سيدي الفاضل
سيدي الفاضل
أنا لا أخترع شيئا من خيالي وإنما كما تقول،إذا كان الدين قد
أقر التأديب في حالات محددة كهذه، فالأمر هنا مقنن سيدي
حالة زنا أو حالة سرقة أو غيرها وهذا أمر معروف في ديننا
الحنيف،والغاية من التأديب هو أخذ العبرة لدى عموم الناس
كي لا تنتشر الزنا بين صفوف الناس، لكن هذا لا يعني بتاتا
أن الرجل ملزم إلزاما إجباريا بتأديب زوجته، وإن فعل فهو
لأجل رد كرامته التي هدرت فما يدفعه إلى الضرب هو هاجس
الإنتقام فقط، وفي أوج الغضب الذي يعصف بكل جوارحه
أتظن أنه سيكتفي بالضرب فقط في هذه الحالة؟ لا والله فقد
يقتلها من شدة الغضب الهستيري، ويكون قد أوقع نفسه فيما
لا تحمد عقباه، لأن العنف كما أقول لا يجلب إلا المصائب
وإن كان لابد وأن يضربها في مثل هذا الموقف الشنيع، تطبيقا
للنص الشرعي، فالأفضل له أن يسلمها لمن يكلفه بالضرب
حتى يشفي غليله منها وينتقم لكرامته، هذا ما أراه حكيما
وصائبا في مثل هذه الحال، ومع ذلك فأنا أميل إلى رأي آخر
يتناسب مع روح الشرع وعظمته، فإني أرى بأن أفضل
شيء يقوم به الرجل في مثل هذ الإبتلاء هو أن يلجأ إلى
الإنسحاب والتكتم على الأمر، لا غباء من الرجل بل كرما
منه ورفعة، فيعفو عنها ويخلي سبيلها ،يقول تعالىً والكاظمين
الغيظ والعافين عن الناسً، ما رأيك ؟ كلا الموقفين جائزين
ولكن الأثقل شأنا عند الله هو العفو وقت الغضب، فيكون قد
ستر زوجته وطلقها في هدوء، وصدقني يكون هذا أبلغ
تأديب لتلك السافلة، إذ ستشعر بأنها ضيعت كنزا، ما عرفت
قيمته، وهي لا تستحق أن يضربها لأنها تجاوزت حدود
السفالة والعياذ بالله، ولنا في تصرفات الرسول ص خير
هدي، أما تذكر سيدي قصة تلك المرأة التي زنت فندمت
وذهبت إلى نبينا الحنون، فأخبرته بخطيئتها، فكان الحبيب
يتجاهل حديثها ولكنها أصرت، فخلى سبيلها وقال لها إذهبي
إلى أن تضعي وليدك،،،،ألا نذكر موقف علي في المعركة عندما
تفل اليهودي في وجه علي لحظة كان الصحابي الجليل
يهم بقتل اليهودي بالسيف، فتراجع علي إلى الوراء، وتركه،
انتهت المعركة، فذهل اليهودي وانطلق يبحث عن علي يسأله
لماذا لم يقتله؟ لماذا لم يلجأ إلى العنف و التقتيل؟ أجابه
مردفاـ ساعة كنت أهم بإنزال السيف على رقبتك، سبقتني
وتفلت على وجهي، فكنت أود قتلك جهادا في سبيل الله،
أما وقد فعلت فعلتك تلك، فقد خفت أن يتسرب إلى نفسي شيء
من حب الإنتقام لنفسي، بدل قتلك في سبيل الله ـ أنظروا
إلى عظمة الموقف، أنظروا إلى قاداتنا وأحبائنا كيف يتصرفون
في أشد المواقف، والنتيجة أن اليهودي أسلم لأنه أدرك عظمة
هذا الدينإ وكيف تجرؤ وتقول بأن من الغباء أن نخترع أسس التربية
من قال أنني اخترعت شيئا من عندي وإنما اغترفت روح
التربية من رحم ديننا الحنيف، وهبني اخترعت شيئا جديدا
أو توصل غيري إلى جديد ما العيب في ذلك، ألم تعلم أن باب
الإجتهاد مفتوح، وأن هذا الدين يخاطب ذوي ا لألباب والعقول الراجحة، ولنا أدوات في باب الإجتهاد،
ألم تسمع بالقياس مثلا، ألم يجتهد علي في موقفه ذاك؟ألم
تعلم بأن من أسس التربية التي حث عليها المصطفى تعليم
الطفل الصلاة عن طريق اللين بالمحاكاة والمواظبة عليها
خلال السنوات الأولى، وقد أثبتت الدراسات العلمية بأن
الطفل عن طريق التقليد يتعلم السلوك القويم، ولاحظ معي
أن المصطفى، جعل الضرب مقننا، في الزمن، فبمجرد
سن البلوغ رفع الضرب، وقد ذكرت لك ذلك من واقع
تجربتي العملية في التدريس، فالمشاداة مع المراهق في الكلام
تأتي بنتائج عكسية، فما بالك بالضرب،الذي يولد العنف وروح
الإنتقام، إن العفو عن الناس أثناء المقدرة لا يلقاها إلا ذو حظ
عظيم، وما حظها عظيم عند الجليل الحكيم، إلا لثمارها الطيبة
التي يجنيها العبد، فهي خير مؤدب للظالم إذ ينتابه الندم والحسرة على ما فرط فيه، وهو أقوى درجة من مجرد الضرب واعلم سيدي أن هذا الدين يساير أحوال المسلمين في كل زمان
ومكان، فالنصوص الشرعية قابلة للتأويل والإجتهاد والفهم
فيما عدا الثوابت منها، واعلم بأن مقاصد الشريعة، شرعت
أساسا لجلب المصحة ودرء المفسدة،فكل ما كان مجلبة
لصالح العباد كان الأصلح للناس، وانظر إلى الرخص
التشريعية في باب الفرائض، كل ذلك بغية التيسير بل يأثم
العبد إن ترك باب الرخصة ، فإن كان الضرب مجلبة للمفسدة في سلوك التلميذ لما يولد من التنفير في نفسيته لطلب العلم
فلماذا أستخدم الضرب، وهلم جرا، وهذا كلام الإمام الشاطبي
والعلماء واعلم أن الدين لا يتعارض مع العلم بمختلف روافده في الطب
والهندسة والأخلاق والتغذية، ومن يتعامل مع هذا الدين في حدود النقل لا الإفهام والعقل فليتنحى جانبا وليشرع لنفسه
ما شاء في حدود دائرته، قال تعالى ًوهل يستوي الذين
يعلمون والذين لا يعلمون
أقول قولي هذا و أستغفر لي ولكم ولجميع المسلمين
|