مَدح، فيمنعُ أن تكونَ (إنْ نافيةً، وإلا انقلبَ المدحُ ذَماً).


وإذا خُففت لم يَلِها من الأفعال إلا الأفعالُ الناسخةُ لحكم المبتدأ والخبر (أي التي تَنسَخُ حُكمهما من حيثُ الإعرابُ. وهي كانَ وأخواتُها، وكادَ وأخواتُها، وظنَّ وأخواتُها). وحينئذٍ تدخلُ اللامُ الفارقةُ على الجزءِ الذي كان خبراً.

والأكثر أن يكونَ الفعلُ الناسخُ الذي يليها ماضياً، كقوله تعالى: {وإِنْ كانت لكبيرةً إلاّ على الذينَ هدى اللهُ}، وقوله: {قال تاللهِ إن كِدتَ لَتُردِينِ}، وقولهِ: {وإن وجدنا أكثرَهم لَفاسقينَ}. وقد يكونُ مضارعاً كقوله سبحانهُ: {وإن نظنكَ لَمِنَ الكاذبين}.


ودخولُ (إنْ) المخفّفَة على غير ناسخٍ من الأفعال شاذ نادرٌ، فما وردَ منه لا يُقاسُ عليه، كقولهم: (إنْ يَزينُكَ لنَفسُكَ، وإنْ يشينُكَ لهِيَهْ).


16ـ (أنْ) المُخفَّفَةُ المفتوحة


أذا خُفّفت (أن) المفتوحةُ، فمذهبُ سيبويه والكوفيين أنها مُهمَلةٌ لا تعمل شيئاً، لا في ظاهر ولا مُضمر، فهي حرفٌ مصدري كسائر الأحرف المصدرية. وتدخلُ حينئذٍ على الجملِ الاسمية والفعلية. وهذا ما يظهرُ أنه الحقُّ. وهو مذهبٌ لا تكَلُّفَ فيه.


واعلم أنَّ (أنَّ) المخفّفةَ، إن سبقها فعل، فلا بُدَّ أن يكونَ من أفعال اليقينِ أو ما يُنزَّلُ منزلَتها، من كل فعل قلبيٍّ، يُرادُ به الظنُّ الغالبُ الراجح. فالأول كقوله تعالى: {عَلِمَ أنْ سيكونُ منكم مَرْضى}، ومنه قول الشاعر:
إذا مِتُّ فادفنِّي إِلى جَنْبِ كرْمةٍ
تُرَوِّي عظامي بعْد مَوتي عُروقُها

ولا تَدفِنَنِّي في الْفَلاةِ، فإنَّني

أحافُ إِذا ما مِتُّ، أَن لا أذُوقُها

فخوفهُ أن لا يذوقها بعدَ مماته يقينٌ عنده، مُتحققٌ لديهِ. والثاني كقوله تعالى:

{وظنُّوا أنْ لا مَلجأ من اللهِ إِلاّ إليه} وقولهِ: {أيحسَبُ أن لم يَرَهُ أحدٌ}.

فائدة


(إذا وقعت (أن) الساكنة بعد فعل يفيد العلم واليقين، وجب أن تكون مخففة من (أن) المشددة. وأن يكون المضارع بعدها مرفوعاً، كما رأيت. ولا يجوز أن تكون (أن) الناصبة للمضارع. وان وقعت بعد فعل يدل على الظن الراجح، جاز أن تكون مخففة من (أن) المشددة فالمضارع بعدها مرفوع، وجاز أن تكون (أن) الناصبة للمضارع، فهو بعدها منصوب. وقد قريء بالوجهين قوله تعالى: {وحسبوا أن لا تكون فتنة}، بنصب (تكون) على أن (أن) هي الناصبة للمضارع، ورفعه على أنها هي المخففة من (أن) المشددة. وذلك لأن (أن) الناصبة للفعل المضارع تستعمل في مقام الرجاء وللطمع فيما بعدها، فلا يناسبها اليقين، وإنما يناسبها الظن، فلم يجز أن تقع بعد ما يفيد اليقين. و (أن) المخففة هي للتأكيد، فيناسبها اليقين. ولما كان الرجاء والطمع يناسبهما الظن، جاز أن تقع بعده (أن) الناصبة للمضارع المفيدة للرجاء والطمع. وإنما جاز أن تقع (أن) المخففة المفيدة للتأكيد. إذا كان ظناً راجحاً، لأن الظن الراجح يقرب من اليقين فينزل منزلته).

واعلم أنَّ (أن) المخفّفَة لا تدخل إلا على الجمل، عند من يُهملهُا وعند من يُعمِلُها في الضمير المحذوف، إلا ما شذ من دخولها على الضمير البارز في الشعر للضّرورة، وقد علمت أنه نادر مخالفٌ للكثير المسموع من كلام العرب.

والجملةُ بعدها إمَّا اسميَّةٌ، وإما فعليَّة.

فان كانت جملةً اسميَّة أو فعليَّة فعلُها جامدٌ، لم تحتجْ الى فاصل بينها وبين (أنْ) فالاسمية كقوله تعالى: {وآخِرُ دعواهُم أن الحمدُ للهِ ربِّ العالمين}.
والفعليَّةُ، التي فعلُها جامدٌ، كقوله سبحانهُ: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}، وقولهِ: {وأن عسى أن يكونَ قد اقتَربَ أَجلُهم}.

وإن كانت الجملةُ بعدها فعليّةً، فعلُها متصرّفٌ، فالأحسن والأكثر أن يُفصلَ بينَ (أنْ) والفعلِ بأحدِ خمسة أشياءَ:


أ ـ قد، كقوله تعالى: {ونَعْلَمَ أنْ قد صَدقتَنا

ب ـ حرف التّنفيسِ: (السينُ أو سوف) فالسينُ كقوله تعالى: {عَلِمَ أنْ سيكونُ منكم مَرضى}، وقولِ الشاعر:

زَعَمَ الْفَرزْدَقُ أنْ سَيَقْتُلُ مِرْبَعاً

أَبشِرْ بطول سَلاَمةٍ يا مِرْبَعُ

وسوف، كقول الآخر:


واعلمْ، فَعِلْمُ الْمَرء يَنْفَعُهُ،

أن سَوْفَ يأْتي كُلُّ ما قُدِرا

ج ـ النفي بِلَنْ أو لم أو لا، كقوله تعالى: {أيحسَبُ الإنسانُ أنْ لنْ نجمَعَ عظامَهُ} وقوله: {أيحسَبُ أنْ لم يرَهُ أحَدٌ}، وقولهِ: {أفلا يَرَوْنَ أنْ لا يرجِعُ إليهم قَوْلاً}.


د ـ أداةُ الشرطِ، كقوله تعالى: {وقد نَزَّلَ عليكم في الكتاب أنْ إذا سمعتُم آياتِ الله يُكفَرُ بها ويُسْتهزأ بها، فلا تَقعُدوا مَعَهم حتى يخوضوا في حديثٍ غيرِهِ} وقولهِ: {وأن لوِ استقاموا على الطريقة لأسقيناهُم ماءً غَدَقاً}.


هـ ـ رُبَّ كقول الشاعر:


تَيَقَّنْتُ أَنْ رُبَّ امرئ، خِيلَ خائناً

أَمينٌ، وخَوَّانٍ يُخالُ أَمِينا

17ـ كَأَنْ المُخَفّفة


إذا خفّفت (كأن)، فالحقُّ (على ما نرى) أنها مُهمَلةٌ، لا عمل لها. وعلى هذا الكوفيون. وهو قولٌ لا تكلفَ فيه.


وعلى كلِّ حالٍ فيجبُ أن يكون ما بعدها جملةً، فان كانت اسميّة لم تحتج الى فاصل بينها وبين (كأن) كقوله:


وصَدْرٍ مُشْرِقِ اللّوْنِ

كَأَنْ ثَدْياهُ حُقّان

وإن كانت جملةً فعليّة، وجب اقترانُها بأحدِ حرفينِ:


أ ـ قد، كقول الشاعر:


َزفَ التّرَحُّلُ غَيْرَ أَنَّ رِكابَنا

لما تزُلْ برحالِنا، وكَأَنْ قَدِ

وقول الآخر:


لا يَهُولَنَّكَ اصْطِلاءُ لظى الحرْ

بِ، فمحذُورُها كَأَنْ قَد أَلَما

ب ـ لم، كقوله تعالى: {كأن لم تَغْنَ بالأمسِ}


18ـ لكن المخففة

إذا حُفّفت (لكنَّ) أهملت وجوباً عند الجميع، ودخلت على الجُمل الاسميّةِ والفعليّة، نحو: (جاء خالدٌ، لكنْ سعيدٌ مسافرٌ. وسافرَ عليٌّ لكنْ جاء خليلٌ)
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-05-2011, 10:00 AM   #4
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

(لا) النافية للجنس


(لا) النافية للجنس هي التي تدلُّ على نفي الخبر عن الجنس الواقع بعدها على سبيل الاستغراق، أي: يرادُ بها نفيُهُ عن جميع أفراد الجنس نصّاً؛ لا على سبيل الاحتمال. ونفيُ الخبرِ عن الجنس يَستلزمُ نفيَهُ عن جميع أفراده.

وتُسمّى (لا) هذهِ (لا التّبرِئَةِ) أيضا، لأنها تُفيدُ تبرئةَ المتكلّم للجنس وتنزيهَهُ إياهُ عن الاتصاف بالخبر.


وإِذْ كانت للنفي على سبيل الاستغراقِ، كان الكلامُ معها على تقدير (منْ)، بدليلٍ ظهورِها في قول الشاعر:


فَقامَ يَذودُ النَّاسَ عنها بِسَيْفِهِ

وقالَ: أَلاَ، لا من سَبيلٍ إلى هِندِ

فاذا قلت: (لا رجل في الدار)، كان المعنى: لا من رجل فيها، أي: ليس فيها أحد من الرجال، لا واحد ولا أكثر. لذلك لا يصح أن تقول: (لا رجل في الدار، بل رجلان أو ثلاثة) مثلاً، لأن قولك: (لا رجل في الدار) نص صريح على نفي جنس الرجل فقولك بعد ذلك: (بل رجلان) تناقض.

بخلاف (لا) العاملة عمل (ليس). فإنها يصح أن ينفى بها الواحد، وأن ينفى بها الجنس لا على سبيل التنصيص، بل على سبيل الاحتمال فإذا قلت: (لا رجل مسافراً) صح أن تريد أن ليس رجل واحد مسافراً، فلك أن تقول بعد ذلك: (بل رجلان) وصح أن تريد أنه ليس أحد من جنس الرجال مسافراً. وكذلك السامع له أن يفهم نفي الواحد ونفي الجنس لأنها محتملة لهما. وستقف على مزيد بيان لهذا الموضوع).

وفي هذا الفصل خمسةُ مباحث:


أولاً: عملُ (لا) النافيةِ للجنْسِ وشُروطِ إعمالِها


تعملُ (لا) النافيةُ للجنس عملَ (إنّ)، فتنصبُ الاسمَ وترفعُ الخبر، نحو: (لا احدَ أغيرُ من الله).


وإنما عملتْ عملَها، لأنها لتأكيد النفيِ والمبالغةِ فيه، كما أنَّ (إنّ) لتأكيد الإثبات والمبالغة فيه.


ويُشترطُ في إِعمالها عملَ (إنّ) أربعة شروط:


أ ـ أن تكونَ نصّاً على نفيِ الجنسِ، بأن يُرادَ بها نفيُ الجنس نفياً عامّاً، لا على سبيلِ الاحتمال.

(فإن لم تكن لنفي الجنس على سبيل التنصيص، بأن أريد بها نفي الواحد، أو نفي الجنس على سبيل الاحتمال، فهي مهملة. وما بعدها مبتدأ وخبر، نحو: (لا رجل مسافر) ولك أن تعملها عمل (ليس) نحو: (لا رجل مسافراً) وإرادة نفي الواحد أو الجنس بها هو أمر راجع الى المتكلم، أما السامع فله أن يفهم أحد الأمرين).

ب ـ أن يكون اسمها وخبرُها نكرتين.


(فان كان المسند إليه بعدها معرفة أهملت ووجب تكرارها، نحو: (لا سعيد في الدار ولا خليل)).


وقد يقعُ اسمُها معرفةً مُؤَوّلةً بنكرةٍ يرادُ بها الجنسُ، كأن يكونَ الاسمُ عَلَماً مُشتهراً بصفةٍ (كحاتمٍ المُشتهرُ بالجود، وعَنترةَ المشتهر بالشجاعة، وسَحبانَ المشتهرِ بالفصاحة، ونحوهم ) فيُجعلُ العلمُ اسم جنسٍ لكل من اتصف بالمعنى الذي اشتهرَ بهِ ذلك العلَمُ، كما قالوا: (لكل فرعونٍ موسىً)، بتنوينِ العلَمينِ، مُراداً بهما الجنسُ، أي: (لكلِّ جبّارٍ قهّارٌ). وذلك نحو: (لا حاتم اليومَ، ولا عنترةَ، ولا سحَبانَ). والتأويلُ: (لا جَوادَ كحاتم، ولا شجاعَ كعنترةَ، ولا فصيحَ كسَحبانَ)، ومنه قولُ الراجز:


لا هَيْثَمَ اللَّيلةَ للِمَطِيِّ

ولا فَتى إِلاَّ ابنُ خَيبَريِّ

أي: لا حاديَ حَسَنَ الحُداءِ كهيثم، ومنه قول عُمرَ في عليّ (رضي الله عنهما): (قضيّةٌ ولا أبا حَسَنٍ لها)، أي: هذهِ قضيّةٌ ولا فيصلَ لها يَفصِلُها. وقد يُرادُ بالعلَم واحدٌ مما سُميَ به كقول الشاعر:


ونَبْكي على زَيْدٍ، ولا زَيْدَ مِثْلُهُ

بَرِيءٌ منَ الحُمَّى سَليمُ الجَوانِحِ
ج ـ أن لا يفصلَ بينها وبين اسمها بفاصل.

(فإذا فصل بينهما بشيء، ولو بالخبر، أهملت، ووجب تكرارها، نحو: (لا في الدار رجل ولا امرأة). وكان ما بعدها مبتدأ وخبراً).


د ـ أن لا يدخل عليها حرفُ جرّ.


(فإن سبقها حرف جر كانت مهملة، وكان ما بعدها مجروراً به، نحو: (سافرت بلا زاد) و (فلان يخاف من لا شيء)).


ثانياً: أَقسامُ اسمها وأحكامُهُ


اسمُ (لا) النافيةِ للجنس على ثلاثة أقسامٍ: مفردٍ، ومضافٍ، ومشبَّه بالمضاف.


فالمفرد: ما كانَ غيرَ مضافٍ ولا مشبّهٍ به. وضابطهُ أن لا يكونَ عاملاً فيما بعدهُ، كقوله تعالى: {ذلك الكتابُ لا رَيبَ}.

وحُكمُهُ أن يُبنى على ما يُنصبُ به من فتحةٍ أو ياءٍ أو كسرةٍ، غيرَ مُنوَّنٍ نحو: (لا رجلَ في الدار، ولا رجالَ فيها، ولا رجلين عندَنا، ولا مذمومينَ في المدرسة، ولا مذموماتٍ محبوباتٌ) ويجوز في جمع المؤنّثِ السالم بناؤُه أيضاً على الفتح، نحو: (لا مجتهداتَ مذموماتٌ) وقد رُوِيَ بالوجهينِ قول الشاعر:

لا سابِغات، ولا جَأْواءَ باسِلَةً

تَقِي المَنُونَ، لَدَى استِيفاءِ آجالِ
[السابغات: الدروع التامات الطويلات، من سبغ الثوب والشيء إذا طال والجأواء: الكتيبة من الجيش، وأصلها فعلاء من الجي أو الجؤوة. وهي حمرة تضرب الى السواد، سميت بذلك يعلو لونها من السواد لكثرة الدروع. والباسلة: الكريمة اللقاء]

وقولُ الآخر:


أَوْدَى الشبابُ الذي مَجدٌ عواقبُهُ

فيهِ نَلَدُّ، ولا لَذَّاتِ لِلشيبِ
وقد بُنيَ لِتركيبهِ مع (لا) كتركيبِ (خمسةَ عشرَ).

وحكمُ اسمها المضافِ أن يكون مُعرباً منصوباً، نحو: (لا رجلَ سُوءٍ عندنا. ولا رَجلَيْ شرٍّ محبوبانِ. ولا مهمِلي واجباتهم محبوبون. ولا أخا جهلٍ مُكرَّمٌ. ولا تاركاتِ واجبٍ مُكرَّماتٌ).


والشبيهُ بالمضافِ: هو ما اتصلَ به شيءٌ من تمامِ معناه. وضابطُهُ أن يكون عاملاً فيما بعده بأن يكون ما بعده فاعلاً له، نحو: (لا قبيحاً خُلقُه حاضرٌ)، أو نائبَ فاعلٍ، نحو: (لا مذموماً فعلُه عندنا)، أو مفعولاً، نحو: (لا فاعلاً شراً ممدوحٌ)، أو ظرفاً يُتعلّقُ به، نحو: (لا مسافراً اليومَ حاضرٌ) أو جاراً ومجروراً يتعلقانِ به، نحو: (لا راغباً في الشر بيننا)، أو تمييزاً له، نحو: (لا عشرين دِرهماً لك).


وحكمُهُ أنه مُعربٌ أيضاً، كما رأيتَ.

يتبع في هذا الفصل
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 03-06-2011, 09:01 AM   #5
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

3ـ أحوالُ اسمِها وخَبرِها

وقد يُحذَفُ اسمُ (لا) النافية للجنس، نحو: (لا عليكَ)، أي: لا بأسَ، أو لا جناحَ عليك. وذلك نادرٌ.


والخبرُ إِن جُهِلَ وجبَ ذكرُهُ، كحديث: (لا أحدَ أغيرُ من الله) . وإذا عُلمَ فحذفُه كثيرٌ، نحو: (لا بأسَ)، أي لا بأس عليك، ومنه قوله تعالى: {قالوا لا ضَيرَ، إنّا إلى ربنا مُنقلبون}، أي: لا ضَيرَ علينا، وقوله: {ولو تَرى إِذْ فَزِعوا، فلا فَوْتَ}، أي: فلا فَوتَ لهمْ.

وبَنو تَميمٍ والطائِيونَ من العربِ يَلتزمون حذفَهُ إذا عُلم. والحجازيُّون يُجيزون إثباتَهُ. وحذفُه عندهم أكثرُ. ومن حذفه قوله تعالى: {لا إلهَ إلاّ اللهُ} أي: لا إلهَ موجود.

ويكونُ خبرُ (لا) مُفرداً (أي: ليس جملةً ولا شِبهَها)، كحديث: (لا فقرَ أشدُّ من الجهلِ، ولا مال أعزُّ من العقل، ولا وَحشةَ أشدُّ من العُجبِ) وجملةً فعليةً، نحو: (لا رجلَ سوءٍ يُعاشَرُ)، وجملةً اسميةً نحو: (لا رَضيعَ نَفسٍ خُلقهُ محمودٌ)، وشبهَ جملة (بأن يكون محذوفاً مدلولاً عليه بظرفٍ أو مجرورٍ بحرف جرٍّ يَتعلقانِ به، فيُغنيانِ عنه) كحديث: (لا عقلَ كالتدبير، ولا ورَعَ كالكَفّ، ولا حَسَبَ كحُسنِ الخلُق) وحديث: (لا إيمانَ لِمنْ لا أمانةَ لهُ، ولا دينَ لِمن لا عَهدَ له).


واعلم أنَّ النحاة اعتبروا أنَّ (لا) النافيةَ للجنس واسمَها في محلّ رفع بالابتداء، فأجازوا رفعَ التابعِ لاسمِها، نحو: (لا رجلَ في الدار وامرأةٌ) و (لا رجلَ سفيهٌ عندنا).


(فالمعطوف والنعت رفعا على أنهما تابعان لمحل (لا واسمها)، لأن محلهما الرفع بالابتداء. وقد اضطرهم الى هذا التكلف أنه سمع من العرب رفع التابع بعد اسمها فتأولوا رفعه على ما ذكرنا).


4ـ أحكامُ (لا) إذا تَكَرَّرَت


إذا تكرَّرت (لا) في الكلام، جاز لك أن تُعمِلَ الأولى والثانية معاً كإنَّ، وأن تُعمِلَهما، كليسَ، وأن تُهمِلهما، وأن تُعملَ الأولى كإن أو كليْس وتُهمِلَ الأخرى، وأن تُعمِلَ الثانية كإنَّ أو كليس وتُهملَ الأولى.


ولذا يجوز في نحو: (لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ) خمسةُ أوجهٍ:


أ ـ بناءُ الاسمين، على أنها عاملةٌ عملَ (إنَّ) نحو: (لا حولَ ولا قوةَ إلاّ باللهِ).


ب ـ رفعُهُما، على أنها عاملةَ عملَ (ليس)، أو على أنها مُهملةٌ، فما بعدها مبتدأٌ وخبر، (لا حولٌ ولا قوَّةٌ إلاّ بالله) ومنه قول الشاعر:


وما هَجرْتُكِ، حَتَّى قُلتِ مُعْلِنَةً

لا ناقةٌ لي في هذا ولا جَملُ
ج ـ بناءُ الأوَّلِ على الفتح ورفعُ الثاني، نحو: (لا حولَ ولا قوَّةٌ إلاّ باللهِ)، ومنهُ قولُ الشاعر:

هذا، لَعَمْرُكُم، الصَّغارُ بِعَيْنِهِ

لا أُمَّ لي، إنْ كانَ ذاكَ، ولا أبُ

د ـ رفعُ الأولِ وبناءُ الثاني على الفتح، نحو: (لا حولٌ ولا قوةَ إلا باللهِ)، ومنه قول الشاعر:


فلا لَغْوٌ ولا تَأْثيمَ فيها

وما فاهُوا بهِ أَبداً مُقتمٌ

هـ ـ بناءُ الأولِ على الفتح ونصبُ الثاني، بالعطف على محلّ اسم (لا)، نحو:

(لا حولَ ولا قوةً إلاّ باللهِ) ومنه قولُ الشاعر:

لا نَسَبَ اليَومَ ولا خُلةً

اتسَعَ الخرْقُ على الرَّاقع


5ـ أحكامُ نَعْتِ اسمِ (لا)


إذا نُعتَ اسمُ (لا) النافيةِ للجنس، فإمَّا أن يكون مُعرَباً، وإمّا أن يكون مبنياً.

فإن كان مُعرباً، جاز في نعتهِ وجهانِ: النصب والرفعُ، نحو: (لا طالبَ علمٍ كسولاً، أو كسولٌ، ولا طالباً علماً كسولاً، أو كسولٌ، عندنا). والنصبُ أولى، والرفعُ على أنه نعتٌ لمحلّ (لا واسمها). لأنّ محلها الرفعُ بالابتداء، كما سبقَ.

وإن كان مبنياً فله ثلاثُ أحوالٍ:

أ ـ أن يُنعتَ بمفردٍ مُتَّصلٌ به، فيجوز في النعتِ ثلاثةُ أوجه: النَّصب والبناءُ كمنعوتهِ، والرفعُ، نحو: (لا رجلَ قبيحاً، أو قبيحَ، أو قبيحٌ، عندنا). والنصبُ أولى. وبناؤُهُ لمجاورته منعوتَهُ المبنيَّ.

ب ـ أن يُنعتَ بمفردٍ مفصولٍ بينه وبينهُ بفاصلٍ، فيمتنعُ بناءُ النعت، لِفَقدِ المجاورةِ التي أباحت بناءَه وهو مُتصِل بمنعوتهِ. ويجوز فيه النصبُ والرفع، نحو: (لا تلميذَ في المدرسةِ كسولاً، أو كسولٌ).


ج ـ أن يُنعتَ بمضافٍ أو مُشبَّهٍ به، فيجوزُ في النَّعت النصب والرفع، ويمتنعُ البناءُ، لأن المضافَ والشبيهَ به لا يُبنيانِ مع (لا). فالنعتُ المضاف نحو: (لا رجلَ ذات شرّ، أو ذو شرّ، في المدرسة)، والنعتُ المشبَّهُ به نحو: (لا رجلَ راغباً في الشر، أو راغبٌ فيه، عندنا).

تم الجزء الثاني بحمد الله
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-06-2011, 09:29 AM   #6
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي


الباب التاسع: منصوبات الأسماء

منصوبات الأسماء أربعة عشر: المفعول به، والمفعول المطلق، والمفعول له، والمفعول فيه، والمفعول معه، والحال، والتمييز، والمستثنى، والمنادى، وخبر الفعل الناقص، وخبر أحرف (ليس)، واسم (إن) أو إحدى أخواتها، واسم (لا) النافية للجنس، والتابع للمنصوب.

المفعولُ به


المفعولُ به: هو اسمٌ دلَّ على شيءٍ وقع عليه فعلُ الفاعلِ، إثباتاً أو نفياً، ولا تُغيَّر لأجله صورةُ الفعل، فالأولُ نحو: (برَيتُ القلمَ)، والثاني، نحو: (ما بَرَيتُ القلمَ).


وقد يَتعدَّدُ، المفعولُ به، في الكلام، إن كان الفعل متعدِّياً إلى أكثرَ من مفعول به واحدٍ، نحو: (أعطيتُ الفقيرَ دِرهماً، ظننتُ الأمرَ واقعاً، أعلمتُ سعيداً الأمر جَليّاً).
(وقد سبق الكلام على الفعل المتعدي بأقسامه وأحكامه في الجزء الأول من هذا الكتاب فراجعه).


ويتَعَلَّقُ بالمفعول به أحد عشرَ مبحثاً:


1- أَقسامُ المفعولِ بهِ


المفعولُ بهِ قسمانِ: صريحٌ وغيرُ صريح.


والصّريحُ قسمان: ظاهرٌ، نحو: (فتحَ خالدٌ الحِيرة)، وضميرٌ متَّصلٌ نحو: (أكرمتُكَ وأكرمتهم)، أو منفصلٌ، نحو {إيَّاكَ نعبدُ، وإِيَّاك نستعين}، ونحو: (إيَّاهُ أُريد).

وغيرُ الصريحِ ثلاثةُ أقسام: مُؤوَّلٌ بمصدر بعدَ حرفٍ مصدَريٍّ، نحو: (علِمتُ أنكَ مجتهدٌ، وجملةٌ مُؤوَّلة بمفردٍ، نحو: (ظننتك تجتهد)
[أنك مجتهد: مؤول بمصدر منصوب مفعول به لعلمت. والتأويل: علمت اجتهادك]
[ وفي ظننتك تجتهد: الكاف: مفعول ظننت الأول. وجملة (تجتهد) في محل نصب مفعوله الثاني. والتأويل: ظننتك مجتهداً].
وجارٌّ ومجرور، نحو: (أمْسكْتُ بيدِكَ)
[يدك: مجرور بالباء، وهو في محل نصب مفعول به غير صريح لأمسكت]
وقد يَسقُطُ حرفُ الجرِّ فينتصبُ المجرورُ على أنه مفعولٌ به. ويُسمّى: (المنصوبَ على نزعِ الخافضِ) فهو يَرجعُ إلى أصلهِ من النصب، كقول الشاعر:

تَمُرُّونَ الدِّيارَ، ولم تَعوجُوا،

كلامُكُمُ عَلَيَّ إِذاً حَرَامُ

(وقد تقدم لهذا البحث فَضْلُ بيانٍ في الجزء الأول من هذا الكتاب، في الكلام على الفعل اللازم، فراجعه).


2- أَحكامُ المفعول بهِ


للمفعول به أربعةُ أحكام:


أ- أنهُ يجبْ نصبُهُ.


ب- أنه يجوزُ حذفُهُ لدليلٍ، نحو: (رَعَتِ الماشيةُ)، ويقالُ: (هل رأيتَ خليلاً؟)، فتقولُ: (رأيتُ)، قال تعالى: {ما وَدَّعَكَ ربُّكَ وما قَلى}، وقال: {ما أنزلنا عليكَ القُرآن لتشقى، إلا تذكرةً لِمنْ يخشى}.

[أي رعت الماشية العشب] و [رأيتُ: أي رأيتهُ والضمير يعود الى خليل] و [وما قلى: أي ما قلاك، أي أبغضك] و [ يخشى: أي يخشى الله]

وقد يُنَزَّلُ المتعدِّي منزلة اللازمِ لعَدَم تعلُّقِ غرضٍ بالمفعول بهِ، فلا يُذكرُ له مفعولٌ ولا يُقدَّرُ، كقوله تعالى: {هل يَستوي الذينَ يعلمونَ والذينَ لا يعلمونَ}.
وما نصبَ مفعولين من أفعال القلوب، جازَ فيه حذفُ مفعوليه معاً، وحذفُ أحدهما لدليلٍ. فمن حذفِ أحدهما قولُ عَنترةَ.


وَلَقدْ نزَلْتِ، فلا تَظُنِّي غَيْرَهُ

مِنِّي بِمَنْزِلةِ المُحَبِّ المُكْرَمِ

أي: فلا تَظُني غيرَهُ واقعاً. ومن حذفهما معاً قولهُ تعالى: {أين شُرَكائيَ الذين كنتم تَزعمونَ؟} أي تزعمونهم شُرَكائي، ومن ذلك قولهم: (مَنْ يَسمَعْ يَخَلْ)، أي: يَخَلْ ما يَسمعُهُ حقاً.


(وقد تقدم في الجزء الأول من هذا الكتاب مزيد إيضاح لهذا البحث في الكلام على أفعال القلوب، فارجع إليه).


ج- أنه يجوزُ أن يُحذَفَ فعلُهُ لدليل، كقوله تعالى: {ماذا أنزلَ ربُّكم؟ قالوا خيراً}، أي: أنزلَ خيراً، ويقال لك: (مَنْ أُكرِمُ؟)، فتقول: (العلماءَ)، أي: أكرمِ العلماءَ.

ويجبُ حذفهُ في الأمثال ونحوها مِما اشتهرَ بحذف الفعل، نحو: (الكلابَ على البَقَرِ)، أي: أرسلِ الكلابَ، ونحو: أمرَ مُبكياتِكَ، لا أمرَ مضحِكاتكَ، أي: الزَمْ واقبَلْ، ونحو: (كلَّ شيءٍ ولا شَتيمةَ حُرّ)، أي: ائتِ كلَّ شيءٍ، ولا تأتي شتيمة حُرٍّ، ونحو: (أهلاً وسهلاً)، أي: جئتَ أهلا ونزلتَ سهلا.
ومن ذلكَ حذفهُ في أَبواب التحذير والإغراءِ والاختصاص والاشتغال والنَّعتِ المقطوع. وسيأتي بيانُ ذلك في مواضعه.


د- أن الأصلَ فيه أن يتأخرَ عن الفعلِ والفاعلِ. وقد يتقدَّمُ على الفاعلِ، أو على الفعل والفاعل معاً، كما سيأتي.



__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 17-06-2011, 06:13 AM   #7
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

3- تَقديمُ المفعولِ بهِ وتأخيرُهُ

الأصل في الفاعل أن يَتَّصل بفعله، لأنهُ كالجزءِ منه، ثُم يأتي بعدَهُ المفعولُ. وقد يُعكَسُ الأمرُ. وقد يَتقدَّمُ المفعولُ على الفعل والفاعل معاً. وكلُّ ذلك إمَّا جائزٌ، وإمَّا واجبٌ، وإمَّا مُمتنع.
تقديم الفاعل والمفعول أحدهما على الآخر
يجوزُ تقديمُ المفعولِ به على الفاعلِ وتأخيرُه عنه في نحو: (كتبَ زُهيرٌ الدرسَ، وكتبَ الدرسَ زُهيرٌ).
ويجب تقديمُ أَحدِهما على الآخر في خمس مسائل:


أ- إذا خُشيَ الالتباسُ والوقوعُ في الشكِّ، بسبب خفاء الإعراب مع عدَمِ القرينةِ، فلا يُعلَمُ الفاعلُ من المفعول، فيجبُ تقديمُ الفاعل، نحو: (عَلّمَ موسى عيسى، وأكرمَ ابني أخي. وغلَب هذا ذاك). فإن أُمِنَ اللّبسُ لقرينةٍ دالّةٍ، جازَ تقديمُ المفعولِ، نحو: (أكرمتْ موسى سَلمى، وأَضنتْ سُعاد الحُمّى).


ب- أن يتصلَ بالفاعلِ ضميرٌ يعودُ إلى المفعول، فيجبُ تأخيرُ الفاعل وتقديمُ المفعولِ، نحو: (أكرمَ سعيداً غلامُهُ). ومنهُ قولهُ تعالى: {وإذْ ابتلى إبراهيمَ رَبُّهُ بكلماتٍ}، وقولهُ: {يومَ لا ينفع الظّالمينَ مَعذِرتُهم}. ولا يجوزُ أن يقال: (أكرم غلامُهُ سعيداً)، لئلا يلزمَ عَودُ الضمير على مُتأخر لفظاً ورتبةً، وذلك محظورٌ. وأما قولُ الشاعر:

وَلَوْ أَنَّ مَجداً أَخلَدَ الدَّهْرَ واحِداً
مِنَ النَّاسِ، أَبقى مَجْدُهُ الدَّهرَ مُطْعِما

وقول الآخر:


كسَا حِلْمُهُ ذَا الْحِلْمِ أَثوابَ سُؤدُدٍ

وَرَقَّىَ نَدَاهُ ذَا النَّدَى في ذُرَى الْمَجْدِ

فضَرُورةٌ، إن جازتْ في الشعر، على قبُحها، لم تَجزْ في النّثر.
فإنِ اتّصل بالمفعول ضميرٌ يعودُ على الفاعل، جازَ تقديمهُ وتأخيرُهُ فتقول: (أكرمَ الأستاذُ تلميذَهُ. وأَكرمَ تلميذَهُ الأستاذُ)، لأنَّ الفاعلَ رتبتُهُ التقديمُ، سواءٌ أَتقدّمَ أَم تأخّر.


ج- أَن يكون الفاعلُ والمفعولُ ضميرينِ، ولا حصرَ في أَحدهما، فيجبُ تقديمُ الفاعل وتأخيرُ المفعول به، نحو: (أَكرمتُه).


د- أَن يكون أَحدُهما ضميراً متصلاً، والآخر اسماً ظاهراً، فيجبُ تقديمُ الضمير منهما، فيُقدّمُ الفاعلُ في نحو: (أكرمتُ علياً)، ويُقدّمُ المفعولُ في نحو: (أكرَمني علي)، وجوباً. (ولك في المثال الأول تقديمُ المفعول على الفعل والفاعل معاً. نحو: (علياُ أكرمتُ). ولك في المثال الآخر تقديم (عليّ) على الفعل والمفعول به، نحو: (عليٌ أكرمني)، غير أنه يكون حينئذ مبتدأ، على رأي البصريين، ويكون الفاعل ضميراً مستتراً يعود إليه. فلا يكون الكلام، والحالة هذه، من هذا الباب، بل يكون من المسألة الثالثة، لأن الفاعل والمفعول كليهما حينئذ ضميران).


هـ- أَن يكون أَحدُهما محصوراً فيه الفعلُ بإلا أَو إنما، فيجبُ تأخيرُ ما حُصِرَ فيه الفعلُ، مفعولاً أو فاعلاً، فالمفعولُ المحصورُ نحو (ما أَكرمَ سعيدٌ إلا خالداً)، والفاعلُ المحصورُ نحو: (ما أكرمَ سعيداً إلا خالدٌ. وإنما أَكرمَ سعيداً خالدٌ).


(ومعنى الحصر في المفعول أن فعل الفاعل محصور وقوعه على هذا المفعول دون غيره. وذلك يكون ردّاً على من اعتقد أن الفعل وقع على غيره، أو عليه وعلى غيره. ومعنى الحصر في الفاعل أن الفعل محصور وقوعه من هذا الفاعل دون غيره. وذلك يكون رداً على ن اعتقد أن الفاعل غيره، أو هو وغيره).

تقديم المفعول على الفعل والفاعل معاً

يجوزُ تقديمُ المفعول به على الفعل والفاعل معاً في نحو: "عليّاً أَكرمتُ. وأَكرمتُ عليّاً"، ومنه قولهُ تعالى: {فَفريقاً كذَّبتم وفَريقاً تقتلونَ}.

ويجبُ تقديمهُ عليهما في أَربعَ مَسائلَ:


أ- أَن يكونَ اسمَ شرطٍ، كقولهِ تعالى: {من يُضلِل اللهُ فما لهُ من هادٍ}، ونحو: (أَيَّهُمْ تُكرِمْ أُكرِمْ)، أَو مضافاً لاسمِ شرطٍ، نحو: (هدْيَ من تَتبعْ يَتبعْ بَنوكَ).

ب- أَن يكونَ اسمَ استفهامٍ، كقولهِ تعالى: {فأيَّ آياتِ اللهِ تُنكرِونَ؟}، ونحو: (من أَكرمتَ؟ وما فعلتَ؟ وكمْ كتاباً اشتريتَ؟) أَو مُضافاً لاسم استفهامِ، نحو: كتابَ من أَخذتَ؟).
وأَجاز بعضُ العلماء تأخيرَ اسم الاستفهام، إذا لم يكن الاستفهامُ ابتداءً، بل قُصِدَ الاستثبات من الأمر، كأن يُقالَ: (فعلتُ كذا وكذا)، فتستثبِتُ الأمرَ بقولكَ: (فعلتَ ماذا؟). وما قولُهم ببعيدٍ من الصواب.


ج- أَن يكون (كمْ) أَو (كأيِّنْ) الخَبريَّتينِ، نحو: (كم كتابٍ مَلَكتُ!)، ونحو: (كأيِّنْ من عِلمٍ حَوَيتُ!)، أَو مضافاً إلى (كم) الخبريَّةِ نحو: ( ذَنبَ كم مُذْنِبٍ غَفرتُ!).
(أما "كأين" فلا تضاف ولا يضاف إليها. وإنما وجب تقديم المفعول به إن كان واحداً مما تقدم، لأنّ هذه الأدوات لها صدر الكلام وجوباً، فلا يجوز تأخيرها).


د- أَن ينصبهُ جوابُ (أَما)، وليسَ لجوابها منصوبٌ مُقدَمٌ غيرُهُ، كقولهِ تعالى: {فأمّا اليتيم فلا تَقهرْ، وأَمَّا السائلَ فلا تَنهرْ}.
(وإنما وجب تقديمه، والحالة هذه، ليكون فاصلاً بين (أما) وجوابها، فان كان هناك فاصل غيره فلا يجب تقديمه، نحو: (أما اليوم فافعل ما بدا لك).



تقديم أحد المفعولين على الآخر


إذا تعدَّدَت المفاعيلُ في الكلام، فلبعضها الأصالةُ في التقدُّم على بعضٍ، إمّا بكونه مبتدأً في الأصل كما في باب (ظنَّ)، وإمّا بكونهِ فاعلاً في المعنى، كما في باب "أَعطى".
(فمفعولا (ظنّ) وأخواتها أصلهما مبتدأ وخبر، فإذا قلت: (علمت الله رحيماً). فالأصل: (اللهُ رحيمٌ). ومفعولا (أعطى) وأخواتها ليس أصلهما مبتدأ وخبراً، غير أن المفعول الأول فاعل في المعنى، فإذا قلت: (ألبستُ الفقير ثوباً). فالفقير: فاعل في المعنى، لأنه لبس الثوب).

فإذا كان الفعل ناصباً لمفعولين، فالأصلُ تقديمُ المفعولِ الأوَّل، لأنّ أصله المبتدأُ، في باب (ظَنَّ)، ولأنهُ فاعلٌ في المعنى في باب (أَعطى)، نحو: "ظننتُ البدرَ طالعاً، ونحو: (أعطيتُ سعيداً الكتابَ). ويجوز العكسُ إِن أُمِنَ اللَّبْسُ، نحو، (ظننتُ طالعاً البدرَ)، ونحو: (أَعطيتُ الكتابَ سعيداً).

ويجب تقديم أَحدهما على الآخر في أربع مسائلَ:


أ- أَن لا يُؤْمنَ اللّبْسُ، فيجبُ تقديمُ ما حقّهُ التقديمُ، وهو المفعولُ الأول، نحو: (أَعطيتكَ أَخاكَ)، إن كان المخاطَبُ هو المُعطى الآخذَ، وأخوهُ هو المعطى المأخوذ، ونحو: (ظننت سعيداً خالداً)، إن كان سعيدٌ هو المظنونَ أنه خالدٌ. وإلا عكستَ.


ب- أن يكونَ أحدُهما اسماً ظاهراً، والآخر ضميراً، فيجبُ تقديمُ ما هو ضميرٌ، وتأخيرُ ما هو ظاهرٌ، نحو: (أعطيتُكَ درهماً) و (الدرهمَ أعطيتُهُ سعيداً).


ج- أن يكون أحدُهما محصوراً فيه الفعلُ، فيجبُ تأخير المحصور، سواءٌ أكان المفعولَ الأول أم الثاني، نحو: (ما أعطيت سعيداً إلا دِرهماً) و (ما أعطيتُ الدرهمَ إلا سعيداً).


د- أن يكونَ المفعولَ الأولُ مشتملاً على ضمير يعودُ إلى المفعول الثاني، فيجب تأخيرُ الأول وتقديم الثاني، نحو: (أعطِ القوسَ باريَها).


(فلو قُدِّم المفعولُ الأول لعاد الضمير على متأخر لفظاً ورتبة، لأن المفعول الثاني رتبته التأخير عن المفعول الأول. أما أن كان المفعول الثاني مشتملاً على ضمير يعود الى المفعول الأول، نحو: (أعطيت التلميذَ كتابه)، فيجوز تقديمه على المفعول الأول، نحو: (أعطيتُ كتابه التلميذَ) لأن المفعول الأول، وان تأخر لفظاً، فهو متقدم رتبة).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 3 (0 عضو و 3 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .