بسم الله الرحمن الرحيم
قد تفرض المدنية على الإنسان نمطًا معينًا من أنماط التفكير أو المعيشة لكنها لا يجب أن تفرض نمطًا
أخلاقيًا غير صحيح ، لهذا فالحياء -ويتبدى أكثر ما يتبدى في الملبس والمشية- من السمات التي من
اللازم أن تتسم بها المرأة في أي مكان وزمان.
إن هذا النمط الذي ذكرته أخي العزيز على فطريته وبساطته فإنه في كثير من الأحيان نجده مشتهى الكثيرين من المعاصرين الذين أنهكتهم بعض الأنماط المتمسحة كذبًا وزورًا باسم الحداثة أو المدنية.
وليس أدل على ذلك من الراحل مصطفى محمود رحمه الله وقد عانى الأمرين من زوجته الأولى وطلقها
ثم الثانية وطلقها أيضًا . كتب في مجلة الشباب عام 2002 ما معناه :"أتمنى امرأة تقدس الحياة الزوجية ولو كانت بائعة فجل ". ولا أجد ما أختم به الموضوع من أبيات لحافظ إبراهيم رحمه الله حينما قال :
الأم مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها
أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ
الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا
بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ
الأُمُّ أُستاذُ الأَساتِذَةِ الأُلى
شَغَلَت مَآثِرُهُم مَدى الآفاقِ
أَنا لا أَقولُ دَعوا النِساءَ سَوافِراً
بَينَ الرِجالِ يَجُلنَ في الأَسواقِ
يَدرُجنَ حَيثُ أَرَدنَ لا مِن وازِعٍ
يَحذَرنَ رِقبَتَهُ وَلا مِن واقي
يَفعَلنَ أَفعالَ الرِجالِ لِواهِياً
عَن واجِباتِ نَواعِسِ الأَحداقِ
في دورِهِنَّ شُؤونُهُنَّ كَثيرَةٌ
كَشُؤونِ رَبِّ السَيفِ وَالمِزراقِ
كَلّا وَلا أَدعوكُمُ أَن تُسرِفوا
في الحَجبِ وَالتَضييقِ وَالإِرهاقِ
لَيسَت نِساؤُكُمُ حُلىً وَجَواهِراً
خَوفَ الضَياعِ تُصانُ في الأَحقاقِ
لَيسَت نِساؤُكُمُ أَثاثاً يُقتَنى
في الدورِ بَينَ مَخادِعٍ وَطِباقِ
تَتَشَكَّلُ الأَزمانُ في أَدوارِها
دُوَلاً وَهُنَّ عَلى الجُمودِ بَواقي
فَتَوَسَّطوا في الحالَتَينِ وَأَنصِفوا
فَالشَرُّ في التَقييدِ وَالإِطلاقِ
رَبّوا البَناتِ عَلى الفَضيلَةِ إِنَّها
في المَوقِفَينِ لَهُنَّ خَيرُ وَثاقِ
وَعَلَيكُمُ أَن تَستَبينَ بَناتُكُم
نورَ الهُدى وَعَلى الحَياءِ الباقي