نقد كتاب مبادىء الفلسفة لديكارت
نقد كتاب مبادىء الفلسفة لديكارت
الكتاب مهدى من ديكارت إلى الأميرة إليزابث وفى هذا قال :
"إهداء إلى حضرة صاحبة الشوكة الأميرة إليزابث كبرى بنات فردريك ملك بوهيميا وكونت بالاتينا والأمير الناخب للإمبراطورية"
تكلم ديكارت فبين وجود فرق بين الفضائل الحقيقية والفضائل التي ليست إلا ظاهرية وبين وجود أمرين مطلوبين للحكمة هما إدراك الذهن لما هو خير واستعداد الإرادة لأن تتبعه على الدوام كما أن هنالك أمرا هو مناط الإرادة وحده يمكن أن يملكه الناس جميعا على السواء؛ نظرا إلى أن قرائح بعض الناس أقل جودة من قرائح غيرهم
وبدأ الرجل ينافق الأميرة بقوله:
"ولكن عندي دليل يخصني أنا وهو أنني لم ألق قط شخصا قد استطاع أن يفهم بمثل ما بلغت من إحاطة وإتقان كل ما تشتمل عليه مؤلفاتي"
وقد عرض ديكارت معنى الفلسفة فقال :
"معنى الفلسفة مبتدئا بأقرب الأشياء إلى فهم الكافة مثل أن لفظ "الفلسفة" معناه دراسة الحكمة وأنه لا يقصد بالحكمة التحوط في تدبير الأمور فحسب بل يقصد منها معرفة كاملة لكل ما يستطيع الإنسان أن يعرفه إما لتدبير حياته أو لحفظ صحته أو لاستكشاف الفنون جميعا؛ وأن المعرفة التي يتوسل بها إلى هاتيك الغايات لا بد أن تكون مستنبطة من العلل الأولى بحيث يكون من الضروري لاكتسابها "
ثم تحدث عن المبادى فقال:
"العلل الأولى أي بالفحص عن "المبادئ"؛ وأن هاتيك المبادئ لا بد أن يتوافر فيها شرطان أحدهما أن يكون من الوضوح والبداهة بحيث لا يستطيع الذهن الإنساني أن يرتاب في حقيقتها متى أمعن النظر فيها والثاني أن تعتمد عليها معرفة الأشياء الأخرى بحيث إنها يمكن أن تعرف بدون هذه الأشياء ولا تعرف هذه الأشياء الأخرى بحيث إنها يمكن أن تعرف بدون هذه الأشياء ولا تعرف هذه الأشياء بدونها "
ثم تحدث عن منفعة الفلسفة فقال:
"فيلزمنا أن نعتقد أنها هي وحدها تميزنا من الأقوام المتوحشين والهمجيين وأن حضارة الأمة وثقافتها إنما تقاس بمقدار شيوع التفلسف الصحيح فيها"
ووضح أن الناس أهم جزء فيهم هو الذهن فيجب عليهم أن يجعلوا طلب الحكمة همهم الأكبر؛ لأن الحكمة هي القوت الصحيح للعقول
ثم شرح ديكارت مم تتألف كل المعرفة التي نملكها الآن وإلى أي درجات الحكمة وصلنا؟ الأولى لا تشتمل إلا على تصورات بلغ من وضوحها بذاتها أن أصبح اكتسابها ميسورا دون تأمل والثانية تشتمل على كل ما تدلنا عليه تجربة الحواس والثالثة ما نتعلمه من أحاديثنا مع غيرنا من الناس ويصح أن نضيف إلى ما سبق درجة رابعة وهي مطالعة الكتب لا أقول جميعا بل على الخصوص تلك التي كتبها أشخاص قادرون على تزويدنا بإرشادات حسنة؛ لأن مطالعة الكتب ضرب من التحدث مع مؤلفيها ويبدو لي أن كل الحكمة التي يقع امتلاكها في مألوفنا مكتسبة بهذه الطرق الأربعة فقط؛ لأني لا أضع الوحي الإلهي من بينها؛ إذ إن هدايته ليست على درجات وإنما يرفعنا دفعة واحدة إلى إيمان لا يتزعزع"
وبين عيب في جميع المنازعات وهو أنه لما كانت الحقيقة وسطا بين الرأيين المتقابلين فإن كل طرف يبعد عنها بمقدار ما يكون ميله إلى معارضة الطرف الآخر لكن خطأ من مالوا كل الميل إلى جانب الشك لم يجد من تابعه زمنا طويلا أما خطأ الفريق الآخر فقد تيسر تصحيحه شيئا ما حين تبين أن الحواس تخدعنا في كثير من الأشياء
ثم بين أنه سيعرض مبادىء الخير الأسمى في الحياة الإنسانية فقال:
"وأود بعد إيضاح هذه الأمور أن أورد هنا الأدلة اللازمة لإثبات أن المبادئ التي تعيننا على الوصول إلى مراتب الحكمة هذه -وهو قوام الخير الأسمى في الحياة الإنسانية- هي المبادئ التي وضعتها في هذا الكتاب"
المبدأ ألأول عند ديكارت أن الإنسان لا يمكن أن يشك فى وجوده ولو شك فى كل شىء أخر والمبدأ الثانى وجود الله والثالث مبادئ الأشياء الجسمانية أو الفيزيقية أعني وجود أجسام ممتدة طولا وعرضا وعمقا وذات أشكال مختلفة ومتحركة على أنحاء مختلفة" هذا بإيجاز جميع المبادئ التي استنبطت منها حقيقة الأشياء الأخرى"
وطلب ديكارت من القراء قراءة الكتاب مرة أولى كرواية ومرة ثانية لمعرفة الصعوبات التى لم يفهموها ومرة ثالثة لكى يعرفوا أنه اجاب على الصعوبات
ووضح الرجل أن أجزاء الفلسفة هى :
ما وراء الطبيعة وهو الميتافيزيقا والفيزيقا وهى الطبيعة ثم ذكر بعض مؤلفاته السابقة مثل
مقال في المنهج ورسائل ثلاث إحداها عن "البصريات" والأخرى عن "الآثار العلوية" والثالثة عن الهندسة وكتاب تأملات
ثم ذكر تكون كتابه من أربعة أجزاء هى الفلسفة الأولى أو الميتافيزيقا والأقسام الثلاثة الأخرى أعم ما في الفيزيقا أعني تفسير القوانين الأولى أو مبادئ الطبيعة
وقد بين صعوبة فهم الفلسفة فى أول الأمر وذكر أن أحد أنصاره سرق منه أفكاره وأصدرها فى كتاب اسمه أسس الفيزيقا عرض فيها لفلسفته بجهل وقد تناول ديكارت مبادئ المعرفة البشرية فقال:
- "في أنه للفحص عن الحقيقة يحتاج الإنسان مرة في حياته إلى أن يضع الأشياء جميعا موضع الشك بقدر ما في الإمكان"
وكرر الرجل كلامه عن الشك عدة مرات وكان الأولى به جعله مبدأ واحد فقال :
- "في أن من النافع أيضا أن نعد جميع الأشياء التي يمكن الشك فيها غير صحيحة"
- "في أنه لا ينبغي أن نستعمل هذا الشك في تدبير أفعالنا"
- "لم يمكن الشك في حقيقة الأشياء الحسية؟ "
- "لم يمكن الشك أيضا في براهين الرياضة؟ "
- في أن لنا حرية اختيار تجعلنا نستطيع أن نمسك عن التصديق بالأشياء المشكوك فيها؛ ومن ثم نصون أنفسنا من الوقوع في الضلال لكن على فرض أن الذي خلقنا واسع القدرة وعلى فرض أنه يرضيه إضلالنا فنحن لا نخلو من أن نجد في أنفسنا حرية نستطيع بها إذا شئنا أن نمتنع عن التصديق بالأشياء التي لا نعرفها حق المعرفة وبهذا نمنع أنفسنا من الضلال
- في أننا لا نستطيع أن نشك دون أن نكون موجودين وأن هذا أول معرفة يقينية يستطاع الحصول عليها
- في أننا نعرف أيضا بعد ذلك التمييز القائم بين النفس والبدن
- الفكر كل ما يختلج فينا بحيث ندركه بأنفسنا إدراكا مباشرا ومن أجل هذا لا يقتصر مجال الفكر على التعقل والإرادة والتخيل بل يتناول الإحساس أيضا وأنا حين قلت إن هذه القضية "أفكر وإذن فأنا موجود" هي أول وأوثق قضية تعرض لمن يتفلسف على نهج مرتب
- كيف نستطيع أن نعرف نفوسنا معرفة أوضح من معرفتنا لأجسامنا ؟
- لم كان الناس جميعا لا يعرفون النفس على هذا النحو؟
إن من لم يسلكوا سبيل التفلسف المرتب قد أدلوا بآراء أخرى في هذا الموضوع؛ لأنهم يبذلون القدر اللازم من العناية للتمييز بين النفس أو الجوهر المفكر وبين الجسم أو الجوهر الممتد طولا وعرضا وعمقا - على أي معنى يمكن القول بأن من جهل الله فلن يستطيع أن يعرف شيئا آخر معرفة يقينية؟
- في إمكان إثبات وجود الله من أن ضرورة الكينونة أو الوجود متضمنة في تصورنا له
- في أن ضرورة الوجود ليست متضمنة في فكرتنا عن الأشياء الأخرى بل إن كان الوجود فحسب ويستطيع الفكر أن يزداد وثوقا من صحة هذه النتيجة إذا انتبه
- في أن الأوهام تمنع الكثيرين من أن يتبينوا ما يتميز الله به من ضرورة الوجود
- في أنه بقدر ما تتصور من الكمال في شيء ينبغي أن نعتقد أن علته لابد أن تكون أوفر منه كمالا وهو الله تعالى
- في أننا وإن كنا لا نحيط علما بذات الله وصفاته فما من شيء نعلمه أوضح مما نعلم كمالاته
- في أننا لسنا علة أنفسنا وإنما الله علتنا
- في أن آجالنا في حياتنا كافية وحدها لإثبات وجود الله
- في أننا حين نعرف وجود الله على نحو ما أوضحنا ههنا نعرف أيضا جميع صفاته بقدر ما تستطاع معرفتها بنور الفطرة وحده
- في أن الله غير جسماني وأنه لا يعرف الأشياء بالحواس على نحو ما نعرفها وأنه ليس مريدا لحصول الخطيئة والإثم ذلك لأن في العالم أشياء هي محدودة وناقصة إلى حد ما وإن يكن فيها أيضا قدر من الكمال
- في أنه بعد معرفتنا بوجود الله ينبغي -للانتقال إلى معرفة المخلوقات- أن نتذكر أن أذهاننا متناهية وأن قدرة الله لامتناهية
|