http://www.alquds.co.uk/index.asp?fn...&storytitle=ff
هجوم ايديولوجي لـ القاعدة
yesterday's story
شهد الاسبوع الماضي تطورين اساسيين علي صعيد تنظيم القاعدة الاصولي الاسلامي المتطرف، الاول هو اصدار زعيمه الشيخ اسامة بن لادن شريطين صوتيين، ورجله الثاني الدكتور ايمن الظواهري شريطا آخر، وتقترب هذه الاشرطة من حيث المضمون، وتتطابق من حيث الهدف، الامر الذي اثار العديد من التساؤلات حول هذا التزامن وعما اذا كان مخططا له، ومتفقا عليه، ام انه من قبيل الصدفة المحضة.
شريطا زعيم القاعدة تحدثا عن الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، وتقاعس العالم الاسلامي وزعمائه عن الرد علي هذه الاهانة، والمطالبة بنصرة المحاصرين المجوعين في قطاع غزة، وكذلك شريط الدكتور الظواهري.
التحليل الدقيق لهذه الاشرطة الثلاثة يكشف عدة امور جديدة تستحق التوقف عندها كثيرا، لمعرفة الاهداف التي يريد التنظيم الوصول اليها، علاوة علي الظروف المحيطة به وبنائه التنظيمي بعد خمس سنوات علي احتلال العراق وسبع سنوات علي تدمير قواعده في تورا بورا وقندهار في افغانستان في اطار الحرب علي الارهاب.
% اولا: من الواضح انه لا يوجد تنسيق بين زعيمي تنظيم القاعدة الشيخين بن لادن والظواهري، والا لما صدرت الاشرطة الثلاثة في وقت واحد، وهذا يؤكد نظرية التي تقول انهما في مكانين مختلفين، ومتباعدين، وليسا علي اتصال مباشر ودوري.
ثانيا: اصدار الشيخ بن لادن شريطين في اقل من اسبوع، وهو الذي كان يعتبر مقلا في هذا الامر، يؤكد انه في موقع اكثر حرية وامانا، وربما يعود ذلك الي النجاحات التي حققها حلفاؤه الطالبان في افغانستان، من حيث السيطرة علي اقليم هلمند ومنطقة وزيرستان الحدودية بالكامل، وتراجع سيطرة حكومة كرزاي في كابول الي ربع الاراضي الافغانية فقط وربما اقل.
% ثالثا: الاشرطة الثلاثة تحاول الاستفادة بالدرجة القصوي من حالة الغضب العربي والاسلامي تجاه اعادة نشر الكاريكاتورات المسيئة للرسول (ص)، ومن حصار قطاع غزة والمجازر التي ارتكبت فيه علي ايدي الاسرائيليين وتوظيفها في خدمة ايديولوجية تنظيم القاعدة .
% رابعا: من الملاحظ التركيز من قبل زعيمي القاعدة علي القضية الفلسطينية، وجعلها قضية محورية في اهتمامهما وتفكيرهما لتجنيد اكبر قدر ممكن من الانصار والمتعاطفين، مستندين الي حالة الاحباط التي تسود الرأي العام العربي من جراء عجز الانظمة وتورط بعضها في المشروعين الامريكي والاسرائيلي، وتعثر مفاوضات السلام. فالقضية الفلسطينية هي عنصر توحيد بين العرب، علي عكس القضية العراقية مثلا، حيث مني تنظيم القاعدة بانتكاسة كبيرة بعد انقلاب الكثيرين من ابناء العشائر السنية في العراق ضده وانخراط ابنائها في قوات الصحوة التي اعلنت الحرب علي القاعدة بتمويل امريكي ومباركة عربية.
% خامسا: تعثر سياسة الاحتواء التي مورست من قبل الانظمة العربية للتيارات الاسلامية المتطرفة رغم الجهود الكبيرة وكميات الاموال الضخمة التي بذلت او انفقت في هذا الصدد.
هناك نظرية تقول بان زعيمي تنظيم القاعدة باتا لا يملكان غير اصدار الاشرطة، والاكتفاء بالاقوال لا الافعال، بعد ان ضعف التنظيم نتيجة لانتكاسته في العراق وتحوله الي موقع الدفاع بدلا من الهجوم. وهذه النظرية ربما تنطوي علي بعض جوانب الصحة ظاهريا، لان تنظيم القاعدة لم ينفذ اي عمليات كبري منذ تفجيرات القطارات في لندن قبل ثلاثة اعوام. ولكن ربما من السابق لاوانه ايضا التسليم بصحة هذه النظرية بالكامل، فقد تنبأ بعض الخبراء الغربيين، ومنهم الفرنسي المستشرق جيل كيبل بنهاية الاسلام الجهادي لتأتي هجمات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) لتنسف نظريته بالكامل.
تنظيم القاعدة يكسب من اخطاء الآخرين، مثل ممارسات اسرائيل في الاراضي المحتلة التي فاقت ممارسات الفاشية والنازية، مثل قطع الكهرباء والوقود والامدادات الطبية عن مليون ونصف المليون انسان في قطاع غزة، وكذلك اصرار بابا روما علي تعميد المواطن المصري المسلم مجدي علام وسط ضجة اعلامية كبري، واعتبار هذا التحول حدثا محوريا في تاريخ الديانة المسيحية وانتصارا كبيرا لها.