قطعا آيات الوجه تفسيرها كالتالى :
-قال تعالى بسورة البقرة :
"ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله "
وجه الله هنا بمعنى خلق الله ففى أى جهة ننظر نرى خلق الله حولنا .
-قال تعالى بسورة الليل:
"وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى "
وجه الرب هنا بمعنى فضل أى رضا أى ثواب الله فالإنسان يبتغى فضل الله ثواب الله وهو رحمته كما قال تعالى بسورة الفتح :
"يبتغون فضلا من الله ورضوانا ".
-قال تعالى بسورة القصص :
"كل شىء هالك إلا وجهه "
وجه الله هنا هو جزاء الله وهو الجنة و النار فكلاهما باق لا يفنى وفى بقاء رزق الجنة قال تعالى بسورة النحل :
"ما عندكم ينفد وما عند الله باق ".
-قال تعالى بسورة الرحمن :
"ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام "وجه الرب هنا هو جزاء الله أى الجنة والنار أى الرزق والعذاب كما قال تعالى بسورة طه :
"ورزق ربك خير وأبقى "
وكما قال بنفس السورة :
"ولعذاب الأخرة أشد وأبقى "
والسعة الإلهية التى تحدث عنها معنا شمول ملكه السموات والأرض وما بينهما وهو ما اصطلح عليه بالخلق أو الكون وكلمة الملك تتضمن كل ألأمور الأخرى كالعلم وغيره
وتحدث عن نفى الشبه بين الله وبين الخلق فقال :
- يقول سبحانه وتعالى: * (فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)
إن الآية بصدد نفي التشبيه على الإطلاق، وليس من كلمة أجمع من قوله سبحانه * (ليس كمثله شئ) *. أوليس القول بكونه جسما ذا جهة ومحل، موجودا فوق العرش متمكنا فيه أو جالسا عليه، تشبيه للخالق بالمخلوق؟ صدق الله العلي العظيم إذ قال: * (وما قدروا الله حق قدره) فما هذا الصمم والعمى في الأسماع والأبصار والقلوب؟!.
وتحدث عن آيات يدل ظاهرها على الحلول والمكانية فقال :
"نعم، ربما يتوهم القاصر، دلالة الآيتين التاليتين على كونه سبحانه في السماء وأنه في جهة، وهما قوله سبحانه: * (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور * أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير)
ولكن المتأمل فيما تقدمهما من الآيات يخرج بغير هذه النتيجة فإنه سبحانه يقول قبلهما: * (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور)
فهذه الآية تذكر نعمة الله سبحانه على أهل الأرض ببيان أنه جعل الأرض ذلولا فسهل سلوكها، وهيأ لهم رزقه فيها، وعند ذلك ينتقل في الآية الثانية إلى ذكر أن وفرة النعم على البشر يجب أن لا تكون سببا للغفلة والتمادي والعصيان، فليس من البعيد أن يخسف الأرض بهم، فإذا هي تمور وتتحرك وترتفع فوقهم كما ليس من البعيد أن ينزل عليهم ريحا حاصبا ترميهم بالحصباء. فعند ذلك، عند معانيه العذاب، يخرجون من الغفلة ويعرفون الحق، وهذا هو هدف الآيات الثلاث.
وأما التعبير ب* (من في السماء) * فيحتمل أن يراد منه: من سلطانه وقدرته في السماء، لأنه مسكن ملائكته واللوح المحفوظ ومنها تنزل قضاياه وكتبه وأوامره ونواهيه. كما أن منها ينزل رزق البشر، وفيها مواعيده: * (وفي السماء رزقكم وما توعدون) * فيصح التعبير بمن في السماء عن سلطانه وقدرته وكتبه وأوامره ونواهيه.
كما يحتمل أن يكون الكلام حسب اعتقادهم، بمعنى أأمنتم من تزعمون أنه في السماء أن يعذبكم بخسف أو بحاصب، كما تقول لبعض المشبهة: " أما تخاف من فوق العرش أن يعاقبك بما تفعل ".
وهناك احتمال ثالث وهو أن يكون المراد من الموصول هو الملائكة الموكلون بالخسف والتدمير، فإن الخسف والإغراق وإمطار الحجارة كانت بملائكته سبحانه في الأمم السالفة.
فبعد هذه الاحتمالات لا يبقى مجال لما يتوهمه المستدل.
أضف إلى ذلك أنه سبحانه يصرح بكون إله السماء هو إله الأرض ويقول: * (هو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم)
فليس الإله بمعنى المعبود كما هو بعض الأقوال في معنى ذلك اللفظ، بل " الإله " و " الله " بمعنى واحد، غير أن الأول جنس والثاني علم. ولو فسر أحيانا بالمعبود، فإنما هو تفسير باللازم، فإن لازم الألوهية هو العبادة، لا أنه بمعنى المعبود بالدلالة المطابقية.
فعلى ذلك فمفاد الآية وجود إله واحد في السماء والأرض وهذا يكون قرينة على أن المراد من قوله: * (من في السماء) * هو أحد الاحتمالات الماضية."
قطعا فسر الله كونه فى السموات وفى الأرض بكونه رب من فى السموات ورب من ومن ثم معنى أأمنتم فى السموات معناه أأمنتم رب من فى السموات
وتحدث عن على والتجسيم فقال :
"مكافحة علي القول بالتجسيم
إن عليا وسائر الأئمة من أهل البيت مشهورون بالتنزيه الكامل. وكانوا يقولون إنه سبحانه لا يشبهه شئ بوجه من الوجوه، ولا تدرك الأفهام والأوهام كيفيته ولا كنهه. ويظهر ذلك من خطبه والآثار الواردة عن سائر أئمة أهل البيت وقد وقف على ذلك القريب والبعيد.
قال القاضي عبد الجبار: " وأما أمير المؤمنين فخطبه في بيان نفي التشبيه وفي إثبات العدل أكثر من أن تحصى "
روى المبرد في الكامل: " قال قائل لعلي بن أبي طالب: أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟.
فقال علي "أين"، سؤال عن مكان، وكان الله ولا مكان "
وقال البغدادي: قال أمير المؤمنين: " إن الله تعالى خلق العرش إظهارا لقدرته، لا مكانا لذاته "
وقال أيضا: " قد كان ولا مكان وهو الآن على ما كان "
وقد بلغ بعلي من الأمر أنه كان يراقب العوام والسوقة في محاضراتهم وما يصدر منهم فدخل يوما سوق اللحامين وقال:
" يا معشر اللحامين، من نفخ منكم في اللحم فليس منا فإذا هو برجل موليه ظهره، فقال: كلا والذي احتجب بالسبع فضربه على ظهره
ثم قال: يا لحام، ومن الذي احتجب بالسبع؟.
قال: رب العالمين يا أمير المؤمنين.
فقال: أخطأت، ثكلتك أمك، إن الله ليس بينه وبين خلقه حجاب، لأنه معهم أينما كانوا.
فقال الرجل: ما كفارة ما قلت يا أمير المؤمنين؟.
قال: أن تعلم أن الله معك حيث كنت.
قال: أطعم المساكين؟.
قال: لا، إنما حلفت بغير ربك "
وحكاية اللحام حكاية خاطئة لأن القائل هنا ينفى الحجاب مع ثبوته بقوله تعالى:
" وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا"
والكلام من وراء حجاب معناه أن يتكلم من لا يتكلم أمام الناس مثل جانب الشجرة التى كلمت موسى(ص)وفيها قال تعالى :
"فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة"
وتحدث عن المعية مع الخلق فقال :
"وهذه المعية التي ذكرها علي قد وردت في آيات الذكر الحكيم، منها ما سبق ومنها قوله تعالى: * (يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم. .)
وقال " ومن أشار إليه فقد حده، ومن حده فقد عده، ومن قال: "فيم؟ " فقد ضمنه. ومن قال "علام؟ " فقد أخلى منه. كائن لا عن حدث، موجود لا عن عدم، مع كل شئ لا بمقارنة،وغير كل شئ (لا) بمزايلة "
وقال " الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد، ولا تحويه المشاهد، ولا تراه النواظر، ولا تحجبه السواتر "
وقال " ما وحده من كيفه، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا إياه عنى من شبهه، ولا حمده من أشار إليه وتوهمه "
وقال " قد علم السرائر، وخبر الضمائر، له الإحاطة بكل شئ، والغلبة لكل شئ والقوة على كل شئ "
إلى غير ذلك من خطبه وكلمه في التنزيه ونفي الشبيه. ومن أراد الإسهاب في ذلك والوقوف على مكافحة أئمة أهل البيت لعقيدة التشبيه والتكييف والتجسيم، فعليه مراجعة الأحاديث المروية عنهم في الجوامع الحديثية"
والمعية الإلهية لا تعنى الوجود مع الخلق فى مكان ولكنها تعنى نصر الله كما بقوله بسورة التوبة :
"لا تحزن إن الله معنا "
أى لا تخاف إن الله ناصرنا أى منجينا من أذى الكفار بدليل قوله فى نفس الآية خلف العبارة :
"فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هى العليا "
كما تعنى علم الله كما بقوله بسورة المجادلة :
"ألم تر أن الله يعلم ما فى السموات وما فى الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا "
ومعية الله تعنى علمه بدليل قوله فى أول الآية "يعلم ما فى السموات وما فى الأرض " وعلمه يأتى من الذين مع الخلق فى المكان وهم المتلقيان الذى وضعهم مع الخلق لكتابة ما يقولون وفى هذا قال تعالى بسورة ق:
"إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد "
إذا فمعنى كون الله رابع الثلاثة وسادس الخمسة هو أن رقيب الله هو رابع الثلاثة وسادس الخمسة ومعنى وجود الله مع المتناجين فى كل مكان هو وجود رقيب الله معهم فى كل مكان أى يراقبهم فى كل مكان يكونون فيه .
|