العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الرد على مقولات الباحث عن الحقيقة المنسية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الفروج في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الكرم في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: أشراط الساعة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الشلل في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخشوع في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: بيان أخطاء مقال خيانة الوعي: حين تحوّل «ٱلنَّبِىّ» إلى «النبي» (آخر رد :رضا البطاوى)       :: موت الموت الرباني (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: الحيلة في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الضيق في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 10-06-2011, 09:29 AM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي


الباب التاسع: منصوبات الأسماء

منصوبات الأسماء أربعة عشر: المفعول به، والمفعول المطلق، والمفعول له، والمفعول فيه، والمفعول معه، والحال، والتمييز، والمستثنى، والمنادى، وخبر الفعل الناقص، وخبر أحرف (ليس)، واسم (إن) أو إحدى أخواتها، واسم (لا) النافية للجنس، والتابع للمنصوب.

المفعولُ به


المفعولُ به: هو اسمٌ دلَّ على شيءٍ وقع عليه فعلُ الفاعلِ، إثباتاً أو نفياً، ولا تُغيَّر لأجله صورةُ الفعل، فالأولُ نحو: (برَيتُ القلمَ)، والثاني، نحو: (ما بَرَيتُ القلمَ).


وقد يَتعدَّدُ، المفعولُ به، في الكلام، إن كان الفعل متعدِّياً إلى أكثرَ من مفعول به واحدٍ، نحو: (أعطيتُ الفقيرَ دِرهماً، ظننتُ الأمرَ واقعاً، أعلمتُ سعيداً الأمر جَليّاً).
(وقد سبق الكلام على الفعل المتعدي بأقسامه وأحكامه في الجزء الأول من هذا الكتاب فراجعه).


ويتَعَلَّقُ بالمفعول به أحد عشرَ مبحثاً:


1- أَقسامُ المفعولِ بهِ


المفعولُ بهِ قسمانِ: صريحٌ وغيرُ صريح.


والصّريحُ قسمان: ظاهرٌ، نحو: (فتحَ خالدٌ الحِيرة)، وضميرٌ متَّصلٌ نحو: (أكرمتُكَ وأكرمتهم)، أو منفصلٌ، نحو {إيَّاكَ نعبدُ، وإِيَّاك نستعين}، ونحو: (إيَّاهُ أُريد).

وغيرُ الصريحِ ثلاثةُ أقسام: مُؤوَّلٌ بمصدر بعدَ حرفٍ مصدَريٍّ، نحو: (علِمتُ أنكَ مجتهدٌ، وجملةٌ مُؤوَّلة بمفردٍ، نحو: (ظننتك تجتهد)
[أنك مجتهد: مؤول بمصدر منصوب مفعول به لعلمت. والتأويل: علمت اجتهادك]
[ وفي ظننتك تجتهد: الكاف: مفعول ظننت الأول. وجملة (تجتهد) في محل نصب مفعوله الثاني. والتأويل: ظننتك مجتهداً].
وجارٌّ ومجرور، نحو: (أمْسكْتُ بيدِكَ)
[يدك: مجرور بالباء، وهو في محل نصب مفعول به غير صريح لأمسكت]
وقد يَسقُطُ حرفُ الجرِّ فينتصبُ المجرورُ على أنه مفعولٌ به. ويُسمّى: (المنصوبَ على نزعِ الخافضِ) فهو يَرجعُ إلى أصلهِ من النصب، كقول الشاعر:

تَمُرُّونَ الدِّيارَ، ولم تَعوجُوا،

كلامُكُمُ عَلَيَّ إِذاً حَرَامُ

(وقد تقدم لهذا البحث فَضْلُ بيانٍ في الجزء الأول من هذا الكتاب، في الكلام على الفعل اللازم، فراجعه).


2- أَحكامُ المفعول بهِ


للمفعول به أربعةُ أحكام:


أ- أنهُ يجبْ نصبُهُ.


ب- أنه يجوزُ حذفُهُ لدليلٍ، نحو: (رَعَتِ الماشيةُ)، ويقالُ: (هل رأيتَ خليلاً؟)، فتقولُ: (رأيتُ)، قال تعالى: {ما وَدَّعَكَ ربُّكَ وما قَلى}، وقال: {ما أنزلنا عليكَ القُرآن لتشقى، إلا تذكرةً لِمنْ يخشى}.

[أي رعت الماشية العشب] و [رأيتُ: أي رأيتهُ والضمير يعود الى خليل] و [وما قلى: أي ما قلاك، أي أبغضك] و [ يخشى: أي يخشى الله]

وقد يُنَزَّلُ المتعدِّي منزلة اللازمِ لعَدَم تعلُّقِ غرضٍ بالمفعول بهِ، فلا يُذكرُ له مفعولٌ ولا يُقدَّرُ، كقوله تعالى: {هل يَستوي الذينَ يعلمونَ والذينَ لا يعلمونَ}.
وما نصبَ مفعولين من أفعال القلوب، جازَ فيه حذفُ مفعوليه معاً، وحذفُ أحدهما لدليلٍ. فمن حذفِ أحدهما قولُ عَنترةَ.


وَلَقدْ نزَلْتِ، فلا تَظُنِّي غَيْرَهُ

مِنِّي بِمَنْزِلةِ المُحَبِّ المُكْرَمِ

أي: فلا تَظُني غيرَهُ واقعاً. ومن حذفهما معاً قولهُ تعالى: {أين شُرَكائيَ الذين كنتم تَزعمونَ؟} أي تزعمونهم شُرَكائي، ومن ذلك قولهم: (مَنْ يَسمَعْ يَخَلْ)، أي: يَخَلْ ما يَسمعُهُ حقاً.


(وقد تقدم في الجزء الأول من هذا الكتاب مزيد إيضاح لهذا البحث في الكلام على أفعال القلوب، فارجع إليه).


ج- أنه يجوزُ أن يُحذَفَ فعلُهُ لدليل، كقوله تعالى: {ماذا أنزلَ ربُّكم؟ قالوا خيراً}، أي: أنزلَ خيراً، ويقال لك: (مَنْ أُكرِمُ؟)، فتقول: (العلماءَ)، أي: أكرمِ العلماءَ.

ويجبُ حذفهُ في الأمثال ونحوها مِما اشتهرَ بحذف الفعل، نحو: (الكلابَ على البَقَرِ)، أي: أرسلِ الكلابَ، ونحو: أمرَ مُبكياتِكَ، لا أمرَ مضحِكاتكَ، أي: الزَمْ واقبَلْ، ونحو: (كلَّ شيءٍ ولا شَتيمةَ حُرّ)، أي: ائتِ كلَّ شيءٍ، ولا تأتي شتيمة حُرٍّ، ونحو: (أهلاً وسهلاً)، أي: جئتَ أهلا ونزلتَ سهلا.
ومن ذلكَ حذفهُ في أَبواب التحذير والإغراءِ والاختصاص والاشتغال والنَّعتِ المقطوع. وسيأتي بيانُ ذلك في مواضعه.


د- أن الأصلَ فيه أن يتأخرَ عن الفعلِ والفاعلِ. وقد يتقدَّمُ على الفاعلِ، أو على الفعل والفاعل معاً، كما سيأتي.



__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 17-06-2011, 06:13 AM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

3- تَقديمُ المفعولِ بهِ وتأخيرُهُ

الأصل في الفاعل أن يَتَّصل بفعله، لأنهُ كالجزءِ منه، ثُم يأتي بعدَهُ المفعولُ. وقد يُعكَسُ الأمرُ. وقد يَتقدَّمُ المفعولُ على الفعل والفاعل معاً. وكلُّ ذلك إمَّا جائزٌ، وإمَّا واجبٌ، وإمَّا مُمتنع.
تقديم الفاعل والمفعول أحدهما على الآخر
يجوزُ تقديمُ المفعولِ به على الفاعلِ وتأخيرُه عنه في نحو: (كتبَ زُهيرٌ الدرسَ، وكتبَ الدرسَ زُهيرٌ).
ويجب تقديمُ أَحدِهما على الآخر في خمس مسائل:


أ- إذا خُشيَ الالتباسُ والوقوعُ في الشكِّ، بسبب خفاء الإعراب مع عدَمِ القرينةِ، فلا يُعلَمُ الفاعلُ من المفعول، فيجبُ تقديمُ الفاعل، نحو: (عَلّمَ موسى عيسى، وأكرمَ ابني أخي. وغلَب هذا ذاك). فإن أُمِنَ اللّبسُ لقرينةٍ دالّةٍ، جازَ تقديمُ المفعولِ، نحو: (أكرمتْ موسى سَلمى، وأَضنتْ سُعاد الحُمّى).


ب- أن يتصلَ بالفاعلِ ضميرٌ يعودُ إلى المفعول، فيجبُ تأخيرُ الفاعل وتقديمُ المفعولِ، نحو: (أكرمَ سعيداً غلامُهُ). ومنهُ قولهُ تعالى: {وإذْ ابتلى إبراهيمَ رَبُّهُ بكلماتٍ}، وقولهُ: {يومَ لا ينفع الظّالمينَ مَعذِرتُهم}. ولا يجوزُ أن يقال: (أكرم غلامُهُ سعيداً)، لئلا يلزمَ عَودُ الضمير على مُتأخر لفظاً ورتبةً، وذلك محظورٌ. وأما قولُ الشاعر:

وَلَوْ أَنَّ مَجداً أَخلَدَ الدَّهْرَ واحِداً
مِنَ النَّاسِ، أَبقى مَجْدُهُ الدَّهرَ مُطْعِما

وقول الآخر:


كسَا حِلْمُهُ ذَا الْحِلْمِ أَثوابَ سُؤدُدٍ

وَرَقَّىَ نَدَاهُ ذَا النَّدَى في ذُرَى الْمَجْدِ

فضَرُورةٌ، إن جازتْ في الشعر، على قبُحها، لم تَجزْ في النّثر.
فإنِ اتّصل بالمفعول ضميرٌ يعودُ على الفاعل، جازَ تقديمهُ وتأخيرُهُ فتقول: (أكرمَ الأستاذُ تلميذَهُ. وأَكرمَ تلميذَهُ الأستاذُ)، لأنَّ الفاعلَ رتبتُهُ التقديمُ، سواءٌ أَتقدّمَ أَم تأخّر.


ج- أَن يكون الفاعلُ والمفعولُ ضميرينِ، ولا حصرَ في أَحدهما، فيجبُ تقديمُ الفاعل وتأخيرُ المفعول به، نحو: (أَكرمتُه).


د- أَن يكون أَحدُهما ضميراً متصلاً، والآخر اسماً ظاهراً، فيجبُ تقديمُ الضمير منهما، فيُقدّمُ الفاعلُ في نحو: (أكرمتُ علياً)، ويُقدّمُ المفعولُ في نحو: (أكرَمني علي)، وجوباً. (ولك في المثال الأول تقديمُ المفعول على الفعل والفاعل معاً. نحو: (علياُ أكرمتُ). ولك في المثال الآخر تقديم (عليّ) على الفعل والمفعول به، نحو: (عليٌ أكرمني)، غير أنه يكون حينئذ مبتدأ، على رأي البصريين، ويكون الفاعل ضميراً مستتراً يعود إليه. فلا يكون الكلام، والحالة هذه، من هذا الباب، بل يكون من المسألة الثالثة، لأن الفاعل والمفعول كليهما حينئذ ضميران).


هـ- أَن يكون أَحدُهما محصوراً فيه الفعلُ بإلا أَو إنما، فيجبُ تأخيرُ ما حُصِرَ فيه الفعلُ، مفعولاً أو فاعلاً، فالمفعولُ المحصورُ نحو (ما أَكرمَ سعيدٌ إلا خالداً)، والفاعلُ المحصورُ نحو: (ما أكرمَ سعيداً إلا خالدٌ. وإنما أَكرمَ سعيداً خالدٌ).


(ومعنى الحصر في المفعول أن فعل الفاعل محصور وقوعه على هذا المفعول دون غيره. وذلك يكون ردّاً على من اعتقد أن الفعل وقع على غيره، أو عليه وعلى غيره. ومعنى الحصر في الفاعل أن الفعل محصور وقوعه من هذا الفاعل دون غيره. وذلك يكون رداً على ن اعتقد أن الفاعل غيره، أو هو وغيره).

تقديم المفعول على الفعل والفاعل معاً

يجوزُ تقديمُ المفعول به على الفعل والفاعل معاً في نحو: "عليّاً أَكرمتُ. وأَكرمتُ عليّاً"، ومنه قولهُ تعالى: {فَفريقاً كذَّبتم وفَريقاً تقتلونَ}.

ويجبُ تقديمهُ عليهما في أَربعَ مَسائلَ:


أ- أَن يكونَ اسمَ شرطٍ، كقولهِ تعالى: {من يُضلِل اللهُ فما لهُ من هادٍ}، ونحو: (أَيَّهُمْ تُكرِمْ أُكرِمْ)، أَو مضافاً لاسمِ شرطٍ، نحو: (هدْيَ من تَتبعْ يَتبعْ بَنوكَ).

ب- أَن يكونَ اسمَ استفهامٍ، كقولهِ تعالى: {فأيَّ آياتِ اللهِ تُنكرِونَ؟}، ونحو: (من أَكرمتَ؟ وما فعلتَ؟ وكمْ كتاباً اشتريتَ؟) أَو مُضافاً لاسم استفهامِ، نحو: كتابَ من أَخذتَ؟).
وأَجاز بعضُ العلماء تأخيرَ اسم الاستفهام، إذا لم يكن الاستفهامُ ابتداءً، بل قُصِدَ الاستثبات من الأمر، كأن يُقالَ: (فعلتُ كذا وكذا)، فتستثبِتُ الأمرَ بقولكَ: (فعلتَ ماذا؟). وما قولُهم ببعيدٍ من الصواب.


ج- أَن يكون (كمْ) أَو (كأيِّنْ) الخَبريَّتينِ، نحو: (كم كتابٍ مَلَكتُ!)، ونحو: (كأيِّنْ من عِلمٍ حَوَيتُ!)، أَو مضافاً إلى (كم) الخبريَّةِ نحو: ( ذَنبَ كم مُذْنِبٍ غَفرتُ!).
(أما "كأين" فلا تضاف ولا يضاف إليها. وإنما وجب تقديم المفعول به إن كان واحداً مما تقدم، لأنّ هذه الأدوات لها صدر الكلام وجوباً، فلا يجوز تأخيرها).


د- أَن ينصبهُ جوابُ (أَما)، وليسَ لجوابها منصوبٌ مُقدَمٌ غيرُهُ، كقولهِ تعالى: {فأمّا اليتيم فلا تَقهرْ، وأَمَّا السائلَ فلا تَنهرْ}.
(وإنما وجب تقديمه، والحالة هذه، ليكون فاصلاً بين (أما) وجوابها، فان كان هناك فاصل غيره فلا يجب تقديمه، نحو: (أما اليوم فافعل ما بدا لك).



تقديم أحد المفعولين على الآخر


إذا تعدَّدَت المفاعيلُ في الكلام، فلبعضها الأصالةُ في التقدُّم على بعضٍ، إمّا بكونه مبتدأً في الأصل كما في باب (ظنَّ)، وإمّا بكونهِ فاعلاً في المعنى، كما في باب "أَعطى".
(فمفعولا (ظنّ) وأخواتها أصلهما مبتدأ وخبر، فإذا قلت: (علمت الله رحيماً). فالأصل: (اللهُ رحيمٌ). ومفعولا (أعطى) وأخواتها ليس أصلهما مبتدأ وخبراً، غير أن المفعول الأول فاعل في المعنى، فإذا قلت: (ألبستُ الفقير ثوباً). فالفقير: فاعل في المعنى، لأنه لبس الثوب).

فإذا كان الفعل ناصباً لمفعولين، فالأصلُ تقديمُ المفعولِ الأوَّل، لأنّ أصله المبتدأُ، في باب (ظَنَّ)، ولأنهُ فاعلٌ في المعنى في باب (أَعطى)، نحو: "ظننتُ البدرَ طالعاً، ونحو: (أعطيتُ سعيداً الكتابَ). ويجوز العكسُ إِن أُمِنَ اللَّبْسُ، نحو، (ظننتُ طالعاً البدرَ)، ونحو: (أَعطيتُ الكتابَ سعيداً).

ويجب تقديم أَحدهما على الآخر في أربع مسائلَ:


أ- أَن لا يُؤْمنَ اللّبْسُ، فيجبُ تقديمُ ما حقّهُ التقديمُ، وهو المفعولُ الأول، نحو: (أَعطيتكَ أَخاكَ)، إن كان المخاطَبُ هو المُعطى الآخذَ، وأخوهُ هو المعطى المأخوذ، ونحو: (ظننت سعيداً خالداً)، إن كان سعيدٌ هو المظنونَ أنه خالدٌ. وإلا عكستَ.


ب- أن يكونَ أحدُهما اسماً ظاهراً، والآخر ضميراً، فيجبُ تقديمُ ما هو ضميرٌ، وتأخيرُ ما هو ظاهرٌ، نحو: (أعطيتُكَ درهماً) و (الدرهمَ أعطيتُهُ سعيداً).


ج- أن يكون أحدُهما محصوراً فيه الفعلُ، فيجبُ تأخير المحصور، سواءٌ أكان المفعولَ الأول أم الثاني، نحو: (ما أعطيت سعيداً إلا دِرهماً) و (ما أعطيتُ الدرهمَ إلا سعيداً).


د- أن يكونَ المفعولَ الأولُ مشتملاً على ضمير يعودُ إلى المفعول الثاني، فيجب تأخيرُ الأول وتقديم الثاني، نحو: (أعطِ القوسَ باريَها).


(فلو قُدِّم المفعولُ الأول لعاد الضمير على متأخر لفظاً ورتبة، لأن المفعول الثاني رتبته التأخير عن المفعول الأول. أما أن كان المفعول الثاني مشتملاً على ضمير يعود الى المفعول الأول، نحو: (أعطيت التلميذَ كتابه)، فيجوز تقديمه على المفعول الأول، نحو: (أعطيتُ كتابه التلميذَ) لأن المفعول الأول، وان تأخر لفظاً، فهو متقدم رتبة).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 24-06-2011, 09:45 AM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

4ـ المُشَبَّهُ بالْمَفعول به

إن كان معمولُ الصفةِ المُشبَّهة معرفةً، فحقُّهُ الرفعُ، لأنه فاعلٌ لها، نحو: (عليٌّ حَسَنٌ خُلقُهُ). غيرَ أنهم إذا قصدوا المبالغةَ حوَّلوا الإسنادَ عن فاعلها إلى ضميرٍ يسْتَتِرُ فيها يعود الى ما قبلها، ونَصبوا ما كان فاعلاً، تشبيهاً له بالمفعول به، فقالوا: (علي حَسَنٌ خُلقَهُ)، بنصبِ الخُلُق على التَّشبيه بالمفعول به، وليس مفعولاً به، لأنّ الصفةَ المشبَّهة قاصرةٌ غيرُ متعديةٍ، ولا تمييزاً، لأنه معرفةٌ بالإضافة إلى الضمير. والتمييزُ لا يكونُ إلا نكرةً.

[ علي: مبتدأ، وحسنٌ: خبره، وخُلُقُه: فاعل لحسن. ويجوز أن يكون (حسن) خبراً مقدماً، وخلقه مبتدأ مؤخراً، والجملة خبر عن علي]


5- التَّحْذيرُ


التَّحذيرُ: نصبُ الاسمِ بفعلٍ محذوف يُفيدُ التَّنبيهَ والتّحذيرَ. ويُقدّرُ بما يُناسبُ المقامَ: كاحذَرْ، وباعِدْ، وتَجنَّبْ، و (قِ) وتَوَقَّ، ونحوها.


وفائدتُهُ تنبيهُ المخاطبِ على أمرٍ مكروهٍ ليجتنبَهُ.


ويكونُ التحذيرُ تارةً بلفظِ (إيّاكَ) وفروعهِ، من كلّ ضميرٍ منصوبٍ متصل للخطاب، نحو: (إياكَ والكَذِبَ*1، إِياكَ إياكَ والشرّ*2َ، إياكما من النفاقِ*3 إياكم الضَّلالَ*4، إياكنَّ والرَّذيلةَ.

*1ـ إياك: في محل نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره (باعد، أوقِِ، أو احذر). والكذب: معطوف على (إياك)، أو مفعول به لفعل محذوف أيضاً تقديره: احذر أو توقّ. وتقدير الكلام من جهة المعنى: باعد نفسك من الكذب وباعد الكذب من نفسك.
*2ـ إياك الثانية: تأكيد للأولى.
*3ـ إياكما: مفعول لفعل محذوف تقديره: باعدا. من النفاق: متعلق بالفعل المقدّر.
*4ـ التقدير: أحذركم الضلال، فإياكم والضلال: مفعولان لفعل مقدر ينصب المفعولين.

ويكونُ تارةً بدونه، نحو: (نفسَكَ والشرّ، الأسدَ الأَسدَ).
وقد يكونُ بـ (إيّاه، وفروعهما، إذا عُطفَ على المُحذّر، كقوله:


فَلا تَصْحَبْ أَخَا الجَهْلِ

وَإِيَّاكَ وَإِيَّاهُ
[الأسدَ الأَسدَ: التقدير: احذر الأسد، والثانية توكيد.]


وقد يُرفعُ المكرّرُ، على أنهُ خبرٌ لمبتدأ محذوفٍ، نحو: "الأسدُ الأسدُ" أي: هذا الأسدُ.


وقد يُحذَفُ المحذورُ منه، بعد (إياك) وفروعهِ، اعتماداً على القرينة، كأنْ يُقال: "سأفعلُ كذا" فتقولُ: "إياكَ"، أَي: "إياك أَن تفعله".

وما كان من التّحذير بغير "إياك" وفروعهِ، جاز فيه ذكرُ المُحذَّر والمحذَّر منه معاً، نحو:"رجلَكَ والحجرَ" وجازَ حذفُ المحذّر وذكرُ المحذّر منه وحدَهُ، نحو: "الأسدَ الاسدَ". ومنه قولهُ تعالى: {ناقةَ اللهِ وسُقياها}.

6- الإِغراءُ


الإِغراءُ: نصبُ الاسمِ بفعلٍ محذوفٍ يُفيدُ الترغيبَ والتشويقَ والإِغراءَ. ويقدَّرُ بما يُناسبُ المقامَ: كالزَمْ واطلُبْ وافعلْ، ونحوها.
وقائدتُه تنبيهُ المخاطَبِ على أمرٍ محمودٍ ليفعلُه، نحو: (الاجتهادَ الاجتهادَ) مو (الصِدقَ وكرَمَ الخلقِ).


ويجبُ في هذا البابِ حذفُ العاملِ إن كُرّرَ المُغرَى به، أو عُطِفَ عليهِ، فالأولُ نحو: "النَجدةَ النَّجدةَ". ومنه قول الشاعر:


أَخاكَ أَخَاكَ، إنَّ مَنْ لا أَخا لَهُ

كساعٍ إلى الهَيْجا بِغَيْرِ سِلاَحِ

وإِنَّ ابْنَ عَمِّ المَرْءِ فاعلَمْ، جَناحُهُ

وهَلْ يَنْهَضُ البازِي بِغَيْرِ جَنَاحِ

والثاني نحو: (لمُروءةَ والنّجدةَ). ويجوزُ ذِكرُ عاملهِ وحذفه إن لم يُكرّر ولم يُعطَفْ عليه، نحو: (الإِقدامَ، الخيرَ). ومنه: (الصّلاةَ جامعةً). فإن أظهرتَ العاملَ فقلتَ: (اِلزمِ الإقدام، افعل الخيرَ، أُحضُرِ الصلاة)، جازَ.


وقد يُرفعُ المكرَّرُ، في الإغراءِ، على أنهُ خبرٌ لمبتدأ محذوف، كقوله:

إِنَّ قَوْماً مِنْهُمْ عُمَيْرٌ وأَشبا

هُ عُميْرٍ، ومِنْهُمُ السَّفَّاحُ

لَجَدِيرُونَ بالوَفاءِ إِذَا قا

لَ أَخُو النَّجْدةِ. السِّلاَحُ السِّلاَحُ
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 01-07-2011, 08:54 AM   #4
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

7- الاختِصاصُ

الاختصاصُ: نصبُ الاسمِ بفعلٍ محذوفٍ وجوباً تقديرُهُ: (أَخصُّ، أو أعْني). ولا يكونُ هذا الاسمُ ضميرٍ لبيان المرادِ منه، وقَصرِ الحكمِ الذي للضمير عليه، نحو: (نحنُ - العرَبَ - نُكرِمُ الضّيفَ). ويُسمّى الاسمَ المُختصّ.

(فنحن: مبتدأ، وجملة نكرم الضيف: خبره. والعربَ: منصوب على الاختصاص بفعل محذوف تقديره: (أخصّ). وجملة الفعل المحذوف معترضة بين المبتدأ وخبره. وليس المراد الإخبار عن (نحن) بالعرب، بل المراد أن إكرام الضيف مختص بالعرب ومقصور عليهم.

فإن ذُكرَ الاسمُ بعد الضمير للإخبار به عنه، لا لبيان المراد منه، فهو مرفوع لأنه يكون حينئذ خبراً للمبتدأ. كأن تقول: (نحنُ المجتهدون) أو (نحن السابقون).

ومن النصب على الاختصاص قولُ الناس: (نحنُ - الواضعين أسماءنا أدناه - نشهد بكذا وكذا). فنحن: مبتدأ، خبره جملة (نشهد) والواضعين: مفعول به لفعل محذوف تقديره: (نخصّ، أو نعني)).


ويجبُ أن يكونَ مُعرّفاً بأل، نحو: (نحنُ - العربَ - أوفى الناسِ بالعُهود)، أو مضافاً لمعرفةٍ، كحديث: (نحنُ - مَعاشرَ الأنبياء - لا نورثُ ما تركناهُ صدَقةٌ)، أو عَلَماً، وهو قليلٌ، كقول الراجز: (بنا - تَميماً - يُكشَفُ الضَّبابُ). أما المضافُ إلى العَلَمِ فيكونَ على غيرِ قِلّةٍ، كقولهِ: (نحنُ - بَني ضَبَّةَ أصحابَ الجَمَل). ولا يكونُ نكرةً ولا ضميراً ولا اسمَ إشارة ولا اسمَ موصولٍ.


وأكثرُ الأسماءِ دخولاً في هذا البابِ (بنو فلان، ومعشر (مضافاً)، وأهلُ البيتِ، وآلُ فلانٍ).


واعلمْ أن الأكثر في المختصِّ أن يَلي ضميرَ المتكلِّمِ، كما رأيتَ. وقد يلي ضميرَ الخطاب، نحو: (بكَ - اللهَ. أرجو نجاحَ القصدِ) و (سُبحانَكَ - اللهَ – العظيمَ). ولا يكون بعدَ ضميرِ غيبة.

وقد يكون الاختصاصُ بلَفظ (أَيُّها وأَيَّتُها)، فيُستعملان كما يستعملان في النّداءِ، فيبنيان على الضمِّ، ويكونانِ في محلِّ نصبٍ بأخُص محذوفاً وجوباً، ويكونُ ما بعدَهما اسماُ مُحَلًّى بألْ، لازمَ الرفعِ على أنه صفةٌ لِلَفظهما، أو بدلٌ منه، أو عطفُ بيانٍ لهُ. ولا يجوزُ نصبه على أنه تابعٌ لمحلّهما من الإعراب. وذلك نحو: (أَنا أفعلُ الخيرَ، أيُّها الرجلُ، ونحن نفعلُ المعروفَ، أيُّها القومُ). ومنه قولهم: (أَللهمَّ اغفر لنا، أَيَّتُها العَصابةُ).

(ويراد بهذا النوع من الكلام الاختصاص، وإن كان ظاهره النداء. والمعنى: (أنا أفعل الخير مخصوصاً من بين الرجال، ونحن نفعل المعروف مخصوصين من بين القوم, واللهمّ اغفر لنا مخصوصين من بين العصائب). ولم ترد بالرجل إلا نفسك: ولم يريدوا بالرجال والعصابة إلا أنفسهم. وجملة (أخص) المقدّرة بعد (أيها رأيتها) في محل نصب على الحال).


8- الاشتغالُ


الاشتغالُ: أن يَتقدَّمَ اسمٌ على من حقِّهِ أن يَنصِبَه، لولا اشتغالهُ عنه بالعمل في ضميرهِ، نحو: (خالدٌ أَكرمتُهُ).


(إذا قلت: (خالداً أكرمتُ)، فخالداً: مفعول به لأكرمَ. فان قلتَ: (خالدٌ أكرمته)، فخالدٌ حقه أن يكون مفعولاً به لأكرم أيضاً، لكنّ الفعلَ هنا اشتغل عن العمل في ضميره، وهو الهاء. وهذا هو معنى الاشتغال).


والأفضلُ في الاسم المتقدمِ الرفعُ على الابتداء، كما رأيتَ. الجملةُ بعدَهُ خبرهُ. ويجوز نصبُهُ نحو: (خالداً رأيتهُ).


[خالداً: مفعول به لفعل محذوف يفسره المذكور بعده، وتقديره: (رأيت) وجملة (رأيته): مفسرة للجملة المقدرة، ولا محل لها من الإعراب]

وناصبُهُ فعلٌ وجوباً، فلا يجوزُ إظهارهُ. ويُقدَّرُ المحذوفُ من لفظِ المذكور. إلا أن يكونَ المذكورُ فعلاً لازماً متعدياً بحرف الجر، نحو: (العاجزَ أخذتُ بيدهِ) و (بيروتَ مررتُ بها)، فَيُقدّرُ من معناهُ.


(فتقدير المحذوف: (رأيت). في نحو (خالداً رأيته). وتقديره: (أعنت، أو ساعدت، في نحو: (العاجزَ أخذت بيده). وتقديره: (جاوزت) في نحو: (بيروتَ مررت بها)).

وقد يَعرِضُ للاسمِ المُشتَغَلِ عنه ما يوجبُ نصبَهُ أو يُرَجّحُهُ، وما يوجبُ رفعَهُ أو يُرَجّحُهُ.

فيجبُ نصبُهُ إذا وقعَ بعدَ أدواتِ التّحضيضِ والشرطِ والاستفهامِ غير الهمزةِ، نحو: (هلاّ الخيرَ فعلتَهُ. إنْ علياً لقيتَهُ فسَلّمْ عليهِ, هل خالداً أَكرمتَهُ؟).

(غير أن الاشتغال بعد أدوات الاستفهام والشرط لا يكون إلا في الشعر. إلا أن تكون أداة الشرط (أن) والفعل بعدها ماض، أو (إذا) مطلقاً، نحو: (إذا عليّاً لقيته، أو تلقاه فسلم عليه). وفي حكم (إذا).


في جواز الاشتغال بعدها في النثر، (لو ولولا).

ويُرجَّحُ نصبُهُ في خمسِ صُوَر:


1- أن يقعَ بعد الاسمِ أمرٌ، نحو: (خالداً أَكرِمْهُ) و (عليّاً لِيُكرِمْهُ سعيدٌ).


2- أن يقعَ بعدَهُ نهيٌ، نحو: (الكريمَ لا تُهِنهُ).


3- أن يقعَ بعدَهُ فعلُ دُعائي، نحو: (اللهمَّ أمرِيَ يَسّرّهُ، وعَمَلي لا تُعَسّرْهُ). وقد يكونُ الدعاءُ بصورةِ الخبرِ، نحو: (سليماً غفرَ اللهُ لهُ، وخالداً هداهُ اللهُ)


(فالكلام هنا خبري لفظاً، إنشائي دعائي معنى. لأنّ المعنى: اغفر اللهم لسليم، واهدِ خالداً. وإنما ترجح النصب في هذه الصور لأنك إن رفعت الاسم كان خبره جملة إنشائية طلبية، والجملة الطلبية يضعف الإخبار بها).


4- أن يقعَ الإسمُ بعدَ همزة الاستفهام، كقوله تعالى: {أَبشَراً مِنّا واحداً نَتَّبعُهُ؟}.
(وانما ترجح النصب بعدها لأن الغالب ان يليها فعلٌ، ونصبُ الاسم يوجبُ تقديرَ فعل بعدها).


5- أن يقعَ جواباً لمُستفهَمٍ عنه منصوبٍ، كقولك: (عليّاً أَكرمتُهُ)، في جواب من قال: (مَنْ أَكرمتَ؟).
(وإنما ترجح النصب لأنّ الكلام في الحقيقة مبنيّ على ما قبله من الاستفهام).


ويجبُ رفعُهُ في ثلاثة مواضعَ:


1- أن يقعَ بعدَ (إذا الفجائيَّةِ) نحو: (خرجت فإذا الجوُّ يَملَؤُهُ الضَّبابُ).

(وذلك لأن (إذا) هذه لم يؤوّلها العربُ إلا مبتدأ، كقوله تعالى: {ونزعَ يده فإذا هي بيضاء للناظرين}، أو خبراً، كقوله سبحانه: {فإذا لهم مكرٌ في آياتنا}. فلو نُصب الاسمُ بعدها، لكان على تقدير فعل بعدها، وهي لا تدخل على الأفعال).

2- أن يقعَ بعدَ واو الحال، نحو: (جئتُ والفرسُ يَركبُهُ أَخوكَ).


3- أن يقعَ قبلَ أدوات الاستفهام، أو الشرط، أو التحضيص، أو ما النافية، أو لامِ الابتداء، أو ما التَّعجبيةِ، أو كم الخبرية، أو (إنَّ) وأَخواتها، نحو: (زُهيرٌ هل أَكرمتَهُ؟، سعيدٌ فأكرِمه، خالدٌ هلاَّ دعوتهُ، الشرُّ ما فعلتُهُ، الخيرُ لأنا أَفعلُهُ، الخلُق الحَسَنُ ما أَطيبَهُ!، زُهيرٌ كم أكرمتُهُ!، أُسامةُ إني أَحِبُّهُ).


(فالاسم في ذلك كله مبتدأ. والجملة بعده خبره. وإنما لم يجز نصبه بفعل محذوف مفسر بالمذكور. لأن ما بعد هذه الأدوات لا يعمل فيما قبلها. وما لا يعمل لا يفسر عاملاً).


ويُرَجَّحُ الرفعُ، إذا لم يكن ما يوجبُ نصبَهُ، أو يرَجِّحُه، أو يوجبُ رفعَه، نحو: "خالدٌ أكرمتُهُ". لأنهُ
إذا دار الأمر بينَ التقديرِ وعدَمِهِ فتركهُ أولى.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 08-07-2011, 09:05 AM   #5
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

9- التَّنازُعُ

التَّنازُعُ: أن يَتوجهَ عاملانِ مُتقدمانِ، أو أكثرُ، إلى معمول واحدٍ مُتأخرٍ أو أكثر، كقوله تعالى: {آتوني أُفرغْ عليه قِطراً}.


(آتوا: فعل أمر يتعدى الى مفعولين. ومفعوله الأول هو الياء، ضميرُ المتكلم. وهو يطلب (قطراً) ليكون مفعوله الثاني.و (أفرغ) : فعل مضارع متعد الى مفعول واحد. وهو يطلب (قطراً) ليكون ذلك المفعول. فأنت ترى أنّ (قطراً) قد تنازعه عاملانِ، كلاهما يطلبه ليكون مفعولاً به له، لأنّ التقدير: {آتوني قطراً أفرغه عليه}. وهذا هو معنى التنازع).


ولكَ أن تُعمِلَ في الاسم المذكور أيَّ العاملَينِ شئتَ. فإن أعملت الثاني فَلقُربهِ، وإن أعملت الأولَ فلسبَقهِ.

فإن أَعملتَ الأوَّلَ في الظاهرِ أَعملتَ الثانيَ في ضميرهِ، مرفوعاً كان أم غيرَهُ، نحو: (قامَ، وقعدا، أخواك. اجتهدَ، فأكرمتُهما، أخواك.وقفَ، فسلمتُ عليهما، أخواك. أكرمتُ، فَسُرّا، أخَويْكَ. أكرمتُ، فشكرَ لي، خالداً). ومن النُّحاة من أجاز حذفه، إن كان غيرَ ضميرِ رفعٍ، لأنهُ فضلةٌ، وعليه قول الشاعر:

بِعُكاظَ يُعْشي النَّاظِريـ

ـنَ، إذا هُمُ لَمَحُوا، شُعاعُهْ
[شُعاعه: فاعل (يُعشي) وقد حذف مفعول (لمحوا) ولم يأتِ به ضميراً. ولو أضمره لقال: (لمحوه). وذلك أن كلا من (يعشي ولمحوا) يطلب (شعاعه) ليعمل فيه. فالأول يطلبه لأنه فاعلٌ له. والآخر يطلبه لأنه مفعوله فأعملَ الأول، وأهمل الآخر؛ ولم يعمله في ضميره والمعنى: يُعشي شعاعه الناظرين، إذا لمحوه، أي يبهرهم، فلا يستطيعون إدامة النظر إليه]

وأن أعملتَ الثانيَ في الظاهر، أعملتَ الأولَ في ضميرهِ، إن كان مرفوعاً نحو: (قاما، وقعدَ أخواك. اجتهدا، فأكرمتُ أخوَيْك) وَقَفا، فسَلَّمتُ على أخويكَ". ومنه قولُ الشاعر:


جَفَوْني، ولم أَجفُ الأَخِلاَّءَ، إِنَّني

لِغَيْرِ جَميلٍ مِنْ خَلِيلَي مُهْمِلُ

وإن كان ضميرُهُ غير مرفوعٍ حذفتَهُ، نحو: (أكرمت، فَسُرَّ أخواك. أكرمتُ، فشكرَ لي خالدٌ. أكرمتُ، وأكرَمني سعيدٌ. مررتُ، ومَرَّ بي علىُّ). ولا يقال: (أكرمتهما، فَسُرَّ أخواكَ. أكرمتُهُ، فشكرَ لي خالد. أكرمتُهُ، وأكرمني سعيدٌ. مررتُ به، ومرَّ بي عليَّ). وأمّا قول الشاعر:


إذا كُنْتَ تُرْضِيهِ، وَيُرْضيكَ صاحبٌ

جِهاراً، فَكُنْ في الْغَيْبِ أَحفَظَ للعَهْدِ

وَأَلْغِ أَحاديثَ الْوُشاة، فَقَلَّما

يُحاوِلُ واشٍ غَيْرَ هِجْرانِ ذِي وُدِّ

بإظهار الضمير المنصوب في (تُرضيه)، فضرورةٌ لا يحسُنُ ارتكابها عند الجمهور. وكان حقُّهُ أن يقول: (إذا كنت تُرضي، ويُرضيكَ صاحبٌ). وأجازَ ذلك بعضُ مُحَقّقي النّحاة.

(وذهب الكسائيّ ومن تابعه الى أنه أذا أعملت الثاني في الظاهر، لم تُضمر الفاعلَ في الأول بل يكون فاعله محذوفاً لدلالة ما بعده عليه (لأنه يُجيز حذف الفاعل إذا دل عليه دليل). فإذا قلت: (أكرمني فسرّني زهيرُ)، فإن جعلت زهيراً فاعلاً لسرّ، كان فاعل (أكرمَ) (على رأى سيبويه والجمهور) ضميراً مستتراً يعود إليه. وعلى رأي الكسائي ومن وافقه يكون فاعل (أكرم) محذوفاً لدلالة ما بعده عليه. ويظهر اثر الخلاف في التثنية والجمع، فعلى رأي سيبويه يجب أن تقول: (إن أعملت الثاني): (أكرماني، فسرَّني صديقايَ. وأكرموني، فسرَّني أصدقائي). وتقول على مذهب الكسائي ومن تابعه: (أكرمني، فسرَّني صديقايَ. وأكرمني، فسرَّني أصدقائي). فيكون الاسم الظاهر فاعلاً للثاني. ويكون فاعل الأول محذوفاً. وما قاله الكسائي ليس ببعيدٌ، لان العرب تستغني في كلامها عما يُعلم لو حُذف، ولو كان عمدة. ولهذا شواهدُ من كلامهم. أما لو أعملت الأول في الاسم الظاهر، فيجب بالاتفاق الإضمار في الثاني، نحو: (أكرمني، فسرَّاني، صديقايَ، وأكرمني، فسرّوني، أصدقائي).

والذي دعا الكسائيّ الى ما ذهب إليه، انه لو لم يحذف الفاعل، لوجب أن يكون ضميراً عائداً على الاسم الظاهر المتأخر لفظاً ورتبة، وذلك قبيح. وقال سيبويه: ان عود الضمير على المتأخر أهون من حذف الفاعل، وهو عمدة، والحقّ أنَّ لكل وجهاً، وانّ الإضمار وتركه على حد سواء. وقد ورد في كلامهم ما يؤيج ما ذهب اليه الفريقان. فقول الشاعر: جفوني ولم اجف الأخلاء... شاهدٌ لسيبويه: وقول الآخر:


تعفق بالارطى لها وأرادها

رجالٌ، فبذَّت نبلَهم وكَليبٌ
[ تعفق بالأرطي: لاذ بها والتجأ إليها. والأرطي: نوع من الشجر. والضمير في لها يعود الى بقرة الوحش. و (نبلهم) : مفعوله. وليس هو الفاعل، كما قال من فسر البيت من أصحاب الشروح والحواشي النحوية. و (الكليب): الكلاب، جمع كلب. وهو معطوف على رجال. والمعنى أن رجالاً لاذوا بالأرطي مستترين بها، وأرادوا صيد هذه البقرة الوحشية هم وكلابهم فلم يفلحوا، لأنها غلبت كلابهم ونبالهم]

(شاهدٌ للكسائي: فهو لا يُضمر في واحد من الفعلين. ولو اضمر في الأول واعمل الثاني لقال: (تعفقوا بالارطى وأرادها رجال). ولو اضمر في الثاني واعمل الأول، لقال: (تعفق بالارطى ورادوها رجال)).


واعلم أنهُ لا يقعُ التنازعُ إلا بينَ فعلينِ مُتصرّفينِ، او اسمينِ يُشبهانِهما، أو فعلٍ متصرفٍ واسمٍ يُشبهُه. فالأول نحو: "جاءَني، وأكرمتُ خالداً"، والثاني كقول الشاعر:


عُهِدْتَ مُغِيثاً مُغنِياً مَنْ أَجَرْتَهُ

فَلَمْ أَتَّخِذْ إِلاَّ فِناءَكَ مَوْئِلا

والثالثُ كقوله تعالى: {هاؤُمُ اقرَأُوا كتابِيَهْ}. ولا يقعُ بينَ حرفين ولا بينَ حرفٍ وغيره، ولا بينَ جامدينِ، ولا بينَ جامدٍ وغيره.

وقد يُذكَرُ الثاني لمجرَّدِ التَّقويةِ والتأكيد، فلا عَمَلَ له، وإنَّما العمل للأوَّلِ. ولا يكونُ الكلامُ حينئذٍ من باب التنازع، كقول الشاعر:

فَهَيْهَاتَ، هَيْهَاتَ، الْعَقِيقُ وَمَنْ بهِ

وهَيْهَاتَ خِلٌّ بالْعَقيقِ نُواصِلُهْ

وقول الآخر:


فأَينَ إلى أَينَ النَّجَاةُ ببَغْلَتِي

أَتاكَ، أَتاكَ، اللاَّحِقُونَ، احْبِسِ احْبِسِ

(ولو كان من باب التنازع لقال: (أتوك أتاك اللاحقون)؛ بإعمال الثاني في الظاهر والإضمار في الأول، أو (أتاك أتوك اللاحقون) بالإضمار في الأول وإعمال الثاني في الظاهر).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 15-07-2011, 09:45 AM   #6
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

10- القوْلُ المتَضَمِّنُ مَعْنَى الظنِّ

قد يتضمنُ القول معنى الظن، فينصبُ المبتدأ والخبر مفعولينِ، كما تنصبهُما (ظنَّ). وذلك بشرطِ أن يكون الفعل مضارعاً للمخاطَب مسبوقاً باستفهامٍ، وأن لا يُفصَلَ بينَ الفعلِ والاستفهام بغير ظرفٍ، أو جار ومجرورٍ، أو معمولِ الفعل، كقول الشاعر:


مَتَى تَقُولُ الْقُلُصَ الرَّواسِما

يَحْمِلْنَ أُمَّ قاسمٍ وَالْقاسِما
[ القُلص: جمع قلوص، وهي الناقة الشابة، والرواسم: جمع راسمة؛ وهي الناقة التي تترك أثراً في الأرض بسيرها، والرسيم: ضرب من السير]

ومثالُ الفصل بينهما بظرفٍ زمانيّ أو مكانيّ: (أيومَ الخميس تقولُ عليّاً مسافراً

أوَ عندَ سعيدٍ تَقولُهُ نازلاً)، قال الشاعر:

أَبَعْدَ بُعْدٍ تَقولُ الدَّارَ جامعةً

شَمْلي بهمْ؟ أَمْ تَقول البُعْدَ مَحْتوما؟!

ومثالُ ما فُصِلَ فيه بينهما بالجارّ والمجرور: (أبا الكلامِ تقول الأمّةَ بالغةً مجدَ آبائها الأوَّلينَ؟). ومثالُ الفصلِ بمعمول الفعل قولُ الشاعر:

أجُهَّالاً تَقُولُ بني لُؤَيِّ؟
لَعَمْرُ أَبِيكَ، أَمْ مُتَجاهِلينا؟

فإن فُقد شرطٌ من هذه الشروطِ الأربعة، تَعيّنَ الرفعُ عند عامة العربِ، إلا بني سلَيمٍ، فهم ينصبون بالقول مفعولينِ بلا شرطٍ.


ولا يجب في القول المُتَضمّنِ معنى الظن، المُستوفي الشروط، أن ينصب المفعولين، بل يجوز رفعُهما على أنهما مبتدأ وخبر، كما كانا.


وإن لم يتضَمنِ القولُ معنى الظن فهو مُتعد إلى واحد. ومفعولهُ إمّا مفرد (أي غير جملةٍ)، وإمّا جملةٌ محكيّة. فالمفرد على نوعينِ: مفردٍ في معنى الجملةِ، نحو: (قلت شعراً، أو خطبةً، أَو قصيدة أَو حديثاً)، ومفردٍ يُرادُ به مُجردُ اللفظِ، مثلُ: (رأيتُ رجلاً يقولون له خليلاً) (أي يُسمُّونه بهذا الاسم): وأمَّا الجملة المحكِيَّة بالقول، فتكونُ في موضع نصب على أنها مفعوله، نحو: (قلتُ: لا إلهَ إلا اللهُ).

وهمزةُ (إنَّ) تكسرُ بعد القول العَري عن الظن، وتُفتح بعد القول المَتضمّن معناهُ. كما سبق في مبحث (أن).

11- الإِلغاءُ والتَّعْليقُ في أَفعال الْقُلُوب

الإلغاءُ: إِبطال عملِ الفعلِ القلبيِّ الناصبِ للمبتدأ والخبر لا لمانعٍ، فيعودان مرفوعينِ على الابتداءِ والخبرّةِ، مثل: (خالدٌ كريم ظننت).
والإلغاء جائز في أَفعالِ القلوب إِذا لم تَسبقْ مفعولَيها. فإن تَوسطت بينهما فإعمالُها وإلغاؤها سِيّانِ. تقول: (خليلاً ظننت مجتهداً) و (خليلٌ ظننتُ مجتهد). وإن تأخرت عنهما جاز أن تَعمَل وإلغاؤها أَحسن، تقول: (المطر نازل حَسِبتُ)، و (الشمس طالعةً خلت). فإن تقدَّمت مفعولَيها، فالفصيح الكثيرُ إعمالها، وعليهِ أكثرُ النُّحاةِ، تقول: (رأيتُ الحقَّ أَبلجَ). ويجوزُ إهمالُها على قِلةٍ وضعفٍ، وعليه بعضُ النُّحاةِ، ومنه قولُ الشاعر:


أَرْجُو وآمُلُ أنْ تَدْنو مَوَدَّتُها

وما إخالُ لدَيْنا منْك تنويلُ

وقول الآخر:

كَذَاكَ أُدِّبْتُ، حتَّى صارَ مِنْ خُلقِي
أَنِّي وَجَدْتُ مِلاكُ الشِّيمةِ الأَدَبُ

والتعليقُ: إِبطالُ عملِ الفعل القلبيِّ لفظاً لا محلاً، لمانع، فتكونُ الجملةُ بعده في موضع نصبٍ على أَنها سادَّةٌ مَسدَّ مفعوليهِ، مثل: (علمتُ لخَالد شجاعٌ).
فيجبُ تعليقُ الفعلِ، إذا كان هناك مانعٌ من إعماله. وذلك: إذا وقع بَعدَهُ أحدُ أربعةِ أَشياءَ:

1- ما وإنْ ولا النافياتُ نحو: (علمتُ: ما زُهيرٌ كسولاً. وظَننتُ: إنْ فاطمة مُهملة. ودخلتُ: لا رجلَ سُوءٍ موجودٌ. وحَسِبتُ. لا أُسامةُ بطيءٌ، ولا سُعادُ)، قال تعالى: {لَقد علمتَ، ما هؤلاءِ يَنطقونَ}.

2- لامُ الابتداءِ، مثلُ علمتُ: (لأخوكَ مجتهدٌ. وعلمتُ: إنَّ أخاكَ لمجتهدٌ). قال تعالى: {ولقد علموا: لِمَنِ اشتراهُ مالَهُ في الآخرةِ من خلاقٍ}.

3- لامُ القسمِ، كقول الشاعر:


وَلَقَدْ عَلِمْتُ: لَتأْتِيَنَّ مَنِيَّتي

إنَّ الْمَنَايَا لا تَطِيشُ سِهَامُها
4ـ الاستفهام، سواء أكان بالحرف، كقوله تعالى: {وإن أدري أقريبٌ أم بعيدٌ ما توعدون} أم بالاسم، كقوله عز وجلّ { لنعلم أي الحزبين أحصى لِما لبثوا أمداً}، وقوله { لتعلمن أيناّ أشدُ عذابا}. وسواء أكان الاستفهام مبتدأ، كما في هذه الآيات، أم خبراً، مثل: (علمتُ: متى السفر؟*1)، أم مضافاً الى المبتدأ، مثل: (علمتُ فرسُ أيهم تسبق؟) أم الى الخبر، مثل: (علمتُ: ابنُ من هذا؟*2).
وقد يُعلقُ الفعلُ المتعدي، من غير هذه الأفعالِ، عن العمل، كقوله تعالى: {فَليَنظُر: أيُّها أزكى طعاماً؟*3}، وقوله: {ويَستنبئُونَكَ: أحقّ هُوَ؟*4}.
وقد اختُصَّ ما يتصرّفُ من أفعال القُلوب بالإلغاءِ والتَّعليقِ. فلا يكونانِ في (هَبْ وتَعلَمْ)، لأنهما جامدانِ.

[*1ـ متى: اسم استفهام. وهي ظرف زمان في موضع رفع على أنه خبر مقدم والسفر مبتدأ مؤخر.
*2ـ ابن خبر مقدم. ومن: مضاف إليه. وذا مبتدأ مؤخر.
*3ـ اسم الاستفهام ـ وهو أي ـ مبتدأ. وأزكى: خبره، والجملة في محل نصب لأنها مفعول ينظر، وقد علق عن العمل لفظاً بالاستفهام.
*4ـ حق: خبر مقدم، وهو: مبتدأ مؤخر، والجملة مفعول ثان ليستنبئ. وهي في موضع نصب، ومفعوله الأول ضمير المخاطب. ]

وقد علمت أن الإلغاء جائز عند وجودِ سبيلهِ، وأن المُلغى لا عملَ له البتَةَ، وإنَّ المعلَّقَ، إن لم يعملْ لفظاً فهو يعمل النصبَ في مَحلِّ الجملةِ، فيجوزُ العطفُ بالنصب على محلها، فنقولُ: "علمتْ لخالد شجاعُ وسعيداً كريماً"، بالعطف على مَحلّ "خالد وسعيد"، لأنهما مفعولان للفعل المعلّق عن نصبهما بلام الابتداء. ويجوز رفعُهما بالعطف على اللفظ، قال الشاعر:

وما كُنْتُ أَدْرِي قَبْلَ عَزَّةَ. ما الْبُكا

ولا مُوجِعاتُ الْقَلْبِ؟ حَتَّى تَوَلَّتِ

يُروَى بنصب موجعات، عطفاً على محل (ما البكا). ويجوزُ الرفعُ عطفاً على البكا.


والجملةُ بعدَ الفعلِ المُعلَّقِ عن العمل في موضع نصبٍ على المفعولية. وهي سادّةٌ مَسدَّ المفعولينِ، إن كان يتعدّى إلى اثنينِ ولم ينصب الأوّلَ. فإن نصبَهُ سدَّت مسدّ الثاني، مثلُ: (علمتكَ أيَّ رجلٍ أنتَ؟).


وإن كان يتعدّى إلى واحدٍ سدّت مسدّهُ، مثل: (لا تأتِ أمراً لم تعرفْ ما هُوَ؟).
وإن كان يتعدَّى بحرف الجرّ، سقطَ حرفُ الجرّ وكانت الجملة منصوبة محلاًّ بإسقاط الجارِّ (وهو ما يسمُّونهُ النصبَ على نَزع الخافض)، مثل: (فكَّرت أصحيحٌ هذا أم لا؟)، لأن فكَّرَ يتعدَّى بفي، تقول: (فكَّرْتُ في الأمر).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 22-07-2011, 07:21 AM   #7
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

المفعولُ المطلقُ


المفعولُ المطلَقُ: مَصدرٌ يُذكرُ بعد فعلٍ من لفظهِ تأكيداً لمعناهُ، أو بياناً لِعَددِهِ، أو بياناً لنوعهِ، أو بَدَلاً من التلفُّظِ بفعلهِ. فالأول نحو: {وكلّم اللهُ مُوسى تكليماً}. والثاني نحو: (وقفتُ وقفتينِ). والثالثُ نحو: (سرتُ سيرَ العُقلاءِ). والرابعُ نحو: (صَبراً على الشدائد).


واعلم أنّ ما يُذكرُ بدلاً من فعلهِ لا يُرادُ به تأكيدٌ ولا بيان عددٍ أو نوع.
وفي هذا المبحث ستَّةَ مَباحث.


1- الْمَصْدَرُ المُبْهَمُ وَالْمَصْدَرُ المُخْتَصُّ


المصدرُ نوعانِ: مُبهمٌ ومُختَص.

فالمُبهم: ما يُساوي معنى فعلهِ من غير زيادةٍ ولا نقصانٍ، وإنما يُذكرُ لمجرّد التأكيد، (قمتُ قياماً. وضربتُ اللصّ ضرباً)، أو بدَلاً من التّلفّظِ بفعلهِ، نحو: (إيماناً لا كُفْراً)، ونحو: (سَمعاً وطاعةً)، إذِ المعنى: (آمِنْ ولا تكْفُرْ، وأَسمعُ وأُطيعُ).


ومن ثمَّ لا يجوزُ تثنيتُهُ ولا جمعهُ، لأنَّ المؤكدَ بمنزلةِ تكرير الفعلِ، والبدل من فعلهِ بمنزلةِ الفعلِ نفسهِ، فعُومِلَ مُعاملتَهُ في عدَمِ التثنيةِ والجمعِ.


والمختصُّ: ما زادَ على فعلهِ بإفادتهِ نوعاً أو عدداً، نحو: (سرتُ سَيرَ العُقلاءِ. وضربتُ اللصَّ ضرْبَتينِ، أو ضَرَباتٍ).


والمُفيدُ عَدَداً يُثنّى ويُجمَعُ بلا خلافٍ. وأمّا المُفيدُ نوعاً، فالحقُّ أن يُثنَّى ويُجمَعُ قياساً على ما سُمعَ منهُ: كالعقولِ والألبابِ والحُلُوم وغيرها فيَصحُّ أن يُقالَ: (قمتُ قِيامَينِ)، وأنتَ تُريدُ نوعينِ من القيام.


ويَختصُّ المصدرُ بألْ العهديَّةِ، نحو: (قمتُ القيامَ)، أي: (القيامَ الذي تَعهَدُ)، وبأل الجنسيّةِ، نحو: (جلستُ الجلوسَ)، تُريدُ الجنسَ والتنكير، وبوصَفهِ، نحو: (سعيتُ في حاجتك سعياً عظيماً)، وبإضافته، نحو: (سرتُ سيرَ الصالحينَ).


[والأصل: (سرت سيراً مثل سير الصالحين)، حُذِف المصدر ـ الذي هو المفعول المطلق ـ ثم صفته، فقام مقام المصدر المضاف الى (مثل) فأُعرِب مفعولاً مطلقاً]

2- الْمَصْدَرُ المُتَصَرِّفُ والْمَصْدَرُ عَيْرُ الْمُتَصَرِّفِ


المصدرُ المتصرّف: ما يجوزُ أن يكونَ منصوباً على المصدريّة، وأن ينصرف عنها إلى وقوعهِ فاعلاً، أو نائبَ فاعلٍ، أو مبتدأ، أو خبراً، أو مفعولاً بهِ، أو غيرَ ذلك. وهو جميعُ المصادر، إلا قليلاً جِدًّا منها. وهو ما سيُذكر.


وغيرُ المتصرّفِ: ما يُلازمُ النصبَ على المصدريَّة، أي المفعوليّة المطلقةِ؛ لا يَنصرف عنها إلى غيرها من موقاع الإعراب، وذلك نحو: (سبحان ومَعاذَ ولَبيّكَ وسَعدَيكَ وحنَانَيكَ ودوَاليكَ وحَذارَيك). وسيأتي الكلام على هذه المصادر.


3- النائبُ عن المَصْدَر

ينوب عن المصدر - فيُعطَى حكمَه في كونهِ منصوباً على أنه مفعولٌ مُطلَقٌ - اثنا عَشرَ شيئاً:

1- اسم المصدرِ، نحو: (أعطيتُك عَطاءً)، و (اغتسلتُ غُسلاً) و (كلّمتكَ كلاماً) و (سلّمتُ سلاماً).


2- صفتهُ، نحو: (سرت أحسنَ السيرِ) و {اذكروا الله كثيراً}.

[واذكروا الله كثيراً: أي اذكروا الله ذكراً كثيراً: حُذف المصدر فقامت صفته مقامه]

3- ضميرُهُ العائدُ اليهِ، نحو: (اجتهدتُ اجتهاداً لم يجتهدهُ غيري). ومنه قَولهُ تعالى:

{فإني أعذِّبُهُ عذاباً لا أعَذبُهُ أحداً من العالمينَ}.
[ أي: لم يجتهد الاجتهاد المذكور. فالضمير عائد الى المصدر المذكور، وهو في محل نصب على أنه مفعول مطلق] ؛ و [ لا أعذب العذاب المذكور]

4- مرادفُهُ - بأن يكون من غير لفظهِ، معَ تَقارُب المعنى - نحو: (شَنِئْتُ الكسلانَ بُغضاً). و (قمت وقُوفاً) و (رُضتُه إذلالاً) و (أعجبني الشيء حُباً)، وقال الشاعر:


يُعْجبُهُ السَّخُونُ والبَرُودُ

والتَّمْرُ، حُبًّا ما لَهُ مَزِيدُ
[السخون: مرقٌ يُسخن، والبُرود: خبزٌ يُبرد بالماء]

5- مصدر يُلاقيهِ في الاشتقاقِ، كقولهِ تعالى: {واللهُ أنبتَكم من الأرض نبَاتاً

وقولهِ: {تَبتَّلْ إليهِ تَبتيلاً}.

6- ما يَدلُّ على نوعه، نحو: (رجعَ القهقرَى) و (قعدَ القُرفُصاءَ) و (جلسَ الاحتباءَ) و (اشتمل الصّمّاءَ).

[الاحتباء: أن يضم الإنسان رجليه الى بطنه]

7- ما يدلُّ على عدده نحو: (أنذرتُك ثلاثاً)، ومنه قولهُ تعالى: {فاجلدوا كلَّ واحدٍ منهما ثمانينَ جلدةً}.


8- ما يدلُّ على آلته التي يكونُ بها، نحو: (ضربتُ اللصَّ سَوطاً، أو عصاً، ورشقتُ العدوَّ سهماً، أو رَصاصةً أو قذيفةً). وهو يَطّردُ في جميع أسماءِ آلاتِ الفعلِ. فلو قلتَ: (ضربتُه خشبةً، أو رميتُه كرسيّاً)، لم يَجُز لأنهما لم يُعهَدا للضرب والرمي.


9- (ما) و (أَيُّ) الإستفهاميَّتان، نحو: (ما أكرمتَ خالداً؟) و (أَيَّ عيشٍ تعيش؟)، ومنه قوله تعالى: {وسيعلمُ الذين ظَلموا أَيَّ مُنقلب ينقلبون}.

[ما: اسم استفهام في محل نصب مفعول مطلق مقدم لأكرمت. والمستفهم عنه المصدر. والمعنى: أي إكرام أكرمت خالداً؟]

10- (ما ومهما وأَيُّ) الشَّرطيّاتُ: (ما تجلسْ أجلسْ) و (مهما تقِفْ أَقِفْ) و (أَيَّ سَيرٍ تَسِرْ أَسِرْ).

[ الثلاثة أسماء شرط جازمة تجزم فعلين. وهن في محل نصب مفعول مطلق للأفعال. والمعنى: أي جلوس تجلس أجلس]

11- لفظ كل وبعضٍ وأي الكماليّة، مضافاتٍ إلى المصدرِ، نحو: {فلا تَميلوا كلَّ المَيلِ} و (سَعَيتُ بعضَ السعيِ) و(اجتهدتُ أيَّ اجتهادٍ).

(وهذا في الحقيقة من صفة المصدر عنه، لان التقدير: (فلا تميلوا ميلاً كلّ الميل. وسعيت سعياً بعضَ السعي. واجتهدت اجتهاداً أيّ اجتهاد).

وسميت (أيّ) هذه بالكمالية، لأنها تدل على معنى الكمال. وهي إذا وقعت بعد النكرة كانت صفة لها، نحو: (خالدٌ رجلٌ أيّ رجلٍ) أي: هو كامل في صفات الرجال. وإذا وقعت بعد المعرفة كانت حالاً منها، نحو: (مررت بعبد اللهِ أيّ رجل). ولا تُستعمل إلا مضافة وتطابق موصوفها في التذكير والتأنيث، تشبيهاً لها بالصفات المشتقات. ولا تطابقه في غيرهما).


12- اسمُ الإشارةِ مُشاراً به إلى المصدر، سواءٌ أَأُتبعَ بالمصدر، نحو: (قلتُ ذلكَ القولَ) أم لا، كأن يُقال: ( هل اجتهدت اجتهاداً حسناً؟) فتقول: (اجتهدت ذلك).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 2 (0 عضو و 2 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .