قراءة في كتاب اللقطات فيما يباح ويحرم من الأطعمة والمشروبات
قراءة في كتاب اللقطات فيما يباح ويحرم من الأطعمة والمشروبات
المؤلف محمد بن حمد الحمود النجدي والكتاب يدور حول الحلال والحرام في الطعام والشراب وقد أبان في مقدمته أن الشرع أباح الطيبات وحرم الخبائث فقال
"وبعد
"فمن محاسن الشريعة الإسلامية أنها أباحت كل ما فيه مصلحة ومنفعة للروح والبدن للأفراد والمجتمعات من مأكول ومشروب وملبوس ... قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا الله إن كنتم إياه تعبدون "
وقال تعالى " هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا " وقال تعالى " يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا"
وهذه الآيات وغيرها تدل على أن الأصل في الأطعمة والأشربة والألبسة (( الحل )) فيباح كل طاهر طيب لا مضرة فيه لقوله تعالى " يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات" وقوله تعالى في صفة النبي (ص) " ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث"
وقد قسم ما سماه الخبائث إلى التالى
"ويحرم كل نجس ومتنجس وضار ومسكر وما تعلق به حق الغير
فالنجس كالبول والعذرة ونحوهما والمتنجس كالسمن الذي وقعت فيه فأر لحديث أم المؤمنين ميمونة أن النبي(ص) سئل عن سمن وقعت فيه فارة فقال (( ألقوها وما حولها فاطرحوه وكلوا سمنكم )) رواه البخاري
فالجامد إذا وقعت فيه نجاسة طرحت وما حولها وأما المائع فإن له حالتين
أن تغير النجاسة طعمه أو لونه أو ريحه فهذا لا يحل أكله أو شربه
أن لا تغير النجاسة شيئا من ذلك فيحل أكله "
الغريب فيما سبق هو وصف الأمور بالنجاسة رغم أن لفظ لم يرد فيما استشهد به من روايات ولك يرد وصف شىء في القرآن بالنجاسة سوى الكفار كما قال تعالى
"إنما المشركون نجس"
وتحدث عن الضار فقال
والضار كالسموم بأنواعها سواء المستخرجة من الحيوان أو النبات لقوله تعالى " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما" وقوله " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " ولقوله (ص) (( لا ضرر ولا ضرار )) رواه أحمد
والمسكر كالخمر والمخدرات وسيأتي بيانه
وما تعلق به حق الغير مثل المسروق والمغصوب فإنه لا يحل أكل شيء من ذلك لقوله(ص) (( إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام )) متفق عليه فلا يحل شيء منها إلا بطيب النفس "
وهذا التقسيم يخالف القرآن في كون المحرمات إما محرمات بسبب الإثم وهو الرجس أى الضرر أى العذاب أو بسبب الفسق وهو قصد غير الله بعمل محرم كالذبح والاستقسام بالأزلام كما في قوله تعالى
"قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به"
وتحدث عن محرمات الطعام والشراب في القرآن فقال
أولا المحرمات بالكتاب الكريم
الميتة
لقوله تعالى " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم " وقوله تعالى " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق "
والميتة كل ما مات من الحيوان حتف أنفه من غير ذكاة ولا اصطياد وقد حرمها الله تعالى لمضرتها لما فيها من الدم المتعفن فهي ضارة بالدين والبدن
أنواع الميتة
وقد ذكر الله أنواع الميتة بقوله تعالى " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم "
وهي
المنخنقة هي التي تموت بالخنق إما قصدا وإما اتفاقا بأن تتخبل من وثاقها ( حبلها ) فتموت به فهي حرام
الموقوذة هي التي تضرب بشيء ثقيل غير محدد حتى تموت قال قتادة كان أهل الجاهلية يضربونها بالعصي حتى إذا ماتت أكلوها !
وفي الصحيح أن عدي بن حاتم قال قلت يا رسول الله إني أرمي الصيد فأصيب قال (( إذا رميت بالمعراض فخزق فكله وإن أصاب بعرضه فإنما هو وقيذ فلا تأكله ))
والمعراض سهم لا نصل فيه
مسألة قال ابن كثير (2/8) اختلف العلماء فيما إذا أرسل كلبا على صيد فقتله بثقله ولم يجرحه أو صدمه هل يحل أم لا ؟ على قولين
الأول أن ذلك حلال !! لعموم قوله تعالى " فكلوا مما أمسكن عليكم " وهذا القول حكاه أصحاب الشافعي عنه وصححه بعض المتأخرين منهم كالنووي والرافعي
قال ابن كثير وليس ذلك بظاهر من كلام الشافعي في الأم
الثاني أن ذلك لا يحل وهو أحد القولين عن الشافعي واختاره المزني ورواه أبو يوسف ومحمد عن أبي حنيفة وهو المشهور عن أحمد واحتج ابن الصباغ له بحديث رافع بن خديج قلت يا رسول الله إنا لاقو العدو غدا وليس معنا مدي أفنذبح بالقصب ؟ قال (( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه )) وهو في الصحيحين واختاره ابن كثير في تفسيره ( 2/9 )
جـ - المتردية هي التي تقع من شاهق أو موضع عال فتموت
د - النطيحة هي التي ماتت بسبب نطح غيرها لها وإن جرحها القرن وخرج منها الدم ولو من مذبحها فإنها لا تحل لأنها لم تذبح باسم الله تعالى
هـ - ما أكل السبع أي ما عدا عليها أسد أو فهد أو ذئب أو كلب فأكل بعضها فماتت بذلك فهي حرام وإن كان قد سال منها الدم ولو من مذبحها فلا تحل بالإجماع
وقوله تعالى " إلا ما ذكيتم " عائد على ما يمكن عوده عليه مما انعقد سبب موته فأمكن تداركه بذكاة وفيه حياة مستقرة وذلك إنما يعود على قوله تعالى " والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع"
وقال غير واحد إن المذكاة من تحركت بحركة تدل على بقاء الحياة فيها ( كأن تحرك يدها أو رجلها أو تطرف بعينها ) فذبحت فهي حلال وهذا مذهب جمهور الفقهاء وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد "
وتقسيم الميتة هنا يخالف كتاب الله فالدم ولحم الخنزير في وسطهما وما وصفه بالميتة كالوقيذة والمتردية ليسوا من الميتة لقوله " إلا ما ذكيتم" فلو كانت ميتة ما تم تذكيتها وإنما الكلام على الأنعام الحية والمقصود بالميتة التى توفيت وفاة طبيعية وما وصفه بالميتة هو أنعام وفاتها غير طبيعية إن ماتت
وأضاف النجدى ما يلى
ويلحق بالميتة ما قطع من البهيمة وهي حية لقوله (ص) (( ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة )) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه من حديث أبي واقد وله طرق أخرى يصح بها أي ما قطع من شحمها أو لحمها وهي على قيد الحياة فإنه ميتة لا يحل أكلها
ويستثنى من الميت السمك والجراد لقول الرسول(ص) (( أحل لنا ميتتان ودمان فأما الميتتان فالسمك والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال )) رواه أحمد بن حنبل وابن ماجه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما
ويستثنى أيضا الجنين إذا وجد في بطن الحيوان المذكي لقوله (ص) (( ذكاة الجنين ذكاة أمه )) رواه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي "
وهذا كلام خارج على السياق تماما فآيات تحريم الطعام تتحدث عن الأنعام وليس عن أنواع أخرى كما قال تعالى
" أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم"
والسمك والجراد ليسوا من الأنعام والسمك وكل ما خرج من الماء وهو البحر من اللحم الطرى مباح كما قال تعالى
" وهو الذى سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا "
وتحدث عن الدم فقال
2- الدم
يعنى به المسفوح لقوله تعالى " أو دما مسفوحا" ولا يدخل في ذلك الكبد ولا الطحال كما جاء ذلك في الحديث السابق ولا الدم الذي يكون في العروق بعد الذبح "
وكلمة الدم على إطلاقها فتستوى فيها أكل أنواع الدماء التى تتجمد وتؤكل سواء كانت دماء أنعام أو غيرها
وتحدث عن لحم الخنزير فقال
3- لحم الخنزير
يعنى إنسيه ووحشيه واللحم يعم جميع أجزائه حتى الشحم ولا يحتاج إلى تحذلق الظاهرية في جمودهم ههنا وتعسفهم والأظهر أن اللحم يعم جميع الأجزاء كما هو المفهوم من لغة العرب ومن العرف المطرد وفي (( صحيح مسلم )) عن بريدة بن الحصيب الأسلمي قال قال رسول الله(ص) (( من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم الخنزير ودمه ))
والنردشير وهو حجر النرد المسمى بالزهر فإذا كان التنفير لمجرد اللمس فكيف يكون التهديد والوعيد الأكيد على أكله والتغذي به
|