إيران لا تتدخل في شؤون العالم العربي وحسب، بل في إفريقيا وجنوب أمريكا وفي أفغانستان بوجه خاص.
إن أفغانستان أكثر قابلية للعطب من غيرها بسبب وضعها الهش عموما فيما يتعلق بالأمن وبسبب الحروب الطويلة التي مرت بها. وإيران بالاعتماد على الجوار الجغرافي وعلى روابط الدين تحاول مد نفوذها عبر غرب أفغانستان. ووجودها ليس واضحا من خلال البضائع المعروضة للبيع وحسب في هيرات وفرح وغيرها من الولايات ، بل من خلال المجالات الدينية والثقافية أيضا.
أحد الأمثلة على هذا النفوذ المتزايد مكتبة تقي أبو الفضل ، إحدى أكبر المكتبات في هيرات. غالبية الكتب المعروضة جاءت من إيران وتروي قصصا شعبية إيرانية وحكايات عن الحركة الإسلامية. هناك القليل جدا من الأدبيات المتعلقة بتاريخ أفغانستان وطريقة الحياة الأفغانية. بل إن بعض الرفوف تعرض موادا جهادية وكتبا عن الحرب المقدسة.
طبعا الأمر ليس جديدا بل هو مستمر منذ مدة: عام 2012 قال أحمد السعيدي وهو محلل سياسي ودبلوماسي سابق أن نفوذ طهران أصبح بارزا.
أضاف :" أن أفغانستان ترزح تحت الحصار الإيراني. لدينا اليوم ست محطات تلفزيونية مؤيدة لإيران و21 محطة إذاعية وعدد كبير من المطبوعات المؤيدة لإيران تنتشر في كابول... الحرب الثقافية أهم من حرب السلاح."
http://www.voanews.com/content/afgha...e/1553651.html
ولكن هذا التسرب لا يقتصر على النفوذ الثقافي والديني والتجاري. العديد من الأفغان يرون أن طالبان ليست الوحيدة التي تعطل أفغانستان، بل إن إيران أيضا تلعب دورا سلبيا جدا في زعزعة الوضع ، في دفع الشيعة نحو التطرف وفي استخدام ذلك لخدمة أهدافها السياسية الضيقة.
لقد اتهم مسؤولون في ولاية هيرات إيران بإرسال أكثر من 125 طن من المتفجرات إلى المنطقة بهدف تجهيز المعارضة المسلحة. وخلال مؤتمر قال حاكم هيرات الدكتور داوود شاه سابا :" إن نفوذ إيران يعود للجغرافيا ، ولكن نعم أمسكت القوات الأفغانية بشحنة سلاح على الحدود الإيرانية واستولت على أسلحة إيرانية الصنع من مقاتلي طالبان."
غني عن القول أن الأفغان قلقون جدا من الاحتكاكات المحتملة التي يمكن أن تبرز بين السنة والشيعة، ولكن مما لا يدعو مجالا للشك أن القلق الأساسي مرتبط بتزويد المتمردين بالأسلحة وتشجيعهم مما يساهم في زيادة زعزعة البلاد وتعطيل العملية السياسية الضرورية لبناء السيادة والاعتماد على الذات اللذين تحتاجهما.