يأمر الله سبحانه وتعالى أهل الكتاب أن يلتزموا المنهج الصحيح وأن لا يقولوا على الله إلا الحق، فالمسيح بن مريم إنما هو رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم، كلمة " كن " التي وُجد بسببها وكان ذلك بما شاء الله سبحانه وتعالى أن يكون من نفخ رسول الله الذي جاء إلى مريم وهو روحٌ منه سبحانه وتعالى أرسله رسولاً إلى مريم من أجل أن ينفخ فيها حتى تحمل بعيسى (ص) كما أراد الله تبارك وتعالى. "
وانتهى الخليلى إلى ما جاء في القرآن عن المسيح(ص) هو المعتقد الصحيح فقال :
"فإذن يتبين من ذلك كله أن ما جاء به القرآن الكريم من الاعتقاد الصحيح في عيسى (ص) إنما هو القول الحق وهو القول الوسط فهو لم يحط من قدره وقدر أمه حتى يجعله زنيماً ويجعل أمه بغياً كما قالت اليهود، وهو أيضاً لم يرفع قدره إلى مرتبة الربوبية أو لم يصفه أنه ابنٌ لله كما زعم أولئك الزاعمون. "
وتحدث عن أن المعتقد النصرانى يشابه المعتقدات الوثنية خاصة البوذية فى عقايد الثالوث وتاريخ الميلاد ... معتمدا فى ذلك على ما قاله الشاعر القروى الخورى النصرانى فقال :
"على أن الإنسان العاقل عندما ينظر في هذه المزاعم يجد أن هذه المزاعم انتقلت إلى هذه الديانة التي نُسبت إلى المسيح (ص) والمسيح براءُ منها ومن اعتقادها من الوثنيات التي كانت من قبل، وحتى ما يقال من أن ميلاده كان في اليوم الخامس والعشرين (25) من الشهر الثاني عشر (12) في فصل الشتاء قبل أكثر من عشرين عاماً كتاباً يتحدث عن هذه الديانة وما فيها من التناقضات العجيبة وعن ارتباطها بالديانات الوثنية، وقال مؤلف الكتاب بأنه مما ثبت أن البوذيين كانوا يعتقدون في بوذا أيضاً أنه ولد في اليوم الخامس والعشرين من هذا الشهر، وكذلك عقيدة التثليث كانت موجودة عند البوذيين، وكذلك عقيدة الفداء كانت موجودة عند البوذيين، فهذا خليطٌ جاءوا به من هنا وهناك. وقبل فترةٍ من الزمن، قبل أكثر من عشرين عاماً وبالتحديد في عام 1977م، كتب أحد علماء النصارى العرب اللبنانيين وأدبائهم وصية نشرتها مجلة الرسالة اللبنانية، هذا العالم الأديب هو الشاعر المعروف بالشاعر القروي وكان معروفاً أيضاً بالخوري، قال في وصيته هذه: ( لقد أثبتت المصارد التأريخية أن يسوع المسيح (ص) كان يعبد الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، واستمر على ذلك أتباعه إلى نهاية القرن الثالث الميلادي عندما تنصر قسطنطين عاهل الروم، فأدخل في النصرانية بدعة التثليث، ومالأه على ذلك بعض الأساقفة وعلى رأسهم مكاريوس الذي لقب نفسه أرثوذكس - أي مستقيم الرأي -، وقد عارضه سائر الأساقفة وعلى رأسهم آريوس، وعُقدت مجامع للحوار فاز فيها آريوس بالحجة القاطعة والحق اليقين، ولكن السلطة التي هي مصدر البلاء وضعت ثقلها في الميزان فأسكتت صوت الحق وظل الحق يتململ في قيده منتظراً آريوساً جديداً )، ثم يقول: ( وكم أتمنى وأنا الأرثوذكسي المولد أن يكون هذا الآريوس بطريركاً بطلاً ينفي عن ديننا وصمةً ألصقها به غرباء غربيون، وكثيراً ما كان الغرب مصدر بلاءنا الديني والسياسي معاً..)، ثم أتبع ذلك قوله : ( وتصديقاً مني برسالة نبينا العربي وإيماناً مني بمعجزته القرآن أردت أن أكون قدوةً لإخواني أدباء النصرانية فأدخل في دين الله، ولكنني رأيت إصلاح ديننا الأول خيرٌ من الانتقال عنه إلى دين جديد، وكخطوةٍ في هذا السبيل أُعلن عن عزوفي عن أرثوذكسيتي المكاروسية إلى أرثوذكسيتي الآريوسية...) إلى آخر ما جاء في وصيته هذه، وقد كتب هذه الوصية بعدما بلغ من العمر تسعين عاماً. ونجد في كلامه ما يدل: أولاً أن الديانة النصرانية وعقيدتها الثالوثية إنما هي بعيدة عما جاء به المسيح (ص)، وأن المسيح (ص) إنما جاء بعقيدة الوحدانية، كان يعبد الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
ثانياً: أن هذه العقيدة - عقيدة التثليث - إنما جاءت من الغرب الوثني عندما تنصّر قسطنطين بعدما كان أباطرة الروم ضد هذه الديانة، ضد ديانة المسيح (ص) وما جاء به من الحق من عند الله، حتى أنهم كانوا ينكلون بأتباع هذه الديانة تنكيلاً، ونقل هذا الإمبراطور المتنصر إلى النصرانية مخلفات ديانته الأولى من الوثنية.
ثالثاً: أن أصحاب البصائر من أتباع المسيح (ص) عارضوا ما جاء به هذا الحاكم المتنصر وما وافقه عليه الذين مالأوه بسبب طمعهم ورغبتهم فيما عنده من المال، وأن الحجة وضحت للناس عندما عُقدت مجامع للحوار، وكان فيما أحسب المجمع الذي أُلِّه فيه المسيح هو مجمع نيقيّه وهذا المجمع كان على رأس القرن الثالث أو بعد القرن الثالث، هذا يعني أن مدة ثلاث قرون مضت والمسيح (ص) لم يُألَّه عند أتباعه. والذين عارضوا، وعلى رأسهم آريوس، فازوا بالحجة القاطعة والحق اليقين إذ أبلجت حجتهم وأفلست حجة أولئك الذين مالأوا من مالأوه من هؤلاء الذين نقلوا إلى هذه الديانة ما كان في دياناتهم الأولى من عقائد الوثنية. ولكن السلطة قد كانت هي مصدر البلاء لأنها هي التي نقلت هذا المعتقد إليهم وضعت ثقلها في الميزان وأسكتت أصوات أولئك الذين كانوا يعارضون ما جاءوا به من هذا الهراء الوثني وظل الحق يتململ ينتظر من يدافع عنه ومن يبلج حجته، وقد أبلج الله تبارك وتعالى حجة الحق ببعثه عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم ليقيم الحجة على الناس، فانتظار آريوس جديد يأتي من أجل أن تنبلج الحجة ومن أجل أن يظهر الحق ومن أجل أن يقوى صوت الإيمان إنما هو انتظارٌ مفروغ منه، فقد سبق الحق ظهوره بمجيء عبد الله ورسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم ونزول القرآن الكريم عليه حجة قاطعة وآية بينة كما يعترف بذلك هذا الموصي نفسه.
ثم أننا نجد أن في هذه الوصية اعترافاً بأن دين الإسلام هو دين الله، فهو مما قاله: ( وقد كنت أود أن أكون قدوةً لإخواني أدباء النصرانية فأدخل في دين الله )، وهذا ما جعلني أطمع في ذلك الوقت في إسلام هذا الرجل، وقد كنت أود أن أكتب إليه رسالة أدعوه فيها إلى الإيمان والإسلام وأقيم عليه حجة الحق بأنه لا داعي إلى انتظار آريوس بعد مجيء محمدٍ صلى الله عليه وسلم بالحجة القاطعة والحق اليقين الذي تعترف به، ولكن وجدت له بيتاً من الشعر ثبطني عن ذلك وهو أنه يدعو إلى وحدة بين العرب جميعاً مسلمهم وكافرهم من غير أن يلتفتوا إلى الدين وكان مما قاله:
فيا مرحباً بالكفر يجمع بيننا.........وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم
فلعل الله أراده أن يكون من حصب جهنم والعياذ بالله."
قطعا ما قاله الشاعر القروى إن كان قاله حقا ليس صحيحا فالبوذية ليس فيها ثالوث ولا تؤمن بقيامة أو بعث أخروى وإنما تقوم على أعمدة ثمانية كما جاء فى كتاب سفر بوذا والذى يتشابه مع أسفار العد الجديد تشابها ظاهرا كما كتبت فى فى كتاب نقد البوذية:
اسمع الحقيقة الرابعة جيدا فهى طريق الخلاص له ثمانية دروب احرص أولا على الأعمال التى تصنع مصيرك فى المستقبل لا يكن لديك إلا مشاعر خالية من الإهمال والنهم والغضب احرس شفتيك وكأنهما باب قصر يسكنه ملك واحرص على ألا يخرج منها أى دنس وفى أخر الأمر ليكن كل عمل من أعمالك هجوما على الخطأ أو مساعدة لمن يستحق النمو هذه هى الدروب الأربعة الأولى ""
وأنهى الخليلى محاضرته بالتالى :
"هذه معالم من الحقائق التي برزت من خلال ما جاء في القرآن الكريم ولا بد من الرجوع إليها من أجل استلهام الحقيقة في هذا الأمر، فالقرآن الكريم هو - كما قلت من قبل - كتاب الله الذي لم تطله يد من أيدي المحرفين المضللين، وقد صانه الله تعالى مما وقع على الكتب السابقة " إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون "، ليكون حجة قائمة إلى أن تقوم الساعة"
|