من المؤكـّد ، أن تغيـُّرَ النظام في سوريـا هو مستقبلها المحتوم قريبـا _ إن شاء الله تعالى تحقيـقاً _ فكلّ المؤشـرات تتَّجـه إلى أنَّ شارون سوريا ، وسفـَّاح أطفالها ، بشار النعجة ، ونظامـه المجرم إلى زوال ، وسيريح الله منه البـلاد ، والعبـاد .
لاسيما بعد خطابه الأخير المليء بالأكاذيب ، والذي بدا فيه بوجـهٍ مغبـِر ، وحال مدبـِر ، مبشـّرٍ بمآلٍ مقفـِر .
أولاً : لأنّ النظام السوري لـمْ يزل في مشـي القهقرى منذ إنطلاق الثورة المباركة ، وأما الثـورة فـلا تـزال تمشي اليقْدميـّة ،
هـذا رغم بشاعـة التنكيـل بها وهو _ والله الذي لا إله إلاّ هو _ أبشـع من تنكيـل شـارون بالفلسطينييـن ! ليس تهوينـا من إجـرام شارون اللعيـن ، ولكنه التعجـُّب من جـرأة هذا النظـام الخبيـث الجاثـم على شعب الشام الأبـيِّ
وثانيـاً : لأنَّ سنة الله تعالى في الظالم أنه إذا أفـاق وارعـوى نجـا ، وإذا تمادى سارع به ظلمُـهُ إلى هلَكـتِهِ ، وهذا الخبيث _ شارون سوريا _ كلَّما ظهـر على الناس ، تمادى في غيـّه ، وأصـرّ على كذبـه ، وبيـْنا هـو يتبجـَّح بكـلِّ وقاحـة بالدعوة إلى الحـوار ، واتخـاذ خطوات الإصلاحـات ، نظامـه يزداد في بطشه ، ويمُعـن في ظلمـِهِ ، ويتوحَّـش في قمعِـهِ !!
مضاهيا من سبقه من الطواغيـت من شين الفاجرين إلى علي طايـح ، لعنة الله عليهـم جميـعا .
فسبحان الله الذي قال: ( أتواصوْا بهْ بلْ همْ قومٌ طاغون ، فتولَّ عنهم فما أنت بملـوم ، وذكِّر فإنّ الذكرى تنفع المؤمنين ، وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون ) .
وثالثـاً : لأنَّ النفاق مآله إلى الفضيحة ، والأكاذيب نهايتها قبيحـة ، ومهما طال الزمـن لا بد من تظهـر الحقيقة الصريحـة ، وينكشـف حـال ( أنظمـة الشبِّيحة ) !
وإذا كان هذا فيما مضى سنة الله في الخـلق ، حتى قال شاعر الجاهلية :
ومهما تكن عند امرئ من خليقةٍ ** وإن خالهـا تخفى على النَّاس تُعلـم !
وقال آخر :
كلُّ امرئ صائرٌ يوما لشيمته ** وإن تخـلَّق أخـلاقاً إلى حيـنِ
فكيف بهذا الزمان الذي أخرجت فيه الآلات أنباءَ الناس ، وأذاعـت أسرار العام والخاص ؟! تحبسُ قطعـاً من الزمان وما بـه الفاعـل فعـلْ ! وما أظهر من عمله ونطـقَ من فيـه ، ثم تعيدها لمن شاء أن يرى ما وقـع فيـه !
ورابعــاً : لأنَّ الله تعالى الذي وضع الميزان ، جعـل بإزاء بطش نظام شارون سوريا المجـرم ، شعبـاً _ بشهادة النبيِّ الأكـرم ، بكلامه الأفخم _ هـو قطبُ رحى الأمـِّة في مشاريع التغييـّر الكبرى ، وعمـودُ فسطاطها الأعظـم في زمان التحـوُّلات العظمـى ، فمنذ معركـة اليرموك أوَّل هزيمةٍ ساحقة للصليبيـّة على يد حضارتـنا المجيـدة ، إلى إندحـار المغول في عين جالوت ، مرورا بحطين الأمجـاد ، إلى فسطاط المسلمين ، وملاحمهـم في نهاية التاريـخ ، كانت الشام محـور الإستدارات الحضاريـّة لأمّتـنا نحـو الانتصارات الكونية .
ولهذا فإنَّ الآفـاق التي ستشرق على أمِّتـنـا بعد نجـاح الثورة السورية ستكون _ بإذن الله _ أوسع بكثيـر مما نتخيـّله ، وأبعـد مدى مما نتوقّـعه .
وخامساً : تأمـَّلوا تقدير الله تعالى أن تأتـي هذه الثورات بعـد بزوغ شمس تركيـا الجديـدة ، والتي انتهجت سياسة التأثيـر الإقليمي ، بميزان يحتـرم إنتماءَها الإسلامي بماضيـها المشبـَّع بإشراقات حضارتنـا .
وكان من تقدير الله تعالى أن تكون تركيا الجديـدة بأردغانها الشهـم ، المحـبوب في الشعوب الإسلامية ، جارةً لسوريا وهي تثـور على طاغيـتها ، بينما يغـرز النظام الإيراني _ مع فرعه في لبنان حزب الشيطان _ سكاكين الغـدر في ظهـر الشعـب السـوري ، مع طغـاته ،
فـدفع الله تعالى هذا بهـذا ، وردَّ مكـر أولئـك الأشـرار الفجـرة ، برحمـةِ وعـدلِ هؤلاء ، أعنـي حزب أردوغان الحـرّ المتحضـّر : ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسـدت الأرض ولكن الله ذو فضـل على العالميـن ) .
وأتوقـَّع _ والله أعلم _ أنَّ الضغط التركـي سيزداد على شارون سوريا ، حتى يضطـرُّه إلى مضايـق لانجـاة لـه منها إلاّ بالهـروب ، أو الإنتقال إلى مرحلة التدخـل العسكـريّ الخارجـيّ .
وسادسـاً : قـد كان إنكسـار حاجز الخوف ، في الثورة السورية مدويـَّا كدويِّ الرعـود المزمجـرة ، وليس كغيـرهم من الشعـوب العربية الثائـرة ، إذ لم يُمتحـن شعبٌ عربي كما امتُحـن الشعب السوري بإجرام نظامـه المتوحـِّش ، ومع ذلك فلـم يزده البطش إلاَّ إصراراً على الثـورة ، وثبـاتـا على طريق التحـرُّر الكامـل من النظام .
وكفى بهذا دليلا على أنَّ هذا الشعـب لن يُقهـر بإذن الله تعالى ، وسيبـلغ الله به آماله ، حتى يُردي جلاّديـه في شـرّ أعمالهم .
وسابعاً : علمنا من عادة الله تعالى في مصارع الطغاة ، أنه عنـدما يأتـي حيْنُهـم ، يظهـر الله تعالى جرائمهـم علـى المـلأ أولاً ، ذلك أنـَّه سبحانه _ مع أنـّه الحكم العدل المطـلق _ يجعـل عقوبته بعد إتمام مظهـَر العدلْ ، لا بباطنه في علمـه عـزَّ وجـلْ ، كما يأتي بالشهود يوم القيامة ، ويقيـم الموازين القسـط ، ثـم يصدر أحكـامه الأخروية : ( فأهدوهم إلى صراط الجحيـم ) .
فكذلك هو سبحانه في عقوبـات الدنيا ، فإذا رأيت الله تعالى أظهـر فضائح المجرمين ، وكـشف قبائح الطغـاة الظالميـن ، فظهـرت على المـلأ ، حتى يـراها الناس جميـعا ، لايضامـُّون في رؤيتهـا ، ولايضارُّون في سماعها ، فاعلـم أنَّ القضاء الإلهـي قـد أذن بإهلاكهـم ، والحكم الربـّانيّ صـدر بإستبدالهـم .